فيما تفاعلت تغريدة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان التي وصف فيها «حزب الله»بـ»حزب الشيطان»، داعياً اللبنانيين الى «الاختيار بين أن يكونوا معه او ضده»، وأثارت التباساً حول حقيقة الموقف السعودي خصوصاً بعد الحديث عن تقارب بين الرياض وطهران، إستتبع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير هذه التغريدة بهجوم على ايران إتهمها فيه بـ»زعزعة استقرار المنطقة من خلال «حزب الله» والهجمات الإرهابية»، ما أزال هذا الالتباس والغموض. إذ وصف الجبير تصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأخيرة عن التقارب بين الرياض وطهران بأنها «مثيرة للسخرية»، وقال: «إذا أرادت إيران تحسين علاقتها بالسعودية عليها وقف الإرهاب والتدخلات»، مشيراً إلى أنّ «قياديين من «القاعدة» في إيران أعطوا أوامر بتنفيذ هجمات في السعودية». واضاف: «لا نرى أي جدية من إيران في الحوار والتعاون الديبلوماسي». وأوضح أنّ «الحرب في اليمن لم نخترها، بل فُرِضَت علينا».
واللافت أنّ المواقف السعودية الجديدة أحدثت بلبلة حول الموقف السعودي ليس حيال الوضع اللبناني فحسب، بل حيال ما قيل عن تقارب سعودي ـ ايراني أخيراً، فجاءت نقيض هذه الاجواء ووضعت حداً لِما قيل عن تقارب.

وأشار مراقبون الى انّ تغريدة الوزير السبهان قد أحدثت التباساً. وقالوا لـ«الجمهورية»: «صحيح انها تغريدة وليست بياناً رسمياً، وانها جاءت في سطر ونصف سطر، لكنّ مصدرها هو وزير مكلّف الشؤون الخليجية ومكلّف خصوصاً الشأن اللبناني، حيث كان السبهان في مهمة في لبنان منذ نحو عشرة ايام».

لكنّ هذا الامر له انعكاساته الداخلية، إذ اعتبرت بعض المصادر المطّلعة انه لا يجوز التوقف كثيراً عند تغريدة السبهان «لأنها مجرد جرعة دعم لأصدقاء السعودية في لبنان الذين شعروا بالاحباط في الفترة الاخيرة».

في حين انّ مصادر اخرى مطّلعة على حيثيات الداخل السعودي رأت في هذه التغريدة «رسالة مباشرة الى رئيس الحكومة سعد الحريري لكي يعيد النظر في مواقفه التسووية، سواء كانت سياسية او امنية او حتى اقتصادية مع فريق 8 آذار وخصوصاً مع «حزب الله» بعد الذي حصل في عرسال».

وقالت مصادر سياسية معارضة لـ«الجمهورية» انّ كلام السبهان «لم يأت من فراغ، بل أتى للقول إنّ تمادي ايران في بسط نفوذها على لبنان بدأ يزعج السعودية. وبالتالي، على لبنان الاختيار بين ان يكون جزءاً من النفوذ الايراني في المنطقة وبين ان يكون على تفاهم مع نظام المصلحة العربية، وأهمّ ما في كلام السبهان انّ مرحلة السماح التي كانت قائمة من خلال المساكنة بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» في حكومة واحدة قد تكون انتهت، ما طرح السؤال حول إمكانية استمرار هذه الحكومة.

«المستقبل»

من جهتها، أدرجت مصادر «المستقبل» في حديثها لـ«الجمهورية» كلام السبهان «في إطار الرد على عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي الذي هاجم النظام السعودي واتهمه بـ«ارتكاب المجازر في اليمن» ودعا «العالم المتحضّر إلى محاكمة آل سعود».

فردّ عليه السبهان متّهماً «حزب الله» بـ«ارتكاب جرائم لا إنسانية في أمّتنا»، ومؤكداً «انّ دماء العرب غالية». وبالتالي، تضيف المصادر، لا يستطيع الحزب ان يعتقد انّ في إمكانه المسّ بدولة كبرى مثل المملكة العربية السعودية من دون أن يأتيه الرد المناسب».

وإذ ذكّرت المصادر «أنّ «المستقبل» لم يتوقف عن تحذير «حزب الله» من مخاطر تعريضه مصالح لبنان العربية لخَضّات ومخاطر»، كررت التأكيد «أنّ مصلحة لبنان تكمن في عدم الدخول في متاهات كهذه».

واشارت الى «انّ التسوية التي أجراها «المستقبل» هي مع الرئيس ميشال عون، وهي مستمرة وليس هناك اي إشكالية فيها، لكننا منذ اللحظة الاولى في خلاف مع «حزب الله» حول هذه النقطة، ونكرر قولنا له كفى رَمينا في مواقف تعرّض مصلحة لبنان للخطر، فلا مصلحة لنا في توتير العلاقات العربية، ونقطة على السطر». واكدت المصادر «انّ الحكومة باقية ومستمرة طالما هي تحظى بثقة المجلس النيابي» .

بري

وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس: «لا خوف على الحكومة، شو بدنا أحسن من هيك حكومة !!». وعلّق على التطورات الاقليمية والدولية الجارية، فقال: «إنتظروا حرباً باردة طويلة الامد أميركية ـ روسية ـ كورية حامية على الآخر من «ابو علي يونغ».

وعن قانون الضرائب المطعون به، قال بري: «نحن في انتظار قرار المجلس الدستوري في شأن قانون الضرائب، ويستطيع المجلس أن يُبطل القانون كله، او يطلب إبطال مواد فيه ويعتبرها مخالفة، او يطلب تعديل مواد أخرى. وبناء على ما يقرره المجلس الدستوري يأتي عمل المجلس النيابي في مقاربة المواد المعنية بما تَطلّبَته».

وعن الانتخابات الفرعية، قال بري: «رحمة الله عليها، وأنوّه بما قاله العميد شامل روكز في مقابلته التلفزيونية بضرورة إجراء هذه الانتخابات». واضاف: «لا خوف على الانتخابات النيابية المقبلة، وأكرر القول انهم اذا ما أرادوا ان يحصل انقلاب في البلد، فليعطّلوا الانتخابات».

ويترأس بري اليوم اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس لتحديد موعد جديد للجلسة التشريعية خلال النصف الثاني من الشهر الجاري، بسبب سفر الحريري الى موسكو في 11 من الجاري يرافقه وزراء.

البواخر

من جهة ثانية تستعد الاوساط السياسية والوزارية لاشتباك جديد حول بواخر الكهرباء ربطاً بتقرير دائرة المناقصات الثاني، والذي وجد في المناقصة ثغرات ومخالفات.

وعلمت «الجمهورية» انّ مشاورات سياسية ووزارية ونيابية جَرت في الساعات الماضية حول هذا الموضوع وتنسيق المواقف عشيّة جلسة مجلس الوزراء غداً، إذا ما طرح الملف.

وقال بري لـ«الجمهورية» عن مصير هذه الصفقة: عندما نتسلّم تقرير إدارة المناقصات نقول كلمتنا، ونبني على الشيء مقتضاه».

واستغربت مصادر وزارية إصرار وزير الطاقة سيزار ابي خليل على انتقاد تقرير ادارة المناقصات والقول انه لا يلزمه. فيما قالت مصادر معنية مباشرة بالملف لـ«الجمهورية»: صحيح أنّ ملاحظات إدارة المناقصات غير ملزمة للإدارة المعنية ولكنّ الاخيرة مُلزمة بإعلام إدارة المناقصات بالنتيجة التي اقترنت بها خلال خمسة أيام من تبلّغها، أي ملزمة بتوضيح أسباب الأخذ أو عدم الأخذ بهذه الملاحظات إستناداً للمادة 18 من نظام المناقصات.

كما أنه وفقاً لأحكام قانون المحاسبة العمومية، يعود لإدارة المناقصات فقط إطلاق المناقصة وتحديد مدة إعلانها، ومهلة تقديم العروض وتقييمها. وبحسب المصادر، فإنّ المادة 125 من قانون المحاسبة العمومية تقضي بأن يوضع دفتر شروط خاص لكلّ صفقة، وهي من يحدّد ماهية المشروع المطلوب تنفيذه وأهميته ومواصفاته وحجمه، وكذلك تحديد شروط الإشتراك في الصفقة.

وقالت إنّ موضوع مناقصة معامل الذوق والجيّه ودير عمار يختلف في نوعه وحجمه ومواصفاته عن موضوع صفقة البواخر، ولهذه الاسباب أبرمت وزارة الطاقة عام 2012 صفقة البواخر بدفتر شروط خاص بها وبطريقة منفصلة.

بالإضافة إلى اختلاف طريقة التمويل. فهل يمكن وضع دفتر شروط خاص ينطبق على هاتين الصفقتين معاً؟ الجواب عن هذا السؤال هو الذي يحدد مستوى الإلمام التقني بالموضوع.

واستغربت المصادر انتقاد وزير الطاقة لتقرير إدارة المناقصات من دون التعمّق فيه، والذي يلحظ أنّ دفتر الشروط المُستنسخ من دفتر المعامل الثابتة لعام 2012 هو الذي يحتوي على متناقضات بدءاً من عنوانه «تسليم مفتاح» الذي لا ينطبق على مضمونه، وصولاً إلى من يتحمّل الضريبة على القيمة المضافة، واشتراط خبرة عشر سنوات مرة، وخمس سنوات مرة أخرى للموضوع نفسه. تماماً كما تضمين مشروع العقد نصوصاً ضريبية ملتبسة، فيما يقتضي الإحالة إلى القوانين الضريبية ذات الصلة من دون سواها.

واكدت المصادر «أنّ عدم الإحاطة التقنية بالموضوع ظاهرة للعيان في دفتر الشروط الخاص بهذه الصفقة، من خلال إعطاء مهلة 3 و6 أشهر لإنشاء معامل ثابتة أو عائمة بطاقة 400 ميغاوات، ثم إنّ المعايير التي سمّيت اختيارية تبيّن خلال التدقيق أنها إلزامية كدليل آخر على مدى إتقان الخبرة في هذا المجال».

واعتبرت «انّ كلام وزير الطاقة عن سوء نية وتدخلات، لا ينطبق على عمل مؤسسة رقابية وطنية إسمها إدارة المناقصات، وليست «موظفاً أو دائرة»، أثبتت أنها تعمل بتقنية وموضوعية وحيادية، خصوصاً في هذه الصفقة بالذات، ولو كانت إدارة المناقصات تعمل بغير خلفية ونهج القانون، لأطلقت هذه الصفقة منذ زمن بعيد.

ووجّهت المصادر سؤالاً مباشراً لوزير الطاقة: لماذا تجاهل الملاحظات على مشروع العقد المرفق، ومنها ذكر دولة «تركيا» بالذات، وتغليب مصالح الشركة على مصلحة الدولة، وتجريدها من سلطاتها وامتيازاتها، وفرض غرامات بملايين الدولارات عليها، بالإضافة إلى دفع فواتير بلا حسومات خلافاً لأحكام قانون المحاسبة العمومية؟