أنهى تأكيد مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم العثور على المقبرة الجماعية التي دفن داخلها ثمانية من العسكريين التسعة المخطوفين لدى داعش، ثلاث سنوات من الانتظار التي رافقت أسر الجنود المخطوفين.
وكشف قرار الجيش اللبناني، الأحد، وقف إطلاق النار في منطقة العمليات التي يخوضها ضد تنظيم داعش في شمال شرق لبنان عن مفاوضات تجري من أجل الكشف عن مصير تسعة جنود لبنانيين احتجزهم تنظيم داعش عام 2014.
وكانت أنباء سابقة ذكرت أن المخطوف التاسع انشق عن الجيش اللبناني وانضم إلى داعش.
وتحدث اللواء إبراهيم من أمام الخيمة التي نصبها أهالي المختطفين في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت.
وقال “من استسلموا من تنظيم داعش قالوا إن عدد الجثث هو ثمانية”.
وكشف أن السلطات الأمنية كانت لديها معلومات حول مقتل العسكريين منذ فبراير 2015 لكنها لم تكن تملك الأدلة الكافية لتأكيد ذلك.
وأضاف أن المقبرة تقع داخل الأراضي اللبنانية وأنه رفض طلب داعش بوقف إطلاق النار قبل الحصول على معلومات بشأن العسكريين.
وشدد على أن الضغط العسكري الذي مارسه الجيش اللبناني على المنطقة أجبر قيادات داعش على مغادرة الأراضي اللبنانية باتجاه سوريا، وأن حزب الله بالتنسيق مع الجيش السوري تولى التفاوض هناك.
ويدفع حزب الله باتجاه إجراء حكومة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري مفاوضات مباشرة وعلنية مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد بشأن العمليات العسكرية على الحدود السورية اللبنانية.
وقال إبراهيم إن السلطات اللبنانية تكاد تكون جازمة أن الجثث هي للعسكريين المختفين وأن تأكيد الأمر تماما يحتاج إلى فحوصات الحمض النووي التي قد تستغرق أسابيع، إلا أنه اعتبر أن الملف أغلق.
وتحدثت المعلومات عن أن وفدا من الأمن العام اللبناني توجه إلى الجرود باتجاه الحدود اللبنانية السورية بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وأعلن الجيش اللبناني، الأحد، وقف إطلاق النار على جانبه من الحدود الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي (04:00 بتوقيت غرينتش) لكنه لم يشر إلى وقف لإطلاق النار على الجانب السوري من الحدود.
وقالت قناة المنار التابعة لحزب الله إن الجيش السوري وحزب الله أعلنا وقفا لإطلاق النار في هجومهما ضد داعش في منطقة القلمون الغربي بسوريا. وأكدت معلومات لاحقة أن حزب الله استلم جثامين 4 من مقاتليه ضمن اتفاقية وقف إطلاق النار في القلمون.
وترى مصادر لبنانية مطلعة أن قرار وقف العمليات العسكرية اتُّخِذ بسبب ورود معطيات ذات مصداقية عن إمكانية الكشف عن مصير العسكريين اللبنانيين من خلال تفاوض يجري بتكتم شديد قد يفضي إلى إنهاء وجود داعش داخل منطقة العمليات، في صفقة تكفي لإغلاق ملف الجنود التسعة وتؤدي إلى تسوية لانسحاب المقاتلين إلى خارج الحدود اللبنانية.
وكان القتال بدأ قبل أسبوع عندما بدأ الجيش اللبناني والجيش السوري وحزب الله هجومين منفصلين، ولكنهما متزامنان، ضد جيب تنظيم داعش على الحدود اللبنانية السورية.
وكانت معلومات متضاربة ترددت عن قيام مقاتلين من حزب الله بدخول منطقة في القلمون الغربي داخل الأراضي السورية، للتأكد مما إذا كان رفات الجنود اللبنانيين مدفونا هناك.
ولم يعرف ما إذا كانت الحكومة اللبنانية قد أعطت الحزب ضوءا أخضر للتنسيق مع الحكومة السورية للمساعدة في الكشف عن مصير المختطفين العسكريين.
وكان حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله، قد دعا الحكومة اللبنانية إلى القيام بتنسيق علني مع دمشق من أجل إغلاق ملف العسكريين الذين يحتجزهم تنظيم داعش.
ولاقت دعوة نصرالله استنكارا داخليا اعتبر أن شروطه تثبت أن للنظام السوري يدا في عملية الاختطاف التي طالت جنودا لبنانيين من بلدة عرسال البقاعية.
ورغم عدم صدور أي رد رسمي عن الحكومة اللبنانية على اقتراح حزب الله، إلا أن منابر معارضة لحزب الله رفضت الرباعية التي أثارها نصرالله في خطابه الأخير ما بين “الدولة والشعب والمقاومة والجيش السوري”.
ورغم تأكيد الجيش اللبناني تكرارا أنه لم ينسق مع حزب الله أو الجيش السوري لإطلاق عمليته الأخيرة، تزامن هجوم الجيش اللبناني على جبهة جرود بعلبك ورأس العين مع هجوم أطلقه الجيش السوري وحزب الله في منطقة القلمون الغربي في الجانب المقابل من الحدود داخل الأراضي السورية، وهو ما يثبت وجود تواصل ميداني وتنسيق عملياتي بين جميع الأطراف.
ومن شأن أي تنسيق بين الجيش اللبناني من جهة وحزب الله والجيش السوري من جهة أخرى أن يثير حساسيات سياسية في لبنان، وقد يهدد المساعدات العسكرية الكبيرة التي تقدمها الولايات المتحدة للبنان.
وكانت السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد في بيروت قد حذرت الأوساط اللبنانية المسؤولة من مغبة قيام أي تنسيق بين الجيش اللبناني وحزب الله، بما فهم أن أمرا كهذا سيؤثر على المساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن للجيش اللبناني.
فيما طالبت مندوب الولايات المتحدة في مجلس الأمن نيكي هيلي بتوسيع صلاحيات اليونيفل في جنوب لبنان لمراقبة حالة التسلّح والانتشار العسكري لحزب الله في المنطقة. وتزامن ذلك مع مطالبات جهات لبنانية بنشر قوات اليونيفل على الحدود السورية اللبنانية.
وكان نصرالله قال في كلمة الأسبوع الماضي إن حزب الله بدأ محادثات مع تنظيم داعش بشأن هدنة، مضيفا أنه إذا أرادت الدولة اللبنانية التفاوض على اتفاق لخروج مقاتلي داعش من الأراضي اللبنانية، فإن دمشق ستكون مستعدة للتعاون “لكن بشرط طلب رسمي لبناني وتنسيق علني مع دمشق”.