في وقت يترقب لبنان حزمة العقوبات التي ستقّر في الكونغرس الأميركي، والتي تطال حزب الله في الشهر المقبل، ثمة همس في الكواليس عن حزمة اجراءات خليجية جديدة ستتخذها دول الخليج بحق لبنان في مواكبة للعقوبات الأميركية.
ليس التشدد الكويتي في التعاطي مع لبنان وحزب الله على خلفية خلية العبدلي، منفصلاً عن التوجهات الخليجية، بل يسهم في تكوين الملفات ومراكمتها، وفق ما تقول مصادر متابعة لـ"المدن". وتتزامن تلك التوجهات مع تحركات أمنية وقضائية في أكثر من دولة خليجلية تجاه "خلايا مدعومة من حزب الله وإيران هدفها زعزعة أمن الخليج العربي". وتتحدث مصادر متابعة عن أن دول الخليج منحت لبنان والعهد الجديد الوقت الكافي لإثبات توجهاته، أما بعد ما ظهر في العوامية في المملكة العربية السعودية، وفي البحرين، بالإضافة إلى خلية حزب الله في الإمارات، وأخيراً في الكويت، فهناك إجراءات عقابية صارمة بحقّ لبنان.
لا تكشف المصادر عن ماهيّة العقوبات، إذا ما ستكون سياسية أم اقتصادية. وتكتفي بالقول إنها ستكون موجعة وقاسية. وإذا كانت العقوبات الأميركية فعّالة وتشكّل ضغطاً على الإقتصاد اللبناني، فإن دخول العقوبات الخليجية على الخطّ، يعني أنها ستكون قاسية على الإقتصاد.
لا تخفي المصادر حجم الإنزعاج من الوضع في لبنان، لكنها تقول إن هذا البلد الصغير حظي بكثير من الاهتمام الخليجي، الذي لم يتم استثماره لبنانياً بشكل إيجابي وجيّد. وقد تصل الاجراءات إلى حدّ عزل لبنان عن محيطه العربي، وتضييق الخناق عليه. وبما أن الحزب شريك في الحكومة اللبنانية، ويبدو مسيطراً عليها، فإن الاجراءات ستطال الجميع، وعلى اللبنانيين أن يتحملوا مسؤولياتهم.
ثمة من يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، ويعتبر أن الانتخابات النيابية المقبلة ستكون عامل فصل في التعاطي مع لبنان، بمعزل عما ستكون عليه نتائجها. بمعنى أنه إذا ما حظي حزب الله وحلفاؤه بالأكثرية المطلقة، وبالتالي أصبح الحكم خاضعاً لسيطرتهم، فعلى لبنان توقع تعامل خليجي وغربي جديد معه. وحتى إذا ما بقي الستاتيكو السياسي على حاله بعد الانتخابات، فإن ثمة اجراءات ستتخذ، على قاعدة أن من يريد حزب الله ويؤيد ما يفعله في الخارج، عليه أن يتحمّل مسؤولية خياراته. وهذا المسار يبدو ثابتاً لأن موازين القوى في لبنان تحتّم إبرام تسويات في السلطة مع حزب الله لتكوينها وتأمين استمراريتها.
هذه الحسابات باتت في متداول الأطراف كافة، ومنهم من يدرس كيفية الردّ على ذلك عبر تصعيد اللهجة ضد الحزب ورفع السقف ضد سياساته. وقد بدأ ذلك بالظهور من خلال مواقف تجاه معركة جرود عرسال، ورفض أي تنسيق بين الجيش اللبناني والحزب في معركة جرود رأس بعلبك والقاع، والوقوف في وجه إعادة التطبيع والتنسيق مع النظام السوري. وهذا المسار المعارض قد بدأ بالتشكل، مع بيان كتلة المستقبل الأسبوع الماضي، ومع مواقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
هنا، تقول المصادر إن اللبنانيين حريصون على أمنهم واقتصادهم وأنفسهم أكثر من حرص الآخرين عليهم. ويشير ذلك إلى إمكانية مبادرة أفرقاء مناهضين لحزب الله إلى إعلان رفضهم ذلك. ما قد يسهم في تشكيل جبهة معارضة للحزب، على غرار الإنقسام السابق بين معسكري 8 و14 آذار.
هذه الحسابات لن تكون مرتكزة على الموقف الخليجي فحسب، إنما بدأ استلهامها من خلال سلسلة مواقف وتحذيرات دولية ولا سيما أميركية تبلّغ بها المسؤولون اللبنانيون، وآخرها التحذير من أي تنسيق بين الجيش اللبناني وحزب الله، والمعلومات التي تتحدث عن تجميد بريطانيا مساعدة الجيش، واحتمال وقفها إذا ما ثبت التنسيق مع الحزب. والتوجه نفسه كان متوافراً لدى الإدارة الأميركية، التي عادت وعدّلت من تعاطيها، على قاعدة اعتبار الجيش حليفاً ضد تنظيم داعش والعلاقة معه في هذه المرحلة محصورة بهذا الشقّ. وفي هذا السياق تسلّم الجيش بالأمس مزيداً من دبابات برادلي الأميركي لاستخدامها في معركة ضد داعش، لكن بعد انتهاء المعارك معه قد يكون هناك حديث أميركي آخر بشأن الجيش. وهو لا يقل عن مستوى التلويح بوقف كل أشكال الدعم والمساعدات التي ستقّدم له. وهذا الرأي يلتقي إلى حدّ بعيد مع الرأي السعودي الذي لجأ إلى وقف العمل بالهبة السعودية التي قدّمت للجيش أيام الملك عبدالله بن عبد العزيز. وتقول المصادر إن هذا التجميد يأتي بعد توافر معطيات تم التثبت منها في معركة جرود عرسال، ومحاولة حزب الله السيطرة على قرار الجيش والتماهي معه.