لن يطول الوقت قبل إعلان الجيش اللبناني تحرير آخر الأراضي اللبنانية المحتلة من قبل إرهابيي «داعش»، الذين يستمرون في الانسحاب نحو الأراضي السورية، ويطلبون وقف النار للتفاوض على الخروج إلى دير الزور
إذا استمرّت وتيرة التقدّم في جرود رأس بعلبك والقاع على ما كانت عليه في أول يومين من عملية «فجر الجرود»، فسيكون بمقدور الجيش اللبناني إعلان تحرير الأراضي اللبنانية في غضون الساعات الـ48 المقبلة. عملياً، لم يعد من محور «صعب» أمام الجيش سوى محور «الكهف»، المتوقع استعادته قريباً جداً، بحسب مصادر ميدانية.
وتلفت المصادر إلى أن مسلّحي تنظيم «داعش» يستمرون في الانسحاب من الأراضي اللبنانية إلى داخل الأراضي السورية، حيث يتوقع أن تستمر المعارك أياماً، بعد تجمّع العدد الأكبر من مقاتلي داعش في تلك الجبهة.
وترى المصادر أن انسحاب مسلحي داعش السريع باتجاه الأراضي السورية في اليومين الماضيين، يدلّ على فقدان أي أمل بالقدرة على خوض المعركة. ومن الواضح أن وضع التنظيم لم يكُن كما توقّعه بعض المراقبين. فقد أدى فتح الجبهات كلها ضدّه على جانبي الحدود، في وقت واحد، إلى إضعاف قدرته على المقاومة. كذلك صار مؤكداً أن الحصار الذي فُرض عليه في الأشهر الماضية، من على جانبي الحدود، أنهكه بشكل كبير، وأثّر سلباً على قدرته على العمل والتجهيز. وعلمت «الأخبار» أن أمير «داعش» في الجرود، موفق أبو السوس، يطلب بصورة يومية وساطة للتفاوض، ويبعث برسائل مفادها أن «لا مشكلة بيننا وبين الجيش اللبناني»، داعياً إلى فتح ممر آمن «للخروج إلى دير الزور، وتحديداً إلى مدينة الميادين». لكن الجانب اللبناني، ممثلاً بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، رفض الطلب، بعدما أصرّ «أبو السوس» على وقف إطلاق النار قبل التفاوض، فيما أصرّ إبراهيم على التفاوض تحت النار، وأن يكون على بندين فقط: تقديم معلومات عن جنود الجيش المخطوفين منذ آب 2014، والاستسلام. وردّ «أبو السوس» بأنه لن يفصح عن أيّ معلومات بشأن المخطوفين قبل مغادرته الأراضي اللبنانية.
ومن المنتظر أن يستكمل الجيش تقدّمه بعد تثبيت قواته في المواقع التي حررها يوم الأحد الماضي، وبعد تفكيك الألغام و«تشريكات» العبوات التي زرعها التنظيم. وبعد تحريره منطقة «الكهف»، لن يدخل الجيش المناطق «المتنازع عليها» بين لبنان وسوريا، التي ستتولى المقاومة تطهيرها.
على الجانب السوري، استمرّ التقدّم حيث ينفّذ الجيش السوري وحزب الله عملية «وإن عدتُم عدنا». وقد استهدفت طائرات المقاومة أمس نقاط داعش في جرود القلمون الغربي. كذلك شُنّت غارات جوية سورية مركّزة على مواقع ونقاط انتشار مسلحي التنظيم في مرتفعات القريص وحليمة قارة، التي تعدّ من أهم معاقل داعش في جرود القلمون الغربي، كما استهدفت معبرَي مرطبية والروميات حيث تتقدم قوات الجيش السوري والمقاومة. وسيطر الجيش السوري والمقاومة على مرتفعات «قرنة عجلون» و«شعبة الدواب» و«شعبة بيت شكر» في المحور الشمالي لجرود القلمون الغربي. كذلك سيطرت المقاومة على «قرنة شعبة عكو» الاستراتيجية، التي يسمح ارتفاعها (2364 م في جرد الجراجير) بالإشراف على كامل المنطقة الجنوبية لجرود القلمون الغربي.
أما في الجانب اللبناني، فقد أعلنت قيادة الجيش ضبط كميات من الأسلحة والذخائر والمتفجرات والأعتدة العسكرية في المناطق التي استعادها الجيش من تنظيم داعش، خصوصاً داخل المراكز والمغاور والخنادق. وشملت هذه الأسلحة مدافع هاون ورشاشات متوسطة وثقيلة وبنادق حربية وقنابل يدوية، وقاذفات مضادّة للدروع وصواريخ مضادّة للطائرات، وعبوات ناسفة وألغاماً مضادة للأشخاص والآليات وقذائف وذخائر من عيارات مختلفة، إضافة إلى كميات من أجهزة الاتصال والتصوير ومعدات عسكرية متنوعة، وأدوية ومنشطات.
وفي السياق نفسه، أوقفت مديرية المخابرات مسؤولاً أمنياً داعشياً، في عملية نوعية خاطفة في وادي الأرنب في عرسال، وهو مسؤول عن الهجوم على مركز الحصن في عام 2014، وشارك في خطف عسكريين وقتلهم.
من جهة أخرى، لفت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، خلال استقباله وفداً من بلدية عرسال، إلى «أنّنا نصلح ما خرّبه الإرهاب والوضع يعود إلى طبيعته، فلا تهجروا أرضكم بل استثمروها». وأضاف «لقد عادت الأوضاع الآن الى طبيعتها، وستكون الدولة الى جانبكم وتحقق مطالبكم، على أمل أن تعيشوا في سلام وأمان وتعودوا الى ارضكم لاستثمارها بشكل هادئ، فتستعيدوا مصالحكم، لأنكم من الراسخين في أرضكم».