طوى لبنان إلى غير رجعة صفحة إرهاب المسلحين من داعش، وقبلها النصرة، في جروده الشرقية، من عرسال إلى رأس بعلبك والقاع، في إنجاز وطني، نغّصه ما كشف عن ان جنود الجيش اللبناني، الذين اختطفهم تنظيم «داعش» من عرسال، قد أصبحوا في «عداد الشهداء» بانتظار فحوصات DNA، و«التأكد من هوية أصحابها»، على حدّ تعبير بيان لقيادة الجيش، وفي إطار متابعة قضية العسكريين المخطوفين لدى التنظيم الارهابي.
ويمكن القول ان يوم الأحد 27 آب، سيكون يوماً تاريخياً لجهة إنهاء الوجود «الارهابي» المسلح لتنظيمات أتت من سوريا وعادت إليها، الأمر الذي سيفتح الآفاق السياسية إلى مرحلة جديدة، من تخفيف الضغوطات على البلد وصرف الأنظار إلى مرحلة من النشاط الاقتصادي والإنماء في المناطق المحررة، على طريق استعادة العافية.
وستكون هذه المعطيات الجديدة على طاولة المحادثات التي سيجريها الرئيس سعد الحريري في العاصمة الفرنسية باريس في 31 الجاري، لا سيما مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ونظيره الفرنسي، ووزراء الخارجية والدفاع والاقتصاد.
وقال مصدر رسمي لـ«اللواء» ان تحرير الجرود، ودور الجيش اللبناني في التضييق والمواجهة مع «الارهابيين» فضلاً عن توفير الدعم للجيش والمؤسسات الأمنية، إلى استقرار لبناني، وضرورة دعمه اقتصادياً ليتمكن من تجاوز حالة التباطؤ في النمو، على الرغم من التحسّن الذي طرأ بعد عودة الرئيس الحريري إلى السلطة.
وتتزامن الزيارة، مع معلومات نسبتها وكالة «رويترز» إلى مصادر مصرفية وسياسية انه تمّ تعديل مقترحات على العقوبات الأميركية على حزب الله، بهدف التخفيف من حدة المخاوف من ان يلحق اضراراً بالاقتصاد اللبناني تؤثر على استقرار لبنان.
وقالت المصادر المالية ان التشريع المقترح الخاص بحزب الله أكثر تحديداً في تعريف من يستهدف عند مقارنته بمسودات المقترحات السابقة، ولم يعد يعتبر شاملاً كل سكان لبنان من الشيعة.
ومع الإعلان عن اقفال ملف اسرى الجيش اللبناني لدى داعش منذ ثلاث سنوات وقرابة الشهر، والذين أبلغ اللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام اهاليهم ان «أولادكم شهداء، وعليكم ان تفتخروا بشهادتهم»، ظهرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لاعلان الحداد الوطني اليوم حداداً على شهداء الجيش اللبناني، قابلتها دعوات أخرى بأن الحزن لا يمنع الاعتزاز بالنصر، والصبر لأهالي الأسرى الشهداء وكل ذوي أي شهيد.
اتفاق الجرود
فقد استفاق لبنان واللبنانيون صباح امس على خبر إعلان وقف إطلاق النار اعتبارا من السابعة صباحاً، بين الجيش اللبناني والجيش السوري و«حزب الله» من جهة ومسلحي «داعش» من جهة ثانية، في جرود السلسلة الشرقية، وبالتزامن بين جبهتي راس بعلبك والقاع من الجهة اللبنانية والقلمون الغربي من الجهة السورية، بعدإعلان مسلحي «داعش» الاستسلام والاستعداد للتفاوض للانسحاب الى دير الزور في سوريا، مقابل اتفاق على إعطاء معلومات عن مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين وامكنة دفن جثامين شهداء لـ«حزب الله» .
