إنتهت الحربُ العسكريّة عملياً، لكنّ قيادة الجيش مستمرّة في حربها الأمنية - الإستخبارية لملاحقة فلول «داعش» وشبكاتها في الداخل وسط مخاوف من محاولة تسلّل إرهابيين من سوريا بعد سقوط المناطق التي يسيطرون عليها، لذلك فإنّ مخابرات الجيش وبقيّة الأجهزة رفعت مستوى الحذَر وذلك بالتعاون مع أجهزةِ مخابراتٍ دولية بهدف حماية لبنان من تردّداتِ ما يحصل في سوريا والعراق.
وبالنسبة الى دور الجيش المستقبَلي، فقد رسم هو هذا الدور بعد دحْرِه الإرهاب في الجرود، في حين أنّ تعزيزَه يبقى واجب السلطة السياسيّة التي ينبغي عليها سدّ مزاريب الهدر والسرقة وتوفير الأموال اللازمة لتطبيق خطة تسليحه وتقويته.
وعلى صعيد آخر، إرتفعت في الأيام الماضية أصوات تتحدّث عن أنّ هذه الخطة انطلقت، وأنّ الدولة اللبنانية عازمةٌ على شراءِ أسلحةٍ متطوّرة من روسيا وأنّ صفقاتٍ كبيرة ستُوقَّع خلال زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري والوفد المرافق الى موسكو.
لكنّ الحقيقة مغايرة تماماً لكل هذا الضجيج، إذ إنّ شراءَ الأسلحة يقتصر على بعض الحاجات الضرورية، وفي هذا السياق تكشف مصادر قيادة الجيش لـ«الجمهورية» أنّ الجيشَ اللبناني يملك بعضَ الأسلحة السوفياتية والروسية، وهو يحتاج الى ذخائر لها غير موجودة لدى الولايات المتحدة الأميركيّة وبريطانيا، وأبرزها ذخائر لمدافع الـ130، ولراجمات الصواريخ الروسية، خصوصاً أنه استهلك كثيراً منها على مدى السنوات الثلاث الماضية ضدّ «داعش» و«النصرة» وفي معركته الأخيرة، لذلك لا بدّ من شرائها من منبعها، أي روسيا، والأمور لا تتعدّى هذا الحدّ».
وتمنع عواملُ عدّة لبنان من شراء أسلحة متطوّرة من روسيا، أبرزها أنّ شراءَ دبابات وطائرات متطوِّرة يحتاج الى ملياراتِ الدولارات، فيما الدولة تبحث ليلاً ونهاراً عن مصادر تمويل سلسلة الرتب والرواتب، لذلك لا يمكنها تأمينُ هذه المبالغ.
وتشير المصادر العسكرية لـ«الجمهورية» الى أنّ معدّلَ الدعم الأميركي والبريطاني السنوي للجيش يصل الى 250 مليون دولار على شكل هبات، فيما روسيا لا تستطيع تقديم مثل هكذا هبات، بل تريد بيعَنا الأسلحة، والجيش يتطلّع الى مصلحته ومصلحة بلاده، فيما تُقرّر السلطةُ السياسية من أين تشتري السلاح أو تقبل الهبات».
وتشدّد المصادر على أنّ «الجيشَ اللبناني هو جيشٌ صديق للجيشين الأميركي والبريطاني، وينال دائماً الإشادات من هاتين الدولتين، لذلك، فإنّ أيَّ محاولة لتصوير لبنان على أنه يتخلّى عن هذا الدعم هي محاولة لضرب الجيش ومصلحة لبنان»، معتبرة أنّ «إقفالَ مثل هذا الباب يجب أن يرافقه فتحُ أبواب تسليح أخرى غير متوافرة حالياً، لذلك فإنّ الجيشَ اللبناني يؤكّد صداقاته مع الجيوش التي ساندته وعلى رأسها الجيشان الأميركي والبريطاني».
من جهة ثانية، يؤكّد بعض العسكريين والمسؤولين أنه إذا توافرت أموال في خزينة الدولة لشراء أسلحة متطوِّرة فإنّ هذا سيتمّ تلقائياً مع الدول التي وقفت الى جانب لبنان وجيشه وقدّمت مساعداتٍ عسكريّة، والمنطق يقول إنّ الشراء سيتمّ من دول مثل أميركا وبريطانيا، وفرنسا التي تحرص كل الحرص على لبنان وتنظّم مؤتمراتٍ دولية لمساعدته وقد أعلنت عن مؤتمراتِ دعمٍ تُعقد في الأشهر المقبلة.
بدورها، تكشف بريطانيا إستمرارَها في تدريب أكثر من 11 ألف جندي لبناني وبناء أكثر من 20 قاعدة عمليات متقدِّمة، و30 مركزاً لمراقبة الحدود، فيما تعلن قيادةُ الجيش عن إستمرار تدفّق الأسلحة الأميركية النوعيّة حيث يستعدّ لبنان في الأشهر المقبلة لاستقبال طائرات الـ«سوبر توكانو» إضافة الى المدافع الثقيلة والحاجات الأساسية التي يطلبها الجيش.
ينتظر الجميع ما ستُسفر عنه زيارة الحريري لروسيا من الناحية العسكرية، وإذا ما كانت روسيا ستقدّم بعض الذخائر على شكل هبات أو بأسعار مخفّضة أو أنها ستبيع هذا السلاح بسعره الإجمالي المتعارَف عليه، في حين أنّ عدم تأمين إعتمادات كافية لشرائه لن يؤثّر كثيراً في أداء الجيش الذي بات يملك مخزوناً من أنواع الأسلحة كافة والقادر على خوض حرب طويلة الأمد.