صفقة الجرود تمّت بعنوان النصر , وكشف المستور يثير أسئلة كثيرة
المستقبل :
فُجع اللبنانيون أمس بنبأ اكتشاف «جثث» العسكريين الأسرى رغم انتظار فحوص الحمض النووي، وشاطروا أهالي العسكريين دموعهم التي لم تنقطع على امتداد ثلاث سنوات ونيّف، وقد تحولّوا أسرى للقلق على مصير أبنائهم. ولف الحزن لبنان من أقصاه إلى أقصاه، متزامناً مع تحقيق الجيش اللبناني أهداف معركة «فجر الجرود» التي انطلقت من أجل تحرير الجرود من إرهابيي «داعش» وجلاء مصير العسكريين.
هذا التعاطف الواسع الذي عكس تضامناً وطنياً كبيراً مع الجيش ومع تضحياته وآخرها خوض معركة «فجر الجرود» منفرداً وببسالة، جاء بعد قرار الجيش توجيه «الضربة القاضية» لتنظيم «داعش» الإرهابي عند السابعة من صباح أمس، بعد أن ضيق الخناق على المسلّحين.
وأوضحت مصادر عسكرية رفيعة لـ «المستقبل» أن «المدعو أبو السوس رضخ لشروط الجيش وطلب التفاوض مبدياً الموافقة على الكشف عن مكان العسكريين، بعد ضغط النار وتحقيق الجيش إصابات مباشرة في صفوف الإرهابيين وآلياتهم شملت سقوط أكثر من مئة قتيل».
أضافت المصادر أنه «مع رضوخ داعش لهذا الشرط، بالإضافة إلى استعداده للإنسحاب من الأراضي اللبنانية، كلّف مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم بمهمة التفاوض، وتسهيلاً لذلك أعلن الجيش وقفاً لإطلاق النار متمسكاً بنيّته متابعة المعركة في حال مراوغة الإرهابيين». وأوضحت أن «الدول تجري مفاوضات من هذا النوع، والجيش وافق لأنه حقّق الهدفين اللذين خاض من أجلهما هذه المعركة وهما تحرير الأرض من الإرهابيين ومعرفة مصير العسكريين».
إبراهيم
وكان اللواء إبراهيم التقى أهالي العسكريين في ساحة رياض الصلح بعد الظهر وابلغهم أن «الجيش اللبناني والامن العام انتشلا رفات نعتقد شبه جازمين أنها للعسكريين، وقد انتشلت رفات 6 اشخاص يعتقد انهم الجنود لأنهم يلبسون رينجر عسكري، لكن لا يمكن أن نثبت حتى تظهر نتيجة الفحوص العلمية، والعمل مستمر، ونتوقع أن يتصاعد العدد الى ثمانية كما افادت عصابات داعش المجرمة».
وأسف إبراهيم لأنه كان يريد« أن يقفل هذا الملف كما أقفل الذي قبله، لكن خيارنا الاستشهاد، وكانت لدينا معلومات غير مؤكدة منذ أواسط شباط، ولو أننا تحدثنا فيها منذ ذلك الوقت لكان الوقع أصعب على الأهالي».
وذكر بـ «الجثث التي عثر عليها في الشتاء في منطقة معلولا واستغرق فحص ال دي.ان.اي وقتها 3 اسابيع»، متمنيا ان «لا يستغرق الفحص الوقت ذاته الآن».
وتحدث عن شروط «داعش» لوقف اطلاق النار والتي رفضها «إلا باتفاق شامل بنده الأول الكشف عن مصير العسكريين». وأكد أن «قيادة داعش قد انتقلت إلى داخل الأراضي السورية تحت ضربات الجيش اللبناني وتولى حزب الله والدولة السورية التفاوض، ولا تزال هناك بعض الفلول في الأراضي اللبنانية».
اما بالنسبة الى انتقالهم الى شمال سوريا، فقال:«هذا الموضوع له علاقة بمسار تفاوضي كبير خلفه دول، والذين استسلموا من داعش هم الذين أرشدونا الى مكان وجود رفات الجنود. معركة فجر الجرود لن تنتهي حتى رحيل آخر داعشي»، لافتاً الى «أننا كنا نبحث على بعد امتار عن المكان الذي وجدنا فيه الرفاة في وادي الدب داخل الاراضي اللبنانية، وليس داخل مغارة».
وتوجه الى أهالي العسكريين بالقول:«باسمي وباسم قائد الجيش الذي تحدثت اليه قبل مجيئي الى هنا، أحيي صمودكم وصبركم، ويجب أن تعتزوا بأبنائكم لأنها كانت ارادتهم، نحن لا نساوم ولم نساوم، نحن في موقع المنتصر والفارض للشروط، وستسلم الجثث للمستشفى العسكري والعلم سيقطع الشك باليقين من خلال الفحص»، مرجحاً أن «يتم انسحاب داعش باتجاه البادية أو دير الزور».
ونفى «وجود معلومات عن المطرانين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم والمصور الصحافي سمير كساب»، مؤكداً ان «معركة فجر الجرود لم تنته حتى رحيل آخر داعشي عن لبنان».
ولف الذهول والحزن الشديدين ساحة رياض الصلح وخيمة الأهالي الذين تقاطروا من جميع المناطق منذ الصباح الباكر، مشددين لـ«المستقبل» إلى أنهم «لا يزالون يتمسكون بالأمل على الرغم من الأخبار السيئة»، متمنين أن «لا تكون هذه الجثث لأبنائهم». في وقت، أعلنت قيادة الجيش، في بيان أمس أن «في إطار متابعة العسكريين المخطوفين لدى تنظيم داعش الإرهابي تم العثور في محلة وادي الدّب/ جرود عرسال على ثمانية رفات لأشخاص وقد تم نقلها الى المستشفى العسكري المركزي لإجراء فحوص DNA والتأكد من هوية أصحابها»، مشيرة إلى أنه «سيصار الى إصدار بيان فور ورود نتائج فحوص الـ DNA».
وكشف مصدر أمني لـ«المستقبل» أن «عمليات البحث البارحة لم تصل إلى مكان وجود جثة الشهيد عباس مدلج، على أن تواصل عمليات البحث صباح اليوم لاكتشاف مكان دفن الجثة».
