ثلاث إشارات تتعلق بالإنتخابات النيابية المقبلة، في أيار عام 2018، أرسلها رئيس مجلس النواب نبيه بري في الأيام الأخيرة، تضمّنت الكثير من الرسائل والتلميحات المضمرة التي يتقن ″الإستيذ″ تحضيرها وإرسالها في أكثر من إتجاه، تاركاً الوسط السياسي يتخبّط تائهاً من أجل فك طلاسمها ومعرفة خلفياتها وأبعادها.
الإشارة الأولى كان برّي قد أرسلها قبل أيام، عندما حذر من يعملون على “تطيير” الإنتخابات النيابية باحتمال حصول “إنقلاب” في البلاد، كتنبيه قوي منه لقوى سياسية لم يسمها، وإن كانت معروفة، من محاولتها وضع عراقيل في عجلة التحضير لإجراء للإنتخابات بهدف تأجيلها، من أجل تحسين وضعها، بعدما لمست تراجع شعبيتها وسط الناخبين، وأن إحتمال تراجعها يتقدم بأشواط بعيدة على احتمال تقدمها أو محافظتها على شعبيتها ووضعها وعدد نوابها الحالي.
أما الإشارة الثانية فأرسلها رئيس مجلس النواب، بصفته أيضاً رئيس حركة أمل، إلى جمهوره والآخرين، عندما أعطى الأسبوع الماضي إشارة الإنطلاق لماكينته الإنتخابية من أجل التحضير للإنتخابات النيابية المقبلة، قبل غيره من القوى السياسية، لما سمّى المسؤولين الرئيسيين عن هذه الماكينات، في الدوائر التي سيخوض فيها بري وحركته غمار الإستحقاق النيابي المرتقب، في الجنوب والبقاع وبيروت وبعبدا التي يوجد لبري وللحركة مرشحين في هذه الدوائر، من غير إغفال “مونة” رئيس المجلس على ناخبين في دوائر له فيها حلفاء وأصدقاء يلتقون معه في الخط السياسي نفسه.
تبقى الإشارة الثالثة التي تحمل في طيّاتها دلالات كثيرة، والتي أرسلها بري أمس في لقاء الأربعاء النيابي، بعدما كان سرّب قسماً منها قبل ذلك بـ 24 ساعة، عندما قال إنه “ليس من الضروري إجراء الإنتخابات في موعدها إذا لم يتم التأكد من إنجاز البطاقة الممغنطة، والتي يبدو أنه من الصعب إعدادها”، مقترحاً أنه “إذا لم تنجز هذه البطاقة فليقرب موعد الإنتخابات، فعلينا في هذا الحال إجراء الإنتخابات إذا اقتضى ذلك في الشتاء، وبذلك لا تبقى ثمّة حاجة لإجراء الإنتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس”، قبل أن يختم بما يشبه تحدي الآخرين، ودعوته لهم إلى التشبّه به وتحضير أنفسهم، قائلاً: “أنا حاضر لهذه الإنتخابات”.
إشارات برّي هذه حملت أكثر من مغزى: الأول أن محاولات البعض تطيير الإنتخابات أو تأجيلها غير ممكن ولن تمرّ بسهولة، والثاني أنه بدأ التحضير مبكراً لها، وفق قاعدة تقول إن من يستعد جيداً يقطف نتائج جيدة، لا أن يترك الأمور للمفاجآت والصدف التي أغلبها لا يصبّ في مصلحته، والثالث دعوة الفرقاء المعنيين إلى إنجاز الترتيبات التي تحتاجها الإنتخابات، وعدم التهرب منها، والرابع حشر الفرقاء المتحفظين والمعترضين على قانون الإنتخابات بدعوته إلى إجراء إنتخابات مبكرة، وهي تلويح يحمل في طياته “تحذير” شديد للحكومة الحالية: إما البدء بإنجاز التحضيرات جدياً، أو الإتيان بحكومة أخرى تشرف على إنتخابات مبكرة.
تُرى هل وصلت رسائل برّي إلى من يعنيهم الأمر، وهل فهموها، أم ينتظرون رسائل تصل إليهم عبر الشارع؟.
سفير الشمال