على مسافة أقل من أسبوع لانتهاء المهلة القانونية لتوقيع رئيس الجمهورية على قانونَيْ السلسلة الإيرادات، في 24 آب الحالي، فإن كل المؤشرات تدل على ان الرئيس عون سيوقِّع القانونين على ان تُنجَز تعديلات عليهما في اقتراحات قوانين معجلة مكررة توضَع على جدول أعمال الجلسة النيابية العامة الاسبوع المقبل والتي وعد الرئيس نبيه بري بتحديد موعدٍ لها، من ضمن "صحوة تشريعية" بمعدل جلسة في الاسبوع.
وتشكل القوانين المعجلة المكررة تحديًا جديدا أمام مجلس النواب لجهة التخفيف من عبء الإنفاق الجديد، وإذا كان رئيس الجمهورية سيقوم بما عليه لجهة التوقيع على القوانين، فإن المطلوب من مجلس النواب ان يلاقي رئيس الجمهورية في منتتصف الطريق لجهة الاستعجال في اقتراحات قوانين من شأنها ان تخفف من الأعباء على الخزينة والمواطن.
إقرأ أيضًا: أي حوار على وقع الإنقسامات والإعتصامات؟
وبالتزامن مع إقرار القوانين تبقى قضية الضرائب الجديدة محور الاهتمام إذ كان من الممكن إقرار السلسلة دون إضافة أية ضرائب جديدة ترهق المواطن و تزيد الأعباء وذلك من خلال إقرار إصلاحات مالية وإقتصادية وإدارية تردم الهوة الساحقة بين موازين الصرف وترشيد العمل الإداري وترشيد الإنفاق، بما يتلاءم مع سدّ العجز في الموازنة نتيجة تراكم خدمة الدين العام وما تحتاجه مؤسسة كهرباء لبنان من موازنة سنوية تفوق المليار دولار سنويًأ.
وفي رأي مراجع مالية وإقتصادية فإن كل الإجراءات المتخذة، ومن بينها فرض ضرائب عشوائية، ستبقى دون المستوى المطلوب، وستبقي الخزينة في عجز تراكمي، إذا لم يكن للحكومة رؤية إقتصادية واضحة المعالم وغير مرتبطة باللحظة الآنية، وإذا استمرت سياسة الصرف والتحصيل على ما هي عليه.
إقرأ أيضًا: شطب الزيارة من محضر الجلسة!!
وإن المطلوب في الوقت الراهن رسم سياسة تتماشى مع حجم الأزمة، مع ما يتطلب ذلك من وقف سريع لمزاريب الهدر والعمل على مكافحة الفساد اينما وجد، سواء في الإدارات العامة أو في المؤسسات التي لها صلة مباشرة مع متطلبات الحياة العامة للمواطنين، وذلك من خلال تفعيل عمل القضاء ورفع يد السياسيين عنه، فضلًا عن تفعيل عمل الأجهزة الرقابية وتطبيق مبدأ "من أين لك هذا"، وتطهير العمل الإداري من المحسوبيات والمحاصصة والزبائنية، وعدم التصرف مع الموظفين بكيدية سياسية، بحيث يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، بعيدًا عن إنتمائه السياسي أو مدى قربه من هذا الوزير أو ذاك المسؤول.
إقرأ أيضًا: تشويه صورة الجيش لماذا الآن؟
وقد كان من المفترض بلقاء بعبدا التشاوري أن يكون على مستوى أكبر في معالجة الأزمة ويعمل بجدية أكبر على معالجة السلسلة من خلال وقف الهدر والفساد وهو الأمر الذي أشار إليه النائب وليد جنبلاط في تغريدة له طلب فيها وقف الهدر غير المجدي، والذهاب إلى المكان الصحيح غير جيوب الناس، لتأمين تمويل السلسلة، وهو أمر متيسر إذا ما أقترن بإرادة رفع يد المهيمنين على القطاعات التي يمكن أن تكون مصدرًا للتمويل، سواء أكانت سلسلة أو عجزًا في الموازنة.
فقط طبّقوا القانون، بحيث لا يكون فوق أي كان خيمة، وأضربوا بيد من حديد، وأوقفوا السمسرات والصفقات المشبوهة وأعملوا على رفع الغطاء عن كل متجاوز ومرتكب وحاسبوا بعدل وحكمة، وتصّرفوا على أساس أن المال العام ليس مالًا سائبًا، يعود الإنتظام العام إلى موقعه الطبيعي وإلى حيث يجب أن يكون، فلا تعود جيوب المواطنين، الذين لم يعد في قدرتهم تخطي النصف الأول من كل شهر، نظرًا إلى الغلاء غير المراقب وغير المنضبط، الذي سبق السلسلة بأشواط.