صَمد وقفُ إطلاق النار في «عين الحلوة»، وعاش المخيّم ليلاً هادئاً لم تخرقه أصوات إطلاق النار والقذائف، في وقتٍ حافظت القوّة المشتركة على انتشارها بعد معالجةِ عقبات اعترضَتها داخل حي الطيري. وبدا الشارع الفوقاني الذي كان مسرحاً للاشتباكات العنيفة بين «فتح» ومجموعتَي بلال بدر وبلال العرقوب هادئاً مع حركة خفيفة.
واستقرّت الاشتباكات في حصيلتها النهائية على 6 قتلى و50 جريحاً وخرابٍ ودمار ونزوح، واللافت أنّ الأمن الوطنيّ عَثر في منازل ومراكز الجماعات الارهابية على بقايا طعام وكتُب دينية لتنظيم «داعش» وملابس نسائية وبزّات وجعَب عسكرية وحبوب مخدّرة من نوع «ترامال»، وسكاكين وأعلام «داعش» وخناجر تُستخدم في معارك السلاح الابيض التي كانت تدور من منزل الى آخر. كما قام فريق الهندسة التابع للامن الوطني الفلسطيني بتفكيك عدد من العبوات الناسفة التي كانت مزروعة في محيط منزل بدر.
لكنّ القتال بالسلاح تحوّلَ الى إحراق منازل الإرهابيين في حي الطيري، الذين ردّوا بإحراق منازل لجبهة التحرير الفلسطينية التي تنضوي تحت قيادة «فتح»، وأضرَم مجهولون النار في أحد منازل عناصر الجبهة، عطا يوسف. وقد استنكر عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية صلاح اليوسف «هذا العمل الجبان»، محذّراً من «طابور خامس يقف وراء هذا الأمر».
فيما تبادلت حركة «فتح» والإرهابيون، الاتّهامات بإحراق المنازل في الحي انتقاماً، وفق الانتماء السياسي. لكنّ مسؤولاً فتحاوياً أبلغَ أنّ «قيادتَي «فتح» والأمن الوطني عمَّمتا على عناصرهما أوامرَ صارمة ومشدّدة بالحفاظ على منازل وممتلكات أبناء المخيّم، وخصوصاً المناطق التي يتواجدون فيها وفي حي الطيري تحديداً، بما فيها منزل بلال بدر وجميع المنتمين إليه»، مشدّداً على أنّ «الحركة تلتزم وقفَ إطلاقِ النار».
وكان بدر قد أعلنَ في بيانٍ نُشِر على مواقع التواصل الاجتماعي «انسحابَه من حي الطيري، ليس خوفاً ولكن لأنّ فيه دفعَ مفسَدةٍ عن الناس»، وقال إنّ «العين لَتدمعُ وإنّ القلب ليَحزن لِما حدثَ لحي الطيري من تدميره كمخيّم جِنين بطريقة وحشية وتهجير أهله»، لافتاً إلى أنه «من أجل عدم تكرار هذه المأساة في حي الرأس الأحمر أو غيرها من أحياء المخيّم وحفاظاً على الأرواح خصوصاً ونحن في الأشهر الحرام التي كان اهل الجاهلية يُقدّرونها ونحن على أعتاب عيد الأضحى المبارك، فمِن أجلِ أهل المخيّم قرّرتُ أن أترك حي الطيري ليس خوفاً من أحد ولكن لأنّ الأمر دينٌ وفيه دفعُ مفسدةٍ عن الناس».
إلى ذلك، جالَ رئيس التيار الإصلاحي في «فتح» العميد محمود عيسى «اللينو» على مواقع ومراكز «فتح» في مخيّم عين الحلوة، حيث أشاد بصمودهم في وجه المجموعات الإرهابية.
الأحمد
تطوّرات المخيّم استدعت وصولَ عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزّام الأحمد الى بيروت، لكنّ مصادر فلسطينية قالت إنّ الزيارة كانت مقرّرة مسبَقاً لمتابعة الاتصالات مع القوى الفلسطينية تحضيراً لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله في شهر أيلول المقبل.
