في استمرار لمنطق العلاقة الاستراتيجية مع سوريا، أكّد الرئيس نبيه برّي أمس أن «العلاقة بين لبنان وسوريا هي حاجة استراتيجية لمصلحة البلدين»، مشيراً إلى أن «سوريا تشكل العمق الجغرافي والمنفذ البري الوحيد للبنان».
وفي احتفال حاشد أقامته حركة أمل في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، شدد رئيس المجلس النيابي على «ضرورة البناء مع سوريا»، مؤكّداً أن «لبنان كما سوريا، هما هدفان للعدو الإسرائيلي».

وبعد أن استهل كلمته بدقيقة صمت على أرواح شهداء الجيش والمقاومة، تحدّث برّي عن الإمام الصّدر، عائداً إلى تاريخ الإمام المغيّب. وقال إن «الصدر، الذي، يوم تخلت الدولة عن واجب الدفاع، زرع أثماراً على تلال الوطن، أفواجاً مقاومة بأسناننا وأظافرنا»، موجّهاً إليه السلام «لأنه كسر لنا جدار الصمت، وجعلنا نقول ما في قلوبنا». وتابع: «سلام له وعليه، لأنه أيقظ فينا الأيام، وعلمنا أن كل عدوان يستدعي المقاومة حتماً. سلام له وعليه لأنه جعلنا ندرك أن إرهاب إسرائيل هو نفسه وذاته لعملة الإرهاب التكفيري الذي ضغط ويضغط على الوطن من الشمال والشرق».
و«جدد العهد والوعد» للإمام الصدر، ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين، قائلاً: «سنبقى نحفظ حلم فلسطين وأماني شعبها».


 

 


ثم شرح بعضاً من تطوّرات قضية الإمام، و«صعوبة ذهاب لجنة التحقيق في قضية الإمام الصدر في ليبيا لعدم استقرار البلد هناك»، منوهاً بـرغبة اللجنة في الذهاب إلى ليبيا. وكشف أنه طلب من اللجنة التريّث، «إلى أن يستتب الوضع هناك».
وأكد أن «الإمام ورفيقيه ما زالوا أحياءً»، لافتاً إلى أن «المجلس العدلي بانتظار عمل المحقق العدلي الذي يعمل بكل شجاعة. وإن قضية هنيبعل القذافي أمام المجلس، وأمام قاضي التحقيق في بيروت بجريمة خطف طبيب لبناني عام 2016، وقد استطاع الهروب من سجون ليبيا، وتدار العصابة من إخوة هنيبعل». وتابع أن «توقيف هنيبعل القذافي ليس لأنه ابن معمر القذافي، وتوقيفه ليس تعسفياً، فهو من قال إن الإمام تم احتجازه في منطقة جنزور من ضواحي طرابلس الغرب لمدة سنتين، وبعد ذلك، نقل إلى منطقة لا يعرفها». وطالب بـ«توفير الأجهزة الأمنية كل المعلومات للجنة المكلفة، وتطبيق القضاء اللبناني وحماية كل قاضٍ يعمل على هذه القضية»، وقال: «على الإعلام اللبناني الحر تحمل المسؤولية من دون انحياز وافتراء أو تفلت من ميثاق الشرف اللبناني». كذلك طالب المعنيين في ليبيا بـ«عدم التحجج بالذرائع، وجامعة الدول العربية بتنفيذ الالتزام بقضية الإمام الصدر، ومثلها الهيئات الدولية والأهلية، خصوصاً أننا أمام إرهاب متمادٍ». وختم هذا الجزء من الكلمة بالقول «إن الحق منطقنا، وتحرير الإمام قضيتنا، ولا أحد يجربنا».
وعرض بري لـ«جملة قضايا على الصعيد الوطني»، متحدثاً بـ«اسم جماعة أثبتت حضورها في مواجهة إسرائيل منذ 6 شباط 84». ثمّ قدّم «التهاني للبنان شعباً وجيشاً ومقاومة، بما أنجزته عملية فجر الجرود البطولية في تحرير الجرود الشرقية، وعملية المقاومة الشجاعة في تحرير القلمون الغربي، بالتعاون مع الجيش العربي السوري ونيلها تحرير القصير، وما قاموا به من تحرير مناطق لبنان الشرقية من الإرهاب».
ودعا إلى «إطلاق مشاريع التنمية في البقاع، خصوصاً في المنطقة التي جمد الإرهاب تطورها في السنوات الماضية»، مؤكداً أن «دعم كل عمل جماعي يحقق أمن المخيمات ويحفظ علاقاتها مع محيطها، وأن تبقى المخيمات بمنأى عن أي صراع داخلي». وخاطب شعب فلسطين قائلاً: «هل نسيتم فلسطين؟»، مطالباً إياهم بـ«الوحدة».
وأكد «النضال بالوسائل الديمقراطية، منوهاً بما حققه لبنان من خلال انتخاب الرئيس ميشال عون وتشكيل حكومة وإقرار قانون انتخابي، مشيداً بـ«دور حركة أمل التي قدمت المصلحة الوطنية على الحزبية في مجال قانون الانتخاب».
وتطرق إلى موضوع سلسلة الرتب والرواتب، منبهاً «من يحاولون بلع الزيادة عن طريق زيادة الأقساط المدرسية والأسعار»، مطالباً الحكومة بـ«التصدي لهذا الأمر». وذكّر بالتجربة الفرنسية حيث تكفّلت الدولة، منذ عهد الجنرال ديغول، بدفع رواتب أساتذة المدارس الخاصة، بعدما اعتبر ديغول المدارس الخاصة مؤسسات ذات منفعة عامة. ولفت بري إلى احتمال أن تدفع الدولة في لبنان فارق رواتب أساتذة التعليم الخاص بعد الزيادات التي لحقت بها إثر إقرار السلسلة، لا كامل الرواتب.
وعن العلاقة بين لبنان وسوريا، دعا الجميع إلى «الانتباه» وقال: «ليس الموضوع تبعية أو إخلالاً بالاستقلال، إنما هو حاجة استراتيجية لمصلحة البلدين. إن سوريا تشكل العمق الجغرافي والمنفذ البري الوحيد للبنان. ونذكر لأننا ما زلنا نستجر الكهرباء من سوريا».
وشدد على «ضرورة البناء مع سوريا، ولو من باب المصلحة»، مشيراً إلى أن «لبنان كما سوريا، هما هدفان للعدو الإسرائيلي. وإن السلام العادل والشامل للشعب الفلسطيني يكمن في إقامة دولته وحق عودة شعبه إلى أرض فلسطين».
وعن الحرب ضد الإرهاب، قال: «شكرنا الولايات المتحدة على مساعدتها وبريطانيا وفرنسا وغيرها، فكان من باب أولى أن ننسق خرائط العمليات العسكرية بين سوريا ولبنان»، مشيراً إلى «أن الاتفاقيات بين لبنان وسوريا هي أعلى من الدساتير أحياناً».
وانتقد «الذين يحاولون التنصل من النصر باتهام المقاومة بأنها قامت بصفقة على حساب الدولة»، وسأل إن كان «اللواء عباس إبراهيم يفاوض باسمه؟»، ليردّ مؤكّداً أنه «لم يخط خطوة إلا وأبلغ فيها فخامة الرئيس ودولة الرئيس، وأتحدى من يقول إن الأمر لم يحصل هكذا».
ورأى أن «الانتصار في المفاوضات لطالما كان أهم من الانتصار في الحروب»، متسائلاً عن «سببب عدم تحمل المسؤوليات معاً والاحتفال معاً».
وعن علاقة لبنان بأشقائه، قال: «سنمنع أي شرخ في العلاقة مع الكويت، التي انحازت للبنان في إعماره من جراء حروب إسرائيل عليه، ودعمت مشروع الليطاني». ونوه بري بـ«ما صدر من توضيحات من الأخ السيد حسن نصرالله وبمبادرة رئيس الحكومة حول هذا الأمر»، مؤكداً أن «ما يجمع بين لبنان والكويت الكثير الكثير»، لافتاً إلى أن «الكويت مولت ورعت وتابعت مشروع الليطاني، الذي كان مشروع الإمام الصدر والمهندس إبراهيم عبد العال والشيخ موريس الجميّل. والمرحلة الأولى ستتدفق مياهها في كانون الأول المقبل».
ونبّه من «محاولات إسرائيل لمدّ يدها على مواردنا المائية والنفط والغاز، وسطوها على مياه المنحدرات الجنوبية»، معلناً «تمسكه بالقرار 1701». كذلك طالب بـ«الضغط على إسرائيل للالتزام به والانسحاب من ترابنا الوطني»، محذراً من «محاولة العودة إلى الوراء في ما يتعلق بهذا القرار الدولي وعدم الضغط على إسرائيل، لأن البعض يتجه نحو مدّ القرار إلى نواحٍ أخرى في لبنان»، مؤكداً أن «المقاومة هي الرد على استباحة أرضنا».
وختم بري كلمته بالدعوة إلى المشاركة في احتفال النصر والتحرير الثاني الذي دعا إليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في بعلبك.