للوهلة الأولى لا يبدو المشهد غريبًا، بعدما بات شبه متكرّر ولكن ليس بهذه القوة. فأن تشاهد سيدة تجلس خلف رجل على دراجة نارية أمرٌ أكثر من مألوف، لكن أن تلمح سيدة شقراء أنيقة تقود هي بنفسها الدراجة وليس أي دراجة بل واحدة غريبة وجديدة في ساحة ساسين في الأشرفية، في توقيت متأخر، فهو أمرٌ يدعو الى التساؤل عن مثل تلك الجرأة والقوة اللتين تتسلح بهما تلك السيدة التي بدا وضعها قانونيًا جدًا مع حرصها على وضع الخوذة والوقوف عند الإشارة الحمراء ثمّ الانطلاق الى وجهة السوديكو، وسط ضحكاتٍ خفيفة من الشباب الساهرين في الساحة.
لا تبدو السيدة "سيلفا" الأرمنية بعيدة عن كسر هذه الصورة النمطية الحادة. فهي الأخرى تقود سيارة الأجرة الخاصة بها في منتصف الليل بحثًا عن رزقتها. تسألها عن سبب اختيارها هذه المهنة فتجيبك: زهقت جاوب على هالسؤال. "شو فيا يعني؟". حادةً تبدو تلك السيدة، وكأني بالحياة عجنتها لا بل حفرت فيها الكثير الى أن قذفتها في الشارع تقود سيارة وتجيب طوال الوقت عن السؤال نفسه إرضاء لحشرية بعض الركاب الذين لا ينفكون يجدون في الأمر غرابةً: أن تقود امرأة سيارة أجرة أو فان ركاب: ما الضير؟