ماذا تريد إسرائيل من سوريا وما سبب الغارات الاسرائيلية على الاراضي السورية؟
في نظرة متأنية وموضوعية على تفاصيل الميدان السوري يلوح في الأفق ما يشير إلى خفة منسوب العنف وتراجع حدة الاشتباكات على معظم الأراضي السورية باستثناء منطقة الرقة وديرالزور في الشمال الشرقي لسوريا. حيث تستمر الحروب والمعارك الشرسة والقصف الجوي تماشيا مع التوافق الدولي والإقليمي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش في المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق والتي لا يزال يحتفظ بتواجد عسكري فيها. بهدف القضاء عليه وإزالة ما تبقى من الخلافة الإسلامية التي أعلن منذ ما يقرب من الأربع سنوات عن إنشائها الخليفة الأول لهذه الدولة أبوبكر البغدادي. ذلك أنه وبعد ان تمادى هذا التنظيم الإرهابي في التوحش والإجرام ونشر الأفكار التكفيرية والهدامة وارتكاب المجازر في كل مكان تطأ أقدام عناصره فيه والتي توسعت لتشمل أربع رياح الأرض لدرجة بات يشكل خطرا على المجتمع الدولي برمته ثم التوافق على مستوى العالم للقضاء عليه واستئصاله من جذوره.
إقرا أيضا: من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر
وعدا تلك المنطقة التي لا تزال مشتعلة فإن باقي الجبهات السورية تشهد نوعا من الهدوء وإن كان حذرا بحيث يتم اختراقه ببعض العمليات العسكرية والضربات الجوية. وهذا ناتج عن رغبة دولية /أميركية - روسية - اوروبية/ تتقاطع مع مصلحة إقليمية /إيرانية - سعودية - خليجية - تركية / بتقاسم مناطق النفوذ على الجغرافيا السورية. بحيث ينال كل دولة من الدول التي انخرطت في الحروب على الأراضي السورية. وتكبدت خسائر مادية باهظة /وبمعنى أصح أن لكل دولة شاركت في تدمير سوريا وساهمت في ضرب البنى العسكرية والامنية والاقتصادية والمعيشة والاجتماعية فيها / نصيب في الكعكة السورية مع الاحتفاظ بحصة لرئيس النظام بشار الأسد لا تتجاوز حدود العاصمة دمشق. وعلى ان يكون لأسرائيل وهي الدولة التي كانت تراقب تطورات الحروب والمعارك الدائرة في كافة الميادين السورية عن كثب على ان ينالها من الجبنة السورية حصة الأسد دون أن تتحمل أية أعباء.
فما تسعى إليه إسرائيل لتحقيقه في سوريا مسألتين أساسيتين :
المسألة الأولى تتمثل باعتبار الأمن الإسرائيلي خط أحمر يمنع اختراقه تحت أية ظروف. وحفظ حدودها بحيث يحظر على أي طرف من الأطراف المشاركة في الأزمة السورية التلاعب بأمن إسرائيل وعليه الخضوع لشروطها المتعلقة بصلاحيتها لاستخدام كافة الوسائل بما فيها القوة العسكرية عند الاقتراب من هذا الخط الأحمر. وفي هذا السياق فقد قام طيرانها الحربي بسلسلة ضربات جوية وفي أوقات متفاوتة مستهدفا تحركات ايرانية وتجمعات عسكرية تابعة لحزب الله وقريبة من حدودها في منطقة الجولان السورية المحتلة. وآخر عملية إسرائيلية حصلت بعد منتصف ليل الأربعاء الخميس الماضي حيث شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على مركز الدراسات والبحوث العلمية الخاضع لعقوبات أميركية بوصفه الوحدة السورية للأسلحة غير التقليدية. في ما اعتبر رسالة واضحة للنظام السوري ولايران التي شكت إسرائيل مرارا في الفترة الماضية من محاولتها إنشاء مصانع للأسلحة في سوريا. ويقع الموقع المستهدف على طريق حماة مصياف.
وفيما قالت إسرائيل أن قواتها الجوية استهدفت مصنعا للأسلحة الكيماوية في مصياف. أعلنت قيادة الجيش السوري عن تعرض أحد مواقع الجيش العسكرية بالقرب من مصياف في ريف حماة إلى عدوان إسرائيلي تمثل بإطلاق عدة صواريخ من الأجواء اللبنانية ما أدى إلى وقوع خسائر مادية و بشرية في الموقع المستهدف.
وروسيا عندما دفعت باساطيلها وقواتها العسكرية إلى الميدان السوري فإنها لم تقدم على هذه الخطوة إلا بعد التفاهم مع إسرائيل وموافقتها والخضوع لشروطها.
المسألة الثانية مرتبطة بالحلول السياسية في سوريا. إذ أن اي حل للأزمة السورية لا يلحظ المصلحة الإستراتيجية الإسرائيلية فإنه آيل إلى الفشل والسقوط.
فأسرائيل فرضت نفسها كقوة إقليمية فاعلة في المنطقة العربية واستطاعت أن تحصل على كل ما يخدم استراتيجيتها في زمن الحروب كما في زمن السلام.