ومساء، نقل الجيش والأمن العام، رفات الأشخاص الثمانية التي عثر عليها في منطقة وادي الدب في جرود عرسال، إلى مدينة الملاهي في وادي حميد، حيث وضعت في سيارات إسعاف تابعة للصليب الأحمر اللبناني، انطلقت باتجاه المستشفى العسكري لإجراء فحوص الـ «دي ان اي» وتحديد هويات أصحابها، وقد عبرت طريق اللبوة إلى بيروت، بمواكبة من الشرطة العسكرية. وقد خصص الصليب الأحمر، لهذه المهمة، 12 سيارة إسعاف، إضافة إلى سيارات إدارية. ووصل موكب السيارات في ساعات متقدمة من ليل أمس إلى بيروت إلى المستشفى العسكري، تمهيداً لاجراء فحوص الحمض النووي لتحديد هُويات أصحابها.
من جهته، قال مصدر في «القوات اللبنانية» لـ «المستقبل» إن «حزب الله، أساء إلى الدولة اللبنانية والجيش اللبناني والشعب اللبناني بفكه الطوق عمدا عن داعش خصوصاً بعدما تبين أن العسكريين قد استشهدوا»، واصفاً «ما حصل بالخطيئة بحق لبنان، فيما كان المطلوب الاقتصاص منهم انتقاماً لدماء العسكريين ودموع أهلهم ودماء كل من سقط شهيداً بفعل عبواتهم في القاع وغيرها».
واعتبر المصدر أن «الجيش اللبناني كان على قاب قوسين أو أدنى من القضاء على داعش، ولكن حزب الله قام بتهريبهم لسببين لا ثالث لهما: إما لأنه على تنسيق وتقاطع مع داعش، وإما لأنه يخشى من أسرهم ومساءلتهم وكشفهم لأسرار تلك المرحلة التي تبدأ من كيفية وصولهم إلى الجرود ولا تنتهي بكيفية إخراج النصرة وأخيراً داعش».
ووجه المصدر «التحية إلى الجيش اللبناني الذي ساهم في حرفيته وبطولته في كشف الصفقة وفضح محور الممانعة على حقيقته، هذا المحور الذي وظف داعش لتخويف اللبنانيين وتوجيه الرسائل في كل الاتجاهات، وبعدما انتهت وظيفتهم فتح لهم الممرات الآمنة لعودتهم سالمين وتركهم أحراراً للقيام بأعمال إجرامية أكبر خدمة لهذا المحور»، مشدداً على أن «لا شيء يبرر ولا يفسر ما حصل سوى أن داعش يشكل جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية محور الممانعة».
الديار :
بحكم الواقع اصبح مصير الاسرى العسكريين التسعة معروفاً امام الرأي العام، بعدما كشف مستور السنوات الثلاث عن حقيقة مؤلمة طالما رددها الكثيرون رافضين الاعتراف بها، معولين على ما اعتبروه «غموضا ايجابيا» تنازع طرفاه «داعش» والدولة اللبنانية، تنظيم عمد الى استخدام الملف في حرب اعصاب لم تنته الا بنهايته، معتمدا تسريب مئات المعلومات المتناقضة عبر عشرات الوسطاء من لبنانيين واجانب، لم يسرب خلالها اي شريط فيديو او صورة، الا واحدا التقط بعيد غزوة عرسال بساعات، ليختفي بعدها اي اثر او معلومة الا بعض ما جمعته خيوط الاتصال والتواصل والذي بقي مستورا، بانتظار حدث ما، رغم ان معلومات شبه مؤكدة كانت قد توافرت للمعنيين عن استشهادهم منذ شباط 2015.
فمعركة تحرير الجرود التي اطلقها العماد جوزاف عون مثبتا قدرة الجيش اللبناني واستعداده لحماية الارض والشعب، هدفت منذ يومها الاول الى تحقيق تحرير الارض من «داعش»، من جهة، وكشف مصير العسكريين، وان كانت كشفت وهن تنظيم «داعش» الذي انهار تحت ضربات اصغر جيش في المنطقة، فقد حسمت في المقابل ملفا وطنيا تعاطف معه اللبنانيون طويلا، املا في ان يخلص الى نهاية سعيدة، غير ان رياح الارهاب والغدر جاءت خلافا لما اشتهته السفن اللبنانية، اذ شهدت الساعات الماضية تطورات دراماتيكية وضعت بدقائق حدا لمأساة استمرت منذ عام 2014.
فما الذي حصل ليل السبت - الاحد؟
تكشف مصادر واسعة الاطلاع خطة الجيش في التعامل مع الجيب الاخير لتنظيم «داعش» في منطقة مرطبيا، وما انتجته من ضربات موجعة موقعة اكثر من 40 اصابة بين قتيل وجريح يوم السبت، في صفوف ما تبقى من مجموعات «داعش» التي حوصرت في تلك المنطقة، بعدما كان سقط لها في ثمانية ايام حوالى 100 عنصر، نتيجة القصف المدفعي المركز للجيش والاصابات الدقيقة مع الاستخدام «الكثيف» للقذائف الذكية والصواريخ، مفشلة استراتيجية امير «داعش» ابو السوس التي قامت على توزيع المدنيين من عائلات المسلحين على المواقع العسكرية، تزامنا مع التقدم الحاصل على الجبهة السورية وانسحاب المقاتلين باتجاه تلك المنطقة، في الوقت الذي حددت فيه قيادة الجيش اللبناني فجر الاحد الساعة الصفر لتحرير ما تبقى من الكيلومترات العشرين، ما دفع بقيادة التنظيم الى عرضها الاستسلام والانسحاب مقابل الافراج عن احد الاسرى الذي اعتقل في معركة تدمر من جنسية غير لبنانية، اضافة الى خمس جثث لشهداء من حزب الله دفنوا غرب معبر ميرا ثلاث منهم فقدوا عام 2014 خلال المواجهات في منطقة الكهف في جرود قارة وهم: حسن حمادي، قاسم سليمان، فادي مسرّة، اما الاثنان الباقيان ففي معارك البادية وهما، ربيع عليق ورامي الاسعد.
