نشرت صحيفة فيلت الألمانية تقريرًا تطرقت من خلاله إلى تداعيات السياسة الخارجية الأميركية على منطقة الشرق الأوسط. وفي حين سعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إنهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط، ازدادت الأوضاع تأزما
 

وبحسب الصحيفة فإن الإدارة الأميركية أربكت الحلفاء والأعداء على حدّ سواء. في المقابل، فقدت واشنطن تأثيرها على كل الجبهات في المنطقة. وفي هذا التقرير، تُعرض ست دول تراجع فيها نفوذ الولايات المتحدة الأميركية.

وأكدت الصحيفة أن الولايات المتحدة فقدت نفوذها أولا في مصر، حيث استبشرت القاهرة بتولي دونالد ترامب منصب الرئيس؛ نظرا لأنه أعلن منذ البداية عن نيته إيلاء مكافحة الإرهاب أولوية قصوى على حساب الديمقراطية. علاوة على ذلك، وصف الرئيس الأميركي نظيره المصري "بالجوهرة النادرة"، كما أعلن عن دعمه المطلق له.

وخلافا للمتوقع، صدم المصريين عندما أعلن وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، عن تخفيض المساعدات المالية الموجهة لمصر، لإجبار السيسي على قطع تعاونه مع كوريا الشمالية.

وأضافت الصحيفة إن مصر تستورد ثلث حاجياتها من القمح من روسيا، كما تستورد منها الأسلحة أيضا. من جانب آخر، استثمرت العديد من شركات الطاقة الروسية المليارات في مصر. بالإضافة إلى ذلك، بعثت الصين خلال السنة الفارطة استثمارات في مصر بقيمة تفوق 10 مليار دولار أمريكي، ومن المنتظر أن تصل قيمة هذه الاستثمارات إلى حوالي 40 مليار دولار أميركي في المستقبل.

وأوردت الصحيفة أن قطر هي ثاني دولة فقدت فيها الولايات المتحدة نفوذها. فقد حملت الولايات المتحدة إيران مسؤولية نشر الإرهاب والفوضى في المنطقة، الأمر الذي دفع السعودية إلى إجبار قطر على التعديل من سياستها الخارجية الداعمة لحركة الإخوان المسلمين وعلى قطع علاقاتها مع إيران.

وعلى ضوء هذه المعطيات، أعلنت السعودية برفقة دول عربية أخرى بتاريخ 5 حزيران الماضي، عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وغلق الحدود كافة معها. وفي هذه الأثناء، وقف ترامب في صف السعودية وحلفائها، في حين حاول وزير خارجيته تأدية دور الوسيط لحل الأزمة القطرية.

وذكرت الصحيفة أن قطر لم تستجب لطلبات دول الحصار، وإنما كثفت من تعاونها العسكري مع تركيا، التي تعد من أكبر داعمي حركة الإخوان المسلمين. من جهة أخرى، انضمت قطر إلى صف إيران. ويوم الخميس الماضي، أعادت قطر سفيرها إلى إيران لتفتح المجال أمام تعزيز العلاقات الثنائية في شتى المجالات.

وأفادت الصحيفة بأن واشنطن فقدت نفوذها في سوريا، حيث أعلن ترامب في البداية عن عدم رغبته في تغيير النظام في سوريا. في المقابل، عمل على التعاون مع روسيا لمكافحة تنظيم الدولة.

وأشارت الصحيفة إلى أن السياسة الخارجية الأميركية تجاه سوريا تغيرت على خلفية مجزرة خان شيخون، التي استعمل خلالها النظام السوري الأسلحة الكيمياوية المحظورة. لذلك، أمر ترامب بقصف قاعدة الشعيرات الجوية.

فضلا عن ذلك، استمر التنسيق العسكري الروسي الأميركي في مجال الحرب ضد تنظيم "داعش". في المقابل، أجريت المفاوضات السلمية في أستانا بإشراف روسي. ومن جهتها، قدمت دمشق قاعدتين مهمتين، ألا وهما ميناء طرطوس والقاعدة الجوية حميميم. وبذلك، ازداد النفوذ الروسي في شرق المتوسط.

وتابعت الصحيفة أن رابع بلد تراجع فيه النفوذ الأميركي هو العراق، حيث تحاول الأنظمة السنية في الشرق الأوسط الحيلولة دون تحول إيران إلى قوة إقليمية. ولكن، يبدو أن الحلم الإيراني قريب من التحقق في ظل تنامي النفوذ الإيراني في العراق.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد سعت منذ الغزو العراقي إلى إرساء نظام ديمقراطي في العراق، إلا أن البرلمانيين العراقيين يعملون تحت إمرة طهران ويمنحون شرعية للمليشيات الشيعية المسلحة التي تعمل تحت لواء الجيش الثوري الإيراني. علاوة على ذلك، يعتمد الاقتصاد العراقي بصفة عامة على المنتجات الإيرانية التي غزت المتاجر العراقية.

وأضافت الصحيفة إن إسرائيل تعتبر من الدول التي تراجع فيها النفوذ الأميركي. في الواقع، استبشر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتولي ترامب منصب الرئاسة نظرا لأنه كان يأمل في تلقي الضوء الأخضر لتوسيع بناء المستوطنات. ولكن، طالب الرئيس الأميركي إسرائيل بالحد من سياستها الاستيطانية. في المقابل، لم تتوصل السلطات الفلسطينية إلى اتفاق سلام رغم المفاوضات العديدة التي أجراها مسؤولون فلسطينيون مع الجانب الأميركي.

وأوردت الصحيفة أن أزمة الحرم القدسي الأخيرة كشفت أن الولايات المتحدة غير قادرة على حل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، حيث تم حل الأزمة دون تدخل أميركي. وبالتالي، لا يمكن أن ينجح صهر الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر، في مساعيه السلمية.

وأشارت الصحيفة إلى أن سادس بلد فقدت فيه الولايات المتحدة نفوذها هو اليمن. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأميركي لم يتطرق مطلقا إلى الحرب اليمنية، التي تعتبر الأكثر دمارا في الشرق الأوسط، لا سيما وأنها خلفت قرابة 10 آلاف ضحية. وفي هذا الصدد، تحدثت التقارير الأممية عن معاناة 27 مليون شخص من المجاعة، بالإضافة إلى تفشي وباء الكوليرا، الذي يهدد حياة قرابة 50 ألف شخص.

وفي الختام، قالت الصحيفة إن الأوضاع في أفقر بلد في العالم العربي لن تنفرج خاصة أن منظمات الإغاثة تحتاج 1.4 مليار دولار لمنع الكارثة، علما بأن انهيار اليمن قد يهدد استقرار الدول المجاورة.

 

 

 

(فيلت - عربي 21)