"#foodporn (بورنو الطعام)، هاشتاغ يصعب تجاهله على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً إنستغرام. يقترن هذا الوسم عادةً بصور وفيديوات لأطباق شهية، توحي زاوية التقاطها الجميلة وألوانها الفاتحة والإضاءة القوية بأنّها لذيذة حقاً. في السنوات الأخيرة، صار هذا النوع من الصور جزءاً أساسياً من المواد المنشورة عبر السوشال ميديا، سواءً من قبل محترفي طهي وتصوير ونقد أو على يد هواة في المجالين وأشخاص عاديين.
لكن عبارة foodporn التي تحتل مساحة واسعة من العالم الافتراضي حالياً ليست جديدة إطلاقاً، إذ تعود أصولها إلى كتاب Female Desire لروزاليند كوارد. في هذا العمل الصادر عام 1984، تشير الصحافية والأكاديمية النسوية البريطانية بهاتين الكلمتين إلى صور أطباق مقدّمة بطريقة جذّابة وصحيحة، تجعل محتوى اللقطات يبدو مثيراً ويعطي انطباعاً بأنّه "يمكن أن يحل محل الجنس". هذا ما أشارت إليه أليسون كوغيل في مقال نشرته العام الماضي في النسخة الشرق أوسطية من مجلة Entrepreneur الأميركية. وتوضح كوارد في كتابها أنّ "الطبخ وتقديم المأكولات بشكل جميل وسيلة تعبير عن المودّة والرغبة في إمتاع الآخرين. بورنوغرافيا الطعام تخدم هذا المعنى". لكن يبدو أنّ الناس قرّروا في السنوات الأخيرة عدم حصر هذه العبارة بمعناها الأساسي، وأضافوا إليها هاشتاغاً، لتجتاح بذلك الشبكة العنكبوتية. منذ ذلك الحين، راح مبدأ ربط الأكل بإثارة الحواس يترسّخ، تزامناً مع اتساع الحيّز الذي تحتله صور الأطباق على السوشال ميديا والمدوّنات الإلكترونية، إلى جانب الوقت الذي يمضيه المستخدمون في الاطلاع على هذا المحتوى، لتزداد مقولة "العين تأكل قبل الفم أحياناً" تأكيداً وفق موقعي ScienceDaily.com وBusiness.com.
في دراسة حديثة أجرتها أخيراً جامعتا "القديس يوسف" و"سان دييغو" الأميركيتان، تبيّن أنّ "التقاط صورة للأطعمة الدسمة قبل البدء بتناولها يعزّز مذاقها ويجعلها ألذّ". في هذه التجربة، قُسم المشاركون إلى فريقين قُدّمت لهما أطعمة صحية وغير صحية. طُلب من نصف الأشخاص في كل فريق تصوير الأكل الدسم قبل تناوله، ليظهر أنّ غالبية الذين لم يأكلوا فوراً حققوا نتائج أفضل لجهة تقدير المذاق وتقييم الأداء، فيما أرجع القائمون على البحث الأمر إلى "إيلاء أهمية أكبر لجماليات الأطعمة ورائحتها، أي أنّهم باختصار كانوا يستمتعون بالتجربة أكثر". غير أنّ الأمر لم ينطبق على الأكل الصحي، إذ لم تظهر فوارق ملموسة بين تصويره وعدمه. في المقابل، قد نجد رأياً مغايراً تماماً. هناك من يعترض على هذا المبدأ ويرى أنّ كثرة نشر صور الأطعمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تؤدي إلى نتائج سلبية. أكدت الـ "إندبندنت"، في أيّار الماضي، أنّ أساتذة تسويق في كلية "ماريوت" للإدارة في جامعة "بريغام يونغ" الأميركية أجروا دراسة توصّلوا في نهايتها إلى أنّ "تصوير الأطباق قد يسهم في التقليل من نسبة الاستمتاع بالطعام، إذ من المحتمل أن يؤثّر بدرجة كبيرة على نسبة الشبع لدى الأفراد". في هذا السياق، قال البروفسور جوزف ريدين للصحيفة البريطانية إنّه "عند استخدام إنستغرام لنشر صور الطعام أو الاطلاع عليها، سيتحوّل التركيز إلى الصورة. ولهذا آثار كثيرة على التمتّع بالطعام في وقت لاحق".
لكن سواء أيّدنا الـ foodporn المنتشر على الإنترنت أو لم نفعل، لا شكّ في أنّ هذه المواد المرئية تُعتبر أساساً للمدونات وصفحات السوشال ميديا المتعلقة بالأطعمة والمطاعم ونقدها، ناهيك عن الطهاة المكرّسين الذين صار لعملهم جانب إلكتروني. هنا، عيّنة بسيطة من أشهر الـ blogs وحسابات الإنستغرام التي لا يمكن إهمالها على الصعيد المحلي.
