لم تتوقف زيارة مسؤولين أميركيين عسكريين وأعضاء في الكونغرس، إلى لبنان منذ أشهر. تعززت هذه الزيارات أكثر بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة. لكن، هذه الزيارات تتزايد أكثر هذه الفترة، وستتكثّف في الأيام والأسابيع المقبلة، قبيل إقرار التعديلات على قانون العقوبات الذي يطال حزب الله. يأتي الأميركيون، ولا سيما أعضاء الكونغرس، إلى لبنان لاستمزاج آراء مختلف الأفرقاء بشأن العقوبات والجدوى التي يمكن تحقيقها، وانعكاساتها على القطاع الإقتصادي اللبناني.
حتى الآن، ثمة موقف لبناني موحد يسمعه الأميركيون الجوّالون. مضمون هذا الموقف، هو أنه يجب تحديد العقوبات ومن تشمل، لأن المؤسسات المالية والمصارف ليست ضوابط عدلية، ولا يمكنها التقصي والتحقيق بشأن كل شخص يتعامل معها. لذلك، لا يمكن فرض عقوبات عليها لأنها تتعامل مع بعض الأشخاص المشتبه فيهم، أو المصنفين إرهابيين بالمفهوم الأميركي. ويؤكد المسؤولون اللبنانيون أن لبنان سبّاق ومتقدّم جداً في تطبيق التشريعات المالية ويلتزم التعاميم في أسرع وقت تصدر. بالتالي، على الخزانة الأميركية تحديد الأشخاص المحرّم التعاطي معهم للالتزام بذلك، على أن لا تكون العقوبات واسعة وشاملة، وتطال فئات واسعة لا علاقة لها بأي نشاطات غير مشروعة، خصوصاً أن التقديرات المالية للكتلة النقدية "الشيعية" تفوق الستين مليار دولار. وإذا ما تعرّضت هذه الكتلة إلى أي اهتزاز أو تناقص فإن لبنان سيواجه أزمة قاسية.
عليه، فإن لبنان على موعد مع دفق من الزايارت الأميركية، وخصوصاً لأعضاء من الكونغرس، في الأيام المقبلة. وهذا التحرك لن يقتصر على لبنان، إنما سيشمل العديد من دول المنطقة والعالم، لا سيما التي تقف في خانة الخصومة مع الحزب. وهذا التحرك الأميركي سيتركز مع دول الخليج والاتحاد الأوروبي لأجل تدعيم العقوبات الأميركية بعقوبات مماثلة من قبل هذه الدول، بهدف تشديد الضغط على الحزب.
وتقول مصادر متابعة إن هناك اجتماعات مرتقبة ستعقد بين مسؤولين أميركيين وآخرين في مجلس التعاون الخليجي لبحث كيفية تضييق الخناق على إيران وحزب الله، على أن يتخلل المناقشات المتوقعة بحثٌ في الآلية التي سيتم اتباعها للتعامل مع قانون العقوبات الجديد ومع المدرجين على لوائح الارهاب، إضافة إلى محاولات إقرار تصنيفات مشتركة للتنظيمات الارهابية، في خطوة تشكّل استكمالاً لما خرجت به القمة الاميركية- العربية- الإسلامية التي استضافتها الرياض الربيع الماضي. وتتحدث المصادر عن رغبة أميركية في إنتاج موقف موحّد بينها وبين مجلس التعاون الذي يقال إنه قد يتبنى العقوبات الأميركية كما هي، لتُرسَم والحال هذه، أكثر من علامة استفهام حول الموقف القطري من هذه الخطوة إذا حصلت.
وتكشف مصادر أخرى عن محاولات جديدة سيقوضها الجانب اللبناني، لا سيما الرئيس سعد الحريري، لأجل المطالبة بأن لا تشمل العقوبات أي مؤسسة تعليمية أو خيرية أو صحية. وتشير المعلومات إلى أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يستعد لزيارة جديدة إلى الولايات المتحدة، للقاء المسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي وصندوق النقد، للبحث إماكينة تخفيف تداعيات العقوبات.
على ضفة حزب الله، لا تخفي مصادر مطّلعة أن الحزب يأخذ في الحسبان جدياً هذه العقوبات، لكنها لن تؤثر عليه أو على خياراته السياسية أو الاستراتيجية، بل قد يتشدد أكثر. وتلفت المصادر إلى أن تأثير هذه العقوبات سيطال أشخاصاً بريئين لا علاقة لهم بأي نشاط حزبي. وهذا ما لا يمكن السكوت عنه، وقد تتم مواجهته بالطريقة الملائمة.