طغى الدولي والإقليمي على العنصر المحلي في تداعيات «نصر الجرود» الذي سجّله لبنان، عبر جيشه الوطني وقواه المسلحة والأمنية وقراره الرسمي بإزاحة «الارهاب الداعشي» ومسميات أخرى عن أرضه في الجرود الشرقية «بهزيمة مرة» وإن انتهت المرحلة الدامية والاخيرة باستسلام عناصر «التنظيم» وترحيلهم ضمن اتفاق سمح بكشف مصير العسكريين اللبنانيين الذين كانوا في الأسر لدى «داعش» وعددهم تسعة جنود، سبق «للتنظيم الارهابي» ان قتلهم، بعد أسابيع قليلة على اسرهم، فإن هذا لا ينتقص من احتفال لبنان الرسمي «باعلان الانتصار على الارهاب» على لسان الرئيس ميشال عون محاطاً بوزير الدفاع يعقوب صرّاف وقائد الجيش العماد جوزيف عون.
وفيما هنأ الرئيس عون قيادة الجيش على هذا الإنجاز، اهدى «النصر إلى جميع اللبنانيين الذين من حقهم ان يفاخروا بجيشهم وقواهم الأمنية»، داعياً لحماية الانتصار بأن «لا يترك اللبنانيون أجواء التشنجات السياسية والتجاذبات والتراشق بالتهم ان تنسيهم إنجاز الانتصار»، ومواصلة حماية لبنان، معلناً ان لبنان سيكون في وداع «الجنود الشهداء وسيبقى وفياً لشهادتهم»، بعدما أثبت «الجيش اللبناني في هذه المعركة النظيفة انه الجيش القوي، والوحيد الذي استطاع هزيمة داعش وطرده من ارضنا».
وخلافاً للأجواء التي اوحت بتداعيات سلبية على الجيش بعد المعركة، التي زعم ان الجيش نسق خلالها مع الجانب السوري تلقى العماد عون بعد زيارة بعبدا اتصالاً هاتفياً من قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال joseph votel، هنأه خلاله على نجاح العملية، مؤكداً استمرار الدعم الأميركي للجيش وردّ قائد الجيش بأن المساعدات الأميركية كان لها الدور الفاعل والأساس في النجاح.
وبالتزامن مع الغضب العراقي من الصفقة التي قضت بإبعاد مسلحي داعش سلمياً إلى مناطق خارج الجرود اللبنانية، وباتجاه البوكمال على الحدود السورية – العراقية، قال المتحدث باسم التحالف الدولي الكولونيل ريان ديلون (لفرانس برس) ان التحالف الدولي بقيادة واشنطن شن أمس ضربتين جويتين لعرقلة تقدّم حافلات تقل مسلحي داعش المتجهة إلى شرق سوريا، موضحاً انه نجم عن ذلك احداث فجوة وتدمير جسم صغير.
واحدث الموقف العراقي الرافض للصفقة رداً على الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، الذي قال ان مسلحي داعش انتقلوا من أرض سورية لأرض سورية.. أي من القلمون الغربي السوري إلى دير الزور السورية، وليس من أرض لبنانية إلى أرض عراقية، حيث ان غالبية مقاتلي القلمون الغربي السوري من السوريين، ولم يكن قد بقي منهم في الأرض اللبنانية الا افراداً قليلة جداً..
وفي تطوّر دبلوماسي، من شأنه ان ينعكس إيجاباً على الاستقرار الإقليمي للبنان تبنى مجلس الأمن الدولي أمس بالإجماع قراراً بتمديد مهمة قوة الأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) لمدة عام وذلك بعد خلافات مع واشنطن التي كانت تريد تعزيز ولاية المهمة بشكل جوهري. وجرت نقاشات محتدمة حتى التصويت على القرار لتقريب وجهات النظر بين الأميركيين والاوروبيين خصوصاً بزعامة فرنسا وإيطاليا، المساهمتين الأكبر في هذه القوة، بحسب دبلوماسيين.
ويؤكد القرار على الإذن الممنوح للقوة الدولية باتخاذ جميع ما يلزم من إجراءات في مناطق انتشارها لضمان عدم استخدام منطقة عملياتها للقيام بأنشطة معادية.
كما يؤكد على ضرورة نشر فعال ودائم للجيش اللبناني في جنوب لبنان والمياه الإقليمية من أجل التنفيذ الكامل لأحكام القرار 1701.
ويعرب القرار عن المخاوف من احتمال أن تؤدي انتهاكات وقف الأعمال العدائية إلى نشوب نزاع جديد. ويحث إسرائيل على التعجيل بسحب جيشها من شمال قرية الغجر. ويشدد على إنشاء منطقة منزوعة السلاح بين الخط الأزرق ونهر الليطاني، ما عدا عتاد وأسلحة الحكومة اللبنانية والقوة الدولية.
