لبنان اليوم في حداد عام , والحريري لعدم توتير الاجواء
المستقبل :
بأسمى آيات «الشرف والتضحية والوفاء» تزفّ المؤسسة العسكرية اليوم 10 من عسكرييها البواسل بعدما عمّدوا بالروح والدم قَسَمَ القيام «بالواجب كاملاً» حفاظاً على علم بلادهم وزوداً عن وطنهم لبنان، فأبوا إلا أن يستشهدوا بزيهم العسكري أعزاء غير أذلاء شامخة رؤوسهم كشموخ الأرزة في العلياء راسخة أقدامهم كرسوخ جذورها الضاربة في أعماق الأرض، ليكونوا بارتقائهم إلى مجد الخلود والشهادة خير شاهد وشهيد على بزوغ «فجر الجرود» طاغياً بشعاع نصره البيّن على ظلمة الإرهاب وظلمه الضلالي العابر للحدود قتلاً وتنكيلاً ببني البشر وببناهم الحضارية وقيمهم الإنسانية وتعاليمهم السماوية. ولأن الاستشهاد يعلو بمفاهيمه السامية فوق كل دهاليز المناكفات الكيدية العقيمة، كانت دعوة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري لجميع اللبنانيين عشية مناسبة تشييع العسكريين الشهداء إلى جعلها «مناسبة وحدة وطنية»، مشدداً على وجوب «الترفع إلى مستوى الشهادة والابتعاد عن المزايدات السياسية الصغيرة» إيماناً بكون المسؤول عن جريمة قتل «أبطالنا» هو تنظيم «داعش» الإرهابي.. عدوّ لبنان وكل اللبنانيين.
وإثر استهلال جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء العسكريين، الذين سيقام حفل تكريمهم اليوم بحضور الرؤساء الثلاثة في باحة اليرزة، أعرب الحريري عن «حزن وطني عليهم وعلى جميع شهداء الجيش والقوى الأمنية الأبطال الذين قضوا في مواجهة الإرهاب، بدءاً من العقيد الشهيد نور الدين الجمل الذي رفض
الاستسلام في ثكنة عرسال وسائر الشهداء». في حين دعا المكتب السياسي لـ«تيار المستقبل» إثر اجتماعه الدوري في «بيت الوسط» أمس جمهور التيار للمشاركة الشعبية الحاشدة في تشييع العسكريين الشهداء «كل في منطقته، ليكون يوم التشييع عرساً وطنياً يليق بالشهداء الأبطال وبصمود عائلاتهم وبالتضحيات التي حققها جيشنا الوطني دفاعاً عن كل اللبنانيين»، مجدداً التأكيد على موقف الرئيس الحريري لناحية «إصرار الدولة على القيام بالتحقيقات اللازمة لمعرفة الحقيقة كاملة في قضية استشهاد العسكريين».
وفي الشق السياسي من استهلالية رئيس مجلس الوزراء، برز تذكيره بسياسة «النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراعات الدائرة في المنطقة» التي تنتهجها حكومته، وشدد على أنه «في هذه اللحظة من مصلحة لبنان الابتعاد عن توتير الأجواء مع كل الأصدقاء وخصوصاً الأشقاء والبحث عن حماية مصلحة اللبنانيين»، مؤكداً أنّ «لبنان ليس جزءاً من أي محور بل هو جزء فاعل من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب ويقوم بدوره ويتحمل مسؤولياته في حماية شعبه وحدوده وسيادته من خلال قواه الأمنية الذاتية».
وأوضحت مصادر وزارية أنّ الجلسة التي تخللها عرض قدمه وزير الدفاع يعقوب الصراف لتفاصيل عملية «فجر الجرود» وما آلت إليه من انتصار على الإرهاب وتظهير لحقيقة مصير العسكريين، سادتها أجواء من النقاش الهادئ تحت سقف الحفاظ على أهمية الإنجاز الذي حققه الجيش اللبناني لمصلحة البلد وسيادته وأمنه، مشيرةً إلى أنّ مداخلة وزيري «حزب الله» لم تخرج عن هذا الإطار وسط تأكيدهما على كون الحزب أقدم على معركة الجرود بهدف تحصين البلد وحمايته من التهديد الإرهابي.
أما في مقابل السياسة التي يمارسها «حزب الله» للدفع بعلاقات لبنان العربية «نحو الهاوية والزج به في أتون حلقة جهنمية من حلقات الصراع الإقليمي»، فلفت الانتباه الرد الحازم من «تيار المستقبل» إزاء هذه السياسة التي «باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على دور لبنان وعلاقاته بأشقائه، ووسيلة يومية لابتزاز الدولة ومؤسساتها الشرعية ودفعها للسقوط في المستنقع المشترك للنظامين السوري والإيراني»، ليشدد التيار حيال ذلك على التمسك بعروبة لبنان وبتاريخ العلاقة بأشقائه، مؤكداً من هذا المنطلق على أنّ «الاستقرار السياسي لا يستقيم على قاعدة الإفراط المتواصل والبذيء في الإساءة للمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي»، مع إشارته إلى أنّ المواقف التي صدرت عن مسؤولين سعوديين بشأن لبنان تأتي بمثابة «رسالة تنبيه يجب تلقفها والتعامل معها بكل جدية ومسؤولية من كل لبناني معني بحماية مصالح لبنان واستقرار علاقاته مع الأشقاء العرب».
الديار :
يودّع لبنان اليوم جثامين عسكرييه العائدين من الجرود شهداء، إعلان الحداد، ومراسم تكريم، وتعاطف مع الاهل «المغدورين» كما غدر اولادهم في آب2014. تعود الاجساد اليوم الى الأرض مرة ثانية، بعد أن ارتقت الارواح الى السماء برتبة شهيد، لكن الامل بأن لا تدفن الحقيقة مع دفن العسكريين، في بلد «العدالة» فيه «وجهة نظر»، والقانون يفصل على قياس المنتفعين، فتضيع الحقائق دائما بحجة الخوف على «السلم الاهلي» و«الوحدة الوطنية»، وهذا يفضي حكما الى خلاصة واضحة مفادها، ان «سقف» المحاسبة مرسوم بدقة، ولن «يطرق ابواب» سياسيين قاموا بادوار «مريبة»، وملتبسين على أقل تقدير بشبهة التواطؤ بهذه الجريمة الوطنية..
