تعتبر خطابات الرئيس نبيه بري في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر مهمة وإستراتيجية وذات أثر في الحياة السياسية اللبنانية.
فطبيعة المناسبة وأهميتها في وعي اللبنانيين وذاكرتهم تفرض على الرئيس بري خطابا محددا ذات دلالات جامعة بالدرجة الأولى إضافة لشخصية الرئيس ذات الطبيعة التصالحية مع أي قضية راهنة.
وتطرق بري في الذكرى ال 39 لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين للعديد من القضايا اللبنانية والعربية وكان لمعركة الجرود الأخيرة حصة الأسد في خطابه.
إقرأ أيضا : المد الأخضر قادم
أرضى الجميع :
وفي كلامه عن معركة فجر الجرود كان بري واضحا في مدحه لإنجازات الجيش اللبناني والمقاومة وتضحياتهم ودعا إلى الإعتراف بذلك وأشاد بما تم تحقيقه لكنه في المقابل دعا إلى عدم التحامل على الرئيس تمام سلام وقائد الجيش السابق جان قهوجي وهي دعوة مهمة ومفارقة نوعية في خطابه بالأمس.
فقد إمتاز بري المحسوب على محور 8 آذار عن كل حلفائه بمن فيهم حليفه الإستراتيجي حزب الله وذكر بأن من كانوا في حكومة سلام هم أنفسهم اليوم في حكومة الحريري بإستثناء إستبدال الكتائب بالقوات اللبنانية.
وإنقسم المراقبون لخطاب بري حول هذه النقطة بالذات فمنهم من إعتبرها ردا على كلام الوزير جبران باسيل بإعتبار أن حزب الله كانت تربطه علاقة طيبة بقائد الجيش السابق قهوجي ولم يعترض على التمديد له حينها ومنهم من رآها ردا على حزب الله وإستباقا لما سيقوله سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه اليوم ببعلبك.
إقرأ أيضا : جمهور حزب الله: كان الأستاذ نبيه بري يعلم
وفي كلا الأمرين فإن كلام بري حول هذه النقطة كان مهما جدا وهو من شأنه أن يغلق هذا الملف أو يمهد لإغلاقه في المستقبل القريب لتجنيب البلد مشكلا كبيرا، خصوصا أن كلام بري اليوم ترافق مع تحذير أطلقه في مقابلة مع جريدة الأخبار بأنه سينفذ إنقلابا في حال الإطاحة بالإنتخابات ما يعكس نية لدى الرئيس لتوجيه الرأي العام اللبناني والسياسيين إلى إستحقاق الإنتخابات والإنتهاء من ملف الجرود.
وعن هذه النقطة بالذات ، ظهر إرتياح في أوساط تيار المستقبل من كلام بري عبرت عنه القواعد الشعبية عبر وسائل التواصل الإجتماعي.
بالمقابل دعا بري أنصاره إلى إحتفال حزب الله في بعلبك وكان واضحا أنه مع التواصل والإنفتاح من جديد على سوريا لكن كان بارزا عدم ذكره للنظام السوري أو بشار الأسد بل إكتفى بعبارات عامة وتمييز لم يذكره بالمباشر شبيه بما ذكره الدكتور سمير جعجع عندما تحدث الأخير عن قضية إمداد سوريا للبنان بالكهرباء.
فلم يستخدم كلاما مستفزا أو منفرا بل كلاما قد يشكل أرضية للتواصل أو آلية معينة للتنسيق لم توضح حقائقها بعد.
إقرأ أيضا : نبيه بري والسلة المتكاملة
وربطا بالموضوع الإقليمي والسوري خصوصا ، دعا بري من الجديد للتواصل والحوار بين السعودية وإيران وأشاد بخدمات دولة الكويت وشكرها على ما قدمته للبنانيين وذكر أنه لم يكن معترضا على الدعم الأميركي والبريطاني للجيش وأضاف أنه لم يعترض أحد على ذلك علما أن حزب الله إعترض على ذلك بعد تسرب خبر وجود قوات للمارينز في لبنان تعمل مع الجيش اللبناني.
مع هذا بدا خطاب بري متوازنا إقليميا ومهما أيضا كون من تكلم بهذا الكلام هو شخصية لها رمزيتها في تجمع 8 آذار الذين يجمعون بالحد الأدنى في هذه الفترة على العداء للسعودية ورفض الدور الأميركي.
بالمجمل ، يظهر من خطاب الرئيس نبيه بري ملامح مستقبل التسوية القادمة في المنطقة، تلك التسوية التي تتطلب سياسات متوازنة وخطابات عالبكلة.