وسط هذه الاجواء، المحلية والإقليمية والدولية يبدأ الرئيس سعد الحريري صباح اليوم زيارة رسمية إلى فرنسا يلتقي خلالها رئيس الجمهورية إيمانويل مَكرون في قصر الإيليزيه ويعرض معه آخر التطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
كما يلتقي الرئيس الحريري خلال زيارته رئيس الوزراء أدوار فيليب ورئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه ووزير الخارجية جان إيف لودريان ووزير الاقتصاد برونو لومير ووزيرة الجيوش (الدفاع) فلورانس بارلي.
وقال مصدر لبناني لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري سيشكر الموقف الفرنسي في مجلس الأمن الذي دعم توجه الحكومة اللبنانية في ما خص عدم تعديل مهمات «اليونيفيل» وفقاً للقرار 1701، فضلاً عن طلب الدعم العسكري واللوجستي للجيش اللبناني الذي أظهر كفاءة قتالية، وحرفية في طرد «الارهاب الداعشي» من أراضيه، معلناً الانتصار في هذه الحرب.
إعلان نصر
وساهم إعلان الرئيس ميشال عون وقائد الجيش العماد جوزف عون من قصر بعبدا، انتصار لبنان على الإرهاب، واهدائه إلى جميع اللبنانيين، ودعوته اياهم إلى حمايته بوقف التراشق والتجاذبات، في تهدئة الساحة الداخلية، خصوصا بعد انضمام الرئيس نبيه برّي، في احتفال حركة «امل» بالذكرى الـ39 لتغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه، إلى استهجان تحميل الرئيس تمام سلام وحكومته مسؤولية ما جرى في عرسال عند اختطاف العسكريين، واصفا هذا الإتهام بأنه «مضحك وشر البلية ما يضحك»، الأمر الذي دفع مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لـ «اللواء» إلى توقع ان يترك ما جرى من مواقف، سواء في قصر بعبدا، أو على طريق المطار لاحقاً، انعكاسات إيجابية على الساحة المحلية، لا سيما خلال عطلة عيد الأضحى المبارك، وما بعده، في حين أن الساحة الأمنية يفترض بها أن تكون قد تنفست الصعداء بعد تطهيرها من الارهابيين، وإن كان ذلك لا يمنع من بقاء الأجهزة الأمنية والعسكرية في المرصاد للخلايا النائمة والتي قد تطل برأسها كلما تهيأت لها الفرص، بحسب ما نبّه العماد عون في «امر اليوم» للعسكريين.
وأوضحت المصادر أن أي تخوف من حادث أمني يبقى قائماً، مؤكدة أن المؤسسات الأمنية ستبقى متيقظة وستنسق في ما بينها لابطال أي تخريب محتمل، وكشف، في هذا السياق، انه تمّ اقفال جميع المعابر الحدودية والمنافذ التي يمكن للارهابيين سلوكها.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن قرار تحرير الجرود، هو قرار لبناني مائة في المائة، وهو أراح إلى جانب لبنان كلّه منطقة رأس بعلبك والقاع التي عانت ما عانته على مدى السنوات الخمس الماضية من الإرهاب، على ان تنصب اهتمامات المرحلة المقبلة على إنهاء هذه المنطقة.
وشددت على أن جميع القوى السياسية أعلنت التفافها حول الجيش وتأييدها لكل خطواته بعدما منحته الضوء الأخضر للقيام بما يراه مناسباً، وتحديد التوقيت لمعركته، وبالتالي فان هذا الالتفاف يفترض أن يستثمر النصر الذي تحقق سياسياً، باستمرار الاحتضان للجيش ودعمه، وترك أجواء التشنجات السياسية والتجاذبات، بحسب ما دعا الرئيس عون في إعلان الانتصار على الإرهاب.
اما الكلام عن اجراء تحقيق في ما سمي «بالتقصير» بشأن مصير العسكريين المخطوفين والذين باتوا شهداء، فقد أوضحت المصادر نفسها أن أي تحقيق في حال قيامه يجب أن يتم وفق الأصول، أي أن يبدأ داخل المؤسسة العسكرية، وهو امر مستبعد، إلا أن مصادر كشفت بأن ستة من اهالي العسكريين سيتقدمون بشكوى أمام المحكمة العسكرية ضد مجهول بتهمة الإهمال والتقصير، مما أدى إلى خطفهم وبالتالي استشهادهم.
فحوصات D.N.A
وفي هذا السياق، أكدت مصادر موثوق بمعلوماتها أن 80 بالمائة من نتائج فحوصات الحمض النووي التي تجري حالياً في الجامعة اليسوعية، اصبحت مؤكدة، وانها تعود للعسكريين المخطوفين، الا ان المعلومات عن الموعد الرسمي لاصدارها غير واضحة بعد، رغم أن هناك من يرجح ذلك خلال الايام المقبلة.
وأوضحت هذه المصادر أن عدد العسكريين الذين كانوا في قبضة تنظيم «داعش» كانوا عشرة توزعوا على الشكل الآتي:
– 9 عسكريين خطفوا في 2 آب 2014.
– عسكري واحد اضل طريقه أثناء المعارك وقتل على يد الارهابيين.
– واحد من العسكريين التسعة التحق بـ«داعش» وقتل لاحقاً، وهو عبدالرحمن دياب.
وفي المعلومات المتوافرة انه تم التعرف على رفات 6 شهداء وبقي 4 لم تصدر النتائج بشأنهم بعد.
اما الجثة التي عثر عليها مؤخراً والتي تردّد انها تعود للجندي الشهيد عباس مدلج، فيتم التدقيق بها لأنها تعرّضت إلى الضرر نتيجة العوامل الطبيعية وبقائها في العراء.
وافيد انه بعيد انتهاء فحوصات الحمض النووي سيقام وداع وطني ويوم حداد للعسكريين من دون حاجة إلى قرار من مجلس الوزراء.
وفي السياق، نفى حسين يوسف والد الجندي الشهيد محمّد يوسف ما تردّد بأن أهالي العسكريين الشهداء سيرفضون تسلم جثامين ابنائهم. وأكد انهم سيتسلمون هذه الجثامين، لكنهم سيطلبون الانتقام من الارهابيين بالاقتصاص من الارهابي الداعشي عمر ميقاتي المعروف بـ«أبي هريرة» والموقوف في سجن الريحانية، باعدامه، خصوصاً وان هناك صوراً وأدلة تثبت ضلوعه ومشاركته بذبح الجندي الشهيد عباس مدلج والجندي الشهيد علي السيّد.
إلى ذلك، أكّد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أن «عناصر داعش الذين رحلوا لم يكونوا بموقع المشارك بل المطالب للنجدة ليس اكثر»، مشيراً إلى أن «حذاء آخر عسكري من الشهداء اهم من كل الذين رحلوا».
وفي حديث تلفزيوني له، أوضح إبراهيم «اننا وصلنا للرقم 13 بالوسطاء لنحصل على العسكريين الشهداء عندما كانوا احياء، إنما كان كل وسيط نطلب منه دليلاً يذهب ولا يعود».
وأعلن أن «مصادرنا اخبرتنا وزودتنا بصور عن جثامين الشهداء».
ولفت إلى «اننا سنعالج مخيم عين الحلوة بالطريقة التي يريدها رئيس الجمهورية»، مشيراً إلى انه «أياً يكن الحل المفروض القيام به نحن جاهزون للقيام به لحفظ الأمن اللبناني»، مؤكداً «استمرار العمل على مكافحة الشبكات الارهابية مع كل الاجهزة».
برّي
وفي خطابه في المهرجان الجماهيري الحاشد الذي اقامته حركة «امل» في الذكرى التاسعة والثلاثين لتغييب الامام موسى الصدر على طريق المطار، طالب الرئيس برّي «الجميع بوقف لاختبارات القوة والسير على حافة السكين وسياسة عض الأصابع والسياسات الشعبوية والرهان على إخضاع الاخرين وحكم لبنان بفئوية سياسية، فنحن جميعاً في مركب واحد ننجو معاً او نغرق معاً».
وبعد أن تناول العلاقة بين لبنان وسوريا، داعياً الجميع إلى الانتباه إلى أن كلا البلدين هو حاجة استراتيجية وبشرية للآخر، استهجن برّي تحميل الرئيس تمام سلام وحكومته مسؤولية ما جرى في عرسال عند اختطاف العسكريين وقال «هذا مضحك للغاية، وشر البلية ما يضحك. الحكومة السابقة هي نفسها الحكومة الحالية ما عدا «واحد حط وواحد نط»، نفس المكونات موجودة بالحكومتين، «نطت» الكتائب وجاءت «القوات»، هذا هو الفرق. لماذا يضعون الحق على الرئيس سلام، وساعة الحق على العماد قهوجي، لماذا؟ هل نسيتم الظروف آنذاك حيث كانت مشارف حمص كلها بيد «داعش»، هل نسيتم اننا كنا نخشى فتنة مذهبية وطائفية؟ لماذا؟ كلها اعذار لكي لا يقال اننا انتصرنا. هذا ليس صحيحاً، الذي يعرف يحرّف الحقائق و«اللي ما بيعرف بيقول كف عدس».
اللواء : تهنئة أميركية للجيش.. والتمديد «لليونيفيل» بلا تعديل بالمهمات
اللواء : تهنئة أميركية للجيش.. والتمديد «لليونيفيل» بلا...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
206
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro