وصف مصدر فرنسي مطلع على محادثات رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري مع كل من نظيره الفرنسي أدوار فيليب ووزير الخارجية جان إيف لودريان ووزير الاقتصاد والمال برونو لومير، بأنها كانت بالغة الود والترحيب الفرنسي بالجانب اللبناني. ووجه الحريري دعوة رسمية لفيليب إلى زيارة لبنان فقبلها قائلاً إنه كان منذ زمن يتوق إلى زيارته، خصوصاً أن بديله في بلدية مدينة لوهافر، وهو طبيب من أصل لبناني، كان دائماً يدعوه إلى لبنان.
وتابع المصدر أن فيليب سأل الحريري عن رؤيته للبنان بعد الحرب على «داعش» في سورية. وقال الحريري لنظيره الفرنسي إن اللاجئين السوريين لن يعودوا إلى سورية إذا لم يكن هناك حل سياسي وإن بقاء الرئيس بشار الأسد لا يمكنه إلا أن يكون مرحلياً. وتحدث الحريري مع فيليب عن خطة إعادة تأهيل البنية التحتية في لبنان التي ستتيح زيادة النمو، ما يساعد لبنان على تحمل أعباء وجود اللاجئين السوريين.
وتناولت محادثات الحريري مع كل من لودريان ولومير المساعدات التي يمكن أن تقدمها فرنسا وأوروبا إلى لبنان، على أن تكون عبر صندوق أوروبي لدول الجوار لتمويل خطة إعادة تأهيل البنية التحتية. ووعد لودريان الحريري بالمساعدة عبر الاتحاد الأوروبي. وتطرق لودريان مع الحريري إلى موضوع الهبة العسكرية السعودية للبنان، واتفق الجانبان على التواصل مع القيادة السعودية في هذا الشأن.
< أجرى الرئيس الحريري أمس محادثات مع رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب تناولت آخر المستجدات والأوضاع في لبنان والمنطقة، لا سيما ما يجري في سورية وانعكاساته على الأوضاع الداخلية.
وكان الحريري وصل إلى قصر ماتينيون الثانية بعد الظهر واستقبله نظيره الفرنسي. وبعدما أدت له التحية ثلة من حرس الشرف عقد اجتماع موسع حضره القائم بأعمال السفارة اللبنانية في فرنسا غدي خوري ومستشار الحريري للشؤون الأوروبية بازيل يارد، ونادر الحريري، وعن الجانب الفرنسي السفير الفرنسي لدى لبنان برونو فوشيه والمستشار الديبلوماسي لرئيس الوزراء إيمانويل لونان ومدير دائرة أفريقيا والشرق الأوسط جيروم بونافون ومدير مكتب رئيس الوزراء للشؤون العسكرية الجنرال بونوا دوريو. ثم عقدت خلوة بينهما تحدث على اثرها الحريري إلى الصحافيين فقال: «أتيت إلى فرنسا لكي أشرح الوضع في لبنان، ونحن بالتأكيد فخورون جداً بما حققه الجيش اللبناني من انتصارات في البقاع وهذا الأمر يساعد لبنان كي يؤكد أن الدولة والحكومة تقومان بواجبهما. كما جئت لأشرح الوضع المتعلق بالنازحين السوريين وما هي طريقة معالجة هذا الموضوع في شكل يفيد لبنان والنازحين أيضاً. وبالنسبة إلينا الحل هو في عودتهم الآمنة إلى سورية وهذا أمر مهم جداً، وكذلك تناولنا الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها لبنان.
كل هذه الأمور ناقشناها مع الحكومة الفرنسية وإن شاء الله التقي غداً (اليوم) الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونتوسع أكثر في بحث المواضيع المطروحة».
وعن مساعدات جديدة للجيش اللبناني، أجاب: «نحن نعمل على هذا الموضوع وإن شاء الله سننجز هذه الأمور».
وتمنى الحريري أن «يكون هذا العيد عيداً لكل اللبنانيين، بخاصة أن لبنان مر بأوقات صعبة جداً خلال الأسابيع الماضية وقد استشهد جنود لبنانيون خلال الحرب ضد داعش وأعتقد أن المهم هو أن الجيش اللبناني تمكن من النجاح في هذه الحرب وجميع اللبنانيين فخورون جداً بجيشهم ونحن كلبنانيين علينا دائماً العمل من أجل الدولة اللبنانية وتقويتها، وأعتقد أننا حققنا الكثير من النجاحات لغاية الآن ولكن ما زال هناك الكثير من العمل لإنجازه».
