آفاق السيد مقتدى الصدر وآماله
 

 قطع السيد مقتدى الصدر (دام عزه) عملياً مسافات طويلة ابتعد بها كثيراً عن البيئة السياسية الآسنة في العراق وعن آفاق محدودية التفكير لدى الآخرين ، وواجه باخلاقية نادرة ردود افعالٍ على خطواته الجريئة والصادمة والتي جاءت في توقيت حرج بحيث يمكن اعتبارها مواقف حاسمة في طريق كسر العزلة العربية عن العراق ورفس ماتبقى من تفكير طائفي مقيت يُعَد في النصوص المُؤَسِسة لدى التيار الصدري تفكيراً يفتقر إلى أسس شرعية كما جاء في كتاب(الطائفية في نظر الاسلام) للسيد الشهيد الصدر(قدس سره) وبالتالي لايمكن امضاء واقرار ما يفتقد للنص المؤسس واهمال ما يستند الى نصوص لايمكن غض النظر عنها كنصوص القرآن الكريم الداعية إلى الوحدة والتآزر فضلاً عن السيرة العملية لآل البيت الأطهار عليهم السلام وعلى هذا سار علماء الشيعة الامامية الاثني عشرية كالسيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي والسيد محسن الطباطبائي الحكيم الذي زار المملكة العربية السعودية بدعوة من ملكها الراحل فيصل بن عبد العزيز آل سعود كما التقى أمير البحرين وكان له إسهام مؤثر في تأييد الإستفتاء على " عروبة" البحرين،  الأمر الذي أدى إلى إستقلالها لاحقاً، ولعل ما قام به السيد مقتدى الصدر في العراق يشبه الى حد كبير ما قام به السيد موسى الصدر في لبنان ،حيث تستدعي العواقب الهامة خطوات عملية صادمة لبيئة السياسة الراكدة واستفزازية جداً للعقل الانهزامي المهزوز وهو عقل يستولي اليوم على الطبقة السياسية في العراق نتيجة ارتهانها لإرادات غير عراقية وتفضيلها الكلام الكثير غير المنتج على مواجهة انسداد واهم تعتقد انها وصلت اليه لكنها مرتاحة جداً لهذه المساحة من الإنغلاق كونها توفر لها بيئة ملائمة لنمو الفساد وازدهاره وتمدده أفقياً وطولياً في مؤسسات الدولة العراقية .
 لقد جعل السيد موسى الصدر من العالم العربي والاسلامي مجالاً عاماً لتواصله بغية الوصول الى إنفراج للبنان وأزمته بل أزماته الطاحنة وقد التقى أغلب زعماء العرب آنذاك وأجبر المشككين به والمناوئين على إحترامه واعتباره ملاذاً ومنقذاً والى اليوم يصر اللبنانيون بمختلف طوائفهم على تلقيبه بــ( الامام )، لايتذكره لبناني حتى يقول ( الامام السيد موسى الصدر)، والسيد مقتدى الصدر يواجه اليوم أشرس مما واجهه السيد موسى الصدر وما واجهه غيره وفي تاريخنا القريب نماذج جمة لحرب الارادات وإدارتها بأدوات رخيصة لا تصمد أمام المنطق نظير ماتعرض له الشهيد الصدر(قدس سره) وما تعرض له السيد محمد حسين فضل الله(قدس سره) وقبلهم بعقود ماتعرض له السيد محسن الأمين العاملي (قدس سره) وهي جميعاً حملات تشويه للحقيقة وتزييف للوقائع ترتبط دائماً بالمقدس الديني وتستغل قداسته لتهدم قيمه وتعرقل نمائها مستثمرةً في ذلك مختلف الاساليب والوسائل التي اتسعت في عصرنا الراهن نتيجة توفر التكنولوجيا وتقنياتها مما أتاح تجنيد جيوش الكترونية تمولها بيئة الفساد من السحت الحرام المنهوب من خزائن الدولة العراقية .
  لقد قطع السيد مقتدى الصدر طريقاً صعباً لايُذَلّل الا أمام القادرين على النجاح والمتسلحين بالارادة والمتمسكين بآمال تجاوز الشعب لوعي الانهزامية الزائف الى روح الانعتاق وترسيخ الهوية الوطنية العراقية بمنأى عن الراديكالية السياسية النتنة أو التسييس القذر للدين خلافاً لماجاء به الدين ذاته من قيم أخلاقية ! واذا كان المتضررين من خطوات السيد القائد (دام عزه) لايجدون وسيلة للتحايل على فشلهم إلا التشكيك فاننا لا نلومهم لأنهم يشعرون أن خطوات بناء الدولة العراقية وعودة العراق إلى موقعه السليم إقليمياً تعني موتهم لاموتاً بايلوجياً إنما موتهم سياسياً وإلى الأبد ولله در الشاعر حين قال: 
 " فان أمَضّ مالاقى كفاحاً   طعون الخائفين من النجاح ."