في الشق الاجرائي بدا مسار الملاحقات يأخذ بعدا جديا منذ مساء امس مع مداهمة دورية من استخبارات الجيش لمنزل الشيخ مصطفى الحجيري المعروف «بابو طاقية» في عرسال بغرض توقيفه، دون العثور عليه.. وهذه الخطوة هي جزء من عملية تصاعدية، بحسب اوساط بعبدا التي اكدت ان التحقيقات في خطف الجنود ستأخذ دفعا جديدا اليوم من خلال كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون الذي سيعيد التأكيد على المضي حتى النهاية في التحقيقات في هذا الملف، وسيتعهد بعدم حصول تسويات حوله.. وهو امر سيؤكد عليه في اجتماع المجلس الاعلى للدفاع الذي سيعقد في بعبدا اليوم..
ووفقا لاوساط أمنية، فان التحقيقات ستطال نحو 200شخص لهم ارتباط بالقضية، منها مسؤولية تقصيرية، او من خلال التواطؤ، او المشاركة في مسرح الاحداث، وقد اصبحت اللوائح جاهزة وهي تضم سوريين ولبنانيين، وقد أكد وزير الدفاع يعقوب الصراف مساء ان القضاء العسكري لديه السلطة في استدعاء من يشاء في تحقيقاته..
وفي المقابل لا تستبعد اوساط وزارية بارزة، حصول تحقيق داخلي حيال ما حصل خلال عملية توقيف الارهابي عماد جمعة عام 2014 ، حيث الاسئلة ما تزال مفتوحة حيال التقصير الواضح في حماية المراكز العسكرية في عرسال ومحيطها، وعدم اتخاذ اجراءات احترازية قبيل القاء القبض عليه وبعد حصول العملية الامنية.. فهل عدم اتخاذ تلك الاجراءات كان نتيجة تقصير استخباراتي لم يضع بالحسبان حصول رد فعل من قبل المسلحين على توقيفه؟ ام هو سوء تقدير لاهمية «الهدف»؟ام نتيجة غياب التنسيق نتيجة الاهمال؟ وهل اتخذت اجراءات ولم تكن تتناسب مع الحدث المتوقع؟ والحصول على اجابة على هذه الاسئلة يترتب عليها الكثير من المسؤوليات ...
هذا في الاجراءات العملانية اما في السياسة، فالاسئلة تكبر حيال احتمال حصول «تجريم» لفريق سياسي حمى «القتلة»علنا، وبعيدا عن تحديد المسؤوليات حول عدم اتخاذ القرار السياسي والميداني بملاحقة المجموعات التكفيرية لاطلاق العسكريين، فثمة حقائق ثابتة لجهة عدم رغبة البعض بأن يخوض الجنرال جان قهوجي عملية عسكرية ناجحة،لانه سيكون مشروع رئيس جمهورية، وفي المقابل امتنع عن القيام بالامر، خوفا على فقدان فرصته بالرئاسة.. وفي الخلاصة «ذهب» العسكريون ضحية حسابات سياسية محلية «رخيصة»، وضحية تدخلات اقليمية ودولية ضغطت على فريق 14 آذار وفي مقدمته تيار المستقبل لمنع الجيش من القيام بمهامه، لان تلك المجموعات كان لها «وظيفة» استراتيجية في المواجهة مع حزب الله والنظام السوري، وهي بالطبع تتجاوز بالنسبة اليهم مسألة خطف بعض العسكريين، ويومها وصفت مراجع دبلوماسية غربية العملية الأمنية لاعتقال جمعة بأنها كانت «متهورة»!
العلاقات مع سوريا
في غضون ذلك، سيعود الى الواجهة ملف العلاقات اللبنانية- السورية في الاسابيع المقبلة مع التقدم الميداني المتسارع على الجبهات السورية، ووفقا لاوساط وزارية بارزة فإن حزب الله سيضع هذا الملف على «الطاولة» لان التأجيل لم يعد منطقيا ويخالف الوقائع السياسية والميدانية، وفي شرحها لموقف الرئيس بشار الاسد الذي ابلغه للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، برفض أي «تفاوض» حول أي قضية، لا يكون بطلب رسمي وعلني، تشير تلك الاوساط الى أن دمشق ترفض استنساخ العلاقة اللبنانية بالتقدم المستمر في العلاقات مع الاردن من خلال «معادلة» تطوير العلاقات الامنية في الغرف المغلقة، وفي هذا السياق اوضح الرئيس الحريري لمن راجعه في الايام القلية الماضية بهذا الامر، انه يرغب في ابقاء العلاقة السياسية راهنا على حالها، مع موافقته على تطويرها «أمنيا»، فهو سمع في فرنسا اجواء «سلبية» غير مطمئنة، فكلام الرئيس الفرنسي كان واضحا، ومفاده ان الحديث عن رحيل الاسد لم يعد في «قاموس» احد، المعارضة السورية خسرت معركتها، لكن لا احد يتجرأ على نعيها، وما يحصل الآن في آستانة وجنيف هو محاولة لتقليل حجم الخسارة..
وانطلاقا من ما يسميه «براغماتية»، اقترح الرئيس الحريري «تفعيل» «القناة» الامنية المفتوحة مع دمشق من خلال مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، دون تكليفه علنا بذلك، وفي معارك الجرود، قدم الحريري نموذجا متقدما، فكان يسير وراء رغبات رئيس الجمهورية ميشال عون، دون الاعتراض على التنسيق الميداني بين الجيش اللبناني والسوري، عبر حزب الله، او من خلال تبادل المعلومات العسكرية على الارض، وهو يريد الآن ان يطور المهام الموكلة للواء ابراهيم لتتجاوز ما هو أمني ...
وبحسب تلك الاوساط، يخشى الحريري ان يتعرض لعملية «ابتزاز» من النظام في سوريا، وهو لا يبالي كثيرا بمواقف من تبقى من قوى 14 آذار التي تتحدث عن مواقف مبدئية في مقاطعة سوريا، لكنه يريد التعامل مع دمشق، بـ«القطعة»مع اشتراط بقائه خارج «الصورة»، فهو لا يرغب ايضا ان يبدو ضعيفا وبالنسبة اليه تأجيل «التطبيع» السياسي ضروري وحتمي، والتواصل العلني والمباشر لن يكون على جدول اعماله، الا بعد ان تحصل تسوية ايرانية - سعودية.. واذا ذهب يوما الى دمشق سيكون الامر جزءا من تلك المعادلة، باعتباره طرفا ممثلا للجانب السعودي، وليس طرفا راهن وهزم ويعود الى «بيت الطاعة»..
