هو شاب لبناني مسيحيّ تطوّع في الجيش اللبناني. وحين ناداه الواجب الوطني حمل سلاحه وتوجّه، تنفيذاً للأوامر، إلى ساحة المعركة للدفاع عن حدود لبنان بوجه العدوّ الداعشي. كان في مقدّمة المهاجمين، وكان أوّل المصابين. جريح نزف دماءه في جرود عرسال فداءً للبنان، وأيضاً تنفيذاً للأوامر.
هذه الحكاية القصيرة تختصر مستقبلاً لا يريده بعض اللبنانيين. مستقبل حيث الجيش اللبناني يدافع عن لبنان وليس الميليشيات، أيّا كان اسمها ولونها ومذهبها. جيش يضمّ جنواداً مسيحيين ومسلمين، سنّة وشيعة، دروزاً وموارنة، أرثوذكساً وكاثوليكاً، أرمن وإنجيليين...
اقرا ايضا : ياسر عودة وأحمد اسماعيل وابراهيم شمس الدين... حزب الله خائف من الانتخابات
لطالما حاول "الإعلام الحربي"، منذ عقود، إقناع اللبنانيين بأنّ مهنهم تقسّم بحسب الطوائف. فالشيعة يقاتلون لحماية لبنان باعتبارهم أشدّ بأساً، والسنّة موهبتهم التجارة في المدن، والمسيحيون إداريون وتجّار ومغتربون ويديرون مدارس وجامعات، والأرمن حرفيون وصناعيون، والدروز مزارعون ومهنيون...
لكنّ إصابة سيبوه غيراغوسيان، في "حرب" أطلقها الجيش اللبناني، ومن خلف الشعب اللبناني دون استثناء، وبقرار سياسي شديد الوضوح، وتضامن غير مسبوق... إصابته هذه في الهجوم على داعش، نبّهتنا إلى ما يمنعنا حزب الله من الانتباه إليه: ليس شرطاً أن تكون شيعياً موالياً لإيران وتؤمن بولاية الفقيه وتدافع عن مقدّسات شيعية، كي تحمل السلاح وتدافع عن حدود لبنان وتُصاب، وربما تستشهد، كما استشهد رفاق سيبوه، مسيحيين ومسلمين.
بعيداً عن الحجج السياسية، وبعيداً عن التحليلات الميدانية، سيبوه غيرغوسيان، الذي أعلن خطوبته من المستشفى، على حبيبته ريتا خاتشادور، هو لبنان الذي سنبنيه معاً. لبنان الذي يحبّ الحياة، رغم الإصابات، ولبنان التنوّع، حيث الجيش، بالفعل لا بالكلام الإنشائي، هو من يحمي لبنان، بدماء أبنائه من كلّ المناطق والطوائف، وبأحلامهم أيضاً.