بالرغم من الكثير من التكهنات حول أسباب زيارة الزعيم العراقي مقتدى الصدر للسعودية ولقائه بولي العهد الأمير محمد بن سلمان وتأثير تلك الزيارة على العلاقات الإيرانية السعودية إلا أن التوقيت الزمني لتلك الزيارة وما أعقبتها من التصريحات والتحليلات، أثبتت بأن ما يهم مقتدى الصدر أولًا وأخيرًا هو دفع خطر عودة نوري المالكي إلى السلطة عبر طوابير الحشد الشعبي وهنا بالضبط تتقاطع مصالح الصدر السياسية مع مصالح حيدر العبادي، فإن كلا منهما يلح على دمج الحشد الشعبي في الحكومة والجيش، بينما يلح نوري المالكي على استمرار حياة الحشد بعد القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل وتلعفر.
إقرأ أيضًا: خاتمي يطالب خامنئي بالإفراج عن زعماء الحركة الخضراء
إن نوري المالكي يريد إستخدام الإنتصارات التي حققها الحشد الشعبي كورقة للعودة إلى السلطة، وإبقاء ميليشيات الحشد رسميًا خارج سلطة الدولة ويحاول حيدر العبادي وضع الحشد تحت تصرف الدولة مع الإحتفاظ ببنيته وهيكليته ولا يريد العبادي حلّ ميليشيات الحشد كما قام به المالكي في فترة ولايته (2006-2010) واستهدف المجموعات شبه العسكرية بما في ذلك جيش المهدي الجناح العسكري لحركة مقتدى الصدر ووصل الهجوم على جيش المهدي ذروته بإعتزام المالكي تصفية الصدر مما دفع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الى التدخل الغاضب عبر بعث رسالة شهيرة إلى المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيستاني طالبه فيها بالتحرك لمنع القضاء على الصدر.
إقرأ أيضًا: اللواء سليماني: إيران لا تريد تشييع السنة
بطبيعة الحال إيران تفضل بقاء ميليشيا الحشد الشعبي خارج سلطة الحكومة المباشرة وليس بمقدور العبادي حل مجموعات الحشد ولا إدماجها في الجيش نظرا لطابع القداسة الذي حصلت عليها تلك المجموعات والشعبية الهائلة لدى الرأي العام الشيعي الذي ينظر إلى الحشد كضمان لإستقرار العراق.
سيشكل الحشد عاملًا لتوازن القوى السياسية الشيعية في العراق ما أثار تحرك مقتدى الصدر واستخدامه السعودية كورقة للضغط على الداخل العراقي لإبعاد تداعيات بقاء الحشد كقوة عسكرية يمكن إستخدامها وإستغلالها في المشاريع السياسية، هل سيجمع مستقبل الحشد مقتدى والعبادي والسيستاني وسيفصل بينهم وإيران؟! هل سيشكل الحشد الشعبي حصان طراودة لنوري المالكي للعودة إلى أحضان السلطة في بغداد؟ لا شك في أن الحشد سيؤدي أدوارًا سياسيًا في بغداد بعد الإنتهاء من أدواره العسكرية في الموصل وتلعفر.