رفض سوري
لكن دمشق، ابلغت من يعنيهم الامر رفضها لعلاقة مماثلة، لان «القناة» الامنية استنفدت اهدافها ولم تعد ذات جدوى الأن بعد تحرير الجرود، والدولة السورية لم تعد قادرة على تقديم «الهدايا المجانية»، والمقارنة مع ما يحصل مع الاردن ليس في مكانه، فالتنسيق الأمني الاردني- السوري صحيح انه يجري من «تحت الطاولة» لكنه اثمر عودة تدريجية للجيش السوري بلا معارك الى مساحة واسعة من الحدود المشتركة، وذلك بعد نحو اربع سنوات من الغياب.. وما يجري الآن من تقدم وابعاد «للعشائر» عن الخطوط المتقدمة على تلك المحاور، وسحب ما تبقى من فصائل «الجيش الحر»، وكذلك استعادة 38 اسيرا من ضمنهم قائد طائرة حربية اسقطت طائرته واسرته مجموعة «أسود الشرقية» المعارضة ضمن ترتيب وصفقة كان الاردن وسيطا رئيسيا فيها.. كل ذلك يجري وفق «خطة» ممنهجة ومتفق عليها بين الجانبين، ولذلك لا تتوقف دمشق اقله الآن امام خروج اعلان سياسي صريح وواضح من الحكومة الاردنية، لان الوقائع تتقدم على «الشكليات» التي ستأتي عاجلا او آجلا... ويبقى السؤال ما الذي لدى الحكومة اللبنانية لتقدمه في هذا السياق؟ بالطبع لا شيء.. ولهذا اذا ارادت الحصول على شيء في المقابل لن يكون من اليوم وصاعدا «بالمجان»..
مجلس الوزراء
يمكن وصف جلسة الحكومة بالامس بانها جلسة «الهروب» من الاستحقاقات، وتجنب «حقول الالغام»، ملف الكهرباء تم ارجاؤه، الانتخابات الفرعية لم يتم التطرق اليها، حتى ملف تعيين بديل عن غلوريا ابو زيد في ملاك وزارة الزراعة لم يناقش.. اما الملف الاكثر اشتعالا والمرتبط بعملية تحرير الجرود، فتدخل رئيس الحكومة سعد الحريري «لنزع فتيله» بدعوة الوزراء الى الترفع عن الخلافات أمام شهادة العسكريين اللبنانيين، داعيا في الوقت نفسه الى الابتعاد عن توتير الاجواء مع الدول الصديقة.. وكان وزراء القوات اللبنانية قد طرحوا مسألة ترحيل «ارهابيي» «داعش» على النقاش، فدعاهم وزير الدفاع يعقوب الصراف الى عدم تضييع ما تحقق من انتصار في نقاشات مماثلة، وتدخل وزير التربية مروان حمادة محملا كل من يخرج عن سياسة «النأي بالنفس» مسؤولية التداعيات الخطيرة على البلاد.. وفيما دعا الوزير محمد فنيش الى مناقشة الملف بكامل تفاصيله وليس فقط بالنتائج، تدخل وزير الداخلية نهاد المشنوق لتهدئة الموقف، داعيا للابتعاد عن نقاش الملفات الخلافية، وهو ما ايده فيه الوزير طلال ارسلان الذي دعا الى الالتزام بدعوة رئيس الحكومة والبدء بمناقشة جدول الاعمال.. وهكذا كان.
«السلسلة» مهددة؟
اقتصاديا اكدت مصادر وزارية وجود «مأزق» مالي حقيقي في البلاد اذا ما اتخذ المجلس الدستوري، قرارا جزئيا او كليا في العشرين من الجاري، بإبطال قانون الضرائب، وبالتالي ستكون النتيجة الحتمية وقف العمل بقانون «السلسلة» لان الدولة ستكون معرضة للافلاس الحتمي.. وفي هذا السياق توقف مجلس الوزراء مليا امام هذه المعضلة، وقد ابلغ وزيرالمال علي حسن خليل المجلس بانه واقعيا نحن امام قانون بدأ بتطبيقه، من خلال اعداد جداول الرواتب الجديدة على اساسه، لكن على الجميع تحمل المسؤولية في حال عدم ايجاد حل لايرادات السلسلة، فعدم تمويلها سيزيد العجز بشكل كبير وسيؤدي الى نتائج كارثية، وهو كلام ايده الرئيس الحريري، ومعظم مداخلات الوزراء جاءت ايضا في هذا الاطار، لكن لم يتقدم أحد بأي حلول عملية لمواجهة الازمة اذا ما وقعت في ظل رهان كبير على «حكمة» قضاة المجلس الدستوري، وفق ما اكده احد الوزراء «للديار».. فهل ثمة من يريد التهويل على المجلس الدستوري ومحاصرته للتاثير على قراراته؟ ام ان «المونة» السياسية ستلعب دورا في «تلطيف» «القضاء والقدر»؟ ام ان المخاطر جدية وحقيقية..» والسلسلة» في خطر؟
الأقساط المدرسية
على الصعيد التربوي لم يحقق الاجتماع الثاني في وزارة التربية بين لجان الاهل، واصحاب المدارس الخاصة، ونقابة المعلمين، بحضور الوزير مروان حمادة اي تقدم يذكر بخصوص الأقساط المدرسية مع تمسك كل طرف بموقفه، وارجأ البحث الى اجتماع يعقد الثلثاء المقبل.. في هذا الوقت لا يبدو ان اداراة المدارس تنتظر نتائج هذه اللقاءات، فالزيادات اقرت وابلغت الى الاهالي وهي تتراوح بين 300 الف ليرة ومليون و500الف ليرة، في وقت تسعى المدارس الكاثوليكية الى اشراك الاساتذة بتحمل «الاعباء المالية» من خلال اقتراح التراجع عن اعفائهم من دفع الاقساط، او دفع نسبة مئوية.