قيل له: «هناك انقسام في لبنان حول نتائج معارك الجرود وإعلان السيد حسن نصرالله النصر وليس الدولة اللبنانية، وحول ما إذا كان يجب أن تمر قافلة مسلحي داعش أم لا؟ ما هو موقفك كرئيس حكومة من كل هذا الأمر وهل صحيح أن الرئيس ميشال عون طلب منك أن تترك كل هذا الموضوع لحزب الله»؟ أجاب: «الدولة هي الدولة وهي التي أنجزت هذا الانتصار والجيش اللبناني قدم ضحايا وعثر على جثث المخطوفين الذين كانت نهايتهم مأسوية بالنسبة إلى أهلهم وإلى جميع اللبنانيين وبرأيي أن اللبنانيين غير منقسمين، وهناك محاولة لاستغلال البعض لهذا الانتصار ولكن كما كنت أقول وكما كان الوالد يقول أن لا أحد أكبر من بلده. لبنان هو الذي انتصر وربح والشعب اللبناني والجيش اللبناني هما اللذان ربحا وعندما ينتصر لبنان فهذا يعني أن كل اللبنانيين انتصروا».
وعما إذا كان سيستمر بطلب الدعم الاقتصادي للنازحين من دون العمل على تسريع عودتهم؟ أجاب: «هذا أول ما قلته ونحن مع عودتهم الآمنة، وأود أن أقول أمراً من هنا، هناك دول لديها علاقات مع النظام ومع ذلك لم يعد النازحون إلى بلادهم منها، لذلك الحل هو في عودتهم آمنين، فالعراق مثلاً أليست لديه علاقات مع النظام السوري؟ ألا يوجد فيه نازحون؟ لماذا لم يعودوا؟ فلنسال هذا السؤال وأنتم تعلمون أنه في نهاية المطاف فان العودة الآمنة هي في أن يعود النازحون إلى مكان يشعرون فيه أنهم آمنون ونقطة على السطر».
وكان الحريري التقى في دارته في باريس وزير الخارجية والشؤون الأوروبية الفرنسي جان إيف لودريان وتم عرض التطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
لطي صفحات التجاذب والخلاف
وكان الحريري هنأ في بيان «اللبنانيين عموماً والمسلمين والعرب خصوصاً بحلول عيد الأضحى المبارك»، آملاً بأن «تحل الأعياد المقبلة وقد انقشعت الغمامة السوداء التي تلف العديد من البلدان العربية الشقيقة». وقال: «كادت فرحة العيد تكتمل هذا العام مع الانتصار الذي حققه الجيش اللبناني على التنظيمات الإرهابية ونجاحه في طرد فلولها من البقاع، لو لم تترافق مع أجواء الحزن التي خيمت على وطننا جراء الإعلان عن استشهاد العسكريين المخطوفين، الذين افتدوا بأرواحهم مع رفاقهم الشهداء كرامة لبنان وسلامة أبنائه».
وأضاف: «كلنا أمل بأن يشكل العيد مناسبة لطي صفحات التجاذب والخلاف من حياة وطننا وتكون عبرة لنا جميعاً لتجنّب عوامل الانقسام والتباعد والعمل على تحقيق تطلعات اللبنانيين بالتلاقي والنهوض نحو غد أفضل».
رسالة ماكرون لحمادة: يمكن لبنان الاتكال على دعمنا
بيروت - "الحياة" - تلقى وزير التربية اللبناني مروان حمادة رسالة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جواباً عن رسالة تهنئة وجهها إليه لمناسبة انتخابه، أكد فيها «إمكان العمل المشترك لتقوية العلاقات على كل المستويات»، مشيراً إلى أن «الشعب اللبناني واجه الإرهاب بكل شجاعة نتيجة للحرب الدائرة في سورية»، ولفت إلى أن «لبنان يمكن أن يتكل على الدعم الفرنسي للحفاظ على سيادته ووحدته وأمنه واستقراره». وشدد على أن «فرنسا سوف تتابع التعاون الوثيق مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية، كما ستحافظ على حضورها من خلال القوات الدولية لجهة السهر على قرارات المجتمع الدولي في شأن لبنان الذي يتحمل أعباء استقبال أكثر من مليون نازح سوري ويقدم لهم التعليم، وهذا هو العلاج الأفضل للأصولية والتعصب».
وأكد ماكرون «الصداقة العميقة والتعاون الذي يجمع البلدين خصوصاً في مجال التعليم، إذ إن أكثر من نصف التلامذة في لبنان يتابعون الدراسة باللغتين العربية والفرنسية، كما أن الوجهة المفضلة لدى الطلاب اللبنانيين هي للدراسة في الجامعات الفرنسية، وهذا تعبير صادق عن الإرادة المشتركة في الحفاظ على القيم العالمية التي تجمع الشعبين، وهي قيم الحرية والإنسانية والانفتاح».