وبالفعل وصلت رسالة الوسيط الى حارة حريك حيث كان يوجد احد كبار الامنيين اللبنانيين للقاء امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله قرابة منتصف الليل، والذي رفض بشكل قاطع السير بأي تسوية ما لم يتم الكشف عن مصير الاسرى العسكريين، وهو ما تبلغه الضابط الرفيع، معتبرا ان الحزب في حل من اي اتفاق ما لم يتحقق هذا الطلب. عاد الوسيط واتصل بابي السوس، الذي كانت مجموعاته تعاني من التضعضع وحالة من التململ في صفوفها نتيجة المعلومات عن اكتمال استعدادات للجيش لتنفيذ الهجوم البري، مبلغا اياه بالموقف المستجد، في الوقت الذي صعدت فيه وحدات الجيش من قصفها وضغطها وكذلك حزب الله والجيش السوري على الجانب الآخر من الحدود، ليرضخ امير «داعش» مع ساعات الصباح الاولى للشروط، ويبلغ الوسيط بمعلومات «هامة» عن مصير العسكريين الاسرى، الذي ابلغ بها فورا المدير العام للامن العام ، فقام الاخير بالاتصال بقيادة الجيش واضعا اياها بما وصله من معلومات، ليصدر عندئذ بيان رسمي عن مديرية التوجيه قضى باعلان وقف العمليات العسكرية الى حين التأكد من صحة المعلومات ودقتها.
وتكشف المصادر ان الاتفاق الذي تم تحت الضغط الميداني وليس التفاوض كما حصل مع «النصرة»، وبعد موافقة الحكومة السورية يقضي بالآتي :
-المرحلة الاولى، اعلان امير «داعش» استسلامه مع كامل مجموعاته لحزب الله والجيش السوري.
- المرحلة الثانية خروج العائلات من مرطبيا باتجاه مدينة البوكمال عند الحدود السورية - العراقية.
-المرحلة الثالثة تقضي بخروج المسلحين عزلاً من اي سلاح مع الجرحى.
وعليه، فقد انتقلت ظهرا قوة من الجيش مجهزة بحفارات وجرافات، مع مجموعة من الامن العام والصليب الاحمر، برفقة دليل سوري الجنسية من «داعش»، الى الموقع الذي تم تحديده في منطقة وادي الدب الواقع بين رأس بعلبك وجرد عرسال، حيث باشرت عند الثانية ظهرا عمليات الحفر في الموقع الذي يقع داخل الاراضي اللبنانية، ليتم سحب ثماني جثث «اغلب الظن» انها تعود للأسرى العسكريين، وسط معلومات كان سبق التوصل اليها عن مبايعة احد العسكريين، وهو ابن اخت أبو طلال الحمد الملقب بالبلقيس أمير التنظيم يومذاك، وقيامه بتعذيب رفاقه طوال تلك الفترة، قبل ان ينتقل برفقة خاله الى الرقة، حيث تضاربت المعلومات حول مصيره، فيما كان كبار ضباط القيادة يتابعون مجريات الاوضاع من غرفة العمليات حيث كانت طائرة «سكان آي» تنقل الصور مباشرة من الموقع.
ومع ساعات المساء الاولى كانت المجموعة المولجة احضار الجثث قد انجزت مهمتها، عائدة الى بيروت في قافلة مؤلفة من عشرات السيارات امنت المواكبة لها سرية من فوج المغاوير في تحية الى الشهداء، لتنزل من الجرود عبر وادي حميد فمدينة الملاهي ومنها الى اللبوة باتجاه بدارو حيث وضعت الجثث في برادات المستشفى العسكري الى حين صدور نتائج فحوص الحمض النووي التي قد تمتد لثلاثة اسابيع، لارتباط ذلك بحالة الجثث وطريقة دفنها.
تزامن ذلك مع وصول 17 حافلة و10 سيارات اسعاف للهلال الاحمر السوري الى القلمون الغربي تمهيدا لنقل مسلحي «داعش» وعائلاتهم بعد اتمام بنود الاتفاق، في الوقت الذي ينتظر ان يطل فيه مساء اليوم السيد حسن نصرالله لاعلان النصر المبين.
رحلة الشهداء المسائية كان سبقها ظهرا الطلب من اهالي العسكريين التجمع في خيمة اعتصامهم في ساحة رياض الصلح، التي وصلها اللواء عباس ابراهيم ناقلا الى الاهالي الخبر، وقال: «للاسف كنت اتمنى ان ينتهي هذا الملف كالذي قبله، لكن مشيئة الله جاءت هكذا، وتحرير الارض والوقوف على الجبهات مرات كثيرة يستدعيان ان نقدم ارواحنا فداء للوطن». أضاف «في الوقت الذي وصلت فيه الى هنا، كان الجيش اللبناني والامن العام ينتشلان رفاتاً نعتقد شبه جازمين انه للعسكريين، وقد انتشلت رفات 6 اشخاص يعتقد انهم الجنود لانهم يلبسون رينجر عسكريا، لكن لا يمكن ان نثبت ذلك حتى تظهر نتيجة الفحوص العلمية، والعمل مستمر، ونتوقع ان يتصاعد العدد الى ثماني كما افادت عصابات داعش المجرمة». وتابع «أشد على ايدي اهالي العسكريين، كنت اريد ان يقفل هذا الملف كما اقفل الذي قبله، لكن خيارنا الاستشهاد، وكانت لدينا معلومات غير مؤكدة منذ اواسط شباط، ولو اننا تحدثنا فيها منذ ذلك الوقت لكان الوقع اصعب على الاهالي».
وذكر بالجثث «التي عثر عليها في الشتاء في منطقة معلولا واستغرق فحص الـ «دي.ان.اي» وقتذاك 3 اسابيع»، متمنيا ان «لا يستغرق الفحص الوقت ذاته الان» متحدثا عن شروط داعش لوقف اطلاق النار والتي رفضها «الا باتفاق شامل بنده الاول الكشف عن مصير العسكريين». واكد ان «قيادة داعش قد اجبرت تحت ضربات الجيش اللبناني على الانتقال الى داخل الاراضي السورية، وتولى حزب الله والدولة السورية التفاوض، ولا تزال هناك بعض الفلول في الاراضي اللبنانية. اما بالنسبة الى انتقالهم الى شمال سوريا، فقال: «هذا الموضوع له علاقة بمسار تفاوضي كبير خلفه دول، والذين استسلموا من داعش هم الذين ارشدونا الى مكان وجود رفات الجنود. معركة فجر الجرود لن تنتهي حتى رحيل آخر داعشي»، لافتا الى اننا «كنا نبحث على بعد امتار عن المكان الذي وجدنا فيه الرفات في وادي الدب داخل الاراضي اللبنانية»، ونافيا وجود مغارة.
