تحت عنوان "مجلس الوزراء مُصرّ على ربط تطبيق "السلسلة" بتمويلها معهد التمويل الدولي: حذار من مخاطر تعليق قانون الضرائب على المالية العامة" كتب هلا صغبيني في صحيفة "المستقبل": "في جلسته الاخيرة، قالها مجلس الوزراء بصراحة "لا سلسلة من دون ضرائب لتغطيتها وإلاّ نصبح كاليونان"، مستبقا بذلك قرار المجلس الدستوري الذي ينظر في الطعن المقدّم من عشرة نواب بقانون الضرائب الذي يمول "السلسلة".
وهذا يعني ان مصير "السلسلة" التي نشر قانونها في الجريدة الرسمية في 21 آب الماضي قد يكون على المحك.
خطوة تعليق القانون رقم 45 الذي ينص على تعديل واستحداث بعض المواد القانونية لغايات تمويل رفع الحد الادنى للرواتب والاجور، كانت لها ردود فعل دولية. فمعهد التمويل الدولي أسف في تقرير له حمل عنوان "اخفاق لبنان في ضبط أوضاع المالية العامة"، لتعليق القانون الضريبي المخصص لتمويل "السلسلة" والذي "يشمل تدابير ضريبية يمكن أن تؤمن إيرادات إضافية للتعويض عن الزيادة الكبيرة في الرواتب".
التقرير الذي حصلت عليه "المستقبل" حدد سببين اساسيين لتعليق القانون، اولهما الانتخابات النيابية المقبلة والتي يفضل النواب الراغبون في اعادة انتخابهم عدم تأييد تدابير ضريبية جديدة، وثانيهما ان هؤلاء يعتقدون أن الحد من الفساد والتهرب الضريبي وحدهما كفيلان بتغطية الزيادة في جدول سلسلة الرتب والرواتب التي من المتوقع أن تضيف 1.2 مليار دولار (أي ما يعادل 2.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) إلى فاتورة الرواتب والاجور.
ولان إيجاد بيئة يمتثل فيها المواطنون الى القوانين الضريبية "هو أمر صعب في لبنان مع وجود قطاع غير رسمي كبير وانتشار الفساد.. فان الحد من الفساد والتهرب الضريبي هي عملية ذات مسار طويل وبالغة الصعوبة. ولذلك، ينبغي أن تشمل تسوية اوضاع المالية العامة تعزيز الامتثال والتدابير الضريبية".
وقدر المعهد القدرة الضريبية في لبنان بنسبة 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعني أن جهوده الضريبية لا تتجاوز نصف إمكاناته، مقارنة بأكثر من 60 في المئة في المغرب وتونس، ومع متوسط عالمي يبلغ حوالى 70 في المئة.
ويقول التقرير ان معهد التمويل الدولي وصندوق النقد الدولي قد طالبا لبنان مرارا بزيادة الضرائب - بما في ذلك الضريبة على القيمة المضافة وضريبة الأملاك وتلك على البنزين – وذلك للمساعدة في الحد من العجز المالي المتنامي ووضع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي على منحى تنازلي مستدام. واعتبر ان ضرائب الاستهلاك على نطاق واسع، مثل الضريبة على القيمة المضافة وضريبة الأملاك هي أقل ضررا بالنمو من ضريبة الدخل، في حين أن الضريبة على الشركات يمكن أن تكون تشويهية بشكل خاص.
وبحسب التقرير، فان الايرادات الضريبية نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي في لبنان كانت من بين أدنى المعدلات في المنطقة وانخفضت بنسبة 3.2 نقاط مئوية من الناتج المحلي في الفترة من 2010 إلى 2016، وذلك بسبب ضعف النشاط الاقتصادي وخفض رسوم البنزين بمقدار النصف في ايار 2011، مما أدى إلى خسارة في الايرادات بنحو 350 مليون دولار، أي ما يعادل 0.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وفسر ان إلغاء خفض الضريبة على البنزين التي اقرت عام 2011، أن يضيف وحده إيرادات بقيمة 500 مليون دولار (أي ما يعادل نحو 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي).
وعرض معهد التمويل الدولي سيناريوين للمالية العامة، الاول (أ) يفترض تحسينات في الامتثال الضريبي ولكن من دون تدابير ضريبية جديدة، والذي يؤدي بالتالي الى استمرار ارتفاع العجز المالي مع مزيد من الارتفاع في نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 152 في المئة بحلول عام 2019.
اما في السيناريو الثاني (ب)، فيفترض تطبيق التدابير الضريبية، حيث يتوقع المعهد انخفاضا كبيرا في العجز، مع تراجع الدين العام من 149 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2016 إلى 139 في المئة بحلول عام 2019.
ومن شأن هيكلية الانفاق الحالية ان تجعل من الصعب جدا تقليص الانفاق الحكومي بشكل كبير. ذلك ان الرواتب والاجور وخدمة الدين العام تمثل 67 في المئة من الإنفاق الاجمالي. وفي المقابل، فانه ينبغي استخدام جزء من الإيرادات الإضافية التي يمكن جمعها من خلال تنفيذ التدابير الضريبية الجديدة والتحسن المتوقع في الامتثال الضريبي في زيادة الإنفاق على البنى التحتية.
وبحسب توقعات معهد التمويل الدولي، فان تأثير التدابير الضريبية على التضخم والنمو محدود، و"نتوقع أن يصل معدل التضخم إلى 4.6 في المئة عام 2018 في إطار السيناريو (ب) مقارنة بنسبة 4.0 في المئة في السيناريو (أ). وستكون زيادة الـ 16 في المئة في رواتب القطاع العام في كل من السيناريوين المحرك الرئيسي لزيادة التضخم". اضاف "في حين أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عام 2018 في السيناريو (ب) يمكن أن يكون أقل قليلا من السيناريو (أ)، الا ان الفوائد من جراء ذلك (بما في ذلك تضييقا اكبر للعجز المالي، وانخفاضا للدين العام، وارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر) ستفوق بكثير التكاليف الناجمة عن التدابير الضريبية الجديدة". وعزا التقرير الارتفاع المتواضع في النمو لهذا العام وللعام المقبل بشكل رئيسي إلى تحسن البيئة السياسية بعد هزيمة داعش في المنطقة.
يذكر اخيرا ان المجلس الدستوري كان تسلم الطعن في الثلاثين من آب الماضي وامامه شهر من تاريخه لإصدار قراره".