مع تصاعد التّحذيرات من مصاعب اقتصادية تنتظر البلد بعد إقرار سلسلة الرواتب وقانون الضرائب، وصلت عند بعض الخبراء والاقتصاديّين للتّهويل بكوارث تصل إلى حدود الافلاس، استبشر اللبنانيون هذه الأيام خيراً بعد إعلان الوزير جبران باسيل رفع السرية المصرفية عن حساباته لبعض وسائل الإعلام، وهذا ربما يُساهم في خفض المديونية السنوية للخزينة، ويساهم طبعاً بالحدّ من الهدر والفساد في الإدارات العامة، ويُفعّل عمل أجهزة التحصيل المالي، ويُسهّل عمل أجهزة المراقبة والمحاسبة.
إقرأ أيضا : جبران باسيل: من إختار أن يكون خارج الورشة الوطنية فهذا خياره
لتكتمل البُشرى، الوزير باسيل سيسير على خُطى الحكام الصالحين، وسيتنازل عن المخصصات والعلاوات والنفقات غير المُجدية، سيتنازل عن كثير من المصاريف النثرية ونفقات السفر إلى الأميركيّتين لحثّ مواطني تلك الدول على استعادة الجنسية اللبنانية المفقودة.
سيقتدي معالي الوزير بسيرة العُمرين: عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز، ذلك أنّ هذا الأخير كان لا يأخذ من بيت المال شيئاً، ولا يُجري على نفسه من الفيئ درهماً، وكان عمر بن الخطاب يُجري على نفسه من ذلك درهمين كل يوم؛ فقيل لعمر بن عبدالعزيز : " لو أخذت ما كان يأخذ عمر بن الخطاب؟" فقال: " إنّ عمر بن الخطاب لم يكن له مال، وأنا مالي يُغنيني، ومات وترك أولاده في عُسرٍ من أمرهم."
إقرأ أيضا : عبقرية جبران باسيل !!
ولا يعجبنّ أحدٌ بعد فترة قصيرة، عندما ينفضُّ معظم المستشارين والمرافقين والسّائقين والخدم والعسس من حول الوزير، بعد أن قرّر معالي الوزير أن يقتدي بخليفة المسلمين عمر بن الخطاب، وخاصةً بعدما اطّلع على ما دار بين الخليفة وغُلامٍ عنده يقالُ له درهم يحتطب له؛ فقال له يوماً: " ما يقول الناسُ يا درهم؟" قال:" وما يقولون؟ الناس كلهم بخير، وأنا وأنت بشر!" قال عمر:" وكيف ذلك؟ " قال: " إنّي عهدتُك قبل الخلافة عطراً، لبّاساً، فاره المركب، طيّب الطعام؛ فلمّا وليت رجوتُ أن أستريح وأتخلّص ، فزاد عملي شدّة، وصرت أنت في بلاء!" قال:" فأنت حُرّ، فاذهب عنّي ودعني وما أنا فيه، حتى يجعل الله لي منه مخرجاً."
تُرى هل تسلك حاشية الرئيس مسالك الوزير باسيل الوعرة، فيكون العهد عهد إصلاحٍ وتغيير بالفعل، لا بالقول والبهرجات والامعان في مسيرة الهدر والفساد، والتي باتت كأنّها قدرٌ محتوم ومُعلّق في رقاب اللبنانيين الصابرين الغافلين.