وتوجه اللواء الى اهالي العسكريين بالقول: «باسمي وباسم قائد الجيش الذي تحدثت اليه قبل مجيئي الى هنا، أحيي صمودكم وصبركم، ويجب ان تعتزوا بأبنائكم لانها كانت ارادتهم، نحن لا نساوم ولم نساوم، نحن في موقع المنتصر وفرض الشروط، وستسلم الجثث للمستشفى العسكري والعلم سيقطع الشك باليقين من خلال الفحص». ولفت إلى أن هناك اتفاقا بين «حزب الله» والدولة السورية، وانه هو، أي اللواء ابراهيم، الطرف الثالث، مرجحا ان يتم انسحاب «داعش» باتجاه البادية او دير الزور. ونفى وجود معلومات عن المطرانين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم والمصور الصحافي سمير كساب.
يشار الى انه تم تسجيل عدة حالات من الاغماء بين الاهالي على وقع الصدمة، ومن بينها حسين يوسف والد العسكري محمد يوسف، الذي لم يستطع ان يتمالك نفسه مع تلقيه اتصال تعزية من العماد قائد الجيش بابنه وسائر الشهداء.
في الاثناء اشارت المعلومات الى ان قيادة الجيش ابلغت المعنيين انها لن تقبل اي مراوغة وانها لن تعلن وقف العمليات العسكرية الا بعد التأكد من فحوص «الدي.ان.اي»، ومعرفة مصير الاسرى التسعة بدقة، والا فانها غير معنية بأي اتفاقات تجري، مؤكدة ان الجيش سيدخل الكيلومترات العشرين الاخيرة ليكمل تحرير الارض بالكامل والوصول الى خط الحدود اللبنانية - السورية، حيث سيؤمن انتشارا دائما له لحماية تلك الحدود من اي عمليات تسلل.
وحول آلية الاعلان عن انتهاء العمليات العسكرية، اكدت المصادر ان الامر سيكون بشكل رسمي، كما كان الاعلان عن بدء العمليات، وان كان لم يحسم بعد القرار عما اذا كان سيصدر ببيان مقتضب عن مديرية التوجيه في قيادة الجيش ام بمؤتمر صحافي يحضره كبار الضباط.
من جهتها، اكدت مصادر مقربة من اليرزة للديار ان الجيش وفا بعهده وحرر الارض وكشف مصير الاسرى «مبدئيا»، رغم انه لن يعمد الى اصدار اي بيان حول هوية الجثث قبل صدور نتائج تحليل الحمض النووي، داعية الى عدم «تسخيف» الانتصار الذي تحقق بالشك واطلاق المعلومات المغلوطة، فما تحقق انجاز لبناني 100% وما كان ليتحقق لولا ضغط الجيش الكثيف الذي قلب موازين القوى، لافتة الى ان الكثير من الدول عمدت الى اعتماد هذا الاسلوب لكشف مخطوفين لديها، لذلك فان ما حصل بالامس لا يعد انكسارا، مذكرة بانه لا يمكن تحميل القيادة الحالية اي مسؤولية سياسية اذ اخذت على عاتقها كما القيادة السابقة اتخاذ كل اللازم لكشف مصير الاسرى، وقامت بالمعركة وحققت النصر، بعيدا عن اي مزايدات او مهاترات.
وفي اليوم الثامن انجزت المهمة واصبح الانتصار واقعا ... اخرج الدواعش وكشف مصير العسكريين الاسرى .... صحيح ان الفرحة الكبرى نغصتها صدمة الاستشهاد، غير ان الصحيح ايضا ان زمن الامارات الارهابية على الاراضي اللبنانية قد ولى الى غير رجعة طاويا معه صفحة جديدة من تاريخ هذا البلد الملطخة بالاحمر .
الجمهورية :
إنتصر الجيش بتحقيق أهدافه العسكرية في معركة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع من إرهابيي «داعش»، وكشف مصير العسكريين المخطوفين. لكن في المقابل إنكشفت حقيقة مؤلمة نزلت كالصاعقة على أهالي المخطوفين المفجوعين ولبنان عموماً. وما زاد في المأساة انّ الذين ارتكبوا هذه الجريمة البشعة فُتحت لهم الطريق الى الداخل السوري نتيجة صفقة لم يكن للجيش فيها دور. وتحت هول الفاجعة، راجَت في الاوساط السياسية والشعبية دعوات الى تحميل المسؤولية الى السياسيين الذين حالوا دون قيام الجيش، في لحظة خطف العسكريين وبعدها، بعمل عسكري لفك أسرهم ودحر المجموعات الارهابية من تلك الجرود قبل ان يثبّتوا احتلالهم لها ويتحصّنوا فيها ما جعل القضاء عليهم عصيّاً الى الآونة الاخيرة عندما دحرهم الجيش من هذه الجرود أمس. كذلك انطلقت أصوات تنتقد «حزب الله» وتأخذ عليه عدم تسليمه «الدواعش» الى السلطات اللبنانية لمحاكمتهم، فضلاً عن اتهامه بإبرام صفقة مع «داعش» بمعزل عن الدولة. وينتظر ان يتحدث الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله مساء اليوم عن هذه التطورات ودور الحزب فيها، علماً انّ اتصالاً هاتفياً حصل بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قيل إنه ساهم في تسريع الخطى لكشف مصير العسكريين واستكمال تحرير الجرود.
لم تكتمل فرحة اللبنانيين بـ«تنظيف» الجيش اللبناني جرود راس بعلبك والقاع من إرهابيي «داعش»، إذ نغّصها الكشف رسمياً عن استشهاد العسكريين الثمانية الذين كانوا مخطوفين لدى هذا التنظيم الارهابي منذ 2 آب 2014، حيث اعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش العثور على رفاتهم في محلة وادي الدّب ـ جرود عرسال، ونُقلت الى المستشفى العسكري المركزي لإجراء فحوص الـDNA للتأكد من هوية أصحابها.
