على ايقاعات متفاوتة الحرارة، وأن كانت جميعها تتسم بالسخونة، ينعقد مجلس الوزراء اليوم في بعبدا، على إيقاع طبول الحرب «تقرع» في جرود القاع ورأس بعلبك، حيث رجحت معلومات لـ «اللواء» ان تتزامن الجلسة مع بدء «ساعة الصفر»، بعدما وسع الجيش تقدمه في هذه الجرود، وسيطر على مجموعة تلال ومواقع استراتيجية لاحكام الطوق على مجموعات «داعش» الإرهابية، وسط وابل من القصف المدفعي والاشتباكات بالنيران، فيما جدول أعمال الجلسة المكون من 66 بنداً، أكثر من ثلثيها نقل اعتمادات مالية، يلحظ بنداً خلافيا يتعلق بصفقة بواخر الكهرباء، وأن خلا من موضوع الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان، لكن وزير الداخلية نهاد المشنوق سيثيره من خارج الجدول، رغم الاتجاه الغالب بإلغاء هذه الانتخابات امام برودة المسؤولين اتجاهها، وهي البرودة نفسها التي يرجح ان يتعامل مجلس الوزراء مع سفر الوزراء الثلاثة حسين الحاج حسن وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس إلى دمشق، على اعتبار ان هذه الزيارات هي شخصية وليست رسمية، وتتم بدون تكليف رسمي، على حدّ تأكيد الرئيس سعد الحريري في مجلس النواب، رغم محاولات الإعلام الرسمي السوري احاطة هذه الزيارات بالطابع الرسمي سواء في الاستقبال على الحدود، حيث تولى التلفزيون السوري نقل وقائعها على الهواء مباشرة، أو تأكيد الوزيرين الحاج حسن وزعيتر ذلك.
لكن اللافت، في هذا السياق، إلغاء زيارة وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري الذي كانت وجهت إليه دعوة للمشاركة في افتتاح معرض دمشق.
وأوضح خوري لـ «اللواء» انه رفع كتاباً بهذا الصدد إلى مجلس الوزراء، لنيل موافقته، وبما انه لم يأت الجواب بشأن الزيارة فضلت عدم الذهاب إلى سوريا والمشاركة في المعرض، مع ان موعد الدعوة كان محددا اليوم.
اما الجلسة التشريعية التي اقتصرت على جزء صباحي، بعدما طير النصاب جزءها المسائي، فقد انعقدت بدورها على إيقاع سلسلة اعتصامات تربوية لأساتذة الجامعة اللبنانية والمتعاقدين في التعليم الثانوي والتعليم المهني والتقني، من أجل سلسلة مطالب خاصة بالثبيت وصندوق التعاضد والمستحقات، بالتزامن مع اعتصامات أخرى في ساحة رياض الصلح لمتقاعدي القوات المسلحة للمطالبة برد سلسلة الرتب والرواتب وتصحيح الثغرات التي تطالهم، ولمتطوعي الدفاع المدني للمطالبة بتثبيتهم، ملوحين باللجوء إلى إحدى السفارات لطلب اللجوء الإنساني خلال 48 ساعة.
ولئن غابت السلسلة عن وقائع الجلسة التشريعية، حيث لم يتطرق أي نائب إليها لا من قريب ولا من بعيد، الا انها حضرت في كواليس الجلسة لترجمة «صفقة» المقايضة بين توقيع السلسلة من قبل رئيس الجمهورية ضمن المهلة الدستورية التي تنتهي في 24 آب الحالي، والأخذ بالملاحظات والثغرات التي تحدث عنها اللقاء الحواري في بعبدا، حيث عقد لهذه الغاية، اجتماع بين الرئيس نبيه برّي ورئيس لجنة المال النيابية إبراهيم كنعان، جاء تتمة للقاء الذي انعقد في عين التينة الثلاثاء، وحضر الاجتماع أيضاً الوزير علي حسن خليل والنائب القواتي جورج عدوان، وتمحور البحث في اقتراحات القوانين الثمانية التي ستدرج على الجلسة المقبلة بصفة المعجل المكرر.
وأعلن كنعان في مؤتمر صحفي عقده في ساحة النجمة التوافق على هذه الاقتراحات المرتبطة بالسلسلة، مشيراً إلى انها ستسلك المسار القانوني بعد نشر قانون السلسلة وقانون ايراداتها في الجريدة الرسمية، وذلك بعدما تبين ان القانون لا يعدل الا بقانون، بمعنى انه يجب أولاً على الرئيس ميشال عون توقيع السلسلة لتسلك مسارها القانوني، حتى يُصار إلى التصويت على الاقتراحات النيابية والتي تشمل شهداء وجرحى العسكريين وذوي الاحتياجات الخاصة، وإلغاء الازدواجية الضريبية والرسوم على المشروبات الروحية، وصندوق تعاضد القضاة وتعويضات المتقاعدين العسكريين.
وعلمت «اللواء» انه سيُصار من الآن وحتى موعد الجلسة المقبلة المرجح ان تعقد يومي الثلاثاء والاربعاء المقبلين، حيث طلب الرئيس برّي من النواب عدم الارتباط بهذين اليومين، محاولة لضم الاقتراحات الثمانية في اقتراح واحد.
وأكد برّي انه في صدد التحضير لجلسة مساءلة للحكومة خصوصاً وأن هناك العشرات من القوانين لم تنفذ وصادق المجلس على مجموعة قوانين متبقية من جدول أعماله، بينها إنشاء محافظة كسروان – جبيل وقانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإلغاء المادة 522 من قانون العقوبات المتعلق بحالات الاغتصاب، وقانون حماية الحيوانات والرفق بها، وإبرام بروتوكول بين لبنان والمجموعة الاوروبية لإنشاء آلية لتسوية النزاعات حول الاحكام التجارية من اتفاقية الشراكة الأوروبية – المتوسطية.
مجلس الوزراء
إلى ذلك، علمت «اللواء» من مصادر سياسية مطلعة أن الرئيس عون سيعرض على مجلس الوزراء حصيلة اللقاء الحواري في بعبدا والخطوات التي ستتخذ لاحقا، مؤكدة ان موضوع زيارة الوزراء إلى سوريا ليس مطروحا في المبدأ ،لكن هناك توقعات بأن يثيره بعض الوزراء على أن تشهد الجلسة تمسك كل فريق بموقفه وان تتكرر المواقف السابقة التي عبر عنها الفرقاء ورئيس مجلس الوزراء. كذلك لم تستبعد أن يعرض وزير الدفاع الوضع العسكري في الجرود في حين يطرح وزير الداخلية موضوع الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس.
وكشفت مصادر وزارية من تيار «المستقبل» لـ«اللواء» بأن الرئيس الحريري سيقدم اقتراحاً خلال جلسة مجلس الوزراء لالغاء مناقصة الكهرباء وسيكون له موقف من هذا الملف على ان يتم اجراء مناقصة جديدة من خلال دفتر شروط جديد وتوقعت المصادر ان لا يكون هناك اعتراض على اقتراح الحريري مشيرة الى ان الموضوع جرى التفاهم عليه بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر».
واعتبرت المصادر ان هناك بنداً على اهمية عالية في مجلس الوزراء والمتعلق بموضوع الغاز السائل وتشغيل معامل الكهرباء على الغاز مما يؤمن التيار الكهربائي، كذلك البند المتعلق بملف الاتصالات، من خلال نقل اعتماد بـ١٥٠ مليون دولار لتطوير شبكة الهاتف الثابت.
واستبعدت المصادر الوزارية المستقبلية اثارة موضوع زيارة الوزراء الى سوريا خصوصا ان لا اتفاقيات سيتم التوقيع عليها خلال الزيارة ولا تكليف حكومي لهم باجراء اي محادثات.
وشددت المصادر على دعم الحكومة الكامل للجيش اللبناني في كل الخطوات التي يقوم بها واثنت على عمله المدروس على الحدود اللبنانية – السورية.
اما بالنسبة الى موضوع اجراء الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان توقعت المصادر ان يطرحه وزير الداخلية نهاد المشنوق من خارج جدول الاعمال خصوصا ان الوقت اصبح يداهم الجميع، ولكنها استبعدت اجراء الانتخابات متوقعة ان يكون السبب ضيق الوقت خصوصا ان موعد الانتخابات النيابية لم يعد بعيدا.
