تبقى الجرود ومسارُ العملية العسكرية التي ينفّذها الجيش اللبناني ضدّ مجموعات «داعش»، محطَّ الأنظار الداخلية، في ظلّ التقدّم الذي تُحقّقه الوحدات العسكرية في الميدان، فيما أثار كلام الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله عن إضافة الجيش السوري الى معادلة «الجيش والشعب والمقاومة»، والدعوة الى التنسيق مع النظام السوري موجة ردود عنيفة كان أبرزها من تيار «المستقبل». وفي السياسة، لوحِظت في الساعات الماضية حركةٌ مكثّفة لوزير الدولة لشؤون الخليج العربي في وزارة الخارجية السعودية ثامر السبهان، حيث أجرى لقاءاتٍ شَملت رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، والنائب وليد جنبلاط في كليمنصو وكذلك الوزير السابق اللواء أشرف ريفي. والبارز في هذه اللقاءات حرصُ الوزير السعودي على إبقاء الهدف من زيارته ولقاءاته التي يُجريها سرّياً وبعيداً عن الإعلام، في وقتٍ أبلغَ مرجع سياسي «الجمهورية» قوله إنّ زيارة الوزير السعودي استطلاعية، والهدفُ الأساس منها هو محاولة التقريب بين بعض المكوّنات السياسية التي تُصنّفها المملكة بالصديقة لها.
لمّ يمرّ كلام نصرالله مرور الكرام حيث إعتبر البعض وعلى رأسهم تيار «المستقبل» أنه حرفُ للانظار عن الإنتصارات التي يحققها الجيش اللبناني والتي تلقى تأييد كل اللبنانيين، فيما غالبية الشعب ترفض قتال «حزب الله» الى جانب نظام الأسد في سوريا، إضافة الى نشاطه في العراق واليمن والخليج ضارباً عرض الحائط مصالح اللبنانيين.
نصرالله
وكان نصر الله قد إعتبر أنّ «الإنجاز العسكري على الجبهتين اللبنانية والسورية هو أحد النتائج المهمّة جداً للمعادلة الذهبية أي الشعب والجيش والمقاومة، واليوم يجب أن نضيفَ إلى هذه المعادلة الجيشَ السوري و«ليزعل مين بدّو يزعل». وأكّد أنّ «التفاوض يَحصل في الأراضي السوريّة بناءً على طلبِ قيادة المسلّحين وبطبيعة الحال عندما نريد أن نتكلّم عن حلّ، فالمعني الأوّل هو الدولة السوريّة وقيادتها، وبعد مراجعة هذه القيادة حصَلنا على الموافقة لنكونَ نحن مَن نفاوض مع قيادة المسلّحين».
وجزَم أنه «لن يكون هناك وقفُ إطلاقِ نار قبل التوصّل إلى الاتفاق، لأنّ هذا الوقف هو أوّل بندٍ تنفيذي، وغرضُ التفاوض هو تحقيق الأهداف، وهي ألّا يبقى «داعش» لا في الأراضي اللبنانيّة أو السوريّة، وإذا كنّا نفاوض في الجانب السوري فالقيادة السوريّة والجيش السوري والمقاومة ملتزمون أن يكون الشرط الأوّل لأيّ اتّفاق مع «داعش» كشْفَ مصيرِ الجنود اللبنانيّين وإعادتَهم إلى عائلاتهم ومؤسّستهم».
«المستقبل»
ولم يتأخّر ردّ تيار «المستقبل» حيث أكّد في بيان أنّ «نصر الله لم يوفَّق في إطلالته الأخيرة التي حاولت الاستئثارَ بكلّ جبهات القتال مع الإرهاب وتنظيم «داعش»، وتكوين انطباع زائف بأنّ معركة الجيش اللبناني في الجرود، ما كان لها أن تحقّقَ أهدافَها من دون المعارك التي يخوضها الحزب مع الجيش السوري في الجانب الآخر».
