تنفّس اللبنانيون الصعداء، وهم يتابعون زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الكويت، وما أسفرت عنه من نتائج إيجابية، نجحت في استيعاب الغضب الكويتي، من جهة، واوقفت الإجراءات الاستثنائية التي كانت ستنفذ لتخفيض مستوى العلاقات الديبلوماسية والمالية والاقتصادية مع لبنان، من جهة ثانية.
زيارة الرئيس الحريري كانت أكثر من ضرورية، بعد الاستياء الكويتي المعلن من حالة الإهمال والاستخفاف التي قوبلت بها مذكرة الاحتجاج الكويتية في الخارجية اللبنانية، التي لم تحرك ساكناً للحؤول دون وصول العتب الكويتي إلى أزمة تفجر العلاقات الأخوية بين البلدين، وتؤدي إلى تراكم المشاكل مع دول مجلس التعاون الخليجي.
لقد سمع رئيس الحكومة من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، ورئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك، ومن وزير الخارجية خالد الحمد الصباح، مدى الحرص الكويتي على العلاقات الأخوية والمميزة التي تربط البلدين الشقيقين، واستعداد دولة الكويت الاستمرار في تقديم الدعم اللازم للبنان، وتنفيذ المشاريع التنموية والبنية التحتية المتفق عليها، والممولة من الجانب الكويتي.
وكانت المحادثات اللبنانية – الكويتية، صريحة ومباشرة، إلى حدّ موافقة المسؤولين الكويتيين على تزويد لبنان بملف كامل عن الاعترافات والتحقيقات، وكل الاثباتات التي استندت إليها المحاكم الكويتية في ادانة المتهمين، وتأكيد دور عناصر من حزب الله في تدريب المنتمين إلى خلية العبدلي، وتأمين بعض الأسلحة لهم.
ومن المفترض، ان تتيح هذه المبادرة الكويتية، غير المسبوقة، الفرصة أمام الجانب اللبناني للحصول على أجوبة واضحة وحاسمة من حزب الله، حول ما تضمنته التحقيقات، وما خلصت إليه اعترافات المتهمين، تسهيلاً لوضع الأمور في اماكنها الصحيحة، خاصة بعد اللهجة الاستيعابية الهادئة التي تحدث فيها السيّد حسن نصر الله عن هذه القضية، نافياً وجود أية علاقة للحزب بأعضاء هذه الخلية!
مسألة الأمن في الكويت فوق أي اعتبار، ولا أحد من المسؤولين الكويتيين يقبل الجدال فيها، لأنها تمس حيّاة ومستقبل كل مواطن كويتي، وقبل ذلك يبقى الأمن القاعدة الأساس لاستقرار الكويت، والحفاظ على السيادة الوطنية.
ويعلق الكويتيون أهمية على ان تكون الردود اللبنانية، على ما ورد في ملفات التحقيقات والاعتراضات، مقنعة وواقعية، وبعيدة عن أساليب التمييع والتسويف، تفادياً لاتخاذ خطوات اضطرارية تُسيء للبنان ديبلوماسياً واقتصادياً، وتزيد من حالة التأزم التي يُعاني منها اللبنانيون منذ فترة.
لقد سمع الوفد اللبناني كلاماً واضحاً من المسؤولين الكويتيين، مفاده أننا لن نأخذ الكلام على عواهنه، بل نريد اثباتات ووثائق جدية، تدحض ما توصلت إليه التحقيقات الكويتية مع أفراد الخلية من اعترافات موثقة واثباتات مؤكدة.
* * *
يمكن القول ان زيارة الرئيس الحريري السريعة إلى الكويت، نجحت في إطفاء فتيل الأزمة.. ولكن إلى حين تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود في الرد اللبناني المتوقع ان يُشارك فيه الحزب، لإثبات عدم ضلوع عناصره في نشاط خلية العبدلي، حتى يُبنى على الشيء مقتضاه.
فهل ينجح لبنان في الحفاظ على العلاقة الأخوية والمميزة مع الكويت..، أم انه سيتحمل مرّة أخرى أعباء سياسة المحاور، والصراعات الإقليمية التي تخوضها إيران؟