اليوم هو الثامن من آذار .. طبعا هو ليس يوماً احتفالياً بولادة فريق سياسي في لبنان, وإنما هو محطة تكريمية للمرأة ويوم عالمي تضامني مع حقوقها المشروعة .
ولمن عرف المرأة حقّ المعرفة لا يتردد القول إنّ كلّ الأيام لها, وكلّ الزمان والمكان ممهور بتوقيعها, وإنّ تكامل الحياة مرهون بوجودها وفعلها !..
ولعلّها مجازفة حقيقية أن يقدم أحدنا على الكتابة عن المرأة وحولها, لأنّ الكلمات تقصر عن إدراك السّر الربانيّ المقدّس الذي أودعه الخلّاق العظيم فيها ..
وحتى لا يكون الموقف مديحاً يتضاءل بالطبع في محضر المرأة, وحتى لا يكون اليوم العالمي مناسبة لاستجداء الحقوق المكتسبة, فلنعلن هذا اليوم مناسبة حقيقية لاستصراخ دعاة الحريّة والحضارة, والديمقراطية, والإسلام, والقيم, والمبادئ, وكلّ الذين يطربوننا بخطابات رنّانة تمجّد المرأة وتتغزّل بها, وتحلّق بها ارتفاع النجوم, ندعوهم جميعاً أن ينطلقوا عملانياً في بلدانهم ومجتمعاتهم في حراك حقيقيّ يستمد عنفوانه من الإيمان الثابت بقيمة المرأة وعظمة كيانها, ولينطلق هذا الحراك في خطّ تحقيق العدالة المفترضة, وإعطاء المرأة من الحقوق بالقدر الذي يليق بدورها ورسالتها, وبما ينسجم مع كفاءاتها وقدراتها في شتّى الميادين ومختلف المجالات على امتداد الواقع.
إنّها حقّاً نقطة سوداء مظلمة في واقعنا العربي والاسلامي تلك الإستمرارية المشرعنة والمقوننة لظلامة المرأة, ليس فقط في الإطار الاجتماعي المرسوم لها والذي ما زال يتجسّد في بعض مجتمعاتنا الظلامية نظرة سوداوية للمرأة, واعتبارها موجوداً طفيلياُ فاقداً لكلّ إيجابية, وإنما يسري هذا السواد القاتم أيضاً إلى الدائرة الحقوقيّة بحيث تعامل المرأة على أنها الحلقة الأضعف, والسالب الدائم في مواد القانون والتشريع .
ولسنا هنا بحاجة للتذكير أنّ الإسلام كدستور ومنهج لم يشرّع ظلم المرأة, ولم تتضمن مواده أي إشارة لتفوّق الرجل الجندري عليها, ما يبرر تفاوتاً تشريعياً في الحقوق والواجبات, بالطبع نصل إلى هذا الاستنتاج المنصف حال قيامنا بقراءة متجرّدة ومنطقيّة, وبعيدة عن كلّ تعصّب وانفعال.
في اليوم العالمي للمرأة نطلق صرخة مدويّة نرجو لها أن توقظ ضمائر المتشرّعين والمتنفذين في عالمنا الإسلامي على وجه الخصوص, وندعو هؤلاء إلى إعادة النظر في نتاجهم القانونيّ والتشريعيّ الخاص بقضايا المرأة وحقوقها, كم نوجّه رسالة واضحة للقضاء المدنيّ والإسلاميّ على حدّ سواء نطالبه بها بالانحياز الكامل للعدالة, ونرجوه أن لا يكون ذكوريّا بالطبع, وليكن أكثر إنصافاً للمرأة التي ما زلنا نخجل من دموعها على أبواب المحاكم المنصوبة بإسم الإله العادل! ..
بقلم : الشيخ محمد أسعد قانصو