28 آب، قوافل مسلحي تنظيم «داعش» واسرهم تغادر الأراضي اللبنانية، بمواكبة قوة من الجيش السوري، معلنين استسلامهم وتسليمهم بهزيمة نكراء، غير مسبوقة، لا شكلاً ولا مضموناً.
الحدث، هو ان مسلحي التنظيم انسحبوا من جرود رأس بعلبك، وجرود القاع، بعدما قتل منهم من قتل، واسر من أسر، وجرح من جرح، جرّاء المعارك البطولية التي خاضها الجيش اللبناني داخل الأراضي اللبنانية، وبالتزامن مع معارك مماثلة خاضها حزب الله والجيش السوري على امتداد جبهة مشتركة حدودية بين لبنان وسوريا من الشرق.
وقضى الاتفاق الذي يسمح بخروج ما تبقى من مقاتلين وعددهم (وفق الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله) 665 شخصاً، ويشمل 331 مدنياً و308 مسلحين و26 مصاباً بجروح، وهي المرة الأولى التي يوافق تنظيم «داعش» علناً فيها، على الانسحاب مجبراً من اراضٍ كان يسيطر عليها، بخروج مئات المسلحين مع عائلاتهم من جانبي الحدود على متن حافلات تقلهم إلى محافظة دير الزور شرق سوريا الواقعة تحت سيطرة «داعش».
ومساءً غادرت القوافل من منطقة قارة السورية في القلمون الغربي باتجاه البوكمال في محافظة دير الزور، ولم يعد للتنظيم أي وجود في الجرود، سواء اللبنانية أو السورية.
إطلالة نصر الله
وشكلت إطلالة السيّد نصر الله مساء أمس للمرة الثانية في غضون ثلاثة أيام، فرصة لتجدد السجال حول النصر، ومعركة الجرود، التي كشف الأمين العام ان الحزب قدّم خلالها «11 شهيداً و7 للجيش السوري» قبل ان يلقي أمين عام حزب الله خطاباً في احتفال دعا إليه في مرجة بعلبك الخميس 31 آب الجاري (وهو التاريخ الذي عادة ما تحتفل فيه حركة «أمل» من كل عام بذكرى اختطاف مؤسسها الامام السيّد موسى الصدر)، للاحتفال بالنصر على الإرهاب، أو «التحرير الثاني» وفقاً لأدبيات حزب الله.
وسارع تيّار المستقبل، على نحو ما فعل في الإطلالة السابقة للسيد نصر الله إلى إصدار بيان، فنّد فيه ما أعلنه، واصفاً كلامه بأنه «تعكير للمناخ الوطني، وللسباق على قطف النتائج السياسية وتوزيع المغانم المذهبية والطائفية على المناطق اللبنانية»، معرباً عن اعتذاره من أهالي الشهداء «لاضطراره لدخول حلبة السجال السياسي في هذه اللحظة، التي يفترض ان تكون لحظة توافق وتلاق وطني لا لحظة افتراق وسجال».
ودعا «المستقبل» إلى التزام الخطاب العقلاني في مقاربة القضايا الوطنية الحسّاسة، معرباً عن أسفه للدعوة التي وجهت «لتعديل وجهة الانتقام إلى الداخل، رداً على بعض المواقف التي احتجت على نتائج الصفقة مع «داعش».
ونأى التيار بنفسه عن «موقع من يريد تلطيخ هذه المعركة ونتائجها عبر الاتهام والشكوك، وأن هناك مجموعة من الشباب اللبناني سقط فيها وأن المسؤولية الأخلاقية تفترض التعاطف مع الأهالي المفجوعين وتجنب الإساءة إلى مشاعرهم أو اخضاعها للمزايدات السياسية».
وأكد التيار ان التضحيات التي قدمها الجيش اللبناني والإعلان عن استشهاد العسكريين الذين خطفهم وقتلهم غدراً تنظيم «داعش» الإرهابي، يجب ان تشكل مناسبة لاجتماع اللبنانيين بكل اطيافهم السياسية والطائفية، حول الدولة ومؤسساتها الشرعية، والتوقف عن تقديم الخدمات المجانية للنظام السوري، واعتبار لبنان منصة لتقديم المصالح الخارجية على المصلحة اللبنانية.
حداد وطني
ووصف الرئيس سعد الحريري يوم أمس بأنه يوم «لانتصار لبنان على الإرهاب وطرد تنظيماته، موجهاً التحية للجيش اللبناني، وكشف ان الحكومة اللبنانية ستعلن يوم حداد وطني فور التأكد من نتائج فحص الحمض النووي للجثامين الثمانية العائدة لشهداء الجيش الذين اختطفهم داعش، وذلك بعد التداول مع الرئيس ميشال عون.
ولم تستبعد مصادر رسمية عبر «اللواء» ان يكون لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون موقف بعد الاعلان الرسمي عن مصير العسكريين المخطوفين والاجراءات اللاحقة بما في ذلك من اعلان وفاة ومأتم وطني وإعلان حداد. ولفتت المصادر انه قبل ذلك ما من شيء مرتقب صدوره.
اما في ما خص عملية المفاوضات، فاوضحت المصادر ان المعنيين بالموضوع يتولون القيام بالشرح اللازم.
إلا أن مصادر أخرى أكدت ان كلمة لرئيس الجمهورية ستكون في احتفال سيقام وسط بيروت، وفي ساحة الشهداء، في ذكرى إعلان لبنان الكبير.
وكان الرئيس عون تابع أمس التطورات الميدانية في جرود بعلبك والقاع بعد تحريرها من تنظيم «داعش» الارهابي، وما تقوم به وحدات الجيش لتنظيف المنطقة المحررة والتمركز فيها.