الجمهورية :
الغارة الإسرائيلية على موقع للجيش السوري في مدينة مصياف في ريف محافظة حماة، في ظلّ صمتٍ روسيّ، لم تكن الأولى في العمق السوري، إلّا أنّ توقيتها يتزامن مع التطوّرات العسكرية في سوريا، وأبرزُها تقدّم الجيش السوري في دير الزور، وتبريدُ الجبهة الجنوبية على الحدود السورية مع إسرائيل والأردن، ومع زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو المرتقبة إلى نيويورك. وعليه، يَرصد المراقبون ردّة الفعل الروسية، علماً أنّ الموقع المستهدَف يَبعد 70 كلم عن قاعدة حميميم الروسية. وفيما يَعتبر هؤلاء أنّ ما جرى يشكّل تطوّراً جديداً يكشف عن دخول اسرائيل على خط الحرب في سوريا في المرحلة ما قبل الاخيرة لكي تفرض دورها في التسوية السياسية، أكّد وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان أنّ اسرائيل ستمنع إنشاء ما سمّاه «ممر شيعي» بين إيران وسوريا.
برز تطور أمني لافت في التوقيت والمضمون، تزامن مع المناورات العسكرية الاسرائيلية الضخمة على الحدود الجنوبية، تحاكي في جوهرها سيناريو حرب مع «حزب الله». وتمثّل هذا التطور بإطلاق سلاح الجو الاسرائيلي فجر امس صواريخ عدة على موقع عسكري تابع لـ»القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة» السورية قرب مدينة مصياف.
وفيما اشار بيان وزارة الدفاع السورية الى انّ الطائرات الاسرائيلية اطلقت الصواريخ «من الأجواء اللبنانية»، على موقع عسكري «يضم مركزاً للبحوث العلمية ومعسكر تدريب» ما أدى إلى وقوع «خسائر مادية ومقتل عنصرين»، كشف «المرصد السوري لحقوق الانسان» انّ هذا المركز «يخضع للعقوبات الأميركية بصفته الهيئة السورية للأسلحة غير التقليدية».
اسرائيل: 3 رسائل
واكدت اسرائيل بلسان رئيس جهاز الإستخبارات العسكرية السابق عاموس يادلين انّ «الهجوم وجّه 3 رسائل مهمة: أولاً، لن تسمح إسرائيل بإنتاج الأسلحة الاستراتيجية. وثانياً، تعتزم إسرائيل تطبيق خطوطها الحمر على رغم من أنّ القوى العظمى تتجاهلها. وثالثاً، وجود الدفاع الجوي الروسي لا يمنع الضربات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل».
وقال: «من المهم الآن فحص التصعيد والاستعداد لرد سوري - إيراني و»حزب الله» والانتقادت الروسية». واشار يادلين الى أنّ الهجوم «استهدف المركز السوري العسكري العلمي الذي طوّر وصنع من بين أمور أخرى، صواريخ دقيقة، والتي سيكون لها دور مهم في الجولة المقبلة من النزاع». وقال انّ المصنع المستهدف «ينتج الأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة، التي قتلت آلاف المدنيين السوريين».
ليبرمان
وأكد ليبرمان، في أول تعليق رسمي على الغارة: «كل يوم هناك تفجيرات وقتلى في سوريا، وهذا شأن سوري خاص لا دخل لنا فيه، لكن علينا أن نعتني بأمننا، وهذا بالضبط ما نقوم به». وأضاف في مقابلة إذاعية: «لا نسعى إلى مغامرة عسكرية، ولكننا عازمون على منع أعدائنا من ضرب، أو حتى خلق محاولة لضرب وتهديد أمن مواطني إسرائيل».
ولفت إلى «الخطوط الحمر» الإسرائيلية، قائلاً: «سنفعل كل ما في وسعنا لكي نمنع إقامة ممر شيعي من إيران إلى سوريا». وأشار إلى أنّ «إسرائيل تأخذ في الحسبان كل الاحتمالات والفرص في الشرق الأوسط، وللأسف، كل شيء قابل للحدوث. ولذا، فإنّ إسرائيل على أهبة الاستعداد لكل سيناريو».
هآرتس
واعتبرت صحيفة هآرتس «انّ الهجوم حصل في توقيت حساس»، وهو «الاول» منذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ الوصول اليه نهاية تموز بإشراف روسي، «لذلك من المفترض أن يُفسّر على أنه تلميح إسرائيلي للدول العظمى: يجب عليكم أن تأخذوا في الحسبان إعتباراتنا الأمنية. في استطاعتنا تشويش عملية تسوية مستقبلية في سوريا في حال أصرّيتم على إبقائنا خارج الصور».
وإذ اشارت الى انّ الرئيس السوري بشار الأسد «أكثر ثقة حالياً، وهو على كرسيه ويتمتع بدعم روسي وإيراني قوي»، اوضحت انّ «إسرائيل ستضطر إلى التريّث في الأيام المقبلة ورؤية كيف سيتعاطى المعنيون في موسكو وواشنطن وطهران مع التطورات الأخيرة».
وذكر محللون عسكريون اسرائيليون انه «يتمّ في المكان المستهدف إنتاج اسلحة كيماوية وأسلحة أخرى، وانّ الضربة تندرج في إطار القرار الاسرائيلي منع انتشار أسلحة استراتيجية في سوريا، خصوصاً بالنسبة الى «حزب الله» وايران».
وقال ياكوف اميدرور الذي شغل منصب مستشار الامن القومي لرئيس الوزراء الاسرائيلي بين 2011 و2013: «انّ مركز البحوث (المستهدف) كان ينتج في الماضي أسلحة كيماوية، لكن ايضاً أسلحة اخرى بينها قذائف وصواريخ».
واضاف انّ اسرائيل وجّهت مراراً «رسائل واضحة» حتى قبل الهجوم اليوم، مفادها أننا لن نسمح لإيران و»حزب الله» ببناء قدرات تمكنهما من مهاجمة اسرائيل من سوريا، ولن نسمح لهما ببناء قدرات لـ«حزب الله» في ظل الفوضى القائمة في سوريا». واضاف: «حتى من دون هذا الهجوم، كان واضحاً أننا مستعدون للتحرك متى تجاوزوا الخطوط الحمر».
المعارضة
وتحدثت مصادر في المعارضة السورية لوكالة «اكي» الايطالية عن «هجومين منفصلين، استهدف الأول شحنات لـ«حزب الله» في مدينة بعلبك في لبنان، والثاني استهدف مركزاً للأبحاث العلمية، تستخدمه وزارة الدفاع لتطوير الأسلحة». وقالت: «في بعلبك تمّ قصف بلدة نحلة التي تبعد نحو 10 كلم عن بعلبك، ويتوقع استهداف شحنة أسلحة آتية من سوريا إلى «حزب الله» في لبنان.
