من خلف الموجبات التي أمْلتْ على حزب الله الإنتقال إلى خطوط الدفاع السياسي والتبرير للمسار الذي أنهى المعركة ضدّ داعش على الحدود اللبنانية – السورية بتوفير "ممرّ آمن" لإنتقال مسلّحي داعش إلى دير الزور، فإن هذا الأمر لم يحجب الاتجاه الواضح لدى الحزب للتعاطي مع مغازي إنهاء أي وجود للجماعات الإرهابية على طول هذه الحدود على أنه انتصار لـ"محور المقاومة"، مع سعيٍ للبناء على هذا المعطى الاستراتيجي داخلياً وإقليمياً.
 
ترى أوساط سياسية مطلعة أن العنوان السوري يرجّح أن يكون في صدارة المشهد اللبناني في الفترة المقبلة وسط رغبة من "حزب الله" وحلفائه في استثمار ما اعتبره انتصاراً لمحوره في الدفع نحو تطبيع العلاقة بين لبنان الرسمي ونظام الأسد.
 
حسب هذه الأوساط، كان لافتاً تعمُّد امين عام حزب الله حسن نصر الله في خطاب التحرير الثاني، تبرير الصفقة غير المسبوقة مع "داعش" بأنها أتتْ تحت ضغط الحاجة إلى بتّ مصير العسكريين اللبنانيين التسعة الذين كان أسَرهم التنظيم الإرهابي العام 2014، ملاحِظة في الوقت نفسه أنه قام بـ "تجيير" كشْف مصير هؤلاء الى الرئيس السوري بشار الأسد الذي تَقبّل "حرَج" الموافقة على الصفقة من أجل لبنان "بعدما زرتُه في الشام وطلبتُ منه ذلك"، حسب ما قال نصرالله.
 
واعتبرت الأوساط نفسها أنه من خلف الحرص الذي أبداه نصرالله على التهدئة الداخلية والحفاظ على الحكومة، فإنه أعطى إشارة واضحة الى وجوب استعادة العلاقات مع النظام السوري ولو من باب "كي لا يَظهر لاحقاً بأننا ملحقون أو تابعون ونلحق غيرنا، الذين (فتحوا) على النظام"، لافتة الى ان كلام الأمين العام لـ "حزب الله" يلاقي ما كان دعا إليه حليفه في "الثنائي الشيعي" رئيس البرلمان نبيه بري في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر الأربعاء الماضي.