قال الرئيس ميشال سليمان، في حديث الى اذاعة "الشرق" عن توقيت معركة "فجر الجرود" ومغزاها: "كان التوقيت مناسبا لأن "داعش" في حال إنهيار، ومدى الأعوام الماضية منذ أن هاجم "داعش" الجيش في آب 2014 لم يكن هناك رئيس وكان هناك شغور وكان "داعش" ينهض بدولته وتتراجع الجيوش لمصلحته بعدما إحتل مساحة كبيرة جدا، واليوم هو ينهار في مناطق عدة وقيادته تتفكك وخطوطه اللوجستية إنقطعت. اليوم هو أفضل ظرف لمهاجمة "داعش".
وردا على سؤال، قال: "عندما ظهر "داعش" وأعلن دولته وهاجم الجيش كان في الثاني من آب 2014. المسؤولية يتحملها من عطل إنتخابات الرئاسة. الجيش كان في عرسال ونظف البقعة وحمى التجمعات المدنية من "داعش"، وفي سوريا دخلوا إلى مراكز وقرى وإحتلوا وتحكموا وأنشأوا ولايات، وعندنا لم يستطيعوا القيام بشيء، ظلوا في الجرد فترة طويلة".
ورد على الذين لاموا الجيش لعدم خوضه المعركة في حينه ضد "داعش"، قائلا: "لا أريد إدخال السياسة بالجيش. لو كنت رئيسا في ذلك الوقت يمكن ان يكون كلامي متطرفا. لكن لم يكن هناك رئيس وكانت هناك حكومة وجيش, الجيش وقتها فعل ما يجب فعله، والذي يسأل لماذا لم يخض الجيش المعركة في ذلك الوقت فليتفضل، ونسأله: لماذا لم يقم هو بالمعركة؟ إلا إذا كان منتظرا القرار السياسي من الحكومة. وهذا عجيب وغريب لأنهم كانوا يمنعون الحكومة من إتخاذ القرار السياسي".
وأوضح ان "القرار هو قرار سياسي يحكم القرار العسكري والجيش يلتزم القرار. لكن القرار السياسي يحتم على السلطة أن تعطي الجيش الوسائل اللازمة وتوفر له الظروف المناسبة لتحقيق أهدافه. إذا كان حقق هدف بخرق معين في مكان ما وأنتج ذلك إضطرابا معينا في مكان آخر لا يكون الأمر قد نفذ, أعتقد أن القرار السياسي كان متوافرا لدى الحكومة وكان في عهدة قيادة الجيش إيجاد الظروف المناسبة. سبق أن أشرت إلى أن الظروف الماضية لم تكن ملائمة من أجل القيام بالعملية، وأكبر دليل أن "داعش" لم يستطع إقامة دولة في لبنان لا في القاع ولا في رأس بعلبك ولا في عرسال ولا في نهر البارد".
وقال ردا على سؤال: "أريد أن أوضح أن المنظمات عندما تقوم بعمل عسكري يكون لها هدف سياسي عادة، والعمل العسكري هو تكملة للعمل السياسي، بطريقة أخرى يريدون تحقيق هدف سياسي وأهدافهم يمكن أن تكون، كما أشرت، إنما يجب الا ننساق إلى أهدافهم التي يخططون لها. يجب أن يكون عندنا الحصانة والمناعة الكافيتين بإشراف الحكومة ودعم رئيس الجمهورية وبإرادة صلبة، مستقلة، محررة لقيادة الجيش. نحن لا ننساق إلى تحقيق أهداف الآخرين".
وأضاف: "إذا قررنا نحن بشروط لبنانية صحيحة ومفيدة للشعب اللبناني ننسق، والأفضل ان ننأى بأنفسنا عن صراعات المحاور, نحن لا ننسق إلا في ما يخص مصالح الناس والأمور المرتبطة بهم من مأكل ومشرب وتصدير للخضر والفاكهة. هذه أمور حيوية. عندما كانت سوريا في أزمتها الكبيرة كانت تنقل الجرحى والمرضى إلى مستشفيات لبنان. هذه الأمور الإنسانية تستمر, ليست هناك اشكالية مع والشعب السوري. لبنان بلد محايد ومحيد عن الصراع السوري ويجب أن يبقى هكذا".
