خبراء عسكريون تحدثت اليهم "النهار" في الساعات الماضية كشفوا عن أن الجيش اللبناني لم يكن في موقف يحتاج فيه الى أي صفقة مع فلول "داعش" في منطقة تقارب الـ 20 كيلومتراً مربعاً في المنطقة الحدودية من لبنان مع سوريا، إذ كانت إمكانات الجيش تفوق بكثير إمكانات التنظيم الذي صار محصوراً في آخر المرتفعات في الجرود الشرقية من دون إمكانات عسكرية او لوجيستية، ووفق معلومات هؤلاء الخبراء أن "داعش" قد بات على وشك رفع الأعلام البيضاء إذا ما قيّض للجيش اللبناني أن يصل حرباً الى موقعهم الاخير في حال عجز عن الفرار في داخل الاراضي السورية، وتحدث الخبراء عن أن مدفعية الجيش المتطورة كانت كافية لإزالة أي مقاومة من "داعش" كما تبيّن عند انطلاق عملية "فجر الجرود" يوم السبت ما قبل الماضي.
وما يسقط ذريعة الحاجة الى معرفة مصير الجنود اللبنانيين الذي خطفهم "داعش" عام 2014 في منطقة عرسال في ظروف مريبة على كل المستويات ما قالته مصادر وزارية لـ "النهار" نقلاً عن مرجع كبير سابق أن الحكم تبلّغ وفي صورة مؤكدة في شباط العام 2015 أن "داعش" قتل الجنود المختطفين وتالياً لم يعد هناك من هدف أمام المسؤولين في تلك المرحلة سوى استعادة جثامين الشهداء، وهنا يتبيّن ان "داعش" لا يملك أي ورقة قوة يستطيع من خلالها الضغط على لبنان، إذاً، لماذا قام نصرالله بحملة الضغط القوية جداً يوم الخميس الماضي كي يضع السلطات اللبنانية تحت سقف القبول بالتفاوض مع التنظيم عبر بوابة الطلب الرسمي يرفعه لبنان إلى نظام الاسد؟
التطورات المتسارعة التي تلاحقت بعد الضغط الذي مارسه نصرالله أثبتت عدم جدية ما طلبه الاخير من الحكم من انفتاح على الاسد بل جلّ ما كان يريده الأمين العام لـ "حزب الله" هو إنهاء آخر حروب الجرود تحت مظلته بشروط سهلت خروج فلول "داعش" سالمين من آخر معاقلهم فيما كانت المعطيات الميدانية تفيد أن الإمكانات متوافرة للقبض عليهم ومحاكمتهم في لبنان كي يجري تحديد المسؤوليات عن كل الجرائم التي ارتكبها التنظيم طوال أكثر من أربعة أعوام. فهل رحل سر أراد نصرالله إخفاءه مع رحيل "داعش"؟
في المعلومات إن كل ما يتصل بالتنظيم في آخر مراحله على الحدود بين لبنان وسوريا لا يمت بصلة الى "داعش" الذي كان يعتمد استراتجية القتال حتى النصر أو الموت، وذلك بعد رحيل العناصر الأجنبية عن هذه الحدود في اتجاه معاقل التنظيم في سوريا والعراق تاركين وراءهم عناصر سورية محلية كانت تتكل على إمكانات التنظيم سابقاً وعلى صلات توفر معونات من النظام السوري وحتى من "حزب الله" بذريعة أن هؤلاء عناصر مندسة في "داعش" ومن بين هؤلاء عنصر فرّ قبل ايام من المعركة واستسلم للجيش اللبناني وبعدما نقل الى مركز عسكري في البقاع قال إنه ينتمي الى "حزب الله" فرّ قبل ايام وسلم نفسه لاحد مراكز الجيش اللبناني وأعطى اسم الجهة التي يتعامل معها في الحزب فتبيّن بعد الاتصال بهذه الجهة أن معلومات الموقوف صحيحة فأطلق سراحه على الفور.
هل كان السرّ الذي رحل مع "داعش" من آخر معاقله في لبنان هو تحديداً علاقة "التنظيم" مع "حزب الله" والنظام السوري؟ ما يمكن قوله إن نصرالله كان مستعجلاً جداً يوم الخميس الماضي كي تتوقف الحرب ويبدأ التفاوض بشروط تبيّن انها كانت في مصلحة سلامة عناصر "داعش" الذين دخلوا في مجاهل سوريا التي يخفي فيها نظام الأسد كل أسراره. وفي المقابل، رب قائل إن لبنان ربح معرفة مصير جنوده الذين خطفهم التنظيم قبل ثلاثة أعوام، لكن هذا القول ضعيف جداً بإعتبار أن القبض على عناصر "داعش" كان أفضل بكثير لمصلحة عائلات الجنود الشهداء ولكل المتضررين من جرائم هذا التنظيم الارهابي وكذلك لمصلحة جيش لبنان والعدالة في هذا البلد!