أكد خبراء عسكريون إسرائيليون أن حكومة بنيامين نتنياهو بدأت عمليا تستعد للحرب على الحدود الشمالية بصفتها أمرا محتوما في “اليوم التالي للقضاء على داعش”، وأن تطور القوى العسكرية التابعة لإيران في سوريا ولبنان بات خطرا يستدعي ردا عاجلا.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الجيش بدأ اعتبارا من الثلاثاء إجراء أكبر مناورات منذ حوالي 20 عاما على طول الحدود مع لبنان للتحضير لسيناريو الغزو من قبل قوات حزب الله على الأراضي الشمالية لإسرائيل.
وأوضح مصدر في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن هذه المناورات ستتيح محاكاة “مختلف السيناريوهات التي يمكن أن نواجهها إذا ما خضنا نزاعا مع حزب الله”.
وهناك قناعة متزايدة لدى الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن أمن الدولة العبرية بات في خطر وأن على تل أبيب التحرك على كافة الأصعدة لمواجهة الخطر الذي يشكله وجود قوات إيرانية أو تابعة لها في سوريا، إضافة إلى الخطر العسكري الذي تمثله ترسانة حزب الله في لبنان.
ونقلت وكالات الأنباء عن مصدر عسكري أن هذه المناورات سيشارك فيها عشرات الآلاف من العسكريين، بمن فيهم جنود الاحتياط، إضافة إلى طائرات وسفن وغواصات.
ويعتبر مهند حاج علي مدير الاتصالات بمركز كارنيغي للشرق الأوسط، في تصريحات لـ”العرب” أن هذ المناورات “تدل على قناعة إسرائيلية بأن الحرب مع لبنان على الطاولة، وهي حتمية حتى إن لم تكن وشيكة. وهذه وجهة نظر تُعبر عنها قوات اليونيفيل والدول الراعية لها في الاجتماعات المغلقة”.
وسوف تشارك في المناورات نظم من الأسلحة المتطورة، بما في ذلك أنظمة الدفاع الصاروخي المتعددة الطبقات في إسرائيل.
وأكدت مصادر الجيش الإسرائيلي أنه تم التخطيط لهذه المناورات قبل عام تقريبا برعاية رئيس الأركان جادي إيزنكوت عندما تولى منصبه في عام 2015، علما بأن آخر مناورات عسكرية بهذه الضخامة تعود إلى العام 1998 عندما أجرى الجيش الإسرائيلي محاكاة لحرب مع سوريا.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، الإثنين، عن مسؤول عسكري إسرائيلي أن التدريبات سوف تستمر لمدة 11 يوما من 4 إلى 14 من الشهر الجاري.
مهند حاج علي: المناورات الإسرائيلية استعداد حقيقي للمواجهة المقبلة، وهي أكثر من رسالة
ويقول حاج علي إن المناورات هي أكثر من رسالة، بل ربما التزام بالسياسة العدوانية الإسرائيلية المعهودة، على الرغم من أنه من الصعب أن نرى حزب الله يطلق العنان لحرب معها، نظرا إلى انشغاله في سوريا”.
وكان وفد أمني عسكري إسرائيلي يقوده رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) يوسي كوهين قد زار الولايات المتحدة منتصف الشهر الماضي، والتقى بالمسؤولين الأميركيين لمناقشة الترتيبات التي تعد في سوريا ومستقبل الوجود الإيراني في هذا البلد.
وزار رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على رأس وفد إسرائيلي موسكو لنفس السبب والتقى في 23 من الشهر الماضي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقد نقلت الصحف الإسرائيلية أنباء تتحدث عن فشل الوفود الإسرائيلية إلى واشنطن وموسكو في الحصول على أجوبة مقنعة تطمئن الطرف الإسرائيلي.
غير أن خبراء غربيين في شؤون الشرق الأوسط لفتوا إلى أن تركيز الصحافة الإسرائيلية على فشل مهمة الوفود الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة قد يراد منه تبرير قيام تل أبيب برد عسكري إسرائيلي يخفف الأخطار التي قد تتيحها الترتيبات الدولية في سوريا.
وحول سيناريوهات أي مواجهة والتسويق الإعلامي الذي يمارسه حزب الله، يرى مهند حاج علي أن “حزب اليوم أقوى عسكريا وسياسيا مما كان عليه عام 2006 وإمكاناته الصاروخية تضاعفت، وكذا خبرة مقاتليه، لكن بالوقت ذاته، إسرائيل تغيرت أيضا، وباتت قادرة على إسقاط الصواريخ المتوسطة المدى ومنعها من استهداف مدن الداخل. وهذه القدرة تتزايد ولا تتناقص. لذا فإن التسويق الإعلامي ليس بمحله كونه يزيد التوتر مع دولة تملك قدرة هائلة على التدمير، وتتمتع بدعم دولي منقطع النظير”.
ويتساءل حاج علي “ماذا سيكسب الحزب من حرب جديدة تُدمر ما تبقى من الاقتصاد اللبناني المتداعي أصلا؟”، مضيفا “لن تُحقق مثل هذه المواجهة له أي نتائج، بل ستُسرع في انهيار ما تبقى من الكيان اللبناني”.