فقد شعر بلال بدر هذه المرة بجدية قرار الحسم، الذي لم يكن يولي لسلامة الحجر والبشر أي أهمية، بعدما سُوِّيَت مبانٍ بالأرض وكادت عمليات التدمير هذه تُمارس في المناطق المجاورة كالرأس الأحمر. ما دفعه إلى الانسحاب.
مربع بلال بدر الأمني أصبح تحت سطوة قوات الأمن الوطني، التابعة لفتح، واختُزِلَ وجود الفصائل الإسلامية عند الخط الفاصل بين الطيري والرأس الأحمر، ممثلةً بعناصر من الحركة المجاهدة وعصبة الأنصار. أما بدر فعاد إلى دائرة التواري مجدداً. والمعلومات تفيد عن وجوده في منطقة مجاورة محسوبة على تنظيم إسلامي رسميّ، في حين عاد اسمه إلى صدارة لائحة المطلوبين للقوة الأمنية المشتركة.
أما بلال العرقوب، الذي تبرأ من أعماله الشباب المسلم، فقد بقي في منزل الضابط في حركة فتح أبو سمير بركة، الذي استولى عليه بعد الاشتباك في الشارع الفوقاني. وترجّح مصادر متابعة للمشكلة أنَّ فتح تنتظر أن يبرد حزنه على ابنه الذي قُتل في المعركة.
صفقة ولا صفقة
المشهد الميداني تلاه مشهدٌ سياسي تُرجِم باجتماعات أمنية على مستوى القيادات. أبرزها عُقِد في دارة النائب بهية الحريري في أواخر آب 2017. الاتصالات المكثفة المتتالية تناولت اقتراح صفقة تؤدي إلى مغادرة المطلوبين الإسلاميين المخيّم، إلا أنّ المخابرات اللبنانية جابهته برفض مغادرة المطلوبين اللبنانيين من جماعة الأسير وشادي المولوي ومن معه، معلنةً عدم المساومة على من شارك في قتال الجيش.
أمّا بالنسبة إلى المطلوبين الفلسطينيين فقد بقي الأمر في دائرة التنظير من دون الوصول إلى أي خلاصة، لاعتبارات عديدة. أهمها تورط بعض الأسماء، وفق تقارير الأجهزة، بأعمال مشبوهة لا ترقى إلى الارتكابات الأمنية داخل لبنان.
المطالبة ببلال العرقوب وبلال بدر من قبل الجانب اللبناني رُدَّت من قبل القيادة الفلسطينية، واعدةً بأنها ستنهي هذه الظاهرة في أقرب وقت ممكن.
مصير شادي المولوي
مطالبة جبهة النصرة بشادي المولوي في الصفقة الأخيرة، قبل الانسحاب، زادت إلحاح السلطات اللبنانية على تسليمه لثبوت ارتباطه التنظيمي بهذا التنظيم الإرهابيّ في حسابات الدولة. إلا أنّ الناطق باسم الشباب المسلم أوضح أنّ الجبهة لم تخصّ المولوي بالاسم، بل كان من ضمن أسماء أخرى، إلا أن بروزه أكثر من غيره يعود إلى كونه لبنانياً لجأ إلى المخيم.
وينقل مصدر قريب من المولوي أنَّ الرجلَ فكَّ "بيعته" للجبهة أثناء تفاوضها مع الدولة اللبنانية، لأسباب تتعلق بخيبة أمله من عدم تحقيق النتيجة المرجوّة.
أوصل الشباب المسلم رسالة واضحة إلى التنظيمات الإسلامية في المخيّم، بأنها لن تسلّم الرجل إلى أي طرف، خصوصاً أنَّه لم يخالف أصول الضيافة منذ دخوله المخيم. ونقل الوسطاء الخبر إلى المعنيين في الدولة اللبنانية.
مستقبل المحسوبين على النصرة وداعش
ليس هناك أي ارتباط تنظيميّ أو عضوي بين مؤيدي فِكرْي جبهة النصرة وداعش، يؤكد مصدرٌ عسكريٌ في الشباب المسلم لـ"المدن". والعلاقة بين الشباب المناصرين للتنظيمين محصورة بالحماسة فكرياً لهما، وممتدة من تأييد تنظيم القاعدة منذ نشوئه وإعلانه الجهاد ضد القوى الغربية الاستعمارية.
يكرر المصدر عدم وجود أي مشروع داخل لبنان لدى هؤلاء. ويوضح أنّ المنتمين تنظيمياً خرجوا وقاتلوا وقُتِلوا في صفوف الجبهة وداعش داخل العراق وسوريا.
وعن إمكان القضاء على المؤيدين، يؤكد المصدر صعوبة الأمر وعدم إمكانية مقارنته مع ما حصل في مخيم نهر البارد من باب وجود الغرباء "المهاجرين". أمّا هؤلاء، يضيف المصدر، فليسوا من خارج المخيّم بل من نسيجه الداخلي الأصليّ المتشابك في صلات القربى مع كل العائلات الفلسطينية المتنوعة في الانتماء والمختلفة في المشارب السياسية. بالتالي، فإنَّ أي قرار باستئصال هؤلاء سيهدم الهيكل على رؤوس ساكنيه.
إذاً، عاد الغمام إلى سماء مخيم عين الحلوة الملبّد بالملفات الشائكة، وعلى رأسها ملف الحالة "الإسلامية المتشددة"، التي تصرُّ على أنَّ الانقشاع لن يكون عبر المواجهة العسكرية، بل عبر القبول بتسوية الخروج من لبنان، لتجنيبه النار. وهذه تسوية تضمن تنفيذ كلام رأس المشروع المعادي لها، أي السيد حسن نصرالله، بجعل الأرض السورية حلبة الصراع.