الشهيد في الجيش اللبناني إيلي إبراهيم فريجي "بطل من أبطال الجيش الذين يحاربون في الجرود والوديان والجبال الوعرة، ويقاومون المخربين المجرمين وانشالله يقضون عليهم". بهذه الكلمات يحاول إبراهيم فريجي أن يعزي نفسه بفقدان ابنه مع اثنين من زملائه في اليوم الثاني لمعركة "فجر الجرود"، الأحد في 20 آب. فلغير هذا السبب، لا يمكن لوالدي إيلي أن يتقبلا فكرة خسارتهما ولداً آخر من أبنائهما، بعدما فقدا شقيقة لإيلي قبل سنوات بسبب مرض السرطان. 

الشاب العشريني، كان قد التحق بالسلك العسكري منذ خمس سنوات. كان طموحه أن يلتحق بالسلاح الجوي، إلا أن "حظه" وضعه في اللواء السادس المسؤول عن تشغيل الآليات العسكرية وصيانتها. 

ووفق أحد أقاربه، كان إيلي متوجهاً مع زملائه لسحب إحدى الآليات العسكرية التي تعطلت في الجرد، عندما انفجر بهم لغم أرضي، وأدى إلى اصابات عدة في صفوفهم.

كان الشهيد إيلي، وفقاً لعدد من أقاربه، محجوزاً من بين أعداد العسكريين منذ أكثر من أسبوع. صباح السبت، في 19 آب، زارته والدته وشقيقه المجند في الشرطة العسكرية، في مكان التحاقه في بلدة رأس بعلبك، حاملين له الطعام. طلب منهما أن يحضرا والده قبل العاشرة صباحاً، لأنه من بعدها قد لا يتمكن من لقائهم، إلا أن الوالد الذي تغيب عن الحضور، بسبب انشغاله، كان يأمل برؤيته مجدداً في الزيارة اللاحقة. 

صباح الأحد، لاحظ الوالد حزناً في نظرة أهالي قريته إليه. لكن لم يخطر في باله، ولو للحظة، أن ابنه قد يكون من بين الشهداء الذين بدأت وسائل الإعلام تتحدث عنهم. فمعنويات ابنه كانت عالية في اليوم السابق، وهو كان مطمئناً إلى أن وظيفته لم تكن تضعه في مواجهة مباشرة مع عناصر داعش في الجرود.

لم تتمكن الوالدة من التحدث إلى ابنها مجدداً، في الموعد نفسه الذي كان يحدثها فيه يومياً. بل إن محاولاتها المتكررة جاءتها بالجواب الذي كانت تخشاه. أما اتصاله الأخير فكان بخطيبته كاتيا، التي كان وقع الخبر قاسياً عليها. فهو كان قد وعدها أن يكملا الحياة معاً، لكنه رحل تاركاً لها بعض الذكريات تقلبها على شاشة هاتفها، حاملة ثيابه لتغسلها بدموعها.