فيما طاوَل رصاص القنص مدينة صيدا، ممّا أدّى، وبقرار من محافظ الجنوب، إلى إقفال السراي الحكومي بعد إصابة عنصرَين من أمن الدولة، وقد ارتفعَت الأصوات الصيداوية مطالبةً بوقفِ الاشتباكات «لأنّنا لا نستطيع تحمُّلَ رصاص الجيران والضيوف».أعلن قائد القوة الفلسطينية المشتركة في مخيم عين الحلوة العقيد بسام السعد أن «القوة المشتركة لم تنتشر في حي الطيري بسبب عقبات اصطدمت بها على الارض من بعض القوى الاسلامية».
وأوضح في تصريح أنّ «هذا الامر لا يُبشّر خيراً للوضع الامني داخل المخيم الذي قد يهتز مجدداً بفعل عدم التزام بعض القوى مقررات القيادة السياسية الفلسطينية في منطقة صيدا»، لافتاً إلى أنّ «المقنّعين التابعين لمجموعتي بلال بدر وبلال العرقوب لا يزالون منتشرين في حي الطيري».
ورأى أنّ «ما حصل من اجتماع في مقر القوة المشتركة كان بمثابة حفلة تصوير نظراً لعدم التزام بعض القوى الاسلامية بهذا القرار، فإمّا أن تكون القوة المشتركة شراكة من الجميع ويكون لديها صلاحيات كاملة لضبط الوضع، وإمّا أن تبقى الأمور والخروق الأمنية على ما هي عليه منذ نيسان الماضي».
وكان من المتوقع أن يتمّ الانتشار بناءً على الاتّفاق الذي حصَل في اجتماعٍ عُقِد أمس في مقرّ القوّة المشتركة الفلسطينية للقيادة السياسية للقوى والفصائل الفلسطينية في منطقة صيدا، والذي ينصّ على الوقف الفوري لإطلاق النار، وانتشار القوّة المشتركة الفلسطينية في حيّ الطيري، وأطراف حي الرأس الأحمر.
وجال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب في حيّ طيطبا متفقّداً قوات الامن الوطني، والتقى قائد كتيبة شهداء عين الحلوة العقيد قتيبة تميم وقادة الوحدات العسكرية. كما زار الجرحى الذين أصيبوا في الاشتباكات الاخيرة.
إشتباكات عنيفة
وكان حيّ الطيري قد شهد أعنَف الاشتباكات صباحاً، حيث حاوَلت مجموعات تابعة لبلال بدر وبلال العرقوب شنَّ هجومٍ عنيف على المواقع التي استعادها الأمن الوطني من الجماعات الإرهابية منذ يومين، فشنَّ نحو 40 عنصراً من المجموعتين هجوماً من الرأس الأحمر في اتّجاه الطيري ودارت معارك عنيفة استُخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الصاروخية والرشاشة وسط إسنادٍ ناريّ ومشاركة عناصر من «التيار الإصلاحي الديموقراطي» في «فتح» التابع للعميد محمود عيسى «اللينو».
وأبلغَت مصادر «فتح»، «الجمهورية»، أنّها صدّت الهجوم على حيّ الطيري وأنّ الإرهابيين مُنُوا بعددٍ كبير من الجرحى وعادوا متقهقِرين، وقد عثرت في الحيّ على أمتعةٍ وسكاكين وخناجر ومقصّات، كما حسَّنت مواقعَها وتقدّمت إلى زواريب في الرأس الأحمر، ورَفعت أعلامها.
ودفَعت «فتح» بقادتِها إلى المعركة، وشوهِد قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب يهاجم مع مرافقيه جماعة بدر من حي الطيري، كما أنّ مسؤول الأمن الوطني في مخيّم عين الحلوة العميد أبو أشرف العرموشي شوهد يُطلق قذيفة صاروخية.
وواصَلت «فتح» استقدامَ مزيد من المقاتلين الى المخيّم، وقد أوقفَت القوى الأمنية اللبنانية 14 عنصراً تابعين لها، ونتيجة الاتصالات التي أجرَتها تمّ إخلاء سبيلهم وعادوا إلى المخيّم للقتال.
إستهداف سراي صيدا
وقد طاوَل رصاص الاشتباكات سراي صيدا الحكومي، فأصابَ مركز المديرية الإقليمية لأمن الدولة في الجنوب وأوقعَ جريحين نُقلا إلى مركز لبيب الطبّي، ما أدّى إلى إقفال دوائر السراي الحكومي أبوابَها.
وفسّرَت مصادر أمنيّة لبنانية ما حصَل بأنّه تنفيذ للكلام الذي تسرّبَ برسالة صوتية من القيادي في «جبهة النصرة» أسامة الشهابي بنقلِ المعركة إلى شوارع صيدا، وتنفيذ لتهديدات الإرهابيّين شادي المولوي وبلال بدر عبر رسائل صوتية بقصفِ صيدا إذا تدخّلَ الجيش في المعارك.
وأشارت المصادر إلى أنّ الجيش لم يتدخّل، وأنّ استهداف صيدا جاء بناءً لأمنيات الإرهابيّين الذين اعتدوا على الجيش قرب دربِ السيم برصاص القنص، كما أنّ قذيفتين سقطتا قرب الفيلّات والنبعة القريبة من حاجز للجيش، وكلّها إشارات إلى محاولة زجِّ الجيش في المعركة، لكنّه يتّخذ تدابيرَه الأمنية على المداخل وفي محيط المخيّم.
وبعد الاجتماع الذي انعقد أمس الأوّل بين «فتح» و«حماس»، في سفارة فلسطين، أوضَحت مصادر مواكبة أنّه «تخلّله عتبٌ ومجاملات ليس أكثر، وسألت «فتح»، «حماس» عن أسباب انسحابها من القوّة المشتركة، فحاولت «حماس» فرضَ شروطِها وتحسين موقعِها بأن تعود إلى القوة المشتركة في حي الطيري فور انتشارها بعد وقفِ القتال على أن تضمّ فقط «حماس» و«أنصار الله» و«عصبة الأنصار»، شرط عدم مشاركة «فتح» فيها، على أن ينسحب الأمن الفلسطيني من المواقع التي سيطر عليها ويبقى «البلالان» مطلوبين للقوّة المشتركة ويتواريا في المخيّم على غرار تواري بدر في نيسان الماضي».
هذا الأمر رفضَته «فتح» لأنه يعيد تجدّد الأزمة حالما يَحلو لبدر، وأصَرّت على بقائها في مواقعها، وأن تكون العامود الفقري في القوّة المشتركة، وهذا ما أبقى الفتورَ بينها وبين «حماس» قائماً، إذ وَجدت «فتح» أنّ في الأمر تغطية على الجماعات المتشدّدة وضخّاً للأوكسيجين في جسدها بعدما تلقّت ضربات مميتة وخانقة في المعركة المستمرّة.