شارك حزب الله في الحرب السورية في أواخر العام 2012 وتكرس هذا الوجود في ربيع 2013 لحماية نظام بشار الأسد من السقوط كما إعترف بذلك السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير أمام قراء العزاء المعتمدين لدى الحزب.
لكن مبررات الدخول إلى سوريا تنوعت وتغيرت بل تناقضت في بعض الأمور لدرجة أن كثر حتى من داخل البيئة للحزب لم يستوعبوا هذا القرار.
ففي البداية برر حزب الله دخوله إلى سوريا بحجة حماية المقامات ثم بررها بذريعة حماية سكان القرى الحدودية في سوريا مع لبنان كالقصير والقلمون ولاحقا إعترف نصر الله أنه لن يسمح بسقوط سوريا حتى لو إضطره الأمر أن يذهب بنفسه وكل حزب الله.
إقرأ أيضا : نصر الله: في عاشوراء أكثروا من البكاء والسواد... وحثّوا الشباب على القتال
وآخر مبررات الدخول هو ما قاله نصر الله من يومين على أن السبب الرئيسي للدخول إلى سوريا هو إبقاء شخص بشار الأسد على كرسي الحكم في سوريا.
وإن كانت مبررات الدخول والمشاركة في الحرب السورية إستدعت هذا الكم من التبريرات فإن الخروج منه لا شك سيتطلب تبريرات أقوى.
فالمعادلات تغيرت بسوريا على عكس ما يحاول حزب الله تصويرها وإختصار الربح في المعركة ببقاء بشار الأسد في سدة الحكم علما أن الحرب لم تنته بعد.
بداية، سوريا الأسد قبل 2011 ليست كما سوريا اليوم، تلك ال " سوريا " كان لها دور إقليمي واسع وممتد في المنطقة من الخليج العربي إلى سواحل المتوسط وكانت تلعب في ملاعب الآخرين.
أما سوريا اليوم فتحولت إلى ملعب للقوى الإقليمية والدولية يتقاسمون النفوذ عليها والسيطرة على مفاصلها.
إقرأ أيضا : مهرجان النصر بإنجازات الجيش اللبناني تأجل بسبب رفض حزب الله
أيضا ما كان بشار الأسد يتغنى به بأن القرار الوطني السيادي في سوريا ينبع من قلب دمشق ولو أن هذا ليس واقع الأمر 100% قبل 2011 إلا أنه اليوم لا يستطيع التغني بذلك، فتركيا تحتل جزء من الأراضي السورية والأكراد إستحوذوا على مساحة مهمة منها أما أميركا فبنت قواعد عسكرية لها على التراب السوري.
وفي الجنوب السوري أبعدت قوات وميليشيات إيران والنظام عن منطقة الجولان المحتل بعمق 35 كلم لضمان مصالح إسرائيل الأمنية، إضافة إلى أن قرار دمشق لم يعد بيد بشار الأسد بل بيد الروس وهذا ما لمح إليه الشيخ نعيم قاسم في مقابلته على المنار بأن إتفاق الجنوب السوري حصل بين الروس والأميركيين من دون علم إيران التي إنزعجت من الموضوع.
كما أن الممر من إيران إلى لبنان عبر الأراضي السورية لم يتشكل بعد حسب الهوى الإيراني وهو تحت نيران القواعد الأميركية في سوريا ما يعني أن أميركا بإستطاعتها إبتزاز الإيرانيين في أي لحظة كما حصل في قضية قافلة داعش الأخيرة والتي أثبتت أن لأميركا الكلمة العليا في الشرق السوري وأن " الهلال الشيعي " لا يزال يواجه مخاطر .
إقرأ أيضا : موضة حزب الله الجديدة... ( نحن الدولة ولاك ) فلماذا لا تحاربون الفساد ؟
هذه الوقائع واضحة وضوح الشمس في سوريا ويدركها جيدا حزب الله خصوصا في ظل الغارات الإسرائيلية المستمرة على سوريا، فكيف سيبرر نصر الله وحزب الله خروجه من هذا المأزق؟
بالتأكيد فإن حزب الله اليوم وسط رمال متحركة ويبحث عن آلية ليعود إلى لبنان بعد الفخ الذي أوقع نفسه فيه، ولذلك يستغل إستعادة أي منطقة للدعاية الإعلامية أو يظهر أحد قادته العسكريين بشكل علني في سابقة هي الأولى في تاريخه.
يبحث الحزب عن أسلوب للعودة والتعويض عن خسائره في سوريا من خلال السيطرة على لبنان ونظامه وتعديله وربما تغييره، لكنه يدرك أيضا أن فعل ذلك ليس بالسهل في ظل معارضة عاد هو نفسه إليها بعد أن جرب حكم البلاد لوحده وفشل.
أبكر السيد حسن في إعلان النصر، نصر غير واضح على الإطلاق في ظل التفاوض الروسي الأميركي المستمر.
وربما لم يدرك حزب الله أيضا أن العراق أيضا بدأ يخرج عن الطاعة الإيرانية وستخسره إيران.
أما الصراع مع إسرائيل فالحزب نفسه كان يعلن أن سبب تفوقه على إسرائيل يعود لكونه منظمة عسكرية غير نظامية فكيف سيواجه الحزب اليوم إسرائيل في ظل إنفلاشه وإنتشاره وتوسعه الإقليمي؟ ألا يدرك الحزب أنه عندما يتحول إلى جيش فهذا يعني فرحة عسكرية وأمنية لإسرائيل كانت تحلم بها ! وإذا كان الحزب اليوم أقوى من 2006 فلماذا يحتاج آلاف المقاتلين من الأفغان والعراقيين والإيرانيين واليمنيين والسوريين ليدعموه في حربه المقبلة ضد العدو الإسرائيلي؟ ولماذا لا يواجه أميركا في سوريا وقواعدها قريبة منه؟ وكيف سيشرح لجمهوره أن المشروع الأميركي فشل في المنطقة مع أن أميركا تمتلك مئات القواعد العسكرية في سوريا والعراق بعد 2011 بحسب تقرير لقناة الميادين المقربة من الحزب؟
عن أي نصر يتحدثون ؟! الأمور لا زالت غير واضحة.