No Garlic No Onions
كان من أوائل اللبنانيين الذين دخلوا مجال نقد المطاعم والترويج للمطبخ اللبناني. منذ سنوات، أطلق طبيب الأسنان موقع No Garlic No Onions الإلكتروني، قبل أن يحتل الآن مكانة كبيرة على الصعيد المحلّي، حتى أنّه بات مقصداً للزوّار الراغبين في مساعدتهم في اختيار الأماكن التي سيزورونها والمأكولات التي سيتناولونها. إلى جانب النقد المسلّي والممتع لمروحة واسعة من المطاعم في مختلف المناطق اللبنانية، تحتوي هذه المدوّنة على الكثير من الصور التي تدعّم وجهات نظره الإيجابية غالباً. علماً بأنّ كثيرين باتوا يأخذون على أنطوني ابتعاده في الآونة الأخيرة عن توجيه الانتقادات. تجربة No Garlic No Onions الرائدة والناجحة، أثمرت مشاريع أخرى في هذا المجال، أبرزها فقرة «مشوار» ضمن برنامج MTV Alive، المتوافرة أيضاً عبر قناة أنطوني الخاصة على يوتيوب. في هذه الفقرة، يجول رحايل على المناطق اللبنانية ليعرّف عنها بعيون أهلها الذين يشرحون عن أطباقها وأشهر عاداتها. كما أسّس «سوق الأكل» الذي يشكّل محاكاة لمفهوم الـ Street Food (طعام الشارع) الذائع الصيت عالمياً، وفيه يكتشف الزوّار باقة منوّعة من الأطعمة اللبنانية والعالمية التي تعجّ بها أكشاك صغيرة تتنقل بين أرجاء البلاد، وتحضر غالباً في الأنشطة الثقافية والترفيهية الكبرى.
Taste of Beirut
في بيروت، ثم أكملت دراستها الثانوية في فرنسا قبل أن تنتقل إلى الولايات المتحدة في عام 1979 حيث حصلت على إجازة في إدارة الأعمال.
هي أمّ لولدين ومدرّسة سابقة، كما أنّها متخصصة في مجال الحلويات والمخبوزات وتقديم خدمات الطعام والترجمة. في 2009، أرادت خوض تجربة مختلفة، فوُلدت Taste of Beirut كمدوّنة إلكترونية، تهدف أساساً إلى مشاركة التراث اللبناني من خلال الكثير من وصفات الطعام، والحكايات، والقصص الثقافية. شغفها في هذا العمل الذي تعزّزه بصور وفيديوات جميلة ومحترفة، دفع برامج إذاعية وتلفزيونية إلى استضافتها، من بينها مارثا ستيوارت في الولايات
المتحدة.
وفي 2011، عادت جومانة إلى بيروت من أجل تعميق معرفتها بالمطبخ اللبناني بمساعدة جدّتها وبواسطة عملها مع طهاة محليين بارزين، مما مكّنها من تعزيز بحثها الذي تُرجم في كتابها الذي صدر في 2014 عن Health Communications تحت عنوان Taste of Beirut، وحصل على مراجعات إيجابية جداً في لبنان والعالم. حالياً، تتنقل جومانة بين لبنان ودالاس، وتتعاون مع مؤسسات عدّة في التصوير، وتنسيق الأطعمة، وتطوير الوصفات.
Urban Lebanon
لا ينحصر عمل مدوّنة Urban Lebanon (أسسته شابتان تدعيان كريستيل وسينيتا حسب الموقع) بالتركيز على الأطباق الشهية المنتشرة في العاصمة اللبنانية، فهي تدعو في الدرجة الأولى إلى اختبار الأنشطة الجارية في بلاد الأرز، من المواعيد العامة إلى المغامرات المثيرة، وتعطي فكرة شاملة عن «أفضل» المطاعم. أما حساب The Urban Potato | Beirut Food Porn على إنستغرام، التابع لها، فيجب أن يكون ضمن اللائحة الأساسية التي يطلع عليها عشّاق الأكل باستمرار، إذ يتألف من كمية هائلة من الصور ومقاطع الفيديو التي تستعرض أشهى الأطباق والمشروبات والكوكتيلات المتوافرة على امتداد لبنان، وتفتح الشهية في الدرجة الأولى.
Rou’s Sweet Corner
لا يكاد زائر مدوّنة Rou’s Sweet Corner (عبر wordpress) والحسابات التابعة لها على مواقع التواصل الاجتماعي يستطيع التحكّم بشهيّته بعد استعراض الكمية الهائلة من الصور والفيديوات للحلويات والمخبوزات، التي لا يمكن لطعمها أن يكون مختلفاً عن شكلها الرائع. تستثمر رؤى وهبي (الصورة) حبّها للمخبوزات المنزلية في هذا المشروع، ولا تكتفي ببيعها بل تُطلع الناس على طريقة صنعها، من دون أن تبخل عليهم ببعض أسرارها، فضلاً عن الصور المتقنة المُعدّة بحرفية وذوق. بعيداً عن مراجعات المطاعم والمأكولات والسفر، تعتبر هذه السيّدة «شيفاً» متخصصاً يتخذ من العالم الرقمي منبراً يُطل من خلاله على الناس.