وعن التحالف الدولي ضد الإرهاب أكد أن "لبنان هو الجزء الأكثر إفادة في معركة الإرهاب من كل الأطراف الآخرين، وقد حقق هذا الأمر. لبنان المتعدد الطوائف والذي يضم لجوءا من مناطق ودول ومليون ونصف مليون نازح سوري لم تحدث فيه أي حادثة طائفية واحدة خلال الأعوام الستة الماضية من الحرب السورية, فهو مثال ناصع للتجربة اللبنانية يجب إستغلاله جيدا لإنماء لبنان".
وأوضح ردا على سؤال "أن معركة "فجر الجرود" كانت أسهل من معركة نهر البارد، ففي الجرود المسرح مفتوح".
وحيا أهالي القاع ورأس بعلبك وعرسال، مهنئا إياهم ب"العودة وممارسة حريتهم في ملكيتهم في الجرود"، وقال: "المعارك في المدن مختلفة، عادة الجيوش لا تدخل المدن إنما تحاصرها، لكن في مخيم نهر البارد لم نكتف بالحصار لأن المسلحين كانوا في الزواريب ويتخذون المدنيين دروعا بشرية وكانوا أيضا قتلوا عسكريين أمام مدخل المخيم، لذلك لم يكن هناك سبيل إلا الدخول مهما كلف الأمر, كان سهلا محاصرة المخيم وقطع الإمدادات، لكن هذا كان إستغرق وقتا أطول. نحن إعتمدنا العملية الجراحية وأنقذنا المدنيين وهاجمنا المسلحين الإرهابيين، وهذا كلف الجيش هؤلاء الشهداء الذين سقطوا وفي معركة نهر البارد. كانت الأبنية متجاورة وأحياء صغيرة وأبنية متداخلة. إن العمل العسكري في منطقة مفتوحة أفضل. المعركة معركة والحرب بنتائجها, إن النتيجة لغاية الآن ممتازة، وهي أفضل معركة ضد الإرهاب وأفضل أداء"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة "بدأت بتجهيز الجيش بمعدات جديدة وحديثة، إضافة إلى أبراج بريطانية أنشئت لأفواج الحدود فأعطت الكثير من قدرة المناورة والمراقبة والرصد وتحقيق موضعي".
وشرح أن "الهجوم عادة هدفه إحتلال البقعة إما بقتل العدو وأسره وإما بطرده , إذا كانت هذه المعركة أدت إلى طرد العدو فليكن, المهم هو إحتلال البقعة، وهذا هو الهجوم عموما".
وعن مقايضة التنسيق مع سوريا من أجل إطلاق العسكريين المخطوفين، قال: "إن مصير هؤلاء العسكريين غير معروف. منذ أن بدأت الحادثة كنت خارج السلطة ولا متابعة لي لمجريات الأمور، ولكن أي مقايضة أو إشارة إلى أن لبنان يجب أن يطلب ذلك رسميا من أي دولة وخصوصا دول الجوار، فهذا يحمل في طياته شكوكا. ربما هم يعرفون مكان العسكريين ويستخدمون هذا الموضوع لتحقيق غاية ما. نحن على العكس، إذا كان هناك سوريون مخطوفون في لبنان ونعرف مكانهم لا نتأخر في القول للسوريين إننا نحررهم، وهو موضوع إنساني وملزم، إنما ربط الموضوع ببعضه خطأ. ولا أعتقد أن (الامين العام ل"حزب الله) السيد (حسن) نصرالله أمس أراد ربطه بهذا الشكل.
إن إنقاذ العسكريين يتطلب توقيف المتورطين للتحقيق معهم. فالذين هربوا من جرود عرسال لم يتسن لنا التحقيق معهم في موضوع العسكريين".
