لا يزال موضوع المثليين والمتحولين جنسياً خاضعاً للنقاش العام في لبنان بين قبوله من فئة ورفضه من قبل فئة أخرى. وعليه، لطالما حرص الكثير من المثليين/ات والمتحولين/ات جنسياً على عدم الكشف عن ميولهم/ن الجنسية لتجنب الممارسات القمعية بحقهم/ن، إلا أن واقع الحال بدأ بالتبدل، إذ انتشرت مؤخراً أخبار عن وجود أماكن عامة (مقاهي ومطاعم ونوادٍ ليلية) مخصصة للمثليين والمثليات! وهذا الأمر، إن صحّ، سيفتح الباب على مزيد من النقاش لهذه الجدلية القديمة – الجديدة في جوانبها الاجتماعية والحقوقية والقانونية.
في اتصال مع المسؤولة في جمعية "حلم" سالي شمص، أوضحت أن "التعامل مع المثليين والمثليات يجب أن ينطلق من كونهم بشراً ومواطنين بالدرجة الأولى ولا يحق لأحدٍ معاقبتهم على خياراتهم الجنسية"، رافضةً في هذا الإطار "الحديث عن أماكن عامة مخصصة للمثليين فقط"، موضحةً أن "ما نسعى إليه هو ضمان انخراط المثليين والمتحولين جنسياً في المجتمع اللبناني والحياة العامة من دون أي ممارسات تمييزية ضدهم، وبالتالي فإن الحديث عن وجود أماكن مخصصة لهم يعني بدء تطبيق مسارٍ تمييزي وهذا ما لن نرضى به. إذ يحق للمثليين والمتحولين الإلتقاء مع مواطنين آخرين على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم وخياراتهم في أماكن متعددة، وهذا ما يؤمن الإندماج الفعلي والحقيقي لهم".
وأكدت أن "عدد الأشخاص المثليين الذين باتوا يجاهرون في الكشف عن ميلوهم الجنسية في تزايدٍ مستمر"، موضحةً أن "السبب في ذلك يعود لحملات الدعم التي يحصلون عليها من قبل عائلاتهم ومجتمعهم المحيط. بالإضافة إلى توسّع رقعة المدافعين عن حقوق الإنسان عامة والفئات المهمشة خاصة".
من جهته يوضح المحامي نزار صاغية من المفكرة القانونية أن "الأحكام القضائية التي تقضي بعدم تجريم المثلية الجنسية تُشكل دعماً أساسياً لقضية هؤلاء الحقوقية"، موضحاً أن "القانون اللبناني لم يتغيّر. لا تزال المادة 534 من قانون العقوبات تجرّم كل مجامعة خلافاً للطبيعة وتعتبرهاً لواطاً، إلا أن التفسيرات القانونية لهذه المادة تختلف بين قاضٍ وآخر. منهم من يجرّم المثلية ومنهم من يعتبرها خياراً، وقد سُجّلت في لبنان حتى الآن أربعة أحكامٍ قضائية لصالح المثليين".
ويضيف صاغية أن "من يراقب الاجتهادات المرافقة للأحكام القضائية في ملفات المثليين والمتحولين جنسياً يُدرك أننا نعيش صراع أجيالٍ. القضاة الجُدد يعتبرونها قراراً من صُلب الحريات الشخصية، بينما يجدُها القضاة الطاعنين في السنّ جريمةً تقلب معايير الطبيعة الإنسانية".
وعن وجود أماكن مخصصة للمثليين والمتحولين جنسياً رأى صاغية أن "هذا الكلام مبالغ فيه، إذ إن القانون اللبناني يُلزم كل مؤسسة ومكان تجمعٍ أن يكون مفتوحاً أمام كل فئات اللبنانيين من دون تمييز أو تفرقة".