Beirutista
بعدما ولدت وكبرت في جنوبي ولاية كاليفورنيا الأميركية، عادت اللبنانية دانيال عيسى إلى بلدها الأم حيث تعمل حالياً في أحد المصارف. لكن الشابة التي لطالما حرصت على تنمية ارتباطها بلبنان مع الاحتفاظ ببعض العادات الأميركية التي تحبّها، أرادت أن تشارك مغامراتها المحلية عبر مدوّنتها مع مستخدمي الإنترنت وروّاد السوشال ميديا، داعية إيّاهم إلى التناغم معها والانخراط بها كذلك. تعتبر دانيال أنّها عبر عملها الذي ينقسم بين الرحلات (الداخلية والخارجية) والجولات على المطاعم اللبنانية، تقدّم «بيروت إلى العالم». ولعلّ أكثر ما يميّز هذه المدوّنة البسيطة هو تقسيم البوستات على أساس الأحرف الأبجدية اللاتينية، مما يسهّل عملية البحث.
رودي عبّود
تحتل مدوّنة رودي عبّود rudyabboud مراتب متقدّمة ضمن ترتيب تطبيق Zomato المتخصص في المطاعم والمأكولات على اختلاف أنواعها، فيما يُصنّف هو بين أهم عشّاق الطعام في بيروت. يدعو رودي متابعيه على الشبكة العنكبوتية إلى زيارة «أفضل» الأماكن في لبنان عبر تقديم نقد ومراجعات صريحة جداً، مقرونة بأدلة بصرية طبعاً. صحيح أنّ خبرته قد تتركّز في مناطق مثل الزلقا ومار مخايل والأشرفية، إلا أنّ المواد المتوافرة عبر الـ blog لا يجب تفويتها. وتجدر الإشارة إلى أنّ نقد عبّود يشمل أيضاً الطلبات المنزلية (ديلفري)، لجهة طريقة التوضيب والتقديم، والطعم، والسرعة، وغيرها من العناصر.
Traveling With Thyme
Traveling with Thyme أو السفر مع الصعتر، عادة يواظب عليها اللبنانيون المقيمون في الخارج. قلّما يسافر أحدهم من دون كيس الصعتر الذي يُمزج بزيت الزيتون البلدي ويشكّل عنصراً أساسياً على المائدة اليومية. من هنا، استوحت «كريستينا» اسم مدوّنتها التي صار لها حساب على إنستغرام أيضاً. فهي صبية لبنانية وُلدت في إنكلترا وترعرعت في بيروت، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بجذورها اللبنانية، وتعتبر أنّ العائلة أهم شيء في حياتها. تؤكد «كريستينا» عبر موقعها أنّها مولعة «بالسفر من أجل اكتشاف الثقافات، والطعام الصحي، وممارسة الرياضية»، وتحب مشاركة «تجاربي ومعلوماتي مع الآخرين». هكذا، ستنقسم المدوّنة إلى أربعة أجزاء رئيسية، هي: السفر، والمطاعم، والوصفات، والمنتجات.
Easy Lebanese Recipes
وراء هذا الموقع تقف سيّدة تُدعى «كلوديس» تصف نفسها بأنّها أمّ «متفانية» تسافر كثيراً، وكاتبة، وناشطة في المجال الإنساني، ومتخصصة في علم النفس، وحائزة دبلوم إنتاج الأنشطة والـ «إيفينتات». وتشير أيضاً إلى خبرتها المهنية الطويلة على صعيدي التجارة والأعمال الإنسانية. أما المدوّنة، فهي «مصدر لمحبّي الطعام اللبنانيين في الوقت الذي يُنقل فيه التراث الثقافي إلى كلّ المتحدّرين من أصول لبنانية حول العالم». كيف؟ المسألة بسيطة: جولة على المجتمعات اللبنانية ومشاركة تجارب ومعلومات مختلفة، ووصفات محلية سهلة مقرونة بالصور ومقسمّة إلى خانات (أطباق رئيسية، مقبلات، أطباق نباتية، حلويات...)، إلى جانب مقابلات مع «ضيوف خاصين»... باختصار، إنّها خلطة من القصص الممتعة، والمعلومات الفريدة المتعلقة بالثقافة والمجتمع والخلفيات المثيرة للاهتمام والتاريخ المذهل، مع تقديم وصفات لبنانية أصيلة لكن بطريقة أكثر سهولة وعصرية!