لم يكن التكريم الذي حظي به رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في قصر الإليزيه مجرّد حفاوة بروتوكولية اقتصرت على استقبال حارّ من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومؤتمر صحافي مشترك، كما جرى مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب؛ وإنما عَكَس نجاحاً للزيارة بكل أهدافها، وقد حصدت دفعاً فرنسياً لعقد ثلاثة مؤتمرات: الأول لدعم الاستثمار في لبنان وقد أشار إليه بعض معاوني ماكرون باسم «باريس 4»، والثاني يُعنى بالنازحين السوريين، والثالث «روما 2» لمجموعة الدعم الدولية للبنان والمخصّص لدعم الجيش والقوى الأمنية اللبنانية.

والمعلوم أن مؤتمر «باريس 3» عُقد العام 2007 برئاسة الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، وشارك فيه 35 دولة بالإضافة إلى عدد كبير من المؤسسات المالية الدولية ومنها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وجرى خلاله إقرار خطة إصلاحية تُنفَّذ خلال خمسة أعوام تتضمن مساعدات مالية ومنحاً وقروضاً بشروط 

ميسّرة وعروضاً للتمويل والإسهام في تنفيذ مشروعات محدّدة. ويأتي إحياء الرئيس الحريري لمؤتمر «باريس 4» وإطلاقه مع الرئيس ماكرون، بعد عشر سنوات من الركود المالي.

وإذا كان مؤتمر «باريس 4» ومؤتمر «روما 2» سيُعقدان في النصف الأول من العام 2018، كما قال الرئيس الفرنسي، فإن مؤتمر النازحين يحتاج إلى اتصالات شرعت الديبلوماسية الفرنسية بإجرائها لتحديد موعد انعقاده وجدول أعماله والخطط الآيلة إلى عودة النازحين السوريين إلى بلادهم.

وأوضح مصدر في الوفد اللبناني إلى باريس لـ»المستقبل» أن هذا المؤتمر سيضم ممثلين عن كل دول النزوح بالإضافة إلى الدول الكبرى والمؤسسات الدولية القادرة على توفير الظروف اللازمة لـ»عودة آمنة» للنازحين.

أضاف ان عقد هذا المؤتمر جاء بناء على اقتراح لبناني وفرنسا تلقّفت هذا الاقتراح والتزمت بالسعي إلى تحقيقه بالتكامل مع حل سياسي في سوريا، وأكد أن أهمية هذا المؤتمر تكمن في أنه يعني كل الدول المضيفة للنازحين لأن الأزمة ليست لبنانية وحسب وإنما تعني دولاً أخرى عديدة، ما يفترض إطاراً أكبر للحلّ يرعاه المجتمع الدولي.

وكان الرئيس ماكرون أجرى مع الرئيس الحريري محادثات مطوّلة تناولت وضع المنطقة وتداعيات ملف النازحين وسبل مساعدة لبنان لمواجهة هذه الأزمة والنهوض باقتصاده. وكشف الرئيس الفرنسي خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع رئيس الحكومة اللبنانية أنه تقرّر عقد مؤتمرَين في فرنسا «خلال النصف الأول من العام المقبل لدعم الاقتصاد اللبناني وبحث مسألة النازحين السوريين».

وقال ماكرون للحريري: «أؤكد لكم دولة الرئيس أن فرنسا ستستمر بالطبع بالوقوف إلى جانب لبنان وسنتابع هذا التعاون خلال زيارة الدولة التي سيقوم بها الرئيس اللبناني ميشال عون إلى باريس خلال أسابيع». 

وأشاد الرئيس الفرنسي بالتحوّلات التي شهدها لبنان منذ انتخاب العماد عون رئيساً وصولاً إلى الانتخابات النيابية العتيدة ودور الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب.

أما الرئيس الحريري فأكد من جهته «ان النهج الذي سنتبعه في ملف النازحين هو نهج علمي حول سبل حلّ المشكلة والعمل على إيجاد حلول حقيقية بالنسبة إلى مؤتمر المستثمرين ومؤتمر عودة النازحين».