ولفتت الى انه من الافضل عدم اجراء الانتخابات الفرعية لكي يكون هناك حافز لاجراء الانتخابات النيابية في اسرع وقت ممكن.
ومن جهته، قلل وزير العمل محمدكبارة من انعكاسات زيارة الوزيرين زعيتر والحاج حسن الى سوريا (سينضم اليهما اليوم الوزير يوسف فنيانوس)على الوضع الحكومي، وقال لـ«اللواء»: موقف الحكومة واضح وكلام الرئيس سعد الحريري ايضاً، ان الزيارة هي شخصية وبصفة خاصة وليست رسمية بقرار من مجلس الوزراء، مهما قال الوزيران في هذه الزيارة.
وردا على سؤال حولما اذا كان بعض الوزراء المعترضين على الزيارة سيصعدون موقفهم خاصة بعد تسريبات عن استقالة وزراء «القوات اللبنانية»؟ قال كبارة: لا اعتقد ان الامر سيصل الى هذه الدرجة، طالما ان الوزراء ذاهبون بصفة خاصة ولا علاقة للحكومة بالزيارة.
وتوقعت مصادر وزارية قواتية لـ«للواء» أيضاً ان يثار الكثير من الملفات في جلسة مجلس الوزراء اليوم في بعبدا، مشيرة الى أهمية المواضيع التي ستطرح والتي كانت ربما هي السبب لعقد الجلسة في قصر بعبدا، واشارت المصادر الى ان هناك الكثير من المستجدات التي طرأت لا سيما الامنية منها واعتبرت ان معركة الجيش في رأس بعلبك والقاع يبدو انها بدأت بشكل فعلي ولم تستبعد ان يتم بحث الموضوع خلال الجلسة لاهميته.
اما بالنسبة الى موضوع زيارة عدد من الوزراء الى دمشق فلفتت المصادرالى ان الموضوع قد يثار خصوصا بعد المواقف المعلنة من قبل هؤلاء الوزراء على الرغم من انه اثير في الجلسة الماضية وارتأى رئيس الحكومة على وضعه جانبا باعتباره من الملفات الخلافية، واشارت المصادر الى ان الامور لم تتبدل وان موقف القوات معروف ولم يتغيير في هذا الاطار.
اما بالنسبة الى ملف الكهرباء فأكدت المصادر القواتية الى ان لا جديد على هذا الصعيد مما يعني ان موقف القوات ثابت.
تقدّم الجيش في الجرود
ميدانيا، واصلت وحدات الجيش تقدمها في جرود رأس بعلبك والقاع محققةً مزيداً من قضم مواقع استراتيجية من دون الاعلان رسمياً حتى الان عن بدء ساعة الصفر لمعركة تحرير الجرود. ومنذ ساعات الفجر الاولى، قامت وحدات الجيش بالتقدم لاسترجاع نقاط استراتيجية لتضييق الخناق على مجموعات «داعش» الارهابية في جرود الرأس والفاكهة والقاع تحت نيران المدفعية الثقيلة التي وصلت اصداؤها الى مختلف بلدات البقاع الشمالي. وسيطر الفوج المجوقل خلال هذه العملية على مجموعة مرتفعات ونجح في تدمير عدد من الدشم والتحصينات، في وقت يتابع تعزيز مواقعه في جرود عرسال منعاً لأي تسلل للارهابيين واستقدام قوات وآليات مدرعة الى تلال رأس بعلبك التي سيطر عليها فجراً. واعقب عملية فوج المجوقل، هجوم مؤلّل لفوج التدخل الاول سيطر فيها على خربة خزعل، عقاب خزعل وعلى مرتفع ضهور الخنزير.
واشارت المعلومات الى «ان طوافات الجيش شنّت ضربات ضد «داعش» في منطقة خربة داوود وجرود القاع، وان قائد الجيش العماد جوزف عون، زار غرفة العمليات في رأس بعلبك، بعدما تفقد عدداً من المراكز واجتمع بالقادة الميدانيين لبحث العملية العسكرية في الجرود الشرقية.