وأضاف: «حاوَل نصرالله مجدّداً أن يفرض على اللبنانيين سياسات مرفوضة، وهو يتّخذ هذه المرّة من قضية الكشف عن العسكريين المخطوفين لدى «داعش»، وسيلةً لابتزاز الحكومة اللبنانية واستدراجِها إلى مفاوضة «داعش» بالتنسيق والتكامل مع الحكومة السورية».
وأكّد أنّ «قضية العسكريين المخطوفين في عهدة الجهات الأمنية المختصة وفي عهدة القيادة العسكرية التي سبقَ أن أعلنَت غير مرّةٍ أنّها لن تذهب إلى التفاوض مع «داعش» قبل الكشف عن مصير العسكريين.
والدعوةُ التي أطلقَها نصرالله ووضَع هذا الأمر في خانة النظام السوري وسحبَه من أولويات الدولة اللبنانية ومؤسّساتها، هي دعوة مردودة، ومحاولةٌ غير مقبولة للتلاعبِ بمشاعر الأهالي وتوظيفها لمصلحة النظام السوري وحلفائه».
وشدّد على أنّ «المعادلة التي أتحَفنا بها لجهةِ إضافة الجيش السوري لمعادلته الثلاثية المعروفة، هي أفضل وسيلةِِ لنسفِ المعادلة التي أرادها ذهبيةً أو ماسيّة من الأساس.
وحسناً أنه فعل ذلك، لأننا بالفعل أصبحنا أمام معادلة تفقد صلاحية الإجماع الوطني بامتياز، وتضع الجيشَ والشعب اللبناني خارجَها تلقائياً».
وأضاف: «لقد بشّر الأمين العام لـ«حزب الله» اللبنانيين ببزوغ معادلةٍ رباعية إقليمية جديدة، حقّقت الكسوف المرتقَب للمعادلة السائدة، وقد تفتح مع الأيام البابَ أمام بزوغ معادلةٍ خماسية وسداسية، يقرّر «حزب الله» ضمَّ الجيش الإيراني إليها محمَّلاً بالحشد الشعبي العراقي وتنظيم أنصار الله الحوثي في اليمن.
لكنّنا لا نستغرب المواقفَ المستجدّة لـ«حزب الله»، ونؤكّد على موقفنا المبدئي بحصريةِ السلاح بيدِ الدولة والجيش اللبناني المكلّفِ حصراً ورسمياً بحماية الحدود وتطهير الجرود من التنظيمات الإرهابية وفلول المسلّحين الخارجين على السيادة اللبنانية».
الحكومة
من جهة ثانية، فضّلت الحكومة أن تعود إلى التاريخ، وتلجأ إلى الأمير بشير الثاني الكبير وتستعير قصرَه في بيت الدين، لتَعقد أولى جلساتها في المقرّ الصيفي لرئيس الجمهورية.
ويتمخّض عنها مشروع حلٍّ كهربائي، بناءً على دفتر شروط جديد، أحيطَ باعتراضات وملاحظات أخِذ بكثير منها، في ظلّ مرونة ملحوظة أبداها رئيس الحكومة سعد الحريري، حيث استطاع فريق حركة «أمل»ـ «حزب الله» ـ «القوات اللبنانية» وتيار «المردة» المناهِض للبواخر، إجراءَ تعديلات جوهرية على دفتر الشروط الذي أعدّه وزير الطاقة سيزار أبي خليل، فرَضت إعادةَ خبزِ المناقصة الجديدة للبواخر إلى الخبّاز، أي إلى دائرة المناقصات.
التعديلات
واستغرَق النقاش في دفتر الشروط معظم وقتِ الجلسة، فيما أجِّلت البنود التي تحتاج للنقاش إلى جلسات لاحقة. وغاصَ النقاش عميقاً في دفتر شروط وزير الطاقة، الذي أدخل عليه التعديلات التي سبقَ وتمّ التفاهم عليها في الجلسة السابقة للحكومة، ومن أهمّها فرضُ كفالة مالية قدرُها خمسون مليون دولار على الشركة التي تتقدّم بعرض لإنتاج 400 ميغاواط.