وافادت مصادرميدانية لـ«اللواء» ان استسلام المسلحين جاء بعد ليلة من القصف العنيف من مواقع الجيشين اللبناني والسوري و«حزب الله» على مواقع مسلحي داعش المحاصرين بين تلة حليمة قارة السورية وسفحها الممتد الى وادي مرطبيا في الاراضي اللبنانية، وادى قصف الجيش اللبناني حسب المعلومات العسكرية الخاصة الى مقتل عشرة مسلحين ليل امس الاول ونحو اربعين الليلة ما قبل الماضية، وترافق القصف مع تحضيرات عسكرية ضخمة من الجانبين اللبناني والسوري لشن الهجوم النهائي على المسلحين فجراً، ما اضطرهم الى طلب وقف النار وبدء التفاوض فوراً، وهذا ما حصل بدءاً من منتصف ليل امس بين الحزب و«داعش».
وذكرت المصادر ان «داعش» عرض اول الامر على «حزب الله» اعطاء معلومات عن مكان جثامين عناصره وعنصر الحرس الثوري الايراني محسن حججي الذي اعدمه داعش قبل فترة قصيرة بقطع رأسه، وتسليم اسير للحزب من آل معتوق، من دون معلومات عن مصير العسكريين، لكن الحزب رفض وأصرعلى معرفة مصير العسكريين قبل اي امر أخر، كما رفض لبنان عبر المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي كان يتابع التفاصيل مع الحزب اي تفاوض قبل معرفة مصير العسكريين المخطوفين.
وأكدت المصادر الميدانية مثلما قال الوزير جبران باسيل خلال جولة له مع وزراء «التيار الوطني الحر» في البقاع الشمالي الميدانية انه لم يجرِ اي تفاوض بل استسلام من قبل المسلحين، وان مسؤولي «داعش» اقروا في نهاية المطاف بوجود ثمانية جثامين لعناصر الجيش اللبناني مدفونة في معبر الزمراني قرب وادي الدب في جرود عرسال، اما جثمان الجندي اللبناني التاسع الذي اعدمه المسلحون الشهيد عباس مدلج قبل اكثرمن سنة فكان مدفوناً في مكان آخر قريب.كما اعدم «داعش» الرقيب الشهيد علي السيد من فنيدق عكار ولكن جرى تسليم جثمانه ودفن في بلدته.
وقال والد الشهيد مدلج في تصريح تلفزيوني: اسألوا «ابوطاقية وابو عجينة» فهما يعرفان اين دفنواابني. فردعليه اللواء ابراهيم: لن نخرج من الجرود قبل ان نتسلم جثمانه.
يُذكر ان الجندي المخطوف مع زملائه عبد الرحيم محمد دياب، انضم منذ اكثر من سنتين الى تنظيم «داعش» بسبب قرابته بأحد قياديي التنظيم وانتقل معه الى الرقة السورية ولم يعرف مصيره، وتردد انه قتل.
كما اقر «داعش» بوجود خمسة جثامين لعناصر من «حزب الله» في الاراضي اللبنانية قرب الحدود لجهة معبر الزمراني – وادي ميرا، وجثمانين في الاراضي السورية لجهة بادية تدمر، اضافة الى اسير حي من ال معتوق.
ومع حلول الظهر، تسلم «حزب الله» خمسة جثامين لعناصره، فيما انتقلت مجموعة من الامن العام مع احد مسؤولي «داعش» الى منطقة وادي الدب قرب معبر الزمراني – وادي ميرا التي استردها الجيش اللبناني قبل اشهر، حيث دلهم على مكان دفن الجثامين، وبدء العمل لإنتشالهم وامكن ذلك بحلول ساعات المساء الاولى حيث نقلت الجثامين الثمانية الى المستشفى العسكري لإجراء فحص الحمض الجيني للتأكد من هويات اصحابها، وبقي البحث عن جثمان الشهيد التاسع مدلج حتى وقت متأخر.
خيمة العسكريين
وقرابة الخامسة عصراً، زار اللواء إبراهيم خيمة أهالي العسكريين المخطوفين في ساحة رياض الصلح، وابلغهم ان «الجيش اللبناني والأمن العام ينتشلون في هذه اللحظات رفات نعتقد شبه جازمين انها للعسكريين، وقد انتشلت رفات 6 أشخاص يعتقد انهم الجنود لأنهم يلبسون «رينجر عسكرياً» لكنه قال انه لا يمكن ان نثبت حتى تظهر نتيجة الفحوص المعلمية، متوقعاً ان يصل عدد الشهداء إلى ثمانية، وهو ما حصل لاحقاً.
وإذ شد على ايدي أهالي العسكريين، كشف انه كانت لديه معلومات غير مؤكدة عن استشهاد هؤلاء العسكريين منذ أواسط شهر شباط 2015.
وأوضح ان الجانب اللبناني، رفض شروط «داعش» لوقف إطلاق النار الا باتفاق شامل بنده الأوّل الكشف عن مصير العسكريين، مشيراً إلى ان قيادة «داعش» تحت ضربات الجيش اللبناني انتقلت إلى داخل الأراضي السورية، وتولى «حزب الله» والدولة السورية التفاوض ولا تزال هناك بعض الفلول في الأراضي اللبنانية.
وكشف ان الذين استسلموا من «داعش» هم الذين ارشدونا إلى مكان وجود رفات العسكريين، ومعركة الجرود لن تنتهي حتى رحيل آخر «داعشي»، مرجحاً بأن يتم انسحاب داعش باتجاه البادية أو دير الزور، نافياً وجود معلومات عن المطرانين بولس اليازجي ويوحنا إبراهيم والمصور الصحافي سمير كساب.
ولاحقاً، أعلنت قيادة الجيش، العثور على رفات ثمانية أشخاص في محلة وادي الدب، جرود عرسال، في إطار متابعتها لقضية العسكريين المخطوفين لدى تنظيم «داعش» الارهابي، وانه تمّ نقل هذه الرفات إلى المستشفى العسكري المركزي لاجراء فحوصات DNA والتأكد من هوية أصحابها، وسيصار إلى إصدار بيان فور ورود نتائج هذ الفحوصات.
إلى ذلك، أعلنت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» ان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، سيلقي كلمة عبر شاشة «المنار» التابعة للحزب عند الساعة الثامنة والنصف من مساء اليوم الاثنين يتطرق فيها إلى آخر المستجدات، وبطبيعة الحال سيركز خطابه على التطورات المتعلقة بانتهاء معارك الجرود، وإعلانه التحرير الثاني للأرض اللبنانية من الارهابيين، بعد التحرير الأوّل في 25 أيّار 2000 من الاحتلال الإسرائيلي، مثلما كان وعد في اطلالته الأخيرة مساء الخميس الماضي.
على ان اللافت، ان اتفاق وقف النار الذي قضى ببنده الثالث انسحاب مسلحي «داعش» مع عائلاتهم إلى دير الزور، لم يرض أهالي القاع ولا «القوات اللبنانية»، إذ سأل وزير الإعلام ملحم رياشي في تغريدة له عبر «تويتر»: أين الحكمة من إطلاق «داعش» بعد اكتشاف مصير العسكريين؟ يجيب: «الحكمة في الأسر والمحاكمة والقضاء.. عليهم».
اما أهالي شهداء القاع، فأصدروا بياناً طالبوا فيه بتوقيف عناصر هذا التنظيم الارهابي والتحقيق معهم لمعرفة ملابسات الجرائم الإرهابية التي اقترفوها، واخرها مجزرة 27 حزيران التي أدّت إلى سقوط خمسة شهداء إضافة إلى 32 جريحاً، وسألوا مستغربين: لماذا يتم تمرير هؤلاء الارهابيين إلى الداخل السوري، وتحديداً منطقة دير الزور قبل ان يتم التحقيق معهم ومعاقبتهم بالعقاب المناسب؟
وبحسب شروط الاستسلام او الاتفاق ببنوده الثلاثة سينتقل المسلحون مع عائلاتهم وعددهم بين 450 و 500 شخص عبر الحدود السورية الى منطقة البو كمال في دير الزورعندالحدود مع العراق، بعدموافقة السلطات السورية على ما اتفق عليه «حزب الله» مع المسلحين.
