كلمة قالها مناضل كأحمد اسماعيل وتبرأ منها الحزب الذي ناضل فيه أحمد لأكثر من عشرين سنة قضى قسطاً منها في معتقلات العدو الغاشم.
دفع الغرب أثماناً باهظة في كل شيء سعياً وراء حريته الكاملة فكان ما كان من تقدم على المستويات كافة، ولهذا ديّن حريته التي أمست إلهه المعبود وأصبحت طريقة ونمط عيشه مغنطيس جاذب لا للعرب والمسلمين فقط بل للشرق بكامله، وقد سيطرت مفاهيمه على الحياة واطبقت على العقول بحيث أن البشرية تعيش في فيء الحضارة الغربية وتستهللك يومياً ما صنعه الغرب.
لا أعتقد أن أحداً لم يحاول السفر اليه بطرق قانونية أو ملتوية بحثاً عن الحياة المفقودة في أكثر بلاد الشرق، وثمّة حضور قوي للشرقيين في بلاد الغربيين ممن وصلوا ليسرقوا ما في الغرب الكافر من جنّات بعد أن كوتهم جهنم المؤمنين في أوطانهم وجعلتهم مجرد عبيد في خدمة الله من لحم وطين.
نعمة الحرية الموفورة في الغرب يرفضها الشرق الذي يستهلكها كسلع ويحاربها بقوّة، ويرفض أن تمرّ أو أن تقيم في بلاده كونها أجنبية وغريبة ومصدر الكفر والفسوق وأداة شيطانية يهتزلها عرش الله لذا وقف المؤمنون بأديانهم ضدّها ورفضوا رفضاً تاماً السعي اليها بل فرضوا القصاص على من تسوّل له نفسه الدعوة والعمل من أجل تحقيقها، وهنا اجتمعت كل الإرادات لخنق محاولات البحث عن الحرية المفقودة في دول يرعي فيها أسود الإستبداد.
في لبنان ومنذ الحرب الأهلية ولدت إرادة وطنية قاتلت كيّ تحصل على الحرية وتبيّن بعد الحرب و أثنائها أن هذه الأحزاب أكثر استبداداً من نظام – المكتب الثاني – وقد ألغت الدولة الظالمة لصالح الفوضى التي سرقت ما كان في لبنان من نعم وأطفأوا ما كان فيه من نور وبات عتمة داكنة وتصحراً منتشراً في ما كان يزدهر فيه لبنان من اخضرار .
إقرا أيضا: أعلنوا ولاءكم لمحور الممانعة
من مرّ على لبنان من قوى وطنية وطائفية ومذهبية شكلّ عقلاً جماعياً ضدّ الدولة ككيان وسقف سياسي وضدّ كل شيء يجعل من لبنان حرّاً فتم توزيعه كحصص غذائية للقوى النافذة واحتشد الناس في صفوف الحصول على وحدة أو إعاشة أو إعانة غذائية في طوابير السلطة الطائفية، وهذا ما دفع بجماهير المساعدات الإجتماعية إلى قوّة ردع لكل محاولات الخروج من مزارع الطوائف والمذاهب والعبور نحو وطن غير مقيّد بسلاسل السلطة القائمة.
هذا العقل الطائفي الجمعي هو من حارب محاولات الحراك الأخير في وسط بيروت وهو من يُدين ويوهن ويخون ويكفر كل دعوة منفلتة من عقال السلطة المستبدة ويرمي الكلمة الحرّة بأوساخه وينعت صاحبها بالخائن وهذا العقل متفرغ للسب والشتم وتهديد من يجرأ على قول ما من شأنه أن يحسن من شروط الحياة في لبنان وهو من يمسك بعصا السلطة ويدفع البلاد والعباد نحو مزيد من الإستبداد، وهو من يتغنى بالدول المستبدة ويعتبرها دولاً ممانعة، ويدعو الى تكاثرها كونها من سنخ الدين ومن طبيعة الأفكار القائمة في شرق مستسلم لرغبات كهنة الحزب والطائفة والمذهب.
ثمّة جيش أقوى من كل الجيوش العربية وهو متفرغ ليلاً ونهاراً وفي كل مكان لتثبيت أعمدة الإستبداد وقوامه أحزاب شيوعية وقومية واسلامية ومسيحية، وهو منتشر بكثافة في كل المستويات والشبكات الإجتماعية والسياسية ومتسلح بعصبيات دينية وطائفية ومذهبية، ورغم أنه يدّعي صلة قوية بفلسطين لم يحتشد يوماً ضدّ اليهود المغتصبين بالقدر الذي يحتشد فيه ضدّ كلمة قالها مناضل كأحمد اسماعيل وتبرأ منها الحزب الذي ناضل فيه أحمد لأكثر من عشرين سنة قضى قسطاً منها في معتقلات العدو الغاشم .