أمّا التعديلات الإضافية التي أدخِلت على دفتر الشروط، فَـ«تهدف إلى إزالة بعض العقبات، التي تساهم في تعزيز المنافسة بهدف تأمين أقلّ الاسعار الممكنة لانتاج الطاقة»، كما قال الوزير غسان حاصباني لـ«الجمهورية».
واعتبَر أنّ دفتر الشروط ليس مفصّلاً على قياس أحد، و«أنّ النقطة الاهمّ بالنسبة لنا ان يمرّ هذا الملف بالإجراءات القانونية بحسب قانون المحاسبة العمومية. وهذا ما حصَل عبر إعادة دفتر الشروط الى مجلس الوزراء للبتّ فيه».
من جهته، أوضَح ابي خليل لـ«الجمهورية» انّ التعديلات التي طرأت على مسوّدة دفتر الشروط الذي حمله الى مجلس الوزراء أمس، كانت طفيفة، وبعضها لا علاقة له في اساس العمل، مِثل تغيير بعض العبارات لئلّا تُفهَم على غيرِ مقصدها، أي تصحيحات لغوية.
أمّا في الأساس، فإنه يمكن القول إنّ تعديلين جرى إدخالهما:
التعديل الاوّل يتعلق في مهلِ تقديم العروض في المناقصة وتأمين الكفالة المصرفية لـ400 ميغاواط وقدرُها 50 مليون دولار. وقد أصبحت المهلة ثلاثة اسابيع بدلاً من اسبوعين.
التعديل الثاني: إفساح المجال امام الشركة الفائزة في المناقصة أن تقدّم، إذا رغبَت، عرضاً لاستيراد الفيول على مسؤوليتها شرط ان يكون السعر أدنى من السعر الذي تدفعه مؤسسة الكهرباء لاستيراد هذه المادة لتزويد معامل الكهرباء العائمة بها. (تفاصيل ص 11)
خليل
وقال وزير المال علي حسن خليل الذي رافقَ رئيس الحكومة على متن الطوّافة التي أعادته الى بيروت، لـ«الجمهورية»: «النقطة الاساسية التي تحقَّقت في الجلسة وبالتحديد في خطة الكهرباء، احترامُ الاصول بالعودة الى دائرة المناقصات في دفتر الشروط مع تعديلات جوهرية أهمُّها تطبيق قانون المحاسبة العمومية ووفقَ الاصول القانونية، والأخذ بكلّ الملاحظات التي قدّمناها وأصرَرنا عليها، وهذه التعديلات تسمح في إنتاج الكهرباء عن طريق البواخر أو غيرها واعتماد كلّ المشتقّات النفطية (إمّا الفيول وإمّا الغاز) إضافةً الى إعطاء مهلة 3 أسابيع بدلاً من أسبوعين لتقديم العروض.
زعيتر
وكان وزير الزراعة غازي زعيتر، وبعد مداخلتَي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحريري، قد طلبَ الكلام قائلاً: «أريد تقديم إخبار في ملف الكهرباء التي نريدها اليوم قبل الغد إن على المدى الطويل أو المتوسط أو البعيد».
فحاوَل بعض الوزراء تصحيحَ كلمة إخبار لزعيتر بطلب استبدالِها بكلمة إعلام. فردّ زعيتر: «يكون أفضل لي، لأنّ إعلام مجلس الوزراء يعني أنه رضيَ على زيارتي إلى سوريا». وكرّر أمام مجلس الوزراء ما عرَضه عليه رئيس الحكومة السورية باستعداد بلاده تزويدَ لبنان بـ 500 ميغاواط.
فردّ وزير الطاقة بأنّ شبكة استجرار الطاقة من سوريا لا تستطيع أن تأخذ إلّا كمّية 300 ميغاواط، ونحن حالياً نحصل على سعة 276 ميغاواط. أضاف: «اتّصلت بوزير الطاقة السوري ولم يردّ، وأحبَبت أن يكون المجلس على بيّنةٍ من هذا الأمر حتى أستطيع التواصل مع المعنيين في سوريا والتحرّك باتّجاههم». فتدخّلَ زعيتر مجدّداً واعداً بأن يؤمّن لأبي خليل الاتصال بوزير الطاقة السوري للمساهمة قدر المستطاع بدعم الكهرباء».
«المردة»
وقال وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس لدى مغادرته الجلسة «إنّ من قدّم ملاحظاته على دفتر الشروط هم «حزب الله» و«القوات» وحركة «أمل» و«المردة»، وقد أخِذ بمعظم هذه الملاحظات، وهناك ملاحظات ما زالت قيد الدرس، وإذا لم يُحَل دفتر الشروط الى دائرة المناقصات كما تمّ الاتفاق لتطبيق قانون المحاسبة العمومية، سيكون هناك مشكل حقيقي، لكنّ الجوّ إيجابي في ظلّ تدخّلِ رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أكّد ذهابَ دفترِ الشروط الى دائرة المناقصات وتطبيق قانون المحاسبة العمومية، والجوّ كان هادئاً».
وردّاً على سؤال، قال: «طلَّعوا شركة كاردنيز من الباب وأدخلوها من الشبّاك». وعلّق ابي خليل على موقف وزير الأشغال هذا بالقول: «هذا رأي الوزير فنيانوس».
باسيل
أمّا وزير الخارجية جبران باسيل فقال: «إنّ هناك حفلة كذِب بين ما يقولونه في الداخل وما يَخرجون ويقولونه في الخارج، لا أريد أن أشارك بها».
«الكتائب»
وأوضَح مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية»: «أنّ الحزب يعارض مبدأ استئجار البواخر، وليس فقط الآليات الإدارية والقانونية المعتمدة لتمرير صفقة الاستئجار، لأنّ اعتماد خيار البواخر يعني رميَ مئاتِ الملايين من الدولارات في البحر، بالإضافة الى مسألة السمسرات والعمولات في وقتٍ يمكن في أسوأ الاحتمالات استخدام أموال الاستئجار لبناء معامل تبقى ملكيتُها للدولة. أمّا الحلّ الافضل فيَكمن بعد إقرار قانون الشراكة مع القطاع الخاص في السماح لهذا القطاع بالاستثمار في بناء المعامل، من دون تحميل خزينة الدولة أيّ مصاريف».
وعن الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس قال المصدر: «إنّ إجراء هذه الانتخابات ليس رأياً سياسياً قابلاً للنقاش، ولا خياراً حكومياً قابلاً للبحث، ولكنّه وجوب دستوري يجب على السلطة التقيّد به تحت طائلة محاسبة أركانها من رؤساء ووزراء متخلّفين عن تطبيق الدستور».
وإذ سأل المصدر: «كيف يمكن لسلطة غير راغبة أو غير قادرة على إجراء انتخابات فرعية، ان تؤتمَن على التحضير لانتخابات عامة في أيار المقبل؟ دعا الحكومة «إلى الاستقالة وتشكيل حكومة حيادية من التكنوقراط لوضعِ خطةِ إنقاذٍ اقتصادي وللتحضير لانتخابات نيابية تَضمن تمثيلاً شعبياً صحيحا».
وكان اللافت أمس أنّ مجلس الوزراء لم يأتِ على ذِكر الانتخابات النيابية الفرعية ولا على نقاشها، على رغم تأكيد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قبل الجلسة أنه سيَطرح هذا الموضوع على المجلس من خارج جدول الأعمال.
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «إنّ الأجواء تشي بأن لا رغبة ولا حماسة لدى أيّ طرف سياسي لإجراء هذه الانتخابات»، وتوقّعت «أن تستمرّ المماطلة في هذا الملف حتى نفادِ المهل».
وغرّد باسيل بالقول: «طالبتُ مجدّداً بإجراء الانتخابات الفرعية احتراماً للدستور وتطبيقاً للقانون وتأميناً لحقِّ الناس في التمثيل... وحقّنا في مقاعد نيابية نَربحها».
