ألقت أنباء انسحاب بعض فصائل الحشد الشعبي المدعومة من إيران من معركة تلعفر، بظلالها على التطورات السياسية والميدانية في العراق.
وقالت حركة عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراق، إن مقاتليهما انسحبوا من مواقع قرب خطوط الاشتباك في تلعفر، بعد “رصد مشاركة أميركية واسعة”، في معركة استعادة القضاء.
وأطلقت معركة تلعفر في نينوى، نشاطا سياسيا نحو العاصمة العراقية، فبعد ساعات من وصول وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إليها ولقاء رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ورئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، حطت في مطار بغداد طائرة تحمل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو.
وتزامن وصول الوزيرين مع تفاعل أنباء عن انسحاب بعض فصائل الحشد الشعبي من معركة استعادة تلعفر آخر معاقل داعش في محافظة نينوى، فيما ذهب مراقبون إلى أن هذا التطور “ينسف فكرة تبعية قوات الحشد الشعبي للحكومة العراقية”.
وقالت مصادر سياسية رفيعة في بغداد لـ”العرب”، إن “ملف معركة تلعفر تصدّر مباحثات ماتيس وأوغلو مع المسؤولين العراقيين”.
لكن خبراء عسكريين في بغداد يؤكدون أن مقاتلي “العصائب والكتائب، لم يكن لهم دور فعلي في المعركة، ولن يؤثر انسحابهم على خطتها”.
وقال هؤلاء إن “خطة استعادة تلعفر، لم تكن تتضمن أي دور لمقاتلي حركة عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله”، اللتين تدينان بالولاء لإيران، وتقلدان دينيا، المرشد الأعلى علي خامنئي”.
هادي العامري: سنحسم معركة تلعفر سريعا ونستعيدها من داعش
وبعكس ذلك، يلعب لواء علي الأكبر وفرقة العباس القتالية، أدوارا رئيسية في معركة تلعفر. والتشكيلان العسكريان يقلدان مرجعية علي السيستاني في النجف، وينسقان بشكل تام مع القيادة العراقية العامة للقوات المسلحة.
ولكن الملفت، وفقا لمراقبين، هو الدور المحوري الذي تلعبه منظمة بدر برئاسة هادي العامري في معركة تلعفر، بالرغم من صلتها الوثيقة بطهران.
وذكرت مصادر ميدانية لـ”العرب” أن “قيادة فيلق بدر تنسق بفعالية مع قيادة العمليات المشتركة، وتنخرط في محاور المعركة، بشكل سلس″.
ويتحدث سياسيون عراقيون عن إمكانية “تحول بوصلة منظمة بدر، من المحور الإيراني، إلى محور الولايات المتحدة والخليج والعبادي”.
وأضافت المصادر أن “الفصائل الموالية لإيران في الحشد الشعبي، اختارت مواقع انتشار لا تتصل بمجال التأثير الحيوي في معركة تلعفر، مفضلة أن تهيّئ مسرح عمليات ينفتح على مثلث الحدود بين العراق وتركيا وسوريا، وهو ما دفع الأميركيين والأتراك إلى التحرك سريعا”.
وكشفت مصادر مطلعة في بغداد، أن “قيادة العمليات المشتركة، حذرت فصائل في الحشد الشعبي، من العمل خارج الخطط المرسومة، ما قد يعرضها إلى الاستهداف”.
وتابعت، أن “تركيا ربما لن تتردد في التدخل العسكري لتأمين المثلث الحدودي، لو اقتربت منه ميليشيات موالية لإيران”، موضحة أن “القيادة التركية ربما لديها ضوء أخضر أميركي في هذا الشأن”.
وعزا مراقب سياسي عراقي انسحاب فصائل من الحشد الشعبي من معركة تلعفر، إلى أن ما يجري فيها يختلف تماما عما جرى في الموصل.
وقال في تصريح لـ”العرب”، “المدينة تكاد تكون فارغة من السكان. ولأنها ذات غالبية شيعية فإن فصائل الحشد الشعبي تبدو مطمئنة إلى أن مجازر جماعية عن طريق الخطأ كما حدث في الموصل لن تقع هناك، إضافة أنها لن تكون غنيمة حرب لأسباب طائفية لذلك فضلت الفصائل المنسحبة عدم المشاركة من أجل ألا تقع خسائر بين صفوفها”.
وتوقع أن تهيّئ فصائل الحشد الشعبي المنسحبة من معركة تلعفر، نفسها للعب دور ضاغط على الحكومة الكردية لو أصرت على المضي في عملية إجراء الاستفتاء وهو ما ليس متوقعا على المدى المنظور، بسبب ما يمكن أن يتعرض له الإقليم من عقوبات اقتصادية وبالأخص على مستوى المعونات التي تقدمها الولايات المتحدة للبيشمركة والتي تم التلويح بتعليقها إذا ما جرى الاستفتاء.
وتحرز القوات العراقية المشتركة، تقدما متسارعا في المعركة التي بدأت فجر الأحد، لطرد عناصر داعش، من آخر معاقلهم المهمة في محافظة نينوى، شمالا.
وفجر الأربعاء، نفذت قوات مشتركة اختراقين فعّالين نحو مركز تلعفر من جهتي الغرب والشرق.
ونجحت القوات العراقية المدعومة بمدفعية وطيران التحالف الدولي في السيطرة على أحياء في مركز القضاء، فيما تواصل الضغط على خطوط الدفاع المتهاوية لتنظيم داعش.
ويتوقع القيادي البارز في الحشد الشعبي، هادي العامري، حسما سريعا لمعركة تلعفر واستعادتها من داعش.
وفي بغداد، أعلن وزير الخارجية التركي، ترحيب بلاده بانطلاق عمليات استعادة تلعفر، لكنه قال إنه بحث مع نظيره العراقي “الحفاظ على الطابع التركماني للقضاء”.
وقال أوغلو، “ناقشنا (في بغداد) العلاقات والمصالح المشتركة برحابة صدر، كما ناقشنا المعارك في تلعفر لتحريرها من داعش، وناقشنا الموضوع الخاص بالحفاظ على هوية تلعفر التركمانية”.
وبحسب مراقبين، فإن زيارتي ماتيس وأوغلو إلى بغداد في هذا التوقيت، تمثلان دعما قويا لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ومساعيه لتحييد الدور الإيراني في معارك استعادة ما تبقى من مناطق العراق التي يسيطر عليها تنظيم داعش.