أمّا في مصياف فاستهدف الطيران الإسرائيلي مركزاً للبحوث قريب من معسكرات الطلائع على طريق مصياف ـ حماة، ويبعد نحو 70 كلم عن قاعدة حميميم العسكرية، التي يتّخذها الروس في غرب سوريا». وأضافت: «يُعتقد أنّ مركز البحوث السوري يحتوي على خط إنتاج للصواريخ الباليستية، ويشرف عليه خبراء إيرانيون، وفيه أيضاً معامل لإنتاج الأسلحة الكيماوية».
بدورها، أشارت مواقع معارضة الى أنّ القاعدة المستهدفة في مصياف «تستخدم لتخزين أسلحة منها رؤوس كيماوية كانت في طريقها للتسليم إلى «حزب الله». وأشارت المعلومات الأولية إلى أنّ الأسلحة التي تنتجها قاعدة مصياف هي صواريخ S-60، التي يتمّ نقلها إلى «حزب الله»، وسط أحاديث عن إمكانية تحوّل هذه القاعدة مصنعاً لإنتاج الصواريخ الدقيقة، بإدارة إيرانية».
مجلس وزراء
داخلياً، بدا واضحاً أنّ صفقة تشكيل الحكومة ما تزال أقوى من صفقات التبادل مع «النصرة» و«داعش»، فلم تهتزّ أو تتصدّع في جلسة مجلس الوزراء التي كان متوقعاً أن تكون الاكثر خلافاً حول قضيةٍ اصابت البلد بالعمق وطرَحت تساؤلات كبيرة حول مصيره استناداً الى وقائعها ونتائجها التي اظهرَت مجدداً الهوّة الكبيرة بين محورين سياسيين.
فحائط الحكومة بقي مرتفعاً ولعلّ تجاهُل وزير «حزب الله» محمد فنيش تغريدةَ الوزير السعودي ثامر السبهان بقوله: «من هو هذا الشخص؟»، كان ابلغَ دلالة الى انّ مكوّنات الحكومة تحترف إدارةَ الأُذُنِ الطرشاء مقابل مصلحة بقائها.
وأكّد رئيس الحكومة سعد الحريري خلال الجلسة «أنّ من مصلحة لبنان الابتعاد عن توتير الاجواء مع جميع الاصدقاء، وخصوصاً مع الاشقّاء، والبحث عن حماية مصلحة لبنان واللبنانيين»، وعلى «أنّ لبنان ليس جزءاً من ايّ محور، بل هو جزء فاعل من التحالف الدولي لمحاربة الارهاب ويقوم بدوره ويتحمّل مسؤولياته في حماية شعبه وحدوده وسيادته من خلال قواه الامنية الذاتية».
وعلمت «الجمهورية» أنّ الوزير مروان حمادة طلب الكلام، فقال: «نحن نَخرق حياد لبنان، وهناك من يحاول أخذ البلد في اتّجاه محور»، محمّلاً المسؤولية لفريق سياسي «يأخذ البلد تجاه صراعات اقليمية».
فسأله فنيش: «ماذا يعني الحياد؟ هل مواجهة الارهاب الذي أتت به دول اقليمية ودولية لتنفيذ المشروع الذي واجهناه وحمينا لبنان هو خرقٌ للحياد؟ ما قمنا به هو إنجاز للبنان، ولو لم نفعل هذا لكان البلد كلّه في مهبّ الريح».
فتدخّلَ الوزير بيار بو عاصي وتحدّث عن «ربط لبنان بالمحاور»، وقال: «بُنيَت هذه الحكومة من اطراف لديها اختلافات سياسية كبيرة، وكلّ شخص ظلّ على اقتناعاته ومواقفه السياسية، ولكنّها بُنيت على اساس بيان وزاري يَلحظ النأيَ بالنفس عن نزاعات المنطقة، وأيّ محاولة لأيّ طرف او حركة أحادية لجرّ لبنان الى محور معيّن ستواجهها المجموعات الأخرى، ونحن بالتحديد».
وردّ فنيش: «أنتم لكم مواقفكم ونحن لنا مواقفنا، لكم رأيكم ونحن لنا رأينا، والمسؤول عن تدهورِ الوضع هي الدول الراعية لهذه المجموعات وبعض القوى الداخلية، وإذا اردتم ان نفتح الملفّات فليكن، لنفتحها».
فتدخّلَ الوزير نهاد المشنوق معلّقاً على كلام الحريري عن زيارته الى فرنسا فقال: «لا يكفي ان يكون هناك مؤتمرات لدعم لبنان اذا لم نحرص على حياده وعدمِ تعريضه لمشكلات مع دول عربية وخليجية».
وقال الوزير غازي زعيتر: «دولة الرئيس، نريد ان نثنيَ على كلامك بأنّ ما حقّقته في فرنسا هو إنجاز لجميع اللبنانيين، وإذا كان المبدأ هو الالتقاء لمصلحة الوطن العليا فمِن مصلحة اللبنانيين ان ننسّقَ مع سوريا والأردن خصوصاً في عملية فتحِ المعابر، وأريد ان أبلغَكم انّ لديّ لقاءً الاثنين مع سفير الاردن للبحث في اتفاقات تبادُل المنتجات الزراعية، فكيف سيحصل هذا الامر؟ حتماً سيكون عبر سوريا ومعبر «نصيب» على حدودها مع الاردن».
فنيش لـ«الجمهورية»
وسألت «الجمهورية» فنيش عن سبب تجاهلِه كلامَ السبهان فقال: «لن أردّ على هذا المستوى الهابط من الكلام، هذا لن يؤثّر علينا سوى أنّ الشتّامين ازدادوا واحداً».
وأضاف: «نعتبر انّ كلام الحريري داخل مجلس الوزراء هو كلامٌ جامع، وقوله انّه يجب ان نحرصَ على الوحدة الوطنية والالتقاء حول الإنجازات التي تحقّقت هو كلام صحيح، وكنّا لنكتفيَ به لو لم يَصدر عن بعض الوزراء، ولأغراض معروفة، تسجيلُ مواقف للتطبيل بها امام الإعلام. فلن نُمرّر لا الغمزَ ولا اللمز من قناة تحميلِنا مسؤولية ما يؤول اليه الوضع في البلاد، فهذا أسلوب دهاقنةِ السياسة ولن نسكتَ عنه».
لبنان يكرّم شهداءَه
وفي هذه الأجواء، ووسط حدادٍ عام وإقفال تامّ للمؤسسات، يشيّع لبنان اليوم شهداءَه العسكريين في احتفالات رسمية وشعبية. فيترَأس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في العاشرة قبل الظهر المراسم التكريمية لجثامين الشهداء العسكريين في باحة وزارة الدفاع في اليرزة، ويعلّق على نعوش الشهداء العشرة الأوسمة ويُلقي كلمةً في المناسبة التي دعيَ إليها أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري ووزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقادة الأجهزة الامنية وممثّلون عن رؤساء الطوائف، وأفراد عائلات الشهداء العسكريين. وأعدّت قيادة الجيش برنامجاً لمراسم تكريم الشهداء الذين ستغادر نعوشهم وزارة الدفاع الى بلداتهم.
مجلس الدفاع
وبعد التشييع يَرأس عون جلسة المجلس الأعلى للدفاع وعلى جدول اعمالها عنوانان أساسيان: الأوّل يتعلق بتقويم عملية «فجر الجرود» وما آلت اليه، والبحث في «مرحلة ما بعد التحرير». والثاني يتّصل بالتحقيقات التي فتِحت لمرحلة ما بعد 2 آب 2014.
وسيتركّز البحث على تقويم عملية «فجر الجرود» والمرحلة التي تلت «اكتمال التحرير». وسيناقش المجتمعون خطةً متكاملة تقضي بتحديد حاجات الجيش، وهي أمورٌ تتّصل بتوفير المال لتمويل بناء التجهيزات والمنشآت الجديدة التي يريدها في التلال الممتدّة على طول الحدود اللبنانية ـ السورية التي سينتشر فيها للمرّة الأولى بالكثافة التي تقتضيها المهمّة لحماية الحدود ومنعِ التسلل مجدّداً عبرها، بالإضافة الى تطويع عسكريين جُدد لتوفير القدرات البشرية التي تُمليها المهمّات الكبيرة التي ستُلقى على عاتق الجيش على الحدود وفي الداخل.
وعلمت «الجمهورية» أنّه عندما تَقرّر أن يتناول الاجتماع موضوع التحقيقات العسكرية دعِيَ وزير العدل استثنائياً الى المشاركة في الاجتماع، باعتباره من خارج اعضائه بعدما اطلقَ التحقيقات لتحديد المسؤوليات في المرحلة التي بدأت بأحداث 2 آب والتي تلت خطفَ العسكريين في عرسال وباشرَتها مديرية المخابرات في الجيش.
«أبو طاقية»
من جهةٍ أخرى وفي تطوّر أمني لافت دهمت قوة من الجيش منزل ومسجد الشيخ مصطفى الحجيري الملقب «أبو طاقية» في عرسال، في ضوء اعترافات نجلِه عبادة بتورّطِه في عملية خطفِ العسكريين، وقد ضَرب الجيش طوقاً حول المكانين ويَجري البحث عن «أبو طاقية» لتوقيفه.
وأكّد مصدر أمني لـ«الجمهورية» أنّ «أكثر من سبب يقف وراء تحرّكِ الجيش لإلقاء القبض على الحجيري، أوّلها وجود استنابات قضائية صادرة عن القضاء العسكري لقضايا استدعِي فيها الى التحقيق ولم يَحضر، وثانيها اعترافات نجليه الموقوفين بعلاقات له مشبوهة مع جهات إرهابية، وثالثها فتحُ ملفّ غزوة عرسال 2014 وتكليف مديرية المخابرات بصفتها ضابطةًَ عدلية لإجراء كلّ التحقيقات اللازمة لتبيان الحقائق وتحديد المسؤوليات، ورابعاً وأخيراً سماحُ الظروف السياسية والأمنية نتيجة التطوّرات في الجرود بالتحرّك لتوقيفه».
قانون الانتخاب
إنتخابياً، بَحثت اللجنة الوزارية المكلفة البحثَ في تطبيق قانون الانتخاب امس برئاسة الحريري التعديلاتِ المطروحة على خطة الانتخاب. وقالت مصادر «التيار الوطني الحر» انّه يريد أكبرَ مشاركة ممكنة في الانتخابات في الداخل او الخارج، وخصوصاً المشاركة المسيحية في الأطراف.
ولا سيّما في الشوف وعاليه حيث نسبة اقتراع المسيحيين منخفضة وهم غير معتادين على الاقتراع، وثمّة مناطق تبلغ فيها نسبة المشاركة المسيحية نحو 10%. وهذا ما يشدّد عليه «التيار» في النقاشات، خلافاً لبقية الأطراف الذين يطرحون حاجات ماكيناتهم اعتماد البطاقة الممغنَطة بهدف زيادة نسبة المشاركة وإلّا نضع حواجز أمام المقترعين لتركِ الحرّية والخيار لهم ان ينتخبوا أينما كان، وهذا ما وَرد في الأصل في القانون.
مع التشديد والتكرار على انّ «التيار» كان قد قبلَ بالتمديد التقني لمجلس النواب مشروطاً بحصول الإصلاحات وأبرزُها البطاقة الممغنطة. وفي حال لن يتمّ الاتفاق على اعتماد هذه البطاقة، يطالب «التيار» بإجراء انتخابات نيابية فورية وبلا تأخير قبل نهاية السنة الحالية، وبالتالي ينتفي مفعول التمديد.
«السلسلة» والضرائب
ومن جهة ثانية طرَح مجلس الوزراء من خارج جدول اعماله معادلةً مهمّة، إذ أجمعَ على أنّه إذا لم يقرّ قانون الضرائب ولم تتوافر الإيرادات فلا سلسلة رُتب ورواتب.
وأوضَح وزير المال علي حسن خليل أنّ «هناك قانوناً للسلسلة بدأ بتطبيقه وبدأت وزارة المال إعدادَ الجداول على أساسه، لكنْ ليَعلم الجميع انّ عدم تأمين موارد السلسلة سيوقِعنا في مشكلات كبيرة، وحقّقنا توازناً بين قانون السلسلة وقانون الضرائب، والإخلال بهذا التوازن سيهدّد المالية العامة».