الجرود
أمنياً، واصَلت وحدات الجيش استعداداتها القتالية واللوجستية في جرود رأس بعلبك والقاع، تمهيداً لتنفيذ المرحلة الرابعة من عملية «فجر الجرود»، وقصَفت مدفعية الجيش وطائراته أمس ما تبَقّى من مراكز الإرهابيين واستهدفَت تجمّعاتهم وتحرّكاتهم في وادي مرطبيا ومحيطِه، وحقّقت إصاباتٍ مباشرة في مراكز الإرهابيين وآلياتهم وتجمّعاتهم، ما أسفرَ عن تدمير الأماكن المستهدَفة وسقوط عددٍ من القتلى والجرحى في صفوفهم.
كما استهدفَت مدفعية الجيش سيارتين رباعيتَي الدفع تابعتَين لداعش في وادي مرطبيا، كانتا محمَّلتين بكمّية كبيرة من المتفجّرات والذخائر، محقّقةً فيهما إصاباتٍ مباشرة.
نصرالله
وكان نصر الله قد إعتبر أنّ «الإنجاز العسكري على الجبهتين اللبنانية والسورية هو أحد النتائج المهمّة جداً للمعادلة الذهبية أي الشعب والجيش والمقاومة، واليوم يجب أن نضيفَ إلى هذه المعادلة الجيشَ السوري و«ليزعل مين بدّو يزعل». وأكّد أنّ «التفاوض يَحصل في الأراضي السوريّة بناءً على طلبِ قيادة المسلّحين وبطبيعة الحال عندما نريد أن نتكلّم عن حلّ، فالمعني الأوّل هو الدولة السوريّة وقيادتها، وبعد مراجعة هذه القيادة حصَلنا على الموافقة لنكونَ نحن مَن نفاوض مع قيادة المسلّحين».
وجزَم أنه «لن يكون هناك وقفُ إطلاقِ نار قبل التوصّل إلى الاتفاق، لأنّ هذا الوقف هو أوّل بندٍ تنفيذي، وغرضُ التفاوض هو تحقيق الأهداف، وهي ألّا يبقى «داعش» لا في الأراضي اللبنانيّة أو السوريّة، وإذا كنّا نفاوض في الجانب السوري فالقيادة السوريّة والجيش السوري والمقاومة ملتزمون أن يكون الشرط الأوّل لأيّ اتّفاق مع «داعش» كشْفَ مصيرِ الجنود اللبنانيّين وإعادتَهم إلى عائلاتهم ومؤسّستهم».
«المستقبل»
ولم يتأخّر ردّ تيار «المستقبل» حيث أكّد في بيان أنّ «نصر الله لم يوفَّق في إطلالته الأخيرة التي حاولت الاستئثارَ بكلّ جبهات القتال مع الإرهاب وتنظيم «داعش»، وتكوين انطباع زائف بأنّ معركة الجيش اللبناني في الجرود، ما كان لها أن تحقّقَ أهدافَها من دون المعارك التي يخوضها الحزب مع الجيش السوري في الجانب الآخر».
وأضاف: «حاوَل نصرالله مجدّداً أن يفرض على اللبنانيين سياسات مرفوضة، وهو يتّخذ هذه المرّة من قضية الكشف عن العسكريين المخطوفين لدى «داعش»، وسيلةً لابتزاز الحكومة اللبنانية واستدراجِها إلى مفاوضة «داعش» بالتنسيق والتكامل مع الحكومة السورية».
وأكّد أنّ «قضية العسكريين المخطوفين في عهدة الجهات الأمنية المختصة وفي عهدة القيادة العسكرية التي سبقَ أن أعلنَت غير مرّةٍ أنّها لن تذهب إلى التفاوض مع «داعش» قبل الكشف عن مصير العسكريين.
والدعوةُ التي أطلقَها نصرالله ووضَع هذا الأمر في خانة النظام السوري وسحبَه من أولويات الدولة اللبنانية ومؤسّساتها، هي دعوة مردودة، ومحاولةٌ غير مقبولة للتلاعبِ بمشاعر الأهالي وتوظيفها لمصلحة النظام السوري وحلفائه».