واوضحت المصادر انه بعد انتهاء عملية الانسحاب المفترضة مع نهاية نهار اليوم، سيتسلم الجيش اللبناني كامل الحدود اللبنانية مع سوريا وينشرفيها افواج الحدود الثلاثة، فيما تعودبقية القوات المقاتلة الى مواقعها السابقة.
باسيل
وفي تطوّر سياسي آخر، ردّ غير مباشر على الإنزعاج القواتي، قال الوزير باسيل من بلدة عيناتا البقاعية «ان الجيش اللبناني انتصر لأنه أجبر العدو على الاستسلام والجيش لم يفاوض بل أجبر العدو على الهروب من الجبال».
وإذ اعتبر ان الوقت ليس لتحميل المسؤوليات، قال ان «النصر القوي والكبير عندما تربح معركة من دون أن تخوضها، لكن جيشنا خاض المعركة على عدّة مراحل، والمرحلة الأخيرة ربحها من دون أن يخوضها، فمبروك لجيشنا ولشعبنا.
وعن الخلاف بين معادلة: «جيش وشعب ومقاومة»، ومعادلة «جيش وشعب دولة» التي طرحتها «القوات»، لاحظ باسيل اننا متفقون على اثنين من ثلاثة، وأن المقاومة والدولة لا ينتقضان، لأن المقاومة جزء من الدولة، وهي أكيد أصغر من الدولة، وعندما تكون الدولة بجيشها ومؤسساتها أكبر من «القوات» و«المستقبل»، فهكذا تكون الدولة قوية.
إستعادة الجمعة
إلى ذلك، تفاعل التغاضي عن التعطيل يوم الجمعة، حيث يتوقع أن يأخذ منحى تصاعدياً لن يتوقّف حتى إقرار التعطيل يوم الجمعة لتحقيق المناصفة الحقيقية بين اللبنانيين.
وأكدت مصادر لـ «اللـواء» أنّ «الأمور ستتخذ خلال الأيام والأسابيع المقبلة، منحى تصاعدياً لفرض التعطيل يوم الجمعة، وستعتمد الجهات الفاعلة مختلف الوسائل القانونية والمشروعة في سبيل تحقيق هذا الهدف الدستوري والديني والوطني، ولن تتوقف التحركات إلا بالتراجع عن هذا القانون الجائر الذي لا يخدم المصلحة الوطنية العليا».
وفي هذا الإطار، دعت «اللجنة المنبثقة عن الهيئات والجمعيات والشخصيات الإسلامية والوطنية» بعد لقائها مفتي الجمهورية الشيخ دريان إلى اجتماع حاشد في بهو دار الفتوى ومحيطها عند الساعة 5:30 من عصر يوم الأربعاء المقبل، تحت عنوان «الجمعة حقٌ .. علينا استعادته».
واستقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، اللجنة المنبثقة عن الهيئات والجمعيات والشخصيات الإسلامية والوطنية.
وتحدّث الشيخ زياد الصاحب بعد اللقاء معلناً عن تجمع الهيئات والجمعيات والشخصيات الإسلامية يوم الأربعاء المقبل في دار الفتوى.
وفي البقاع، عقد مفتي زحلة والبقاع الغربي الشيخ خليل الميس اجتماعا طارئا لعلماء المنطقة، بحضور مفتي بعلبك الشيخ خالد صلح ورئيس اتحاد بلديات قلعة الاستقلال فوزي سالم، ورئيس اتحاد بلديات البحيرة، ورؤساء المجالس البلدية والاختيارية والفاعليات في البقاع، دعماً لعطلة يوم الجمعة، وجرى التشاور حول قرار العمل يوم الجمعة.
كما أعلنت بلديات ومخاتير وهيئات في طرابلس والشمال وعكار واليقاع تحركات مطالبة بعطلة الجمعة.
اللواء : إستسلام داعش يطوي «إرهاب الجرود».. وتعاطف وطني مع أهالي شهداء الجيش
اللواء : إستسلام داعش يطوي «إرهاب الجرود».. وتعاطف وطني مع...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
483
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro