إطاحة يوسف والقضاء على الفريق السنّي الفاعل تمهيداً للإنقلاب الكبير
يوماً بعد يوم يتأكد لدى كل من يتابع مجريات الأمور في مؤسسة "أوجيرو" أن قرار إخراج عبد المنعم يوسف منها كان قراراً سياسياً واستراتيجياً للإطاحة بكل الوجود السني فيها وتسليمها بالكامل إلى الثنائي الحاكم ("حزب الله" و"التيار الوطني الحر") ، ولإزاحة منظومة والإتيان بمنظومة متناقضة تماماً في الأبعاد السياسية والأمنية والإدارية.
لقد تعرّض عبد المنعم يوسف لحملة تشويه منظمة هدفت إلى إطاحته ، وسط تواطؤ واضح إنتهى برفع الغطاء السياسي عنه من قبل الرئيس سعد الحريري ، قبل صدور أحكام القضاء ، تحت وطأة هجمة غير مسبوقة من التجني سقطت كلها عند أعتاب القضاء ، وكا من معالمها البارزة إدلاء الرئيس نجيب ميقاتي بشهادته أمام المحكمة ، جامعاً بين الحفاظ على القوانين والحفاظ على الأركان السنية في الإدارات العامة ، حيث كانت شهادة في القانون والسياسة وفي كيفية التعاطي مع المتغيرات في زمن الأزمات.
ولم يكن ممكناً فهم الصورة الكاملة إلا في ضوء متابعة ما جرى بعد إقصاء عبد المنعم يوسف من موقعه على رأس "أوجيرو" ، حيث تم الإنقضاض على المواقع السنية وتهجير كفاءاتها وتعطيل مديرياتها ، وضرب التوازن في التوزيع الطائفي والوظيفي ، والأهم هو إقتحام "حزب الله" المباشر لهذه المؤسسة التي شكلت نقطة إرتكاز سنية ، في ظل سيطرة الآخرين على مجمل مفاصل الدولة.
• ملاحظة تقديمية:
في هذه السلسلة من المقالات حديث عن توزيع المواقع والمهمات وفق الإنتماء الديني أو المذهبي للأشخاص ، ونحن إذْ نوردها بهذا الشكل ، فإنما للتدليل على طبيعة التغييرات الحاصلة ، وليس لإشكال مع أي مكوّن ديني أو مذهبي ، وتحديداً المكوّن الشيعي ، ولكننا نستحضر هنا معادلة الرئيس نبيه بري الذي يقول إنه يطمح إلى إلغاء الطائفية السياسية ، ولكن طالما أن توزيع الحصص يتم على أساس التوازن الطائفي فعلى كل طائفة الحفاظ على حصتها.
دكتور توفيق شبارو: نموذج للإقصاء الحاقد
من خلال التقصي والمتابعة للسيرة الذاتية للدكتور توفيق شبارو ، يمكن إختصار التعريف به على أنه أحد المتفوقين علمياً وفقا لأعلى المقاييس التي يمكن تصورها أو اعتمادها ، في مختلف مراحل دراسته الثانوية والجامعية، حيث جاء أولاً على مستوى لبنان في شهادة الرياضيات.
نال شهادتي هندسة و دكتوراه من
SUP TELECOM PARIS. Très Honorable avec félicitations du Jury:
• على مستوى المناصب الإدارية:
ــ مدير في أوجيرو مند 1996.
ــ عضو مجلس ادارة كهرباء لبنان 2000- 2002.
ــ عضو مجلس ادارة سوديتال منذ العام 2002.
• إنجازات هندسية و ادارية على مستوى الوطن :
تصميم وإنشاء و تشغيل عدد كبير جداً من أنظمة الأتصالات وأنظمة المعلومات ودمجها بشكل متقن وتقديم خدمات انترنت سريع و نقل معلومات معقدة
National and International Carrier, Data Service Provider, Internet Service Provider
بواسطة طواقم بشرية صغيرة جدا و دون الحصول على أية مساندة من قبل أية شركات استشارية أو مشغلين أخرين.