وشدّد على أنّ «المعادلة التي أتحَفنا بها لجهةِ إضافة الجيش السوري لمعادلته الثلاثية المعروفة، هي أفضل وسيلةِِ لنسفِ المعادلة التي أرادها ذهبيةً أو ماسيّة من الأساس.
وحسناً أنه فعل ذلك، لأننا بالفعل أصبحنا أمام معادلة تفقد صلاحية الإجماع الوطني بامتياز، وتضع الجيشَ والشعب اللبناني خارجَها تلقائياً».
وأضاف: «لقد بشّر الأمين العام لـ«حزب الله» اللبنانيين ببزوغ معادلةٍ رباعية إقليمية جديدة، حقّقت الكسوف المرتقَب للمعادلة السائدة، وقد تفتح مع الأيام البابَ أمام بزوغ معادلةٍ خماسية وسداسية، يقرّر «حزب الله» ضمَّ الجيش الإيراني إليها محمَّلاً بالحشد الشعبي العراقي وتنظيم أنصار الله الحوثي في اليمن.
لكنّنا لا نستغرب المواقفَ المستجدّة لـ«حزب الله»، ونؤكّد على موقفنا المبدئي بحصريةِ السلاح بيدِ الدولة والجيش اللبناني المكلّفِ حصراً ورسمياً بحماية الحدود وتطهير الجرود من التنظيمات الإرهابية وفلول المسلّحين الخارجين على السيادة اللبنانية».
الحكومة
من جهة ثانية، فضّلت الحكومة أن تعود إلى التاريخ، وتلجأ إلى الأمير بشير الثاني الكبير وتستعير قصرَه في بيت الدين، لتَعقد أولى جلساتها في المقرّ الصيفي لرئيس الجمهورية.
ويتمخّض عنها مشروع حلٍّ كهربائي، بناءً على دفتر شروط جديد، أحيطَ باعتراضات وملاحظات أخِذ بكثير منها، في ظلّ مرونة ملحوظة أبداها رئيس الحكومة سعد الحريري، حيث استطاع فريق حركة «أمل»ـ «حزب الله» ـ «القوات اللبنانية» وتيار «المردة» المناهِض للبواخر، إجراءَ تعديلات جوهرية على دفتر الشروط الذي أعدّه وزير الطاقة سيزار أبي خليل، فرَضت إعادةَ خبزِ المناقصة الجديدة للبواخر إلى الخبّاز، أي إلى دائرة المناقصات.
التعديلات
واستغرَق النقاش في دفتر الشروط معظم وقتِ الجلسة، فيما أجِّلت البنود التي تحتاج للنقاش إلى جلسات لاحقة. وغاصَ النقاش عميقاً في دفتر شروط وزير الطاقة، الذي أدخل عليه التعديلات التي سبقَ وتمّ التفاهم عليها في الجلسة السابقة للحكومة، ومن أهمّها فرضُ كفالة مالية قدرُها خمسون مليون دولار على الشركة التي تتقدّم بعرض لإنتاج 400 ميغاواط.
أمّا التعديلات الإضافية التي أدخِلت على دفتر الشروط، فَـ«تهدف إلى إزالة بعض العقبات، التي تساهم في تعزيز المنافسة بهدف تأمين أقلّ الاسعار الممكنة لانتاج الطاقة»، كما قال الوزير غسان حاصباني لـ«الجمهورية».
واعتبَر أنّ دفتر الشروط ليس مفصّلاً على قياس أحد، و«أنّ النقطة الاهمّ بالنسبة لنا ان يمرّ هذا الملف بالإجراءات القانونية بحسب قانون المحاسبة العمومية. وهذا ما حصَل عبر إعادة دفتر الشروط الى مجلس الوزراء للبتّ فيه».
من جهته، أوضَح ابي خليل لـ«الجمهورية» انّ التعديلات التي طرأت على مسوّدة دفتر الشروط الذي حمله الى مجلس الوزراء أمس، كانت طفيفة، وبعضها لا علاقة له في اساس العمل، مِثل تغيير بعض العبارات لئلّا تُفهَم على غيرِ مقصدها، أي تصحيحات لغوية.
أمّا في الأساس، فإنه يمكن القول إنّ تعديلين جرى إدخالهما:
التعديل الاوّل يتعلق في مهلِ تقديم العروض في المناقصة وتأمين الكفالة المصرفية لـ400 ميغاواط وقدرُها 50 مليون دولار. وقد أصبحت المهلة ثلاثة اسابيع بدلاً من اسبوعين.
التعديل الثاني: إفساح المجال امام الشركة الفائزة في المناقصة أن تقدّم، إذا رغبَت، عرضاً لاستيراد الفيول على مسؤوليتها شرط ان يكون السعر أدنى من السعر الذي تدفعه مؤسسة الكهرباء لاستيراد هذه المادة لتزويد معامل الكهرباء العائمة بها. (تفاصيل ص 11)
خليل
وقال وزير المال علي حسن خليل الذي رافقَ رئيس الحكومة على متن الطوّافة التي أعادته الى بيروت، لـ«الجمهورية»: «النقطة الاساسية التي تحقَّقت في الجلسة وبالتحديد في خطة الكهرباء، احترامُ الاصول بالعودة الى دائرة المناقصات في دفتر الشروط مع تعديلات جوهرية أهمُّها تطبيق قانون المحاسبة العمومية ووفقَ الاصول القانونية، والأخذ بكلّ الملاحظات التي قدّمناها وأصرَرنا عليها، وهذه التعديلات تسمح في إنتاج الكهرباء عن طريق البواخر أو غيرها واعتماد كلّ المشتقّات النفطية (إمّا الفيول وإمّا الغاز) إضافةً الى إعطاء مهلة 3 أسابيع بدلاً من أسبوعين لتقديم العروض.
زعيتر
وكان وزير الزراعة غازي زعيتر، وبعد مداخلتَي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحريري، قد طلبَ الكلام قائلاً: «أريد تقديم إخبار في ملف الكهرباء التي نريدها اليوم قبل الغد إن على المدى الطويل أو المتوسط أو البعيد».
فحاوَل بعض الوزراء تصحيحَ كلمة إخبار لزعيتر بطلب استبدالِها بكلمة إعلام. فردّ زعيتر: «يكون أفضل لي، لأنّ إعلام مجلس الوزراء يعني أنه رضيَ على زيارتي إلى سوريا». وكرّر أمام مجلس الوزراء ما عرَضه عليه رئيس الحكومة السورية باستعداد بلاده تزويدَ لبنان بـ 500 ميغاواط.
فردّ وزير الطاقة بأنّ شبكة استجرار الطاقة من سوريا لا تستطيع أن تأخذ إلّا كمّية 300 ميغاواط، ونحن حالياً نحصل على سعة 276 ميغاواط. أضاف: «اتّصلت بوزير الطاقة السوري ولم يردّ، وأحبَبت أن يكون المجلس على بيّنةٍ من هذا الأمر حتى أستطيع التواصل مع المعنيين في سوريا والتحرّك باتّجاههم». فتدخّلَ زعيتر مجدّداً واعداً بأن يؤمّن لأبي خليل الاتصال بوزير الطاقة السوري للمساهمة قدر المستطاع بدعم الكهرباء».
«المردة»
وقال وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس لدى مغادرته الجلسة «إنّ من قدّم ملاحظاته على دفتر الشروط هم «حزب الله» و«القوات» وحركة «أمل» و«المردة»، وقد أخِذ بمعظم هذه الملاحظات، وهناك ملاحظات ما زالت قيد الدرس، وإذا لم يُحَل دفتر الشروط الى دائرة المناقصات كما تمّ الاتفاق لتطبيق قانون المحاسبة العمومية، سيكون هناك مشكل حقيقي، لكنّ الجوّ إيجابي في ظلّ تدخّلِ رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أكّد ذهابَ دفترِ الشروط الى دائرة المناقصات وتطبيق قانون المحاسبة العمومية، والجوّ كان هادئاً».
