سنة 1987 رجعت من ايران بعدما قضيت فيها 7 سنوات بدراسة العلوم الدينية إلى بلدتي الجنوبية كفرصير وتفرغت بها لإمامة مسجد من مساجدها ذات يوم دعوت الله تعالى في قنوت الصلاة وأنا في محراب المسجد إماماً لجماعة المصلين دعوت الله تعالى ( أن يُهْلِكَ اليهود والنصارى ( المسيحيين ) وينصرنا عليهم ) ! وبعدما فرغت من الصلاة جلس أمامي عمي الطاهر الطيب المحسن مؤذن الضيعة الحاج محمود مشيمش رضوان الله عليه واعترض على دعائي بقوله :
" يا ولدي ...
أولاً :
نحن لسنا أعداء اليهود نحن أعداء الصهاينة وشتان بين اليهود والصهاينة ليس كل يهودي صهيونيا .
إقرأ أيضا : لماذا يضع اليهودي الطاقية الصغيرة على رأسه ؟
ثانياً : ونحن نعيش في لبنان في ظل معاهدة بين المسلمين والمسيحيين اتفقنا فيها على العيش تحت وصاية دولة تقوم على دستور وقانون ويجب شرعا أن نلتزم بالمعاهدة لأن ديننا يقدس المعاهدات والمواثيق فالدعاء عليهم يتناقض مع المعاهدة .
ثالثا :
يا ولدي نحن نستورد أدويتنا وأكثر احتياجاتنا ومستلزمات الحياة الضرورية والكمالية من بلاد المسيحيين في الغرب حياتنا باتت متوقفة على صناعاتهم في كل جوانب حياتنا فإذا دعونا الله عليهم واستجاب دعاءنا فالكارثة سوف تحل علينا كما تحل عليهم !
رابعا :
يا ولدي الدعاء على غير المسلمين جائز ومباح حينما يكونوا ظالمين وعدوانيين وجائز أيضا على المسلمين حينما يكونوا ظالمين وعدوانيين ألم يأمرنا الله تعالى في كتابه الكريم أن نتعامل بالبر والقسط مع غير المسلمين الذين يريدون العيش معنا بسلام ؟
{ لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ - ( لا ينهاكم ) - أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }.
إقرأ أيضا : لا يفهمون من الحرية سوى حرية الجنس
فهل من البر والقسط أن تدعو على المسيحيين الذين تعاهدنا معهم لكي نعيش واياهم بسلام في ظل دولة القانون والدستور ؟
قبلت عمي بجبينه الطاهر تعبيراً عن إعجابي بكلامه الذي استوطن عقلي منذ تلك اللحظة وحتى يومي هذا وقلت له لقد انطبق علي قول الإمام علي (ع) :
[ رُبَّ عالم قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه ].
عمي الحبيب رحمك الله أنتم السابقون ونحن اللاحقون فإنَّا لا نلبث بعدكم إلا قليلاً.