وأضاف: «مسؤولية كلّ القوى السياسية والكتل تأمينُ هذا التوازن المالي لأنّ توقيف احدِ هذين القانونين سيؤدي الى إخلال التوازن وسيُعرّضنا لمخاطر مالية كبيرة».
فردّ الحريري: «ليَعلم الجميع أنّنا أمضَينا 3 سنوات في التجاذبات حتى وصَلنا إلى هذين القانونين المتوازنين، وليكن واضحاً أنه إذا لم تكن هناك إيرادات فلا سلسلة». وأجمعَ مجلس الوزراء على هذا الأمر.
لقاء ترامب - الصباح
وفي تطور لافت على جبهة الأزمة الخليجية القطرية، أكّد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، عقب لقائه الرئيسَ الأميركي دونالد ترامب في واشنطن امس استعداد قطر للبحثِ في المطالب الـ 13 التي قدّمتها دول الخليج، معرباً عن تفاؤله بالتوصّل إلى حلّ لأزمة قطر في القريب العاجل.
من جهته، أبدى ترامب استعداده للتدخّل والوساطة لحلّ الأزمة، معرباً عن اعتقاده في إمكان التوصّل إلى اتفاق سريعاً، وقال: «إذا تسنَّت لي المساعدة في التوسّط بين قطر والإمارات والسعودية خصوصاً، فإنّني سأكون مستعدّاً لفعلِ ذلك، وأعتقد أنه سيكون لديكم اتفاق على نحوٍ سريع جداً».
اللواء :
يسدل الستار اليوم، مع تشييع شهداء الجيش اللبناني في الاحتفال الوطني، الرسمي والشعبي الكبير، الذي يترأسه الرئيس ميشال عون في اليرزة، ويشارك فيه الرئيسان نبيه برّي وسعد الحريري وقيادة الجيش وذوي العسكريين الشهداء، عن مرحلة قاسية، عاشها لبنان، في ظل ظروف إقليمية بالغة التعقيد، منذ انفجار الحرب السورية، وتداعياتها الأمنية والعسكرية والديمغرافية والاقتصادية على الواقع اللبناني بكل تشعباته.. وانتهت بما انتهت إليه، لا سيما لجهة طرد «الارهاب المسلح» الآتي عبر الحدود الشرقية، من الجرود اللبنانية، والبلدات المحيطة بها..
ومع التحية الأخيرة لهؤلاء الشهداء بدا التحقيق العسكري، والقضائي في الواجهة، لوضع الأمور في نصابها، فإن العملية التي استهدفت إلقاء القبض على مصطفى الحجيري (المعروف بأبو طاقية) بعد مداهمة منزله في عرسال، حيث لم يعثر عليه، كشفت عن جدّية في استجواب المعنيين بمأساة العسكريين لتبيان حقيقة ما حصل، ودور الأطراف بمأساة عام 2014 في حوادث عرسال في تلك السنة.
والوضع الأمني في البلاد، فضلا عن التحديات التي تواجه لبنان في ضوء الضغوطات الجارية، لا سيما التهديدات الإسرائيلية بعد الضربة يوم أمس علىموقع عسكري في ريف حماه، عبر الأجواء اللبنانية ستكون على طاولة مجلس الدفاع الأعلى الذي دعا الرئيس عون إلى انعقاده، بحضور الرئيس الحريري بعد انتهاء احتفال تكريم الشهداء، وسط إقفال تام وحداد وطني وتنكيس اعلام، انضمت إليه السفارة البريطانية في بيروت تنكيس اعلامها تزامنا مع الحداد اللبناني الذي دعا إليه رئيس الحكومة.
وقالت مصادر مطلعة ان كلمة الرئيس عون في مراسم تكريم الشهداء العسكريين، ستكون وجدانية يوجه فيها التحية إلى أرواح هؤلاء الشهداء، كما يستذكر بطولاتهم.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء»، ان الرئيس عون سيؤكد المضي في اجراء التحقيق لكشف ملابسات اختطاف العسكريين الشهداء، وحق الأهالي في معرفة الحقيقة، معلنة انه سيشدد على أهمية النصر الذي حققه الجيش اللبناني في معركته ضد الارهابيين.
عون: نهاية أزمات المنطقة
ونقل زوّار الرئيس عون عنه قوله لـ «اللواء» ان المرحلة المقبلة هي مرحلة نهاية أزمات المنطقة، الأمر الذي يرتد إيجاباً على لبنان.
ولفت هؤلاء الزوار إلى ان الرئيس عون مُصر على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، مؤكدين انه يولي اهتماما باستكمال استحقاقات مؤجلة خصوصاً بعد الارتياح الذي ساد جرّاء انتصار الجيش على تنظيم «داعش» الارهابي، وابرزها: التعيينات.
ولفت الرئيس عون استنادا إلى هؤلاء الزوار إلى انه يعلق أهمية على مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لإعادة حضور لبنان على الخارطة الدولية، وفهم منهم ان رئيس الجمهورية سيثير موضوع النازحين السوريين خلال هذه الزيارة كما انه سيطرح مشروع جعل بيروت مركزا لحوار الحضارات.
ولمس الزوار ارتياح الرئيس عون لمسار الأمور، لكنهم اشاروا إلى ان تركيزه الأكبر ينصب على معالجة المشاكل المرتبطة بالمواطنين، ومن هنا اتى كلامه عن أهمية إطلاق مشاريع تتصل بالكهرباء والمياه فضلاً عن معالجة أزمة زحمة السير لدى المواطنين. واكدوا انه يرغب في ان يُسجل لعهده إنجاز كل ما يتصل بحاجات النّاس.
وبعيد الاحتفال، من المتوقع ان تكون المحطة المقبلة في التحرّك الخارجي للرئيس الحريري موسكو، التي من المتوقع ان يصلها الاثنين في 11 الجاري على رأس وفد وزاري، يضم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسّان حاصباني، ووزراء المال والخارجية والداخلية والاقتصاد والإعلام والثقافة علي حسن خليل، جبران باسيل، نهاد المشنوق، ورائد الخوري وملحم رياشي وغطاس خوري.
وقال مصدر رسمي لـ «اللواء» ان المحادثات اللبنانية – الروسية ستؤدي إلى توقيع عدد من الاتفاقات بين الجانبين، تتناول مجالات الصحة والأمن والمال، والإعلام والثقافة والاقتصاد.