وأكّدت مصادر فلسطينية أنّ مساعيَ تُبذل لعقدِ لقاءٍ بين الأحمد وممثّلين عن حركة «حماس» بعدما تولّى حسام بدران مسؤولية ملفّ العلاقات الفلسطينية، وبات مكلّفاً بمتابعة تفاصيله خلفاً لنائب رئيس المكتب السياسي السابق الدكتور موسى أبو مرزوق الذي تولّى مهمّة العلاقات الإسلامية، عقب الانتخابات الأخيرة التي أجرتها الحركة.
ووفقَ المصادر، فإنّ اشتباكات عين الحلوة ستفرض نفسَها بنداً طارئاً على جدول اعمال الأحمد السياسي والأمني مع الفصائل الفلسطينية والمسؤولين اللبنانيين، وهو التقى فورَ وصولِه سفيرَ دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور وأمين سر حركة «فتح» في لبنان فتحي أبو العردات واستمعَ منهما إلى تفاصيل الأوضاع الامنية في المخيّم عقب تقدّمِ «فتح» في حي الطيري، والتوافق الفلسطيني على وقفِ إطلاق النار وتعثّر انتشار القوّة المشتركة.
وفي السياق، استقبل المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الأحمد، حيث تمّ الاتفاق على استمرار التنسيق والتشاور لتعزيز امنِ واستقرار المخيّمات كونها جزءاً لا يتجزّأ من استقرار لبنان.
وعبّر ابراهيم والأحمد عن ارتياحهما للتنسيق اللبناني الفلسطيني المشترك على مختلف المستويات السياسية والامنية وعلى كلّ القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يعزّز دعم نضالِ الشعب الفلسطيني لإنهاء الاحتلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودةِ اللاجئين وفق القرارات الدولية.
كما التقى الاحمد الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة طلال ناجي، واتفق الطرفان على ضرورة عقد المجلس الوطني الفلسطيني بأسرع وقت ممكن لتعزيز الوحدة الوطنية وتقويم مسيرة العمل الفلسطيني خلال السنوات الاخيرة في ضوء العراقيل التي وضعتها اسرائيل امام تنفيذ قرارات الشرعية الدولية لإنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وحماية القدس والمقدسات الاسلامية والمسيحية، وتوحيد الصف الوطني لمواجهة اعمال القتل والتدمير والاستيطان التي تستمر سلطة الاحتلال القيام بها متجاهلة حقوق الشعب الفلسطيني.
فلسطيني يسلّم نفسَه
من جهة أخرى، سلّم الفلسطيني محمود أحمد الحايك نفسَه الى شعبة معلومات الامن العام في الجنوب عبر حاجز درب السيم، بعد التنسيق مع مخابرات الجنوب، وهو من أبرزِ المطلوبين الخطرين وينتمي الى «داعش».
وقد نقِل الى المديرية العامة للامن العام في بيروت للتحقيق معه، وهو كان مسؤولاً عسكرياً لـ»داعش» في حيّ حطين وقاتلَ على مدى أسبوع مع بلال بدر الذي هدَّده بالقتل أمس الأوّل، لأنّه أعلن أنّه مع وقفِ إطلاق النار «خصوصاً أنّ «داعش» انتهت في الجرود وعلينا التأقلم في المخيّم»، ما أغاظ بدر والعرقوب فهدّداه بالقتل، ما دفَعه إلى تسليم نفسِه للأمن العام للهرب من بطشهم، خصوصاً أنّ «الثلاثي شادي المولوي وبلال بدر وبلال العرقوب كانوا يُهدّدون بالقتل كلَّ من لا يريد القتال في المخيّم ضد «فتح»».
وتحدّثت المعلومات عن أنّ «الحايك متورّط في قتلِ عنصرين لـ«فتح» في المخيّم، وأنّ ذويهما هدّداه بالقتل ايضاً، وهو سببٌ دفعَه لتسليم نفسه إلى الأمن العام لإنهاء محكوميته وتنظيف ملفّه الأمني ولاقتناعه بأنّ ورقتَه انتهت في المخيّم».