انتهى موسم الحج هذا العام دون أن نسمع عن حوادث ضخمة أو اتهامات تطلقها بعض وسائل الإعلام من الجانبين السعودي والإيراني.
ووفقا لتقرير صحيفة "الإيكونوميست" البريطانية، هذا العام جاء موسم الحج استثنائيا باحتضانه للجميع على مختلف مذاهبهم الدينية وبرغم زيادة عدد الحجاج بنسبة 20% لم يحدث ما يعكر صفو أداء مناسك الحج، بل على العكس نجد إيران توجه الشكر للسعوديين نتيجة الاستقبال الخاص للحجاج الإيرانيين من قبل أمير منطقة مكة، الأمير خالد الفيصل والذي وصف الحجاج الإيرانيين بأنهم أخوة للسعوديين في تصريحات متلفزة، بالإضافة إلى المعاملة الحسنة الغير مسبوقة من قبل الأمن والسلطات السعودية المنظمة لشعائر الحج لهم وذلك باعتراف من الإيرانيين أنفسهم.
ورأينا قبل بداية موسم الحج وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وهو يصافح نظيره الإيراني في مشهد نادر الحدوث على هامش اجتماع للدول الإسلامية لبحث القضية الفلسطينية.
وتساءلت الصحيفة، هل تحمل الأيام القادمة تغييرا في العلاقات المتوترة بين السعودية وإيران والتي تصل في أغلب الأحيان إلى مرحلة العداوة وهل هناك "صفقة كبرى" تنفذ بشكل دقيق وسري من الجانبين.
وبحسب تقرير الصحيفة، فإذا رجعنا بالزمن إلى الوراء سنجد أن الملك سلمان بعد توليه العرش في المملكة في عام 2015 يقود حربا ضروسا في اليمن لمواجهة النفوذ الإيراني، تحت قيادة وزير دفاعه الشاب حينذاك الأمير محمد.
كما رفضت السعودية طلبات التعويض لمئات الحجاج الإيرانيين الذين توفوا في حادث التدافع الشهير بمكة في نفس العام 2015.
وفي عام 2016 أعدمت السعودية رجل الدين الشيعي باقر النمر وقامت نتيجة ذلك الجماهير الإيرانية بالهجوم على سفارة السعودية في إيران، ما دعى السعودية لقطع علاقتها الدبلوماسية مع إيران وتكوين تحالف عسكري وهو ما عرف بالتحالف الإسلامي وتكون من حوالي 25 دولة إسلامية سنية وصرح السعوديون بأنه لا بديل عن اتخاذ مواقف حاسمة مع إيران لتدخلها في شؤون الدول العربية.
إلا أنه وبعد عامين، وبعد أن أصبح الأمير محمد، ولياً للعهد منذ حزيران، تراجع عن سياسته السابقة وانتهج أخرى مختلفة تماما. فبدلا من مواجهة حلفاء إيران في المنطقة، سعى لكسب ودهم وود زعمائهم الشيعة، بحسب الصحيفة.
وجدد الأمير علاقات المملكة بالعراق، بعد قطيعة دامت 25 عاما، حيث ستفتح الحدود قريبا أمام الأفراد والبضائع للمرة الأولى منذ عام 1990. وأرسل رئيس أركانه إلى بغداد لتوقيع اتفاقية لتبادل المعلومات الاستخباراتية، واستقبل الوفود التجارية العراقية في الرياض.
وفي حزيران، استضاف حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي الشيعي، كما جلس باسما في جدة، العاصمة الاقتصادية للمملكة، مع مقتدى الصدر، أحد أكثر رجال الدين الشيعة البارزين في العراق.
وفاجئ وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير الجميع بقوله: "على الطائفية أن تتراجع"، وتابع: "إن المنطقة تهدأ". مشيراً إلى تراجع الحرب في سوريا، وقرب هزيمة تنظيم "داعش".
وتقول الصحيفة، إن "الموقف السعودي تغير أيضا تجاه سوريا. حيث اعتاد رجال الدين السعوديون على تحريض المجاهدين السنة ضد العشيرة العلوية التي يفترض أنها تحكم سوريا مع حلفائها الإيرانيين".
وبحسب الصحيفة، فقد "توقف الأمير محمد بن سلمان عن دعم السنة في سوريا، وحث زعماءهم بالمنفى في الرياض على التوصل إلى حل وسط مع الرئيس السوري بشار الأسد".
أما في اليمن وبحسب الصحيفة البريطانية، يبدو السعوديون أكثر تصالحاً واهتماماً لإبرام اتفاق ما. وقد اقترح متحدث رسمي سعودي، إعادة فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، أكبر ميناء في اليمن، تحت إشراف الأمم المتحدة.
ويقول بعض المسؤولين السعوديين إنهم يرغبون في كسب ود حلفاء إيران من العرب مرة أخرى، من أجل مواجهة النفوذ الإيراني. ويقول أحدهم: "كلما زاد تفاعلكم مع العراقيين، قل وجود الإيرانيين". وأضاف أن "العراق ينتمي إلى العالم العربي".
هل بالفعل توجد "صفقة كبرى"
ووفقا للصحيفة، يتحدث المراقبون عن وجود تقارب بين السعودية وإيران، متوقعين حدوث صفقة كبرى، يمكن للسعوديين عبرها الاعتراف بتفوق إيران في شمال الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا، مقابل إطلاق يد السعودية ومنحها حرية التصرف في دول الخليج العربي وشبه الجزيرة.
إلا أن الجبير رفض هذا الكلام ووصفه بـ"المضحك"، وادعى وجود مؤامرات إرهابية من إيران في الكويت والبحرين، كما أعرب عن أسفه من التدخل الإيراني في اليمن.
وترى الصحيفة، أن المملكة حذرة من أن ينظر إليها على أنها تسترضي إيران. ولن يكون قبول زعماء العراق ذي الأغلبية الشيعية، للسعوديين أمرا سهلا أيضا. كما تعرض الصدر لانتقاد شديد في العراق عقب مقابلته الأمير محمد بن سلمان.
وتخلص الصحيفة إلى أن أي تقدم بين الجانبين السعودي والإيراني سيكون صعبا.
sputnik