وزع المكتب الاعلامي للنائب ايلي كيروز الكلمة التي اقترح فيها كيروز إلغاء المادة 522 من دون استثناءات.
وجاء في الكلمة التي ألقاها في مجلس النواب أمس:
"أولا - لقد سعت الحركة النسائية اللبنانية، ومنذ سنوات طويلة، الى إلغاء المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني، باعتبارها تشرع الإغتصاب وتشكل انتهاكا واضحا لحق المرأة الناجية من الإغتصاب. ولقد تضمن قانون العقوبات هذه المادة منذ العام 1943 والتي استمرت على مدى سبعين عاما. وتمكنت بعض الدول العربية، قبل لبنان، من إلغاء هذه المادة من تشريعاتها. ومن ضمن هذا السياق الطويل والمضني، تقدمت باسم حزب القوات اللبنانية باقتراح قانون لإلغاء هذه المادة بتاريخ 11 تموز 2016. ولقد تولينا التنسيق في الموضوع مع أبعاد ومع كفى.
ثانيا - لقد تمت إحالة الإقتراح الى لجنة الإدارة والعدل النيابية التي واظبت على دراسته على مدى أشهر وخلال جلسات طويلة. وفي سياق النقاش، برز في اللجنة اتجاهان قانونيان: اتجاه يدعو الى إلغاء المادة 522 بشكل كامل ومن دون استثناءات والعودة الى تطبيق القواعد الجزائية العامة. واتجاه يطالب بما أسميه باعتماد سياسة أكثر واقعية تأخذ بالإعتبار تأثير العادات والتقاليد في المجتمعات اللبنانية. من هنا انكبت اللجنة على دراسة مواد الفصل الأول من الباب السابع من قانون العقوبات المتعلقة بجرائم الإعتداء على العرض والواردة في المواد 503 الى 521، وهي تتعلق خاصة بجرائم الإغتصاب والفحشاء والخطف والإغواء كما وارتكاب هذه الجرائم بحق قاصر. وبنتيجة النقاش الطويل، توصلت اللجنة الى اقرار صيغة معدلة للإقتراح الأصلي، بحيث اعتمدت مبدأ عدم تطبيق المادة 522 على العديد من الجرائم، ولكنها أبقت على مفاعيل المادة 522 في حالتي مجامعة القاصر الذي أتم الخامسة عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة، وفض بكارة فتاة بعد إغواء بالزواج.
ثالثا - لقد جاء التعديل ليمثل تطورا إيجابيا في الواقع القانوني اللبناني، ولكنه لا يمثل كل طموحي بالنسبة لإلغاء المادة 522. إني أدعو الى إلغاء هذه المادة دون أي استثناء. إن الأسباب الموجبة تفرض نفسها:
إن هذه المادة والتي تحتاج الى الإلغاء تنص على وقف الملاحقة القانونية وتعليق تنفيذ العقوبة في حال انعقاد زواج صحيح بين المجرم والمعتدى عليها.
إن هذه المادة تؤدي ليس فقط الى إعفاء المجرم من العقوبة بل الى مكافأته بتزويجه بدلا من معاقبته، فيصبح الزواج بالنسبة إليه بديلا عن السجن.
إن هذه المادة تعالج في الواقع مشكلة أهل المعتدى عليها وعائلتها وعشيرتها من حيث ما يعتبرونه هم مساسا بكرامتهم وشرفهم.
إن تزويج المعتدى عليها من المعتدي لا يشكل تعويضا أو حلا للضرر الجسيم الذي تتعرض له المرأة من جراء الإعتداء عليها، بل على العكس يشكل تكريسا لفعل الإعتداء وتأبيدا له.
من هنا، كانت الحاجة لاقتراح القانون لإلغاء المادة، لأن هذه المادة تشكل حلا للجميع من المعتدي الى أهل الضحية، ما عدا المعتدى عليها.
رابعا - الموقف في بعض الدول العربية وتركيا.
لقد كانت مصر سباقة في هذا المجال إذ ألغت المادة 291 من قانون العقوبات المصري التي كانت تعفي المغتصب من الملاحقة القانونية في حال تم الزواج من الضحية منذ العام 1999.