مجلس الوزراء
وسط هذه المعطيات تجاوز مجلس الوزراء قطوع تداعيات معركة الجرود، وكذلك الملفات السياسية والإدارية الساخنة، مع ان النقاشات اتسمت بالحدة في بعض الأحيان، ولكن من دون ان تصل إلى مستوى الصخب والسخونة، وساهمت مداخلة الرئيس الحريري، الذي رغب في ان يستهل بها الجلسة، في استيعاب الخلافات الوزارية والتي كشفت حجم التباعد الكبير في المواقف داخل الحكومة، مما يؤثر حتماً على استقرارها وعملها.
ونفت المصادر الوزارية ان يكون النقاش تطرق بشكل مباشر إلى موقف الوزير السعودي ثامر السبهان المتعلق بحزب الله، لكنها لاحظت ان كل ما قيل وأثير كان يتناول هذا الأمر بطريقة غير مباشرة، سواء من خلال الابتعاد عن سياسة النأي بالنفس، أو من خلال المطالبة بالحوار مع النظام السوري أو إظهار الجيش وكأنه لا يأتمر بالحكومة، أو من خلال التهجم على الدول الشقيقة والصديقة، من دون ان نتوقع ان يتم الرد علينا بالمثل، على حدّ تعبير الوزير مروان حمادة.
وشددت المصادر الوزارية، على انه بعد كل هذه النقاشات تمّ التأكيد على الالتزام بالبيان الوزاري، ومن خلاله التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس كلياً وليس جزئياً، وبشكل واضح، بمعنى انه ليس بالضرورة ان ندخل في مشاكل إقليمية، ونكون نحن لاعبين أساسيين، كما انه لا يجوز ان يجر مكون لبناني الحكومة إلى مكان يؤثر عليها، وتالياً على الاستقرار الحكومي والسياسي في لبنان.
وتبعاً لذلك، ارجأ مجلس الوزراء البحث في الملفات الخلافية، تلافياً لتوتر الأجواء الحكومية الملبدة اصلاً بفعل المواقف والسجالات المتبادلة بين بعض مكوناتها، فلم يبحث في ملف دفتر شروط استجرار الكهرباء بالبواخر، بسبب امتناع وزير الطاقة سيزار أبي خليل من عرض تقرير هيئة المناقصات في التفتيش المركزي وتقريره الشخصي، لكن نائب رئيس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني سأل وزير الطاقة عن كيفية معالجة مشكلة الكهرباء وقال: اننا لم نتفق على تجاوز ملاحظات ادارة المناقصات ويجب ان نطلع على تفاصيل الملاحظات وما يتضمنه دفتر الشروط الجديد، فرد ابي خليل ان ملاحظاتها تجاوزت استقلالية مؤسسة كهرباء لبنان وسنرد عليها، وعاد حاصباني للرد بانه لا يمكن لأي شخص ان يتجاوز قانون المحاسبة العمومية وطالب بتنفيذ الخطة الدائمة لمعامل الكهرباء لتوفير الطاقة على المواطنين بأسعار مخفضة. وتقرر معاودة البحث بالملف في جلسة لاحقة بعدما يكون وزير الطاقة قد أعد رده على تقرير ادارة المناقصات..
كما أرجأ المجلس ايضاً البت ببند تعيين خلف للمديرة العامة للتعاونيات في وزارة الزراعة غلوريا ابي زيد، بناء لطلب من وزير الزراعة غازي زعيتر. حيث ظهرت بوادر خلاف بينه وبين وزير الاشغال (المردة) يوسف فنيانوس الذي اعلن قبل الجلسة رفضه استبدال ابو زيد، خاصة بعدما تنامى اليه ان البديل هو مرشح من آل عون.
كذلك تلافى المجلس الدخول في سجال حول موضوع اتفاق ترحيل مسلحي «داعش» من جرود السلسلة الشرقية، بعدما اثاره في بداية الجلسة وزير «القوات اللبنانية» بيار بوعاصي، الذي طالب بتوضيح ما جرى لمجلس الوزراء وكيف تمت الصفقة وما هو دور مجلس الوزراء خاصة ان البيان الوازري اكد على سياسة النأي بالنفس، بينما نشهد مواقف واجراءت تأخذنا الى مواقع اخرى، ما يضطر الاخرين الى اتخاذ مواقف وقرارات اخرى ما ينعكس تضاربا في الموقف الحكومي..
وهنا تدخل الرئيس الحريري لمنع تفاقم النقاش وانفجاره، وقال: إنه بعد التثبت من ان الرفات التي وجدت في الجرود تعود لعناصر الجيش، انه يوم حزن وطني، ويجب أن تكون هذه المناسبة، مناسبة وحدة وطنية والا تتحول الى انقسام سياسي، داعيا الجميع الى الترفع الى مستوى شهادة ابطالنا العسكريين والابتعاد عن المزايدات السياسية الصغيرة.
وأضاف: منذ البداية انتهجنا سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان. وفي هذه اللحظة من مصلحة لبنان الابتعاد عن توتير الاجواء مع كل الاصدقاء وخصوصا الاشقاء، والبحث عن حماية مصلحة لبنان واللبنانيين. وشدد الرئيس الحريري على ان لبنان ليس جزءاً من اي محور، بل هو جزء فاعل من التحالف الدولي لمحاربة الارهاب ويقوم بدوره ويتحمل مسؤولياته في حماية شعبه وحدوده وسيادته من خلال قواه الامنية الذاتية.
وتحدث وزير الدفاع يعقوب الصراف بناء لسؤال وزراء «القوات» متمنياً عدم تضييع الفرحة بالنصر، ورد وزير «حزب الله» محمد فنيش مكتفياً بالدعوة الى مناقشة موضوع معركتي الجرود من اساسها وليس تناول نتائجها فقط، وقال: نحن جنّبنا لبنان مخاطر لا يجوز التغاضي عنها عند جيراننا في سوريا لأنها مخاطر على لبنان ايضاً، متسائلاً: هل كان المطلوب ان لا نحارب الارهاب؟
وقال الوزير حمادة: كلما خرجنا عن تحييد لبنان عن الصراعات وعن سياسة النأي بالنفس تكون الاكلاف كبيرة على لبنان على جميع الصعد.
ورفض وزير الداخلية نهاد المشنوق النقاش في مواضيع الاختلافات لأنها كبيرة وتؤثر على الحكومة.