إقرا أيضا: تيار المستقبل: مآلات التخلي ومسارات الضياع
• بدء محاولات التخلص من شبارو
تضرّرت عصابات قرصنة الأنترنت والشركات التي تعاني من منافسة "أوجيرو" الحادة لها من إنجازاته واستعانت بأجهزةٍ أمنية ومخابراتية متعددة وقامت بفبركة ما عـُرف بملف "الغوغل كاش" وقد نتج عن ذلك كله الإدعاء عليه بتهمة الإهمال الوظيفي و هدر المال العام.
بعد إقالة الرئيس المدير العام لهيئة "أوجيرو" و وزارة الاتصالات د. عبد المنعم يوسف بدأت المضايقات الشديدة له مع إيصال رسائل متعددة إليه تعلمه بعدم الرغبة في وجوده. وإنه مطلوب من مدير عام أوجيرو الجديد السيد عماد كريدية التخلص منه بأي شكل من الأشكال (أوامر صادرة عن بيت الوسط).
- حاول السيد كردية في بداية الأمر إقناعه بأنه يقف إلى جانبه ، و بذلك تم استغلال خبراته لإنجاز المراحل الهندسية والاستثمارية والتشغيلية اللازمة لوضع مرسوم التعرفة الجديد موضع التنفيد.
- استمرت المضايقات الحادة والجارحة لشبارو ، مع محاولة إقناعه دون نجاح بالتخلي التدريجي عن صلاحياته ونقل وظائفَ ومهامّ قام هو بتأسيسها خلال السنوات الخمس عشرة الماضية الى مديريات أخرى في أوجيرو تنتمي الى تياريات طائفية وسياسية معادية لوجود الطائفة السنية، وذلك بحجة أن آراءه كانت سلبية فيما خص بعض المشاريع التي بقيت في أدراج وزارة الاتصالات لسنوات طويلة (حقبة الوزراء العونيين).
- تم إستخدام شركة "أكيوويتف" الأمريكية للضغط على شبارو حيث تم تكليفها بإجراء تدقيق في شبكات نقل المعلومات دون إبراز أي عقد موقع في هذا الخصوص (حيث رفض د. توفيق شبارو تسليمها ال Network Configuration Files رغم كل الضغوط التي مورست عليه) و ذلك بهدف سرقة بريده الالكتروني رغبة في الحصول على أية معلومات من شأنها أن تدينه وتدين د. عبد المنعم يوسف في الملف القضائي المقام ضدهما.
• منع المحاكمة عن شبارو ومخلفاتها
مع فشل كل تلك المحاولات وإتضاح براءته من التهم الموجهة اليه، تصاعد الاستفزاز تجاه الدكتور شبارو (على قاعدة إحراجه بهدف إخراجه) و تم توجيه إنذار إليه (بتاريخ 22/6/2017) وفرض إجازة إدارية قسرية عليه بتهمة "عدم إلتزام القواعد و الموجبات الوظيفية وأصول التخاطب مع الرئيس المباشر ، ومع زملائه بالرغم من الملاحظات التي تم توجيهها اليه و مع تكرار التصرف بطريقة سلبية في مختلف المواضيع".
- بلغ الاستفزاز ذروته اثر صدور قرار قاضي التحقيق في بيروت الرئيس فادي العنيسي بمنع المحاكمة عنه و عن د. عبد المنعم يوسف وعن م. غابي سميرة (بتاريخ 6/7/2017) بحيث تم اعفاؤه من مهامه كمدير لتكنولوجيا المعلومات (بتاريخ 12 07 2017) ، وذلك بالإستناد إلى الإنذار المدكور سابقاً ، و قبل انتهاء مدة الإجازة القسرية المفروضة عليه (انتهت بتاريخ 8/7/2017).
خلاصة:
لقد أوردنا سيرة الدكتور توفيق شبارو لنكشف حجم الخسارة التي نتكبدها في كفاءاتنا التي يجب أن تكون موضع تقدير لا موضع إستهداف وتصفية.. أسفر إقصاء الدكتور عبد المنعم يوسف ولاحقاً الدكتور توفيق شبارو عن سلسلة إنهيارات وتغييرات إستهدفت المديريات والصلاحيات التي يتمتع بها الموظفون السنة ، في حين حقـّق الثنائي الشيعي و"التيار الوطني الحر" إنقلاباً حقيقياً ستتضح معالمه في المقال التالي.
• أمين عام التحالف المدني الإسلامي.