وردّاً على سؤال، قال: «طلَّعوا شركة كاردنيز من الباب وأدخلوها من الشبّاك». وعلّق ابي خليل على موقف وزير الأشغال هذا بالقول: «هذا رأي الوزير فنيانوس».
باسيل
أمّا وزير الخارجية جبران باسيل فقال: «إنّ هناك حفلة كذِب بين ما يقولونه في الداخل وما يَخرجون ويقولونه في الخارج، لا أريد أن أشارك بها».
«الكتائب»
وأوضَح مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية»: «أنّ الحزب يعارض مبدأ استئجار البواخر، وليس فقط الآليات الإدارية والقانونية المعتمدة لتمرير صفقة الاستئجار، لأنّ اعتماد خيار البواخر يعني رميَ مئاتِ الملايين من الدولارات في البحر، بالإضافة الى مسألة السمسرات والعمولات في وقتٍ يمكن في أسوأ الاحتمالات استخدام أموال الاستئجار لبناء معامل تبقى ملكيتُها للدولة. أمّا الحلّ الافضل فيَكمن بعد إقرار قانون الشراكة مع القطاع الخاص في السماح لهذا القطاع بالاستثمار في بناء المعامل، من دون تحميل خزينة الدولة أيّ مصاريف».
وعن الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس قال المصدر: «إنّ إجراء هذه الانتخابات ليس رأياً سياسياً قابلاً للنقاش، ولا خياراً حكومياً قابلاً للبحث، ولكنّه وجوب دستوري يجب على السلطة التقيّد به تحت طائلة محاسبة أركانها من رؤساء ووزراء متخلّفين عن تطبيق الدستور».
وإذ سأل المصدر: «كيف يمكن لسلطة غير راغبة أو غير قادرة على إجراء انتخابات فرعية، ان تؤتمَن على التحضير لانتخابات عامة في أيار المقبل؟ دعا الحكومة «إلى الاستقالة وتشكيل حكومة حيادية من التكنوقراط لوضعِ خطةِ إنقاذٍ اقتصادي وللتحضير لانتخابات نيابية تَضمن تمثيلاً شعبياً صحيحا».
وكان اللافت أمس أنّ مجلس الوزراء لم يأتِ على ذِكر الانتخابات النيابية الفرعية ولا على نقاشها، على رغم تأكيد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قبل الجلسة أنه سيَطرح هذا الموضوع على المجلس من خارج جدول الأعمال.
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «إنّ الأجواء تشي بأن لا رغبة ولا حماسة لدى أيّ طرف سياسي لإجراء هذه الانتخابات»، وتوقّعت «أن تستمرّ المماطلة في هذا الملف حتى نفادِ المهل».
وغرّد باسيل بالقول: «طالبتُ مجدّداً بإجراء الانتخابات الفرعية احتراماً للدستور وتطبيقاً للقانون وتأميناً لحقِّ الناس في التمثيل... وحقّنا في مقاعد نيابية نَربحها».
الجرود
أمنياً، واصَلت وحدات الجيش استعداداتها القتالية واللوجستية في جرود رأس بعلبك والقاع، تمهيداً لتنفيذ المرحلة الرابعة من عملية «فجر الجرود»، وقصَفت مدفعية الجيش وطائراته أمس ما تبَقّى من مراكز الإرهابيين واستهدفَت تجمّعاتهم وتحرّكاتهم في وادي مرطبيا ومحيطِه، وحقّقت إصاباتٍ مباشرة في مراكز الإرهابيين وآلياتهم وتجمّعاتهم، ما أسفرَ عن تدمير الأماكن المستهدَفة وسقوط عددٍ من القتلى والجرحى في صفوفهم.
كما استهدفَت مدفعية الجيش سيارتين رباعيتَي الدفع تابعتَين لداعش في وادي مرطبيا، كانتا محمَّلتين بكمّية كبيرة من المتفجّرات والذخائر، محقّقةً فيهما إصاباتٍ مباشرة.