وإنتقد إطلالات الامين العام ل"حزب الله" "الكثيفة لشرح هذه العمليات"، وقال: "الجيش كان يقوم بالعملية بالجزء الأكبر, هناك حكومة وسلطة سياسية تغطي الجميع في لبنان. لذلك يجب أن يترك الكلام اما للقائد الأعلى للقوى المسلحة وإما لرئيس الحكومة، وإما، بالحد الأدنى، لقائد الجيش, إن فائدة إنعكاس العملية على البلد عظيمة جدا وقد إستعادت الحكومة الثقة بعد إنجاز هذه العملية وهذا مفيد لكل اللبنانيين, بحسب قيادة الجيش، لا يوجد تنسيق، لكن إذا حصل تنسيق لتجنب إيذاء الوحدات العسكرية من الجانبين اللبناني السوري، فما الذي يمنع! يوجد مكتب تعاون وتنسيق في قيادة الجيش يستطيع ان ينسق هذه المعليات المتاخمة لعدم حصول إرباكات, هناك تنسيق تحكمه الأرض وهو إجباري, عدونا في المعركة واحد، لذلك لا أمانع التنسيق هنا إذا كان مضبوطا بالوقت والمكان والأهداف.
أما أن نقلب الصفحة للوصول إلى تنسيق لأهداف سياسية، فهذا الأمر يعكر صفو العلاقات في لبنان ويردنا إلى حالات صعبة ولا نقبل بإستغلال التنسيق, إذا كانوا هم يريدون ذلك فيجب أن يكون قرارنا حرا، ولم تعد الصورة المرسومة أن الجيش غير قادر وأنه في حاجة الى دعم حزب الله أو غيره"
ورأى ان "ملف الإستراتيجية الدفاعية مقفل حاليا ويجب أن يفتح لانهاء السلاح غير الشرعي في مهلة زمنية من 3 سنوات الى 5 سنوات حدا أقصى، ويكون الجيش قد حصل على تجهيزات مناسبة, إن قوة الجيش ليست فقط في التجهيزات",
ولفت إلى "وجود قرارات دولية إتخذت لدعم تسليح الجيش، وما أظهره الجيش من مهارة في استخدام الأسلحة يحفز الدول على تسليحه".
وعن ترسيم الحدود اللبنانية - السورية، قال: "يجب أن نذهب فورا إلى ترسيم الحدود, هناك اليوم لوحة ترسم للمنطقة بدءا من سوريا والعراق, هل لبنان طلب شيئا في هذا الموضوع؟ نحن نسكت دائما, غدا يجدون حلولا لسوريا وللمنطقة ولا يحصل لبنان على شيء, السؤال: ماذا طلبت الحكومة اللبنانية؟ يجب ترسيم الحدود بدءا من البحر وصولا إلى شبعا, إذا كان المطلوب التنسيق في أمور إلزامية وإجبارية اتخذت فيها قرارات.
اما إذا كان لزوم ما يلزم في أمور منسقة ومقررة، فهذا معناه إستغلال".
وكرر أن "التنسيق اليوم مستمر فقط على مستوى مصالح الناس وليس مصالح الحكومتين اللبنانية والسورية, لا يمكن فصل هذا الرابط بين الشعبين المتجاورين، فالعلاقات التاريخية بينهما لا ينكرها أحد"، مؤكدا "وجود قرارات عدة من أجل ترسيم الحدود"، مبديا خشيته من "تعرض الوضع الداخلي إلى إضطرابات مجددا"، مشددا على أن "أهم شيء هو وحدة الشعب اللبناني".
وعن عودة النازحين السوريين والخشية من تحول الجيش إلى حرس حدود، قال: "ضمن الإستراتيجية الدفاعية، تحدثنا عن حرس حدود يكون بإمرة الدولة والسلاح محصور بيد الدولة وحدها وبإمرة رئيس الجمهورية".