فتزامناً مع اعلان قيادة الجيش وقف النار، السابعة صباح أمس، لإفساح المجال امام المرحلة الأخيرة للمفاوضات المتعلقة بمصير العسكريين، وبعد كشف مصيرهم، يكون الجيش اللبناني قد حقّق الهدف الثاني الذي حدّده لمعركته ضد «داعش»، بعدما كان قد حقّق الهدف الاول بتحرير الجرود وطرد الارهابيين.
فالجيش الذي دخل المعركة بمفرده على الارض اللبنانية استطاع سريعاً تحقيق انجاز كبير، فوصل الى الحدود مع سوريا بعدما كبّد الارهابيين خسائر كبيرة وأوقع في صفوفهم، خصوصاً في اليومين الاخيرين، نحو 50 قتيلاً.
وبذلك، جعل الارهابيين، بعدما شَلّ قدراتهم تحت ضرباته ونيرانه، يرضخون لشروطه ويطلبون التفاوض لكشف مصير العسكريين. وفي انتظار تبلور نتائج التفاوض، توقفت المعركة، في ظل تصميم الجيش على مواصلة عمليته العسكرية ضدهم في حال لمس أيّ مراوغة لديهم.
وبذلك، يكون الجيش قد حقق أهدافه وتمكّن من تسجيل إنجاز كبير عبر تنظيف هذه البؤرة الارهابية التي كانت تهدّد لبنان، وأقفلَ ملف العسكريين.
يوم النصر والحداد
وعلمت «الجمهورية» انّ الإتجاه الرسمي هو الى الإعلان عن يوم حداد فور صدور نتائج فحوص الـDNA. وقد يتزامن هذا اليوم مع إعلان قيادة الجيش النصر النهائي على الإرهاب، ليأتي يوم الحداد تتويجاً له.
فالإعلان عن عملية «فجر الجرود» إرتبط باسم العسكريين المخطوفين، وقد يكون ذلك قبل دخول البلاد عطلة عيد الأضحى التي تبدأ يوم الجمعة المقبل وتنتهي مساء الإثنين الذي يليه.
وقد تتبّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التطورات لحظة بلحظة، وظل على تواصل مع قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم اللذين تابعا تنفيذ مرحلة ما بعد وقف النار والترتيبات الواجب اتخاذها.
وعلمت «الجمهورية» انّ عون طلب من المراجع المختصة الإسراع في فحوص الـ«DNA» على الرفات الثمانية لتحديد هويات أصحابها بعدما ثبت أنها للعسكريين.
وكان اللواء ابراهيم أبلغ الى أهالي العسكريين في خيمة اعتصامهم في رياض الصلح، أنه كانت لديه معلومات منذ شباط 2015 عن استشهاد العسكريين، لكنه لم يستطع تأكيد صحتها.
«القوات اللبنانية»
وقال مصدر في «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» انّ «العملية العسكرية المُشَرِّفة التي نفّذها الجيش اللبناني فَضَحت «محور الممانعة» الذي سارع إلى تهريب مسلّحي «داعش» قبل ان يَنقضّ الجيش عليهم ويخضعهم لمساءلة تفضح كثيراً من الأسرار حول العلاقة بينهم وبين «محور الممانعة»، وكيف كان يتمّ توظيفهم ضمن استراتيجية الممانعة».
ورأى المصدر انه «لا يوجد إطلاقاً ما يبرّر ترك المسلحين يغادرون في أمن وأمان وبحراسة مشدّدة من «حزب الله» ومواكبة من النظام السوري، بعدما تبيّن انّ العسكريين اللبنانيين تَمّت تصفيتهم، بل كان يفترض القضاء على هؤلاء المسلحين عسكرياً إنتقاماً لشهداء الجيش ولكلّ شهيد سقط بسبب عبواتهم الناسفة، وأسر ما يمكن أسره لكشف ملابسات خطفهم العسكريين وأسرار تلك المرحلة التي طواها «حزب الله» عمداً لطَمس ما يريد طَمسه».
واعتبر المصدر «انّ فك «حزب الله» والنظام السوري الطوق عن «داعش» يثبت بالملموس انّ وجودهم في الجرود كان ضمن وظيفة محددة رَسمها لهم محور الممانعة، وبعد أن انتهت تلك الوظيفة فُتِحت لهم المعابر والطرق ليعودوا آمنين من حيث أتوا، ولم يكن ينقص هذا المشهد سوى رَميهم بالأرزّ والورود». وختم المصدر: «ما حصل مع «داعش» وقبلها مع «النصرة» مَشبوه مشبوه مشبوه».
مصادر معارضة
وفي سياق متصل، لاحظت مصادر سياسية معارضة «انّ «حزب الله» يصرّ من خلال التمسّك بمعادلته الثلاثية والرباعية على ضَرب صورة الجيش اللبناني وهَيبته وتقديم نفسه أمام الجميع في الداخل والخارج على أنه صاحب قدرة على القتال والتفاوض وعلى حلّ الازمات الوطنية، مثل موضوع العسكريين».
ولفتت الى «انّ الحزب، بعدما برهنَ الجيش اللبناني على انه هو الحامي الفِعلي للبنان من خلال تحرير جرود رأس بعلبك والقاع، سارعَ الى ضرب هذه الصورة التي حظيت بإجماع لبناني وعربي ودولي حول الجيش، من أجل تسريع موضوع التفاوض مع «داعش» لكشف مصير العسكريين».
واعتبرت المصادر «انّ الحزب لجأ الى الخديعة السياسية، إذ أطلّ أمينه العام السيّد حسن نصرالله منذ أيام على اللبنانيين داعياً الدولة اللبنانية الى التفاوض مع النظام السوري لكشف مصير العسكريين، لكن تبيّن انه كان أنجز الاتصال وأتمّ الصفقة من خلال خديعة واضحة، فتسلّم لبنان جثث العسكريين وحَمى «حزب الله» من قتلهم عبر تأمين طريق آمن لهم للهروب».
«تلطيف» قانون العقوبات
وبالتزامن مع الانتصار العسكري الذي حقّقه الجيش على الارهاب بدعم أميركي، برزت أمس مؤشرات إضافية على تمسّك الولايات المتحدة الاميركية بالاستقرار في لبنان، وإبقائه خارج دائرة النار التي تُلهب المنطقة.
وأفاد تقرير نشرته وكالة «رويترز» انّ المداخلات اللبنانية أثمرت، وتمّ رفع صيغة مخفّفة لقانون العقوبات ضد «حزب الله» الى الكونغرس الاميركي للمناقشة، وذلك بعدما كانت مسودات الصيَغ السابقة قاسية وأثارت مخاوف اللبنانيين من تداعياتها السلبية على مجمل الاقتصاد اللبناني الذي كان يمكن ان ينهار في حال الإصرار على تطبيق هذه الصيغ.
ونقلت «رويترز» عن مصادر مالية قولها إنّ التشريع المقترح الخاص بـ»حزب الله» أصبح أكثر تحديداً في تعريف من يَستهدفه عند مقارنته بمسودات المقترحات السابقة، ولم يعد يعتبر شاملاً كل سكان لبنان من الشيعة.
وقال النائب ياسين جابر الذي ترأس وفداً سياسياً زار واشنطن في منتصف أيار الفائت بعد ظهور الصيَغ الأولى لقانون العقوبات لـ»رويترز»: «من المؤكد أنه مخفّف مقارنة بالمشروع الذي قرأناه عندما كنّا هناك، ومن الواضح أنّ مضامين نقاشاتنا أُخذت في الاعتبار... فهو أكثر تحديداً في مَن يستهدفه».
وتبيّن نسخة من التشريع أنه على النقيض من الصيَغ الأولى، فإنّ التعديلات لا تستهدف حركة «أمل» التي يتزعمها رئيس المجلس نبيه بري.
وتمنح المقترحات الحالية الرئيس الأميركي صلاحية تحديد من يجب استهدافه بالعقوبات بدلاً من ترك هذه الصلاحيات لمسؤولين من أدنى درجة.
كذلك تتطلّب المقترحات فرض العقوبات على أفراد يقدّمون دعماً «كبيراً» مالياً أو مادياً أو تكنولوجياً لـ»حزب الله». ولم تكن كلمة «كبيراً» واردة في الصيغة السابقة
اللواء :
طوى لبنان إلى غير رجعة صفحة إرهاب المسلحين من داعش، وقبلها النصرة، في جروده الشرقية، من عرسال إلى رأس بعلبك والقاع، في إنجاز وطني، نغّصه ما كشف عن ان جنود الجيش اللبناني، الذين اختطفهم تنظيم «داعش» من عرسال، قد أصبحوا في «عداد الشهداء» بانتظار فحوصات DNA، و«التأكد من هوية أصحابها»، على حدّ تعبير بيان لقيادة الجيش، وفي إطار متابعة قضية العسكريين المخطوفين لدى التنظيم الارهابي.
ويمكن القول ان يوم الأحد 27 آب، سيكون يوماً تاريخياً لجهة إنهاء الوجود «الارهابي» المسلح لتنظيمات أتت من سوريا وعادت إليها، الأمر الذي سيفتح الآفاق السياسية إلى مرحلة جديدة، من تخفيف الضغوطات على البلد وصرف الأنظار إلى مرحلة من النشاط الاقتصادي والإنماء في المناطق المحررة، على طريق استعادة العافية.
وستكون هذه المعطيات الجديدة على طاولة المحادثات التي سيجريها الرئيس سعد الحريري في العاصمة الفرنسية باريس في 31 الجاري، لا سيما مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ونظيره الفرنسي، ووزراء الخارجية والدفاع والاقتصاد.
وقال مصدر رسمي لـ«اللواء» ان تحرير الجرود، ودور الجيش اللبناني في التضييق والمواجهة مع «الارهابيين» فضلاً عن توفير الدعم للجيش والمؤسسات الأمنية، إلى استقرار لبناني، وضرورة دعمه اقتصادياً ليتمكن من تجاوز حالة التباطؤ في النمو، على الرغم من التحسّن الذي طرأ بعد عودة الرئيس الحريري إلى السلطة.
وتتزامن الزيارة، مع معلومات نسبتها وكالة «رويترز» إلى مصادر مصرفية وسياسية انه تمّ تعديل مقترحات على العقوبات الأميركية على حزب الله، بهدف التخفيف من حدة المخاوف من ان يلحق اضراراً بالاقتصاد اللبناني تؤثر على استقرار لبنان.
وقالت المصادر المالية ان التشريع المقترح الخاص بحزب الله أكثر تحديداً في تعريف من يستهدف عند مقارنته بمسودات المقترحات السابقة، ولم يعد يعتبر شاملاً كل سكان لبنان من الشيعة.
ومع الإعلان عن اقفال ملف اسرى الجيش اللبناني لدى داعش منذ ثلاث سنوات وقرابة الشهر، والذين أبلغ اللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام اهاليهم ان «أولادكم شهداء، وعليكم ان تفتخروا بشهادتهم»، ظهرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لاعلان الحداد الوطني اليوم حداداً على شهداء الجيش اللبناني، قابلتها دعوات أخرى بأن الحزن لا يمنع الاعتزاز بالنصر، والصبر لأهالي الأسرى الشهداء وكل ذوي أي شهيد.
اتفاق الجرود
فقد استفاق لبنان واللبنانيون صباح امس على خبر إعلان وقف إطلاق النار اعتبارا من السابعة صباحاً، بين الجيش اللبناني والجيش السوري و«حزب الله» من جهة ومسلحي «داعش» من جهة ثانية، في جرود السلسلة الشرقية، وبالتزامن بين جبهتي راس بعلبك والقاع من الجهة اللبنانية والقلمون الغربي من الجهة السورية، بعدإعلان مسلحي «داعش» الاستسلام والاستعداد للتفاوض للانسحاب الى دير الزور في سوريا، مقابل اتفاق على إعطاء معلومات عن مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين وامكنة دفن جثامين شهداء لـ«حزب الله» .
وافادت مصادرميدانية لـ«اللواء» ان استسلام المسلحين جاء بعد ليلة من القصف العنيف من مواقع الجيشين اللبناني والسوري و«حزب الله» على مواقع مسلحي داعش المحاصرين بين تلة حليمة قارة السورية وسفحها الممتد الى وادي مرطبيا في الاراضي اللبنانية، وادى قصف الجيش اللبناني حسب المعلومات العسكرية الخاصة الى مقتل عشرة مسلحين ليل امس الاول ونحو اربعين الليلة ما قبل الماضية، وترافق القصف مع تحضيرات عسكرية ضخمة من الجانبين اللبناني والسوري لشن الهجوم النهائي على المسلحين فجراً، ما اضطرهم الى طلب وقف النار وبدء التفاوض فوراً، وهذا ما حصل بدءاً من منتصف ليل امس بين الحزب و«داعش».
وذكرت المصادر ان «داعش» عرض اول الامر على «حزب الله» اعطاء معلومات عن مكان جثامين عناصره وعنصر الحرس الثوري الايراني محسن حججي الذي اعدمه داعش قبل فترة قصيرة بقطع رأسه، وتسليم اسير للحزب من آل معتوق، من دون معلومات عن مصير العسكريين، لكن الحزب رفض وأصرعلى معرفة مصير العسكريين قبل اي امر أخر، كما رفض لبنان عبر المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي كان يتابع التفاصيل مع الحزب اي تفاوض قبل معرفة مصير العسكريين المخطوفين.
وأكدت المصادر الميدانية مثلما قال الوزير جبران باسيل خلال جولة له مع وزراء «التيار الوطني الحر» في البقاع الشمالي الميدانية انه لم يجرِ اي تفاوض بل استسلام من قبل المسلحين، وان مسؤولي «داعش» اقروا في نهاية المطاف بوجود ثمانية جثامين لعناصر الجيش اللبناني مدفونة في معبر الزمراني قرب وادي الدب في جرود عرسال، اما جثمان الجندي اللبناني التاسع الذي اعدمه المسلحون الشهيد عباس مدلج قبل اكثرمن سنة فكان مدفوناً في مكان آخر قريب.كما اعدم «داعش» الرقيب الشهيد علي السيد من فنيدق عكار ولكن جرى تسليم جثمانه ودفن في بلدته.
وقال والد الشهيد مدلج في تصريح تلفزيوني: اسألوا «ابوطاقية وابو عجينة» فهما يعرفان اين دفنواابني. فردعليه اللواء ابراهيم: لن نخرج من الجرود قبل ان نتسلم جثمانه.
يُذكر ان الجندي المخطوف مع زملائه عبد الرحيم محمد دياب، انضم منذ اكثر من سنتين الى تنظيم «داعش» بسبب قرابته بأحد قياديي التنظيم وانتقل معه الى الرقة السورية ولم يعرف مصيره، وتردد انه قتل.
كما اقر «داعش» بوجود خمسة جثامين لعناصر من «حزب الله» في الاراضي اللبنانية قرب الحدود لجهة معبر الزمراني – وادي ميرا، وجثمانين في الاراضي السورية لجهة بادية تدمر، اضافة الى اسير حي من ال معتوق.
ومع حلول الظهر، تسلم «حزب الله» خمسة جثامين لعناصره، فيما انتقلت مجموعة من الامن العام مع احد مسؤولي «داعش» الى منطقة وادي الدب قرب معبر الزمراني – وادي ميرا التي استردها الجيش اللبناني قبل اشهر، حيث دلهم على مكان دفن الجثامين، وبدء العمل لإنتشالهم وامكن ذلك بحلول ساعات المساء الاولى حيث نقلت الجثامين الثمانية الى المستشفى العسكري لإجراء فحص الحمض الجيني للتأكد من هويات اصحابها، وبقي البحث عن جثمان الشهيد التاسع مدلج حتى وقت متأخر.
خيمة العسكريين
وقرابة الخامسة عصراً، زار اللواء إبراهيم خيمة أهالي العسكريين المخطوفين في ساحة رياض الصلح، وابلغهم ان «الجيش اللبناني والأمن العام ينتشلون في هذه اللحظات رفات نعتقد شبه جازمين انها للعسكريين، وقد انتشلت رفات 6 أشخاص يعتقد انهم الجنود لأنهم يلبسون «رينجر عسكرياً» لكنه قال انه لا يمكن ان نثبت حتى تظهر نتيجة الفحوص المعلمية، متوقعاً ان يصل عدد الشهداء إلى ثمانية، وهو ما حصل لاحقاً.
وإذ شد على ايدي أهالي العسكريين، كشف انه كانت لديه معلومات غير مؤكدة عن استشهاد هؤلاء العسكريين منذ أواسط شهر شباط 2015.
وأوضح ان الجانب اللبناني، رفض شروط «داعش» لوقف إطلاق النار الا باتفاق شامل بنده الأوّل الكشف عن مصير العسكريين، مشيراً إلى ان قيادة «داعش» تحت ضربات الجيش اللبناني انتقلت إلى داخل الأراضي السورية، وتولى «حزب الله» والدولة السورية التفاوض ولا تزال هناك بعض الفلول في الأراضي اللبنانية.
وكشف ان الذين استسلموا من «داعش» هم الذين ارشدونا إلى مكان وجود رفات العسكريين، ومعركة الجرود لن تنتهي حتى رحيل آخر «داعشي»، مرجحاً بأن يتم انسحاب داعش باتجاه البادية أو دير الزور، نافياً وجود معلومات عن المطرانين بولس اليازجي ويوحنا إبراهيم والمصور الصحافي سمير كساب.
ولاحقاً، أعلنت قيادة الجيش، العثور على رفات ثمانية أشخاص في محلة وادي الدب، جرود عرسال، في إطار متابعتها لقضية العسكريين المخطوفين لدى تنظيم «داعش» الارهابي، وانه تمّ نقل هذه الرفات إلى المستشفى العسكري المركزي لاجراء فحوصات DNA والتأكد من هوية أصحابها، وسيصار إلى إصدار بيان فور ورود نتائج هذ الفحوصات.
إلى ذلك، أعلنت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» ان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، سيلقي كلمة عبر شاشة «المنار» التابعة للحزب عند الساعة الثامنة والنصف من مساء اليوم الاثنين يتطرق فيها إلى آخر المستجدات، وبطبيعة الحال سيركز خطابه على التطورات المتعلقة بانتهاء معارك الجرود، وإعلانه التحرير الثاني للأرض اللبنانية من الارهابيين، بعد التحرير الأوّل في 25 أيّار 2000 من الاحتلال الإسرائيلي، مثلما كان وعد في اطلالته الأخيرة مساء الخميس الماضي.
على ان اللافت، ان اتفاق وقف النار الذي قضى ببنده الثالث انسحاب مسلحي «داعش» مع عائلاتهم إلى دير الزور، لم يرض أهالي القاع ولا «القوات اللبنانية»، إذ سأل وزير الإعلام ملحم رياشي في تغريدة له عبر «تويتر»: أين الحكمة من إطلاق «داعش» بعد اكتشاف مصير العسكريين؟ يجيب: «الحكمة في الأسر والمحاكمة والقضاء.. عليهم».
اما أهالي شهداء القاع، فأصدروا بياناً طالبوا فيه بتوقيف عناصر هذا التنظيم الارهابي والتحقيق معهم لمعرفة ملابسات الجرائم الإرهابية التي اقترفوها، واخرها مجزرة 27 حزيران التي أدّت إلى سقوط خمسة شهداء إضافة إلى 32 جريحاً، وسألوا مستغربين: لماذا يتم تمرير هؤلاء الارهابيين إلى الداخل السوري، وتحديداً منطقة دير الزور قبل ان يتم التحقيق معهم ومعاقبتهم بالعقاب المناسب؟
وبحسب شروط الاستسلام او الاتفاق ببنوده الثلاثة سينتقل المسلحون مع عائلاتهم وعددهم بين 450 و 500 شخص عبر الحدود السورية الى منطقة البو كمال في دير الزورعندالحدود مع العراق، بعدموافقة السلطات السورية على ما اتفق عليه «حزب الله» مع المسلحين.
واوضحت المصادر انه بعد انتهاء عملية الانسحاب المفترضة مع نهاية نهار اليوم، سيتسلم الجيش اللبناني كامل الحدود اللبنانية مع سوريا وينشرفيها افواج الحدود الثلاثة، فيما تعودبقية القوات المقاتلة الى مواقعها السابقة.
باسيل
وفي تطوّر سياسي آخر، ردّ غير مباشر على الإنزعاج القواتي، قال الوزير باسيل من بلدة عيناتا البقاعية «ان الجيش اللبناني انتصر لأنه أجبر العدو على الاستسلام والجيش لم يفاوض بل أجبر العدو على الهروب من الجبال».
وإذ اعتبر ان الوقت ليس لتحميل المسؤوليات، قال ان «النصر القوي والكبير عندما تربح معركة من دون أن تخوضها، لكن جيشنا خاض المعركة على عدّة مراحل، والمرحلة الأخيرة ربحها من دون أن يخوضها، فمبروك لجيشنا ولشعبنا.
وعن الخلاف بين معادلة: «جيش وشعب ومقاومة»، ومعادلة «جيش وشعب دولة» التي طرحتها «القوات»، لاحظ باسيل اننا متفقون على اثنين من ثلاثة، وأن المقاومة والدولة لا ينتقضان، لأن المقاومة جزء من الدولة، وهي أكيد أصغر من الدولة، وعندما تكون الدولة بجيشها ومؤسساتها أكبر من «القوات» و«المستقبل»، فهكذا تكون الدولة قوية.
إستعادة الجمعة
إلى ذلك، تفاعل التغاضي عن التعطيل يوم الجمعة، حيث يتوقع أن يأخذ منحى تصاعدياً لن يتوقّف حتى إقرار التعطيل يوم الجمعة لتحقيق المناصفة الحقيقية بين اللبنانيين.
وأكدت مصادر لـ «اللـواء» أنّ «الأمور ستتخذ خلال الأيام والأسابيع المقبلة، منحى تصاعدياً لفرض التعطيل يوم الجمعة، وستعتمد الجهات الفاعلة مختلف الوسائل القانونية والمشروعة في سبيل تحقيق هذا الهدف الدستوري والديني والوطني، ولن تتوقف التحركات إلا بالتراجع عن هذا القانون الجائر الذي لا يخدم المصلحة الوطنية العليا».
وفي هذا الإطار، دعت «اللجنة المنبثقة عن الهيئات والجمعيات والشخصيات الإسلامية والوطنية» بعد لقائها مفتي الجمهورية الشيخ دريان إلى اجتماع حاشد في بهو دار الفتوى ومحيطها عند الساعة 5:30 من عصر يوم الأربعاء المقبل، تحت عنوان «الجمعة حقٌ .. علينا استعادته».
واستقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، اللجنة المنبثقة عن الهيئات والجمعيات والشخصيات الإسلامية والوطنية.
وتحدّث الشيخ زياد الصاحب بعد اللقاء معلناً عن تجمع الهيئات والجمعيات والشخصيات الإسلامية يوم الأربعاء المقبل في دار الفتوى.
وفي البقاع، عقد مفتي زحلة والبقاع الغربي الشيخ خليل الميس اجتماعا طارئا لعلماء المنطقة، بحضور مفتي بعلبك الشيخ خالد صلح ورئيس اتحاد بلديات قلعة الاستقلال فوزي سالم، ورئيس اتحاد بلديات البحيرة، ورؤساء المجالس البلدية والاختيارية والفاعليات في البقاع، دعماً لعطلة يوم الجمعة، وجرى التشاور حول قرار العمل يوم الجمعة.
كما أعلنت بلديات ومخاتير وهيئات في طرابلس والشمال وعكار واليقاع تحركات مطالبة بعطلة الجمعة.
الاخبار :
بعد ثلاث سنوات من اعتداء إرهابيي «داعش» و«جبهة النصرة» على القوى الأمنية اللبنانية في بلدة عرسال واختطاف عسكريين لبنانيين، أدّت اعترافات إرهابيين من «داعش» إلى الكشف عن مصير ثمانية عسكريين لبنانيين، كان التنظيم قد قتلهم بعد فترة من اختطافهم.
وعلى رغم النهاية المأسوية لهذا الملفّ، وانتظار الأهالي طويلاً لمعرفة مصير أبنائهم الشهداء، إلّا أن التضحيات التي