«مثلما وعدناك وفينا».. عبارة استقبل بها قائد الجيش العماد جوزف عون رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في رأس بعلبك توكيداً على أنّ الرهان على الجيش اللبناني في تحرير الأرض لا يخيب، وأنّ «الضوء الأخضر» الذي منحته حكومة «استعادة الثقة» للمؤسسة العسكرية لدحر الإرهابيين عن الجرود اللبنانية كان في محله ولاقى ترجماته العملانية تحريراً وتطهيراً للمنطقة الجردية من الوجود الإرهابي. ومن ثكنة فوج الحدود البرية بدأ الحريري جولته الميدانية على الجبهة بدءاً من غرفة العمليات العسكرية وصولاً إلى المواقع والخطوط الأمامية حيث تفقد سير التطورات على أرض المعركة وعاين محاور القتال والمناطق المحرّرة من «داعش»، ليعبّر بفخر واعتزاز عن تقديره الكبير لتضحيات وإنجازات العسكريين في الميدان، قاطعاً كل خيوط التشكيك والتشويش على عملية «فجر الجرود» بيقين وطني أكيد: «الجيش اللبناني هو وحده من يقوم بهذه المعركة وسينتصر فيها وسنرى العلم اللبناني مرفوعاً على كل الحدود».

وعن الجولة التي التقى خلالها ضباط وعناصر المراكز الميدانية مطلعاً على أوضاعهم واحتياجاتهم ومتقاسماً وإياهم «سندويش» الغداء، نوّهت 

مصادر عسكرية رفيعة بأهمية زيارة رئيس الحكومة للجبهة حيث أكدت لـ«المستقبل» أن الزيارة كان لها «تأثير بالغ الإيجابية» على العسكريين، مشيرةً إلى أنّها شكلت «رسالة دعم قوية» للجيش اللبناني وللمهمات القتالية التي يقوم بها في الجرود خصوصاً أنّ الحريري «حرص على تفقد الخطوط القتالية الأمامية والتواجد بين العسكريين على الجبهة في مبادرة أشاعت جواً من الارتياح الكبير في صفوفهم».

وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده في ثكنة رأس بعلبك، شدد رئيس الحكومة على كون المعركة «وطنية بأعلى مستوى»، وقال: «هذا الجيش رفع رأسنا ونحن نريد له أن يقوى والحكومة ستستثمر فيه لأننا نريد الدولة لوحدها أن تقوم بالمهام الأمنية»، مخاطباً العسكريين بالقول: «الانتصار قريب وأنتم من يقرر موعده لأنكم تعلمون متى يجب أن تنتهي العملية».

وإذ أكد العمل «بصمت» لجلاء مصير العسكريين المخطوفين باعتبار «لا الجيش ولا الحكومة سيتخليان عن أي مخطوف»، أبدى الحريري رداً على أسئلة الصحافيين تمسكه بمسؤولية الدولة في حماية الحدود متعهداً بتأمين احتياجات الجيش اللبناني المسؤول عن تنفيذ هذه المهمة، بينما شدد في ما يتصل بالمعارك التي يشارك فيها «حزب الله» على المقلب السوري من الجرود إلى أنه شأن لا دخل للدولة اللبنانية فيه وليست معنية سوى في «حماية حدودنا ومنع دخول أحد إلى الأراضي اللبنانية». أما في ما خصّ تحرير جرود عرسال، فلفت الانتباه إلى أنّ «المعركة انتهت بالتفاوض وذهبت«النصرة»إلى سوريا»، مشيراً إلى أنّ «أولوية الدولة كانت لحماية النازحين واللبنانيين.. ولولا خط الدفاع الرادع الذي شكله الجيش اللبناني والدور الأساسي لمدفعيته في معركة جرود عرسال لحماية لبنان لكانت هناك كارثة».

ولدى سؤاله عن قول «حزب الله» بأنّ «تحرير الجرود ثبّت معادلة الجيش والشعب والمقاومة المنصوص عليها في البيان الوزاري»، ذكّر رئيس الحكومة بأنّ هذا البيان لا ينصّ على هذه الثلاثية، وأردف مضيفاً: «رغم الخلافات لن ندع أي خلاف سياسي يمس استقرار لبنان واقتصاده وأمنه وأتمنى على الجميع ألا يدخلوا هذه المعركة الوطنية في الخلافات».

.. وفي عرسال

وقبيل إنهاء جولته في البقاع الشمالي، خصّ الحريري بلدة عرسال بزيارة مفاجئة تحية لتضحيات أبنائها الأوفياء وصمودهم وتمسكهم بنهج الاعتدال والدولة، وفور سماعهم بنبأ الزيارة تجمّع حشد كبير من فاعليات البلدة ومواطنيها أمام مبنى البلدية حيث استقبلوا رئيس الحكومة بنحر الخراف ونثر الأرز والورد تعبيراً عن فرحتهم بقدومه لزيارتهم. غير أنّ الحريري شدد على أنّ هذه الزيارة «واجب» عليه وعلى الحكومة تقديراً لتضحيات عرسال «منذ بداية الأزمة السورية واستقبالها النازحين من دون شرط أو تردد»، وأضاف مخاطباً أهالي عرسال: «ضحّيتم بشكل لم تفعله أي منطقة أخرى وأقول لكل شخص منكم الدولة والجيش كنفكم وهما الأساس لننهض بهذا البلد (...) وسنقوم بتنفيذ عدة مشاريع ضرورية وحيوية للمنطقة، تأهيل طريق عرسال - الفاكهة، بناء مستشفى حكومي، إنشاء مبنى ثانوي، حفر بئر ارتوازية والكشف على أشجار الكرز وسنقوم بكل ما يمكننا لتوفير كل الخدمات التي تحتاجونها». 

وإذ طمأن إلى أنّ «الجيش سينتشر في كل الجرود ووحده يحمي كل الأراضي اللبنانية»، أكد الحريري أنه بخلاف محاولات تصوير الوضع على غير حقيقته في عرسال فإنّ أبناءها «أثبتوا مدى بطولتهم ووطنيتهم من خلال صمودهم وهذا الأمر لن ننساه أبداً»، وختم قائلاً: «أتيت إلى هنا لأقوم بواجبي الوطني تجاه عرسال، وستروننا قريباً نعقد جلسات لمجلس الوزراء في المناطق وفي البقاع الشمالي وقد نأتي إلى عرسال، لا تستغربوا ذلك فهذه الحكومة ستقوم بكل شيء لتقول للناس نحن لكم ونعمل لكل لبنان».