كلما تخطت القوى السياسية في لبنان مأزق سياسي أو أي إستحقاق حتى يبرز ملف آخر ليعكس واقع التخبط الذي تعيش فيه هذه القوى.
وآخر هذه التخبطات هي التمهيد للتمديد الرابع بأعذار وحجج غير مقنعة على الإطلاق ولا تكفل مصلحة المواطن إلا أنها تضمن مصالح الطبقة السياسية.
التمديدات السابقة :
وجرت آخر إنتخابات نيابية في لبنان عام 2009 وكان يجب أن تنتهي صلاحية النواب والمجلس في العام 2013 إلا أنه جرى التمديد حينها لأول مرة بحجة الوضع الأمني في البلاد.
أعيدت الكرة بعد سنة وبضعة أشهر ومدد للمجلس للمرة الثانية بنفس العذر.
أما المرة الثالثة فهي كانت منذ أشهر بحجة التجهيز للإنتخابات النيابية التي حددت في ربيع 2018 على أساس القانون النسبي الجديد.
إلا أن العراقيل التي بدأت تظهرها بعض القوى السياسية جعلت مصير الإنتخابات مهددا ما قد يؤدي إلى التمديد الرابع بحجة البدعة المشهورة " الضرورات تبيح المحظورات ".
إقرأ أيضا : الإنتخابات النيابية مهددة بالتأجيل لهذا السبب !
العراقيل :
والضرورات هي عراقيل تضعها السلطة السياسية للوصول لمحظور التمديد الرابع.
فالتمديد الثالث بررته القوى السياسية بأن الوقت غير كافي لإصدار البطاقات الممغنطة، وجرى تعطيل وخلق جدل في الحكومة واللجان جعل وزير الداخلية نهاد المشنوق يحذر من عدم الإتفاق قبل المنتصف من أيلول وإلا سيطاح بالإنتخابات.
وظهرت عرقلة أخرى تدعى " التسجيل المسبق " وهي آلية لتسجيل أسماء الناخبين الذين يقترعون عادة في أماكن بعيدة عن أماكن سكنهم وتخصيص أقلام خاصة لهم إذا كان عددهم كبير.
فمثلا لو أن ناخبين يسكنون في بيروت ويقترعون بجبيل يصار إلى تخصيص قلم إقتراع خاص بهم في بيروت من دون الحاجة للذهاب إلى جبيل.
هذه الآلية رفضها التيار الوطني الحر والمستقبل وقبل بها حزب الله والقوات اللبنانية وحركة أمل.
وأثار رفض المستقبل لها إستغراب الرئيس نبيه بري بحسب ما نقلت جريدة الأخبار وحذر بري من مصير مجهول للإنتخابات في حال عدم الإتفاق على هذه الآلية.
إقرأ أيضا : بري: هناك من يريد وضع عراقيل بهدف تطيير الانتخابات النيابية
بعض القوى خائفة :
يضاف إلى ما تقدم من عراقيل ما أبرزته بعض الإحصاءات والدراسات للتمثيل الشعبي لبعض الشخصيات والتيارات والقوى في بعض المناطق اللبنانية والتي سجلت تراجعا مخيفا سيقلص حجمها الإنتخابي بموجب القانون النسبي.
وهذه الدراسات كانت السبب الأساسي للإطاحة بالإنتخابات الفرعية خصوصا أن الأرقام أشارت إلى تغير كبير في المزاج الشعبي وإتجاه للمعارضة التي لم تشارك في الحكومة.
وأكثر القوى المتضررة على الصعيد الشعبي بحسب بعض التسريبات هي التيار الوطني الحر وتيار المستقبل.
فالتيار البرتقالي يخشى خسارة عدد كبير من نوابه لصالح القوات اللبنانية وتحالف الكتائب والمجتمع المدني والقوى المسيحية المستقلة، كما أن معركة البترون وهي معركة الرئاسة كما يحلو للبعض أن يسميها تظهر عدم ثبات في شعبية الوزير جبران باسيل وهو لا يستطيع تحمل وزر الخسارة هناك في ظل صعود نجم العميد شامل روكز.
إقرأ أيضا : طارت الفرعيّة... فماذا عن الإنتخابات النيابية؟
أما تيار المستقبل فيعاني من إنتكاسات كبيرة في شعبيته وبالتحديد في منطقة الشمال حيث الخصم اللدود اللواء أشرف ريفي خصوصا أن ريفي قرر خوض الإنتخابات في مختلف المناطق اللبنانية حتى في صيدا ومن شأن ذلك أن يظهر شعبيته حتى لو خسر في هذه المناطق لكنها ستؤسس لحالة أقوى في المستقبل وبالتالي ليس من مصلحة التيار الأزرق أن تظهر قوة ريفي بهذا الشكل وعلى هذا المنوال.
وأيضا ليس من مصلحة حزب الله إضعاف الحريري لصالح ريفي وقد يتجاوب مع هواجس الأول خدمة لمصالحه بعدم خلق حالة سنية متطرفة بآرائها ضده.
ومن الآن حتى ربيع العام المقبل ستجري هذه القوى العديد من الحسابات وقد تدخل العديد من التعديلات لضمان أحجامها الإنتخابية، ولو أن الكلام عن تطيير الإنتخابات ما زال باكرا إلا أن المؤشرات بدأت توحي بذلك.