وفي المغرب، وفي بداية العام 2014، وافق البرلمان المغربي على اقتراح قانون يقضي بإلغاء المادة التي تنص على وقف ملاحقة الجاني إذا تزوج المعتدى عليها. وقد أتى هذا التعديل بعد حادثة انتحار "أمينة الفيلالي"، إحدى المغتصبات على خلفية تزويجها من مغتصبها.
وفي تونس، تظاهر عشرات الأشخاص في العاصمة في 13/12/2016 أمام مقر البرلمان التونسي، مطالبين بإعادة النظر في قانون يتيح إفلات مغتصب لقاصر من الملاحقة القضائية في حال زواجه من الضحية.
وقالت عائدة (52 سنة) "هذا القانون يجب أن يراجع لأنه يتيح اغتصاب أطفال. وأؤكد اغتصاب لأنه لا يمكن الحديث عن رضى عندما يتعلق الأمر بأطفال".
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "اغتصبها مرة والقانون يسمح له باغتصابها كل ليلة...".
وفي الأردن، في 1 آب 2017، ألغى مجلس النواب الأردني المادة 308 من قانون العقوبات الأردني التي كانت موضع جدل إذ تتيح للمغتصب الإفلات من العقوبة في حال تزوج الضحية.
وفي تركيا، تظاهر آلاف الأشخاص في إسطنبول ومدن أخرى ضد مشروع قانون قد يبرئ المتهم باعتداء جنسي على قاصر في حال تزوجها. كما يسمح القانون بإطلاق سراح الرجل الذي اعتدى على قاصر دون استخدام القوة أو التهديد أو أي شكل من أشكال عدم الرضى وتزوج الضحية. وقالت متظاهرة "أنه لا يمكن تبرير الإغتصاب، فماذا يعني سؤال طفلة إذا كانت راضية؟ فحتى سن الثامنة عشرة تظل طفلة".
خامسا - الموقف من الإستثناءات.
أ - إن المادة 505 عقوبات، في الصيغة المعدلة، تستدعي الملاحظات الخمس التالية:
إن المادة 505 بمجملها غير واضحة بتاتا لا في النص الأصلي ولا في التعديل المقترح الذي يشير فقط الى "مجامعة قاصر".
إن الفقرة الثالثة تنم عن قصور تشريعي في النص الأصلي، وهو يحتاج منذ الأساس الى تدارك المشرع اللبناني من أجل تشديد التجريم ومعاقبة الجرم في حالة مجامعة القاصر الذي أتم الخامسة عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة.
في كتابه لشرح قانون العقوبات اللبناني، يعتبر الدكتور علي عبد القادر القهوجي، وفي إطار شرحه للحالات المنصوص عليها في المادة 505، أن مجامعة القاصر تشكل بحد ذاتها اغتصابا.
وعلى فرض رضى القاصر، وهو في هذه المرحلة من العمر، أي بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة، فإن الرضى الذي يصدر عنه يكون غير معتبر قانونا، أي لا يكون رضاء صحيحا. فالقانون لا يعترف بأية قيمة للرضى عند القاصر في كل مراحله العمرية.
هل يريد المشرع اللبناني أن يغير سن الرشد وأن يحدد سن الخامسة عشرة كسن مؤهلة للزواج الصحيح، وبالتالي هل يريد أن يشرع ويكرس تزويج الأطفال والقاصرات؟
ب- المادة 518: إغواء فتاة بوعد الزواج مع فض بكارتها.
إن المادة 518 المعدلة تستدعي الملاحظات التالية:
إن الجرم يتعلق بإغواء فتاة بوعد الزواج مع فض بكارتها ويقع على قاصر بين سن الخامسة عشرة والثامنة عشرة.
إن القاصر التي تم خداعها تحتاج الى الحماية القانونية وهي في هذه المرحلة العمرية، ولا يعقل تزويجها ممن خدعها لأن الزواج مؤسسة لا يمكن أن تقوم على الخداع والكذب بل تقوم على الحب والإخلاص والنضوج العقلي والعاطفي والجسدي.
سادسا- لكل هذه الأسباب أرجو من المجلس النيابي إقرار الإقتراح بإلغاء المادة 522 من دون استثناءات".