أخيراً وليس آخراً، ما يترجمه القطر الإسلامي ومعظم القطر العربي إن لم يكونا على مقياس وميداس فذٍّ، من قدرة ومقدرة خارقة لثقوب السماء على صناعة تحويل التراب إلى ذهب، ومن ذهبٍ إلى صخر جلمودٍ حطه النصر من فقرٍ، ومن تحويل القلة المستضعفة إلى قوةٍ عابرة لقارات العقول والنفوس والجيوب حتى "كلون" المعدة الخاوية والغاشية، ومن تحطيم الكثرة إلى قلةٍ وثلةٍ خمص البطون من كثرة الشبع والجشع.
إقرأ أيضا : من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً: هل تشمل الرؤية القرآنية للإسلام الموحدين غير المحمديين؟
حتى جاء دور "الرغيف" الذي استكمل تمام بدره في سماء ملبدة بغيوم الأنين والزفير حتى الثمالة من سحبٍ تكثَّفت فيها دموع المعذَّبين ومن بكاءٍ وعويلٍ لم يدركه أولي الأمر من كثرة العدالة التي تندلق من جوانبهم.
ما يدور من سجال وكلام ونظريات دينية تستغرق طاقات الأمة المنكوبة المنتصرة من وجع الفقر الذي يوقظ مواجعها، وتفتح أكياساً من الأسئلة هي أشبه بأكياس الثعابين السوداء، والزغاريد والورود والألوان المزركشة "والمعركشة" لا تطبخها الأمة الجائعة ولا تعجنها الأمة المنتصرة في الأرض التي باركتها الخضرة التي تحولت إلى يباس، ومن وفرة المياه التي حولتها إلى أدرانٍ وسمومٍ قاتلة، بمباركة السياسة وساسة الدين المتحالفين مع الفساد الإقتصادي والمالي والإجتماعي، حتى آخر رمق النصر الموعود.
عبقريات حولتنا من نصر إلى دين، وإلى حاجةٍ على أبواب مدارس الرحمة ومستشفيات العزة والكرامة. أسئلة لا تحتاج إلى كثرة الحفريات الملقاة أمامنا على قارعة التاريخ.
إقرأ أيضا : نحو تدين قيمي لا طقوسي
هي أمة تنفق على التجييش والتسليح أضعافاً مضاعفة على ما تحتاجه لكي تصون نفسها وكرامتها من الأذى والإذلال، لكن المشكلة أشكل من هذه الوسوسات التي إختزلت الإنسان إلى مجرد فمٍ وفمٍ فقط، والبدر إلى رغيف خبزٍ.
وما زالت تشيد نصرها بنواة التمر، وعزتها بنخيل صحراء مكة، هي أمة تشتبك وتقف في طوابير الطحين وعلى وهمٍ طائفيٍ متناسين بمن يتربص بهم بانتظار الغيبوبة الكاملة التي تتيح لهم إفتراسهم بكل هدوء وروية.
والنصر آتٍ لا محالة، لأنها أمةٌ لا تجوع ولا تعرى، ولا تعطش ولا تظمأ أبداً ما دام النصر حليفها إلى يوم الدين.