هي صرخة ممزوجة بالألم والخوف، تبعتها دمعة سالت على خدّ نداء ابنة الـ14 ربيعًا، لشعورها أن الكون كلّه أغفل عن سماع صوتها وأنينها في تلك اللحظة، فأخذت ترتعش خوفًا، وخيّم السواد المظلم أمام عينيها، فتلاشى حنان أمها، وغابت صورة أبيها عن فكرها، وشعرت بأن شرور العالم كلها اجتمعت في وجه ذلك الوحش البشري الذي أطبق عليها محاولا الاعتداء عليها جنسيًا بواسطة سكين شهرها بوجهها داخل "فان" مخصص لنقل الركاب.

وفي التفاصيل، أن والد نداء طلب من سائق فان لنقل الركاب، ويدعى أيمن، أن يقل ابنته الى منطقة قريبة من جسر الفيضة في زحلة، فوافق أيمن وأخذ سلفا أجرته من الوالد. فصعدت نداء إلى أحد المقاعد الخلفية، وجلست بمفردها ترمي نظراتها بعيدًا من نافذة الفان. لكنها خلال رحلتها في الطريق، لاحظت أن أيمن يتوقف جانبا لاستفسار ركاب عن وجههتم من دون أن يقل أحدا في طريقه، فسرت رعشة خفيفة في داخلها، عززتها نظرات أيمن لها في مرآة الوسط الداخلية، لكنها رفضت مجرد التفكير بأن سوءًا سيعترضها.

لكن الشك بدأ يتلاعب في ذهن نداء، بعدما انعطف أيمن يمينا الى طريق فرعية في محلة دير زنون، وأخذ يسلكها رويدا رويدا، فسألته نداء "إلى أين"؟ فأجابها أنه يريد ان يأخذ معه أحد الركاب، أخذت نداء ترتعش وترتعش الى ان تأكدت من نوايا ايمن السيئة.

اجتاز أيمن المقاعد الامامية بقفزة واحدة بعدما اطفأ محرك سيارته، وانقضّ عليها شاهرا سكينا في وجهها ووضعه على خاصرتها مهددًا إياها في حال قاومته، ومجبرًا إياها على التجاوب معه، فراحت نداء تصرخ في أعلى صوتها، لكن أيمن لم يحاول إسكاتها لِعِلمه وثِقته أن الطريق خال وليس من سامع ليسمع. لكن العناية الإلهية شاءت في تلك اللحظات أن تنقذ نداء من براثن ذلك الوحش، حيث صودف مرور سيدة وتدعى "ريما" إلى تلك الطريق كانت قد تاهت بينما كانت تحاول العثور على قاطني أحد المنازل.

سمعت ريما صراخ نداء، فاقتربت مسرعة بسيارتها، وإذ بأيمن يقوم برمي نداء من الفان ويفرّ مسرعا بسيارته. فالتقطت نداء أنفاسها، وركعت على الارض باكية متلعثمة، فضمتها ريما الى صدرها وقادتها الى سيارتها، وتوجهت بها إلى أحد المخافر حيث قامت بالادعاء ضد السائق ايمن بحضور والدها.

وأكملت ريما معروفها مع القاصر نداء وعززت بافادتها وباقوالها من قناعة محكمة جنايات البقاع، بأن أيمن كان يحاول مجامعة القاصر بالاكراه، ومن بعدها فراره.

وبعد رصد ومتابعة، تم توقيف أيمن، وأصدرت المحكمة بحقه عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتخفيض هذه العقوبة إلى الأشغال الشاقة لمدة سنتين ونصف السنة وذلك بجرم "محاولة الاعتداء" على ان تحسب له مدة توقيفه الاحتياطي، وبتضمين المحكوم عليه الرسوم والمصاريف.