ونظمت قيادة الجيش جولة لوسائل الإعلام اللبنانية والعربية والأجنبية في جرود عرسال والفاكهة والقاع ورأس بعلبك، بدأت من مركز قيادة العمليات في رأس بعلبك.. قبل ان ينطلق الوفد الإعلامي إلى الجرود والمراكز المتقدمة على الحدود اللبنانية – السورية عند معبر مرطبيا والتلال المقابلة لحليمة قارة.
وشرح أحد الضباط الميدانيين «كيفية ضرب الارهابيين والالتفاف حول مراكزهم بهدف شل حركتهم تماما»، لافتاً إلى «أننا واجهنا عدوا شرسا وفككنا عبوات ناسفة كان قد زرعها الارهابيون على الطرقات وقامت وحداتنا بشق الطرقات تفاديا لمرور الآليات على الطرقات بسبب التفجيرات والتفخيخات».
وأكد «أننا كنا على جهوزية تامة لتنفيذ المرحلة الرابعة الاخيرة للهجوم على الارهابيين وجاءت الاوامر من القيادة لوقف اطلاق النار من أجل عملية التفاوض».
نصر الله
ولم تخل إطلالة السيّد نصر الله التلفزيونية، مساء أمس من تصعيد سياسي ضد تيّار «المستقبل» وضد الحكومة السابقة التي كانت تتولى مسؤولية القرار السياسي عند اختطاف العسكريين في احداث عرسال في آب من العام 2014، في سياق الدفاع عن المفاوضات التي خاضها «حزب الله» مع تنظيم «داعش» لكشف مصير العسكريين المخطوفين وتحرير كامل الحدود الشرقية مع سوريا.
وفي سياق الرد على «المستقبل» والذي استهل به كلمته، نفى نصر الله ان يكون يبتز الحكومة أو الشعب اللبناني بدعوة الدولة إلى التفاوض بشرط طلب ذلك من القيادة السورية، موضحاً ان هذا الكلام جاء في سياق شرح الموقف بأننا امام خيارين، اما ان تفاوض الدولة أو ان يفاوض حزب الله، من دون طلب ذلك إلى الحكومة اللبنانية. واتهم كل الذين اتهموا الحزب بابتزاز اللبنانيين بأنهم «أما جهلة باللغة العربية أو أنهم لئام عديمو الأخلاق».
ورد نصر الله على دعوات الانتقام من مسلحي «داعش» الذين تسببوا في استشهاد العسكريين، بالتأكيد على أن هذه المعركة لم تكن معركة العين بالعين والسن بالسن، متهماً أصحاب هذه الدعوات بتشويه صورة المعركة وأنه كان يجب عليهم الطلب رسمياً بفتح تحقيق عن كيفية تسليم العسكريين، ومن منع الجيش اللبناني من فك أسر هؤلاء، مع انه كان قادراً على ذلك، واصفاً القرار السياسي بتحرير العسكريين «بالجبان والتخاذل».
واعتبر السيّد نصر الله، ان معركة الجرود، سواء من جانبها اللبناني التي خاضها الجيش اللبناني، أو الجهة السورية التي خاضها حزب الله مع الجيش السوري بأنها حققت كامل أهدافها، وهي إخراج «داعش» من الأراضي اللبنانية، وكشف مصير العسكريين وتأمين الحدود اللبنانية – السورية، كاشفا بأن عدد شهداء الحزب في هذه المعركة كان 11 شهيدا، فيما سقط للجيش السوري 8 شهداء، أي ان المجموع كان 18 شهيدا عدا عن الجرحى.
وكشف ايضا ان المرحلة الأخيرة من اتفاق وقف النار مع داعش، تضمن تبادلاً بين وصول الحافلات إلى منطقة بوكمال السورية والاسير أحمد منير معتوق واجساد الشهداء الخمسة.
كما كشف ان لدى الحزب اسيرا من داعش سلم نفسه، وانه يحتفظ به حيّن العثور على جثمان الشهيد عباس مدلج، بحسب ما أبلغ والده بذلك، عبر وفد ارسله إليه.
واعتبر ان أحد أسباب بطء المعركة في ايامها الأخيرة كان بهدف كشف مصير العسكريين. وانه كان يمكن ان يقتل الكثيرون من مدنيين واطفال لو ذهبنا إلى الخيار العسكري النهائي، ولسقط ايضا المزيد من الشهداء من الجيش اللبناني والسوري والمقاومة، ولكان ملف العسكريين بقي غامضا، ولكان النصر الذي حصل منقوصاً.
وشدّد نصر الله، في القسم الثاني من كلمته على اننا امام نصر كبير جداً، والحدود اللبنانية باتت آمنة عسكرياً، واصفاً يوم 28 آب 2017 بأنه يوم التحرير الثاني، لأنه لم يعد يوجد أي إرهابي أو «داعشي» فوق أية حبة تراب أو تلة لبنانية، لكنه أوضح انه سواء اعترفت الحكومة اللبنانية بهذا اليوم التاريخي أم لم تعترف فهذا شيء يعود إليها، خاتماً بالدعوة إلى احتفال سيقيمه الحزب للمناسبة عصر يوم الخميس المقبل في مدينة بعلبك، حيث سيتحدث فيه مجدداً، رغم انه سيكون يوم وقفة عيد الأضحى الذي يصادف يوم الجمعة.
اللواء : خلاف لبناني على النصر.. وخطابان متباعدان لعون ونصر الله
اللواء : خلاف لبناني على النصر.. وخطابان